تساقط الأقنعة











تساقط الأقنعة



ولعل الإنجاز الأهم هنا هو: أنه [صلي الله عليه وآله] قد استطاع أن يکشف زيف المزيفين، وخداع الماکرين، ويعريهم أمام الناس، حتي عرفهم کل أحد، وبأسلوب يستطيع الناس جميعاً علي اختلاف مستوياتهم، وحالاتهم، ودرجاتهم في الفکر، وفي الوعي، وفي السن، وفي الموقع، وفي غير ذلک من أمور، أن يدرکوه ويفهموه..

فقد رأي الجميع: أن هؤلاء الذين يدَّعون: أنهم يوقرون رسول الله ويتبرکون بفضل وضوئه، وببصاقه، وحتي بنخامته، وأنهم يعملون بالتوجيهات الإلهية التي تقول:

{لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}[1] .

{لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَکُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ کَجَهْرِ بَعْضِکُمْ لِبَعْضٍ}[2] .

[صفحه 101]

{مَا آتَاکُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاکُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}[3] .

{أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ}[4] .

وغير ذلک من آيات تنظم تعاملهم، وتضع الحدود، وترسم معالم السلوک معه [صلي الله عليه وآله]، مما يکون الفسق والخروج عن الدين، في تجاهله، وفي تعديه.

هذا إلي جانب اعترافهم بما له [صلي الله عليه وآله] من فضل عليهم، وأياد لديهم، فإنه هو الذي أخرجهم ـ بفضل الله: من الظلمات إلي النور، ومن الضلال إلي الهدي، وأبدلهم الذل بالعز، والشقاء بالسعادة، والنار بالجنان.

مع أنهم يدعون:

أنهم قد جاؤوا مع هذا الرسول الأکرم والأعظم، في هذا الزمان الشريف، إلي هذا المکان المقدس ـ عرفات ـ لِعبادة الله سبحانه، وطلب رضاه، معلنين بالتوبة، وبالندم علي ما فرطوا في جنب الله، منيبين إليه سبحانه، ليس لهم في حطام الدنيا، وزخارفها، مطلب ولا مأرب.

ولکن مع ذلک کله: فقد رأي الجميع بأم أعينهم: کيف أن حرکة بسيطة منه [صلي الله عليه وآله] قد أظهرتهم علي حقيقتهم، وکشفت خفيّ مکرهم، وخادع زيفهم، ورأي کل أحد

[صفحه 102]

کيف أنهم: قد تحولوا إلي وحوش کاسرة، ضد نبيهم بالذات، وظهر کيف أنهم لا يوقرون رسول الله [صلي الله عليه وآله]، ويرفعون أصواتهم فوق صوته، ويجهرون له بالقول أکثر من جهر بعضهم لبعضهم، ويعصون أوامره، کل ذلک رغبة في الدنيا، وزهداً في الآخرة، وطلباً لحظ الشيطان، وعزوفاً عن الکرامة الإلهية، وزهداً برضي الرحمن.



صفحه 101، 102.





  1. الآية 1 من سورة الحجرات.
  2. الآية 2 من سورة الحجرات.
  3. الآية 7 من سورة الحشر.
  4. الآية 59 من سورة النساء.