الصخب والغضب
وقد صرح بعدم التمکن من سماع کلامه کل من: أنس، وعبدالملک بن عمير، وعمر بن الخطاب، وأبي جحيفة، وجابر بن سمرة[2] ـ ولکن رواية هذا الأخير، کانت أکثر وضوحاً. [صفحه 62] ويبدو أنه قد روي ذلک مرات عديدة، فرويت عنه بأکثر من طريق. فنحن نختار بعض نصوصها ـ ولاسيما ما ورد منها في الصحاح والکتب المعتبرة، فنقول: 1ـ في مسند أحمد؛ حدّثنا عبدالله، حدثني أبو الربيع الزهراني، سليمان بن داود، وعبيدالله بن عمر القواريري، ومحمد بن أبي بکر المقدمي، قالوا: حدثنا حماد بن زيد، حدثنا مجالد بن سعيد، عن الشعبي، عن جابر بن سمرة، قال: خطبنا رسول الله [صلي الله عليه وآله] بعرفات ـ وقال المقدمي في حديثه: سمعت رسول الله [صلي الله عليه وآله] يخطب بمني. وهذا لفظ حديث أبي الربيع: فسمعته يقول: لن يزال هذا الأمر عزيزاً ظاهراً، حتي يملک اثنا عشر کلهم ـ ثم لغط القوم، وتکلموا ـ فلم أفهم قوله بعد [کلّهم]؛ فقلت لأبي: يا أبتاه، ما بعد کلّهم؟. قال: «کلّهم من قريش».. وحسب نص النعماني: «فتکلم الناس، فلم أفهم فقلت لأبي..»[3] . [صفحه 63] 2ـ عن الشعبي، عن جابر بن سمرة، قال: قال رسول الله [صلي الله عليه وآله]: «لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً، يُنصرون علي من ناواهم عليه إلي اثني عشر خليفة. قال: «فجعل الناس يقومون ويقعدون». زاد الطوسي: «وتکلم بکلمة لم أفهمها، فقلت لأبي، أو لأخي»..[4] . وفي حديث آخر عن جابر بن سمرة صرّح فيه: «أن ذلک قد کان في حجة الوداع»[5] . ومن المعلوم: أن النبي صلي الله عليه وآله لم يحج إلا هذه الحجَّة..[6] 3ـ عن جابر بن سمرة، قال: «خطبنا رسول الله [صلي الله عليه وآله] بعرفات؛ فقال: لا يزال هذا الأمر عزيزاً منيعاً، ظاهراً علي من ناواه حتي يملک اثنا عشر، کلهم ـ قال: فلم أفهم ما بعد ـ قال: فقلت لأبي: ما قال بعد کلّهم؟ قال: «کلّهم من قريش»[7] .
لقد ذکرت الروايات الصحيحة: أن رسول الله [صلي الله عليه وآله]، قد خطب الناس في حجة الوداع؛ في عرفة، فلما أراد أن يتحدث في أمر الإمامة وذکر حديث الثقلين[1] ، ثم ذکر عدد الأئمة، وأنهم اثنا عشر، واجهته فئات من الناس بالضجيج والفوضي، إلي حد أنه لم يتمکن من إيصال کلامه إلي الناس.
صفحه 62، 63.