قريش في كلمات علي











قريش في کلمات علي



وإذا رجعنا إلي کلمات أمير المؤمنين [عليه الصلاة والسلام] نفسه، فإننا نجده يحمل قريشاً مسؤولية کل المصائب والرزايا والبلايا التي واجهها هو وکل المخلصين بعد وفاة النبي [صلي الله عليه وآله] ولا سيما فيما يرتبط بأمر الخلافة، وما نشأ عن ذلک من تمزق، في جسم الأمة، وتوزع في أهوائها. ثم ما کان من تقاتل وتناحر، وانحراف عن خط الإسلام وعن مفاهيمه وأحکامه؟ وإلي يوم يبعثون ونذکر من کلماته [عليه السلام] هنا، ما يلي:

قال [عليه السلام]: «اللهم أخز قريشاً، فإنها منعتني

[صفحه 39]

حقي، وغصبتني أمري»[1] .

وعنه [عليه السلام]: «فجزي قريشاً عني الجوازي، فإنهم ظلموني حقي، واغتصبوني سلطان ابن أمي»[2] .

وفي نهج البلاغة وغيره قال [عليه السلام]: «اللهم إني أستعديک علي قريش ومن أعانهم، فإنهم قطعوا رحمي، وصغروا عظيم منزلتي، وأجمعوا علي منازعتي أمراً هو لي، ثم قالوا: ألا في الحق أن تأخذه، وفي الحق أن تترکه».

وزاد في نص آخر: «فاصبر کمداً، أو فمت متأسفاً حنقاً، وأيم الله لو استطاعوا أن يدفعوا قرابتي ـ کما قطعوا سنتي ـ لفعلوا، ولکن لم يجدوا إلي ذلک سبيلاً»[3] .

وفي خطبة له [عليه السلام]، يذکر فيها فتنة بني أمية، ثم ما يفعله المهدي [عليه السلام] بهم، يقول:

[صفحه 40]

«فعند ذلک تود قريش بالدنيا وما فيها، لو يرونني مقاماً واحداً، ولو قدر جزر جزور، لأقبل منهم ما أطلب اليوم بعضه، فلا يعطونيه»[4] .

وعنه [عليه السلام]: حتي لقد قالت قريش: «إن ابن أبي طالب رجل شجاع، ولکن لا علم له بالحرب»[5] .

وقال عليه السلام: «إني لأعلم ما في أنفسهم، إن الناس ينظرون إلي قريش، وقريش تنظر في صلاح شأنها، فتقول: إن وُليَّ الأمر بنو هاشم لم يخرج منهم أبداً. وما کان في غيرهم فهو متداول في بطون قريش»[6] .

وقال [عليه السلام]: «إن العرب کرهت أمر محمد [صلي الله عليه وآله]، وحسدته علي ما آتاه الله من فضله، واستطالت أيامه، حتي قذفت زوجته، ونفرت به ناقته، مع عظيم إحسانه إليها، وجسيم مننه عندها، وأجمعت مذ کان حياً علي صرف الأمر عن أهل بيته بعد موته.

[صفحه 41]

ولولا أن قريشاً جعلت اسمه ذريعة إلي الرياسة، وسُلّماً إلي العز والإمرة، لما عَبَدَت الله بعد موته يوماً واحداً، ولارتدت في حافرتها، وعاد قارحها جذعاً، وبازلها بکراً[7] .

ثم فتح الله عليها الفتوح؛ فأثرت بعد الفاقة، وتمولت بعد الجهد والمخمصة، فحسن في عيونها من الإسلام ما کان سمجاً، وثبت في قلوب کثير منها من الدين ما کان مضطرباً، وقالت: لولا أنه حق لما کان کذا.

ثم نسبت تلک الفتوح إلي آراء ولاتها، وحسن تدبير الأمراء القائمين بها، فتأکد عند الناس نباهة قوم، وخمول آخرين، فکنا نحن ممن خمل ذکره، وخبت ناره، وانقطع صوته وصيته، حتي أکل الدهر علينا وشرب..»[8] .

وفي نص آخر عنه [عليه السلام] أنه قال: «فلما رق أمرنا طمعت رعيان البهم من قريش فينا»[9] .

وعنه [عليه السلام]: «يا بني عبد المطلب، إن قومکم عادوکم بعد وفاة النبي، کعداوتهم النبي في حياته، وإن يطع

[صفحه 42]

قومکم لا تؤمرَّوا أبداً»[10] .

وعنه صلوات الله وسلامه عليه: «ما رأيت منذ بعث الله محمداً رخاء، لقد أخافتني قريش صغيراً، وأنصبتني کبيراً، حتي قبض الله رسوله، فکانت الطامة الکبري»[11] .

وقال له رجل يوم صفين: «لم دفعکم قومکم عن هذا الأمر، وکنتم أعلم الناس بالکتاب والسنة؟!».

فقال [عليه السلام]: «فإنها کانت أثرة شحت عليها نفوس قوم، وسخت عنها نفوس آخرين»[12] .

کما أنه [عليه السلام] قد أجاب علي رسالة من أخيه عقيل: «فإن قريشاً قد اجتمعت علي حرب أخيک اجتماعها علي حرب رسول الله [صلي الله عليه وآله] قبل اليوم، وجهلوا حقي، وجحدوا فضلي، ونصبوا لي الحرب، وجدوا في إطفاء نور الله، اللهم فاجز قريشاً عني بفعالها، فقد قطعت رحمي، وظاهرت علي..».

وفي بعض المصادر ذکر [العرب] بدل

[صفحه 43]

قريش[13] .

وأما بالنسبة لمعاوية الخليفة الأموي، فقد أخبر [عليه السلام]: أنه لو استطاع لم يترک من بني هاشم نافخ ضرمة[14] .

وبعد.. فإن الامام الحسن [عليه السلام] قد ذکر في خطبة له أن قريشاً هي المسؤولة عن موضوع إبعاد أهل البيت [عليهم السلام] عن الخلافة، فراجع[15] .



صفحه 39، 40، 41، 42، 43.





  1. شرح النهج، للمعتزلي ج9، ص 306.
  2. شرح النهج، للمعتزلي ج9، ص 306.
  3. راجع نهج البلاغة ج2، ص 227، والمسترشد في إمامة علي [عليه السلام]، ص 80 وشرح النهج للمعتزلي ج4، ص 104 و ج6 ص 96، راجع: البحار الطبعة الحجرية ج8، ص 730 و 672 والغارات ج2، ص 570.
  4. نهج البلاغة ج1 ص 184.
  5. الأغاني ج15، ص 45، ونهج البلاغة ج1 ص 66.
  6. راجع: قاموس الرجال ج6، ص 384 و 385، وشرج النهج للمعتزلي ج12، ص 266 ج9، ص 57 و 58.
  7. البازل من الإبل: الذي فطر نابه.
  8. شرح النهج للمعتزلي ج20، ص 298 و 299.
  9. الأمالي، للشيخ المفيد، ص 324.
  10. شرح النهج للمعتزلي ج9، ص 54، ونقل ذلک أيضاً عن مروج الذهب ج3، ص 12.
  11. شرح النهج، للمعتزلي ج5، ص 108.
  12. شرح النهج، للمعتزلي ج5، ص 108.
  13. راجع الإمامة والسياسة ج1، ص 56، وراجع المصادر التالية: الغارات ج2، ص 431، وشرح النهج، للمعتزلي ج 2، ص 119 وراجع ج16، ص 148 ـ 152 وأنساب الأشراف ج2، ص 75 بتحقيق المحمودي، والأغاني ج 15، ص 46، ونهج البلاغة ج3، ص 68، والدرجات الرفيعة: ص 156، وعن البحار ـ طبعة حجرية ـ ج8، ص 621 و 673، وراجع أيضاً نهج السعادة ج5، ص 302، وراجع: جمهرة رسائل العرب ج 1، ص 595. والعبارات في المصادر متفاوتة فليلاحظ ذلک.
  14. تفسير العياشي ج2، ص 81، والبحار ج 32، ص 592، وعيون الأخبار ـ لابن قتيبة ـ ج 1، ص 181.
  15. راجع: شرح النهج للمعتزلي ج 16 ص 24 و 33.