دور الإمامة في بناء الإنسان والحياة











دور الإمامة في بناء الإنسان والحياة



وليس من الغريب القول بأن معرفة قضية الإمامة وتحديد الموقف منها هو الذي يحدد مسار الإنسان واتجاهه في هذه الحياة. وعلي أساس هذا التحديد، والمعرفة والاعتراف يتحدد مصيره، ويرسم مستقبله، وبذلک تقوم حياته، فيکون سعيداً أو شقياً، في خط الإسلام

[صفحه 23]

وهداه، أو في متاهات الجاهلية وظلماتها، کما أشير إليه في الحديث الشريف: «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية» أو ما بمعناه[1] .

فعلي أساس الاعتقاد بالإمامة وطريقة التعامل معها يجسد الإنسان علي صعيد الواقع، والعمل، مفهوم الأسوة والقدوة، الذي هو حالة طبيعية، يقوم عليها ـ من حيث يشعر أو لا يشعر ـ بناء وجوده وتکوين شخصيته، منذ طفولته.

کما أن لذلک تأثيره الکبير في تکوينه النفسي، والروحي، والتربوي، وفي حصوله علي خصائصه الإنسانية، وفي حفاظه علي ما لديه منها.

وعلي أساس هذا الاعتقاد، وذلک الموقف ـ أيضاً ـ يختار أهدافه، ويختار السبل التي يري أنها توصله إليها.

[صفحه 24]

والإمامة هي التي تبين له الحق من الباطل، والحسن من القبيح، والضار من النافع.

وعلي أساس الالتزام بخطها يرتبط بهذا الإنسان أو بذاک، ويتعاون معه، ويتکامل، أو لا يفعل ذلک.

کما أنها هي التي تقدم للإنسان المعايير والنظم، والمنطلقات التي لا بد أن يلتزم بها، وينطلق منها، ويتعامل ويتخذ المواقف ـ إحجاماً أو إقداماً ـ علي أساسها.

أضف إلي ذلک: أنها تتدخل في حياته الخاصة، وفي ثقافته، وفي أسلوبه وفي کيفية تفکيره.

ومن الإمام يأخذ معالم الدين، وتفسير القرآن، وخصائص العقائد، ودقائق المعارف. وهذا بالذات هو السر في اختلاف الناس في ذلک کله، واختلفوا في تحديد من يأخذون عنه دينهم، وفي من يتخذونه أسوة وقدوة.

إذن.. فموضوع الغدير، ونصب الإمام للناس، وتعريفهم به، لا يمکن أن يکون علي حد تنصيب خليفة، أو حاکم، أو ما إلي ذلک، بل الأمر أکبر وأخطر من ذلک.. کما أنه ليس حدثاً عابراً فرضته بعض الظروف، لا يلبث أن ينتهي ويتلاشي تبعاً لتلاشي وانتهاء الظروف التي فرضته أو أوجدته، وليصبح في جملة ما يحتضنه التاريخ من أحداث کبيرة، وصغيرة، لا يختلف عنها

[صفحه 25]

في شيء، ولا أثر له في الحياة الحاضرة إلا بمقدار ما يبعثه من زهو، واعتزاز، أو يترکه من مرارة وألم علي مستوي المشاعر والانفعالات لا أکثر.

بل أمر الإمامة، يمس في الصميم حقيقة هذا الإنسان، ومصيره ومستقبله، ودنياه وآخرته، ويؤثر في مختلف جهات وجوده وحياته.

ومعني ذلک هو أنه لا بد من حسم الموقف في هذا الأمر، ليکون الإنسان علي بصيرة من أمره، فلا يموت ميتة جاهلية. کما تقدم عن الرسول الأعظم [صلي الله عليه وآله].

واشتراط الحديث الشريف تحصيل معرفة الإمام في النجاة من الهلکة، وذلک في صيغة عامة تشمل کل إنسان، حتي ولو لم يکن يعتنق الإسلام، حيث قال: «من مات ولم يعرف إمام زمانه..»، ولم يقل: إذا مات المسلم ولم يعرف.. الخ..



صفحه 23، 24، 25.





  1. راجع: الغدير ج1، ص 390 عن التفتازاني في شرح المقاصد ج2، ص 275، وکنز الکراجکيي، ص151، والمناقب لابن شهر آشوب ج3 ص217، ومجمع الزوائد ج5، ص 224 و 225 و 219 و 218، ومسند أحمد ج 4، ص 96، والبحار ج 23، ص92 و 88 و 89 وفي هوامشه عن الإختصاص: 269، وعن إکمال الدين، ص 230 و231، وعن عيون أخبار الرضا عليه السلام، ص 219، ومنتخب الأثر، ص15 عن الجمع بين الصحيحين والحاکم.