بعض أقواله المأثورة











بعض أقواله المأثورة



1 ـ الدنيا منتهي بصر الاعمي لا يبصر مما وراءها، والبصير ينفذها بصره ويعلم أن الدار وراءها، فالبصير منها شاخص والاعمي اليها شاخص، والبصير منها متزود والاعمي لها متزود[1] .

2 ـ ليس لواضع المعروف في غير حقه وعند غير أهله الا محمدة اللئام وثناء الاشرار ومقالة الجهال ما دام منعماً عليهم.

3 ـ إنه سيأتي عليکم من بعدي زمان ليس فيه شيء اخفي من الحق ولا اظهر من الباطل ولا اکثر من الکذب علي الله.. ولا في البلاد شيء انکر من المعروف ولا اعرف من المنکر.

4 ـ اذا أقبلت الدنيا علي قوم اعارتهم محاسن غيرهم، واذا أدبرت عنهم سلبتهم محاسن انفسهم.

5 ـ خالطوا الناس مخالطة إن متم معها بکوا عليکم، وإن عشتم حنوا اليکم.

6 ـ إحذروا صولة الکريم اذا جاع، واللئيم اذا شبع.

7 ـ هلک فيّ رجلان: محب غال ومبغض قال.

8 ـ احذروا أهل النفاق فإنهم الضالون المضلون..

يمشون الخفاء ويدبون الضراء.. لهم بکل طريق صريع.

[صفحه 194]

وإلي کل قلب شفيع، ولکل شجو دموع، يتقارضون الثناء ويتراقبون الجزاء.

إن سألوا ألحفوا، وإن عذلوا کشفوا، وإن حکموا اسرفوا.

وقد اعدوا لکل حق باطلا، ولکل قائم مائلا، ولکل حي قاتلاً، ولکل باب مفتاحاً، ولکل ليل مصباحاً.

9 ـ احذر کل عمل يرضاه صاحبه لنفسه ويکره لعامة المسلمين.

واحذر کل عمل يعمل به في السر ويستحي منه في العلانية.

واحذر کل عمل اذا سئل صاحبه أنکره أو اعتذر منه.

10 ـ فاعل الخير خير منه وفاعل الشر شر منه.

11 ـ الصبر صبران: صبر علي ما تکره وصبر عما تحب.

12 ـ من نصب نفسه للناس إماماً فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليکن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه.

13 ـ إن الدنيا والآخرة عدوان متفاوتان، وسبيلان مختلفان، فمن احب الدنيا وتولاها ابغض الآخرة وعاداها.

وهما بمنزلة المشرق والمغرب وماش بينهما کلما قرب من واحد بعد من الآخر.

14 ـ صاحب السلطان کراکب الاسد يغبط بموقعه وهو أعلم بموضعه.

15 ـ من کرمت عليه نفسه هانت عليه شهواته.

16 ـ العدل صورة واحدة والجور صور کثيرة، ولهذا سهل ارتکاب الجور وصعب تحري العدل، وهما يشبهان الإصابة في الرماية والخطأ فيها.

وإن الإصابة تحتاج الي ارتياض وتعهد، والخطأ لا يحتاج الي شيء من ذلک.

17 ـ أما بعد فإن الدنيا مشغلة عن غيرها. ولم يصب صاحبها منها شيئاً إلا فتحت له حرصاً عليها ولهجاً بها.

[صفحه 195]

18 ـ لقد أصبحتم في زمن لا يزداد الخير فيه الا إدباراً والشر فيه الا إقبالاً... اضرب بصرک حيث شئت من الناس، فهل تبصر الا فقيراً يکابد فقراً أو غنياً بدل نعمة الله کفراً او بخيلا اتخذ البخل بحق الله وفراً.. أو متمرداً کأن بأذنه عن سمع المواعظ وقراً.. لعن الله الآمرين بالمعروف التارکين له، والناهين عن المنکر العاملين به.

19 ـ يا أبا ذر: غضبت لله فارج من غضبت له.

إن القوم خافوک علي دنياهم وخفتهم علي دينک، فاترک في أيدهم ماخافوک عليه، واهرب منهم بما خفتهم عليه، فما احوجهم الي ما منعتهم، وما أغناک عما منعوک!

20 ـ إن لسان المؤمن من وراء قلبه، وإن قلب المنافق من وراء لسانه، لأن المؤمن اذا اراد ان يتکلم بکلام تدبره في نفسه، فإن کان خيراً أبداه، وإن کان شراً واراه. وان المنافق يتکلم بما اتي علي لسانه، لايدري ماذا له وماذا عليه.

21 ـ والله ما معاوية بأدهي مني، ولکنه يغدر ويفجر.

22 ـ ومن وصية له للحسن کتبها اليه بحاضرين من صفين:

من الوالد الفاني.. المستسلم للدهر...

الي المولود المؤمل ما لا يدرک، السالک سبيل من قد هلک.. تاجر الغرور، وغريم المنايا.. وصريع الشهوات.

أوصيک بتقوي الله اي بني ولزوم امره. وامر بالمعروف تکن من اهله، وانکر المنکر بيدک ولسانک.. ولاتأخذک في الله لومة لائم..

وخض الغمرات للحق حيث کان.

وتفقه في الدين، وعود نفسک التصبر علي المکروه.

وأخلص في المسألة لربک..

واعلم: أنه لا خير في علم لا ينفع، ولا ينتفع بعلم لا يحق تعلمه..

[صفحه 196]

اي بني: إني وان لم اکن عمرت عمر من کان قبلي فقد نظرت في اعمالهم، وفکرت في اخبارهم، وسرت في آثارهم حتي عدت کأحدهم، بل کأني بما انتهي الي من امورهم قد عمرت مع اولهم الي آخرهم، فعرفت صفو ذلک من کدره ونفعه من ضرره، اعلم يا بني ان احب ما أنت آخذ به وصيتي تقوي الله والاقتصار علي ما فرضه الله عليک.

يابني اجعل من نفسک ميزانا فيما بينک وبين غيرک. فاحبب لغيرک ما تحب لنفسک او اکره له ما تکره لها، ولا تظلم کما لا تحب ان تظلم، واحسن کما تحب ان يحسن اليک، واستقبح من نفسک ما تستقبحه من غيرک.

وارض من الناس بما ترضاه لهم من نفسک، ولا تقل ما لا تعلم وإن قَّل ماتعلم.

واعلم: انک إنما خلقت للآخرة لا للدنيا.. وانت طريد الموت الذي لا ينجو منه هارب.. فکن منه علي حذر ان يدرکک وانت علي حالة سيئة.

وإياک ان تغتر بما تري من اخلاد اهل الدنيا اليها وتکالبهم عليها.. فإنما أهلها کلاب عاوية وسباع ضارية يهر بعضها علي بعض ويأکل عزيزها ذليلها.. سلکت بهم الدنيا طريق العمي، فتاهوا في حيرتها.. ونسوا ما وراءها.

واعلم يابني: ان من کانت مطيته الليل والنهار فإنه يسار به وان کان واقفاً..

واکرم نفسک عن کل دنية وان ساقتک اليه الرغائب... وماخير؛ خير لا ينال الا بشر، وبشر لا ينال الا بعسر.. وتلافيک ما فرط من صمتک ايسر من ادراکک ما فات من منطقک.. والحرفة مع العفة خير من الغني مع الفجور.

إحمل نفسک من اخيک عند صرمه علي الصلة، وعند صدوده علي اللطف والمقاربة.. وعند جرمه علي العذر، حتي کأنک له عبد.. وإياک ان تضع ذلک في غير موضعه..

لا تتخذ من عدو صديقک صديقا، فتعادي صديقک، وامحض اخاک النصيحة حسنة کانت ام قبيحة.

ولن لمن غالظک فإنه يوشک ان يلين لک.

[صفحه 197]

إن أردت قطيعة أخيک فاستبق له من نفسک بقية يرجع اليها إن بدا له ذلک يوما ما..

ما أقبح الخضوع عند الحاجة والجفاء عند الغني..

استدل علي مالم يکن بما قد کان، فإن الامور اشباه، ولاتکون ممن لاتنفعه العظة الا اذا بالغت في ايلامه، فإن العاقل يتعظ بالآداب، والبهائم لاتتعظ الا بالضرب.



صفحه 194، 195، 196، 197.





  1. هذا القول وما بعده من الاقوال مأخذوة من «شرح نهج البلاغة» لابن ابي الحديد.