الشهادة المزورة علي حجر











الشهادة المزورة علي حجر



جمع زياد من أصحاب حجر بن عدي أثني عشر رجلا في السجن ثم دعا رؤساء الارباع وهم: عمرو بن حريث علي ربع أهل المدينة. وخالد بن عرفطة علي ربع تميم وهمدان. وقيس بن الوليد علي ربع ربيعة وکندة. وأبوبردة بن أبي موسي علي ربع مذحج وأسد، فشهد هؤلاء ان حجرا جمع إليه الجموع وأظهر شتم الخليفة ودعا إلي حرب أميرالمؤمنين، وزعم ان هذا الامر لا يصلح إلا في آل أبي طالب، وأظهر عذر أبي تراب والترحم عليه والبراءة من عدوه وأهل حربه، وان هؤلاء الذين معه هم رؤس أصحابه وعلي مثل رأيه. ونظر زياد في شهادة الشهود وقال: ما أظن هذه شهادة قاطعة وأحب أن يکون الشهود أکثر من أربعة فدعا الناس ليشهدوا عليه وقال زياد:

[صفحه 48]

علي مثل هذه الشهادة فاشهدوا، أما والله لاجهدن علي قطع خيط عنق الخائن الاحمق فقام عثمان بن شرحبيل التيمي أول الناس فقال: اکتبوا اسمي فقال زياد: ابدؤا بقريش ثم اکتبوا إسم من نعرفه ويعرفه أميرالمؤمنين بالصحة والاستقامة[1] فشهد عليه سبعون رجلا فقال زياد: ألقوهم إلا من عرف بحسب وصلاح في دينه فألقوا حتي صيروا إلي هذه العدة وهم أربع وأربعون فيهم: عمر بن سعد بن أبي وقاص. شمر بن ذي الجوشن شبث بن ربعي. زجر بن قيس.

وممن شهد شداد بن المنذر أخو الحضين وکان يدعي: إبن بزيعة. فکتب: شهادة إبن بزيعة. فقال زياد: أما لهذا أب ينسب إليه؟ ألغوا من الشهود فقيل له: انه أخو الحضين بن المنذر؟ فقال: أنسبوه إلي أبيه فنسب، فبلغ ذلک شدادا فقال: والهفاه علي إبن الزانية أو ليست امه أعرف من أبيه؟ فوالله ما ينسب إلا إلي امه سمية.

وکتب في الشهود شريح بن الحرث، وشريح بن هانئ. فأما شريح بن الحرث فقال: سألني عنه فقلت: أما انه کان صواما قواما. وأما شريح بن هانئ فقال: بلغني ان شهادتي کتبت فأکذبته ولمته، وکتب کتابا إلي معاوية وبعثه اليه بيد وائل بن حجر وفي الکتاب: بلغني ان زيادا کتب شهادتي، وان شهادتي علي حجر انه ممن يقيم الصلاة، ويؤتي الزکاة، ويديم الحج والعمرة، ويأمر بالمعروف وينهي عن المنکر، حرام الدم والمال، فإن شئت فاقتله، وإن شئت فدعه. فلما قرأ معاوية الکتاب قال: ما أري هذا إلا قد أخرج نفسه من شهادتکم.

وکتب شهادة السري بن وقاص الحارثي وهو غائب في عمله.

قال الاميني: هذه شهادة زور لفقها إبن أبيه أو ابن امه علي أصناف من الناس منهم الصلحاء والاخيار الذين أکذبوا ذلک العز والمختلق کشريح بن الحرث وشريح بن هانئ ومن حذا حذوهما، وشهدوا بخلاف ما کتب عنهما ومنهم من کانوا غائبين عن ساعة الشهادة وساحتها، لکن يد الافک أثبتتها عليهم کابن وقاص الحارثي ومن يشاکله. ومنهم رجرجة من الناس يستسهلون شهادة الزور ويستسوغون من جرائها إراقة

[صفحه 49]

الدماء ليس لهم من الدين موضع قدم ولا قدم کعمر بن سعد، وشمر بن ذي الجوشن، وشبث بن ربعي، وزجر بن قيس، فتناعقوا بشهادة باطلة لاجلها وصفهم الدعي بانهم خيار أهل المصر وأشرافهم، وذوو النهي والدين. وإن معاوية جد عليم بحقيقة الحال لکن شهوة الوقيعة في کل ترابي حبذت له قبول الشهادة المزورة والتنکيل بحجر وأصحابه الصلحاء الاخيار، فصرم بهم اصول الصلاح وقطع أواصرهم يوم أودي بهم، ولم يکترث لمغبة ما ناء به من عمل غير مبرور فإلي الله المشتکي.


صفحه 48، 49.








  1. يعني المعروفين بالاستقامة في عداء أميرالمؤمنين علي عليه السلام واهل بيته.