اربعة آلاف تعبر الماء











اربعة آلاف تعبر الماء



عن أبي هريرة وأنس قالا: جهز عمر بن الخطاب جيشا واستعمل عليهم العلاء بن الحضرمي، وکنت في غزاته فأتينا مغازينا فوجدنا القوم قد بدروا بنا فعفوا آثار الماء والحر شديد، فجهدنا العطش ودوابنا وذلک يوم الجمعة، فلما مالت الشمس لغروبها صلي بنا رکعتين، ثم مد يده إلي السماء، وما نري في السماء شيئا، قال: فوالله ما حط يده حتي بعث الله ريحا وأنشأ سحابا، وأفرغت حتي ملات الغدر والشعاب، فشربنا وسقينا رکابنا واستقينا، ثم أتينا عدونا وقد جاوزوا خليجا في البحر إلي جزيرة، فوقف علي الخليج وقال: يا علي يا عظيم يا حليم يا کريم. ثم قال: أجيزوا بسم الله. قال: فأجزنا ما يبل الماء حوافر دوابنا، فلم نلبث إلا يسيرا فأصبنا العدو عليه فقتلنا وأسرنا وسبينا، ثم أتينا الخليج فقال مثل مقالته، فأجزنا ما يبل الماء حوافر دوابنا. وفي لفظ الصفوري: وکان الجيش أربعة الآف.

فلم نلبث إلا يسيرا حتي رمي في جنازته. قال: فحفرنا له وغسلناه ودفناه، فأتي رجل بعد فراغنا من دفنه فقال: من هذا؟ فقلنا: هذا خير البشر، هذا ابن الحضرمي فقال: إن هذه الارض تلفظ الموتي، فلو نقلتموه إلي ميل أو ميلين إلي أرض تقبل الموتي، فقلنا: ما جزاء صاحبنا أن نعرضه للسباع تأکله، قال: فاجتمعنا علي نبشه فلما وصلنا إلي اللحد إذا صاحبنا ليس فيه، وإذا اللحد مد البصر نور يتلالا، قال: فأعدنا التراب إلي اللحد ثم ارتحلنا.[1] .

قال الاميني: نحن لا ننبس هاهنا ببنت شفة ولا نحوم حول إسناده الباطل، ولا نؤاخذ رواة القصة بقولهم في الحضرمي: هذا خير البشر. وانه کذب فاحش يخالف

[صفحه 116]

ما أجمعت عليه الامة، وليس علي الله بعزيز أن يجعل أفراد جيش جهزه عمر کلها صاحب کرامة، لکنا لا نعرف معني قولهم: إن هذه الارض تلفظ الموتي، أي أرض هذه؟ وفي أي قطر هي؟ وهل هي تعرف بهذه الصفة عند الملا؟ وهل هي شاعرة بخاصتها هذه أولا تشعر؟ وهل هي باقية عليها إلي يومنا هذا؟ وکيف شذت عن بقاع الارض بهذه الخاصة؟ ولماذا هي؟ وکيف تخلفت عن ذاتيها في خصوص هذا المقبور؟ وهل کان الرجل في القبر لما نبشوه مجللا بالانوار وقد أعشتهم عن رؤيته فحسبوه مفقودا، أو انه غادر القبر إلي جهة لا تعرف، وترک فيه أنواره؟ أنا لا أدري، وهل في منة الراوي أو مدرن القصة أو مفتعلها أو من قاصها الجواب عن هذه الاسؤلة؟


صفحه 116.








  1. تاريخ ابن کثير 155:6، نزهة المجالس 191:2، واوعز اليها ابنا الاثير وحجر في اسد الغابة 7:4، والاصابة 498:2 فقالا: خاض البحر بکلمات قالها ودعا بها.