غديرية المقري الكاظمي











غديرية المقري الکاظمي



المتوفي حدود 1120

(1)


وقفت دون سعيک الانبياء
فلتطل مفخرا بک الاوصياء


وعن الانبياء فضلا عليک
الله أثني فحبذا الاثناء


وإذا لم يکن سوي آية التهير
فيکم لکان فيها اکتفاء


کنت نورا وليس کون ولا
آدم بل ليس کان طين وماء


أنت عين اليقين سلطان موسي
والعصي منه واليد البيضاء


وسنا النار حين آنسها من
جانب الطور إذ بدا اللالاء


روح قدس به تأيد عيسي
ولامواته به إحياء


أنت لو لم تکن لما عبدالله
ولا للانام کان اهتداء


إلي أن يقول:


فأضاعوا وصية (يوم خم)
بعلي وصي وهم شهداء


عن لسان الروح الامين عن الله
تعالي ألا له الآلاء


بعلي بلغ وإلا فما بلغت
والله من عداک وقاء


بعد ما بخبخوا وقالوا لقد أصبحت
مولا لنا وصح الولاء


وأتي النص فيه: اليوم اکملت
لکم دينکم وحق الهناء


ثم قالوا: بأن أحمد لم يو
ص وهذا منهم عليه افتراء


وروي من يمت ولم يوص قد ما
ت موتة جاهلية العلماء


ويلهم جهلوا النبي وقالوا
عنه ما لم يقل وبالافک جاؤا


ما نجيب اليهود يوما إذا احتجوا
علينا؟ أليس فيکم حياء؟

[صفحه 355]

إن موسي في القوم وصي وقد غاب
وطاها يقضي ولا ايصاء


حيث قال اخلفني لهرون في القو
م وبالاهل تسعد الخلفاء


والنبي الکريم قد ترک القو
م سدا بعده وهذا هذاء


وهو بالمؤمنين کان رؤفا
وعلي کلهم له اسداء


ما عليه أن لو علي واحد نص
وفيما يختاره الارتضاء؟


وهو أدري بمن لها کان أهلا
وله في نصح الانام اعتناء


وإذا ما قد مات راعي غنيمات
فترک الايصاء عنه عياء[1] .


هذه القصيدة توجد في ديوان شاعرنا وهي تبلغ ثلثمائة وأربعة وثمانين بيتا، أخذنا منها ما ذکرناه، يمدح بها أميرالمؤمنين عليه السلام ويستدل فيها علي إمامته بحجج قوية، و يتخلص إلي رثاء الامام السبط الشهيد صلوات الله عليه، وله من قصيدة يمدح بها أميرالمؤمنين سلام الله عليه.

(2)


در حقيقي حباب العقار
فلا تخاطر في المجازي البحار


فقم ففي مجلسنا قد سعي
ساق صغير بکؤس کبار


تقول عيناه لعشاقه:
من سيف اجفاني الحذار الحذار


واخفض جناح العيش في قهوة
للهم عمن قد حساها نفار


للروح روح فإذا قربت
من حجر حدث صم الحجار


تطفئ نار الهم منا وفي
الکاسات منها مستطيرا شرار


إن قتلت منا عقولا فعن
والدها کان لها أخذ ثار


من کف ألمي[2] ماجلا حسنه
إلا وبان العقل واللب طار


حمراء أعدا لونها کأسها
تخالها من غير کاس تدار


قوامه يطعن طعن القنا
وفتک ماضي لحظه واقتدار


وردفه يشرح لي ثقله
وخصره يسند لي الاختصار

[صفحه 356]

قد علم الفتک اسود الشري
وعلم الغزلان کيف النفار


عجبت من حمرة خديه إن
بدت لعيني علا في اصفرار


کأنما قد صيغ من فضة
سالفة[3] والخد مني نضار


لي روضة غناء من وجهه
ولحظه ساق وفيه عقار


خد وثغر مقلة وجنة
ورد اقاح نرجس جلنار


له علي عشاقه نصرة
بفاتر منه أري الانکسار


في خده ماء ونار وما
بالمآء للنار عهدنا استعار


تثبت عيناي به لم تزل
فلم تحل عنه يمينا يسار


کأنما تلک له قربة
قد عبدت ماء وهاتيک نار


يزري إذا ماس بغصن النقا
وإن بدا فالبدر منه يغار


فلو تري يا لائمي حسنه
أقمت فيه حجج الاعتذار


دعني برب الفرط لي شاغل
يشغلني عن حب ذات الخمار


خلع عذاري واضح إذ علي
شهد لماه دار نمل العذار


کم من فقار سيف ألحاظه
قد کسيف المرتضي ذي الفقار


من آية التطهير فية أتت
نصا من الله له واختيار


إلي أن يقول:


آخاه طاها يوم (خم) وقد
انزل فيه فيه آي جهار[4] .


اليوم أکملت لکم دينکم
ناهيک من منقبة لا تعار


ياراکبا کالقوس حرفا حکي
الاوتار أو کالسهم ترمي القفار


عج بالغريين وأحرم وطف
في ذلک القدس وقف باحتقار


إلي الذي من کل أوب إلي
بيت عطاياه المطايا تثار


بيت به طال عمادا فلا
مقصر فيه ورامي جمار

[صفحه 357]

وأذن الناس ونادي الوحا
لکعبة الله البدار البدار


وزمزم والحجر والرکن ثم
الحجر الاسود سامي المنار


ألا بها حجوا فما في سوي
تلک الثري حجا أري واعتمار


واستأذن الله ومنه وفي
سکينة فادخل عليک الوقار


وقبل الارض له عزة
وکحل الجفن بذلک الغبار


وامش علي الاجفان فضلا عن
الاقدام إجلالا بذاک المزار


والثم ضريحا ضم بدرا ومن
حلم جبالا وعطايا بحار


فثم وجه الله والعين والجنب
وسيف الله ماضي الغرار


أمير کل المؤمنين الذي
غدا له فيما يشاء الخيار


فمن يزره عارفا حقه
فهو کمن لله في العرش زار


کان بعرش الله نورا ولا
آدم أو حوي به يستنار


لو أجمع الناس علي حبه
من قدم لم يخلق الله نار


فالفضل فيه کله شيمة
ومنه کل فضله مستعار


(القصيدة 71 بيتا)

(3)

وله من قصيدة اخري يمدح بها اميرالمؤمنين عليه السلام قوله:


ياإماما علا علي سائر الخلق
بخلق مهذب وبخلق


حزت کلا من العلوم إلي أن
قد جري الکل منک في کل عرق


بمقال يقيم عذر المغالي
إنک الله حيث للشک يبق


أنت حلف الهدي وحلف نزال
دره العذب ساغ في کل خلق


قد عبدت الاله طفلا مع المختار
والکل مشرک بالحق


وببدر بذلت نفسک في الله
وبادرتها ضحي غير طرق


وبخم بويعت إذ ليس إلا
أنت دون الوري لها من محق


فأتي النص فيک اليوم اکملت
لکم دينکم وأثبت حقي


يالها من إمامة قد تسامت
بإمام مؤيد بالصدق

[صفحه 358]

صاحب النص والدلالة بالاجماع
والاتفاق من غير مذق[5] .


نفس طاها النبي والصهر وابن
العم والصنو والاخ المشتق


القصيدة 56 بيتا

(4)

وله من قصيدة يمدح بها اميرالمؤمنين عليه السلام وهي تبلغ ستين بيتا قوله:


بالعتب طال لطيفک الترداد
لو زار جفن العاشقين رقاد


بدر بليل الشعر متسق ولا
کالبدر نقص شأنه وسواد


سلطان حسن والبهاء وزيره
جيش الجلال أمامه يقتاد


إلي أن يقول: والله أکمل دينه بولائه
أني يطاول مجده ويساد؟


بالطائف المشهور کلم ربه
ناهيک فخرا ما عليه يزاد


ولطال ما من جبرئيل لخدمة
قد طال في أعتابه الترداد


وببابل ردت له شمس الضحي
والليل قد مدت له ابراد


وبيوم (خم) خبر الغياب عن
تأميره في البيعة الاشهاد


إذ قام يخطب أحمد مسترسلا
عن ربه والقول منه يعاد:


من کنت مولاه فحيدرة له
مولي ومن کاد الوصي يکاد


فإذا هنالک بخبخوا قوم به
من رغبة في حکمه زهاد


لا تدرک الافهام کنه صفاته
أني وهل يحصي الحصي التعداد؟


(5)

وله من قصيدة 118 بيتا يمدح بها أميرالمؤمنين عليه السلام قوله:


لک نصب عيني اين کنت امثل
وطريقتي المثلي بحبک أمثل


أرجو الحياة وأنت عني معرض
والموت من إعراض وجهک أجمل


إلي أن يقول:


والله أکمل دينه بولائه
هل فوق هذا في المفاخر منزل؟

[صفحه 359]

ولقول جبريل الامين بحقه
علنا وتلک محلة لا تنزل:


لا سيف إلا ذوالفقار ولا فتي
إلا علي الفاضل المتفضل


وتعجب الاملاک من حملاته
في الحرب وهو علي الکتائب يحمل


ولفتح أحمد بابه ولسده
باب الصحاب علي الجميع يفضل


ولقول أحمد: أنت هاد للوري
وأنا النذير وذاک فخر أطول


ولانت مني مثلما هارون من
موسي ولا بعدي نبي يرسل


وکفاه ممن لم يصل عليه في
فرض الصلاة صلاته لا تقبل


والله زوجه البتول وأشهد
الاملاک والروح الامين موکل


والشمس من بعد الغروب ببابل
ردت له والليل داج مسبل


والله خاطبه غداة الطائف
المشهور وهي فضيلة لا تنحل


وبليلة القدر الملائک عزة
والروح قد کانت عليه تنزل


وغدا موازين العباد بکفه
طوعا تخف بمن تشاء وتثقل


والنار والجنات طايعة له
من شاء نارا أو جنانا يدخل


وفدي النبي علي الفراش وانها
لهي المواساة التي لا تعقل


والوحي يهبط عنده وببيته
للفصل آيات الکتاب تفصل


وله وللاصنام کسر عزة
وضعت علي أکتاف أحمد أرجل


إلي أن يقول:


عج بالغري فثم سر مودع
ليست تکيف ذاته وتمثل


واخلع نعالک غير ما متکبر
فيه وأنت مکبر ومهلل


وقل:السلام عليک يا من حبه
للدين فيه تتمة وتکمل


فهناک عين الله والسر الذي
قد دق معني والاخير الاول


الحاکم العدل الذي حقا يري
ما العبد من خير وشر يعمل


والآخذ التراک أفضل مسلم
من بعد أحمد يحتفي أو ينعل


ويل امرء قد حاد عنه ضلة
وعلي النبي بجهله يتقول


جعل الامامة غير موضعها عمي
والله أعلم حيث کانت تجعل

[صفحه 360]

وکفي عليا في (الغدير) فضيلة
يأتي اليها غيره يتوصل


حيث الامين أتي الامين مبلغا
يقري السلام من السلام ويعجل


بلغ وإلا لم تبلغ ما أتي
في حق حيدر ايها المزمل


فهناک بين الصحب قام لربه
يثني بعالي صوته ويفضل


ويسار حيدرة بيمناه وقد
نادي ومنه فيه يفصح مقول:


من کنت مولاه فحيدرة له
مولا فإياکم به أن تبدلوا


والطائر المشوي هل مع أحمد
أحد سواه کان منه يأکل؟


والنجم لما أن هوي في داره
جهرا وأشرق منه ليل أليل


في العرش قدما کان نورا محدقا
طورا يکبر ربه ويهلل


متقلب في الساجدين وکان من
صلب إلي صلب طهور ينقل


(6)

وله من قصيدة 42 بيتا يمدح بها أميرالمؤمنين عليه السلام قوله:


هل بي حر إلي رشف رشا
حبذا لو يقبل الروح رشا


بابلي الطرف لکن ما رأي
سحره هاروت إلا اندهشا


جائر في الحکم لکن عادل القد
عبيل الردف مهضوم الحشا[6] .


لم أزل أخفي هواه في الحشا
غير مني الدمع بالسر فشا


خلته لما تجلي سلطه
تحت ليل الشعر صبحا أبرشا


فضح الشهد بريق ريق
غيره لم يرو مني العطشا


أحمد النعمان في وجنته
وعلي الخدين آس عرشا


عاذلي أصبح فيه عاذري
وانثني يحمده واش وشا


فإذا ماس دلالا قده
يغتدي غصن النقا مرتعشا


کوکب المريخ في وجنته
ساطع والبدر منه قد عشا


مطلق اللحظ فؤادي قد غدا
منه في اسر الهوي مندهشا

[صفحه 361]

جرحت عيناه خدي مهجتي
حيث لحظي خده قد خدشا


صادني في شرک من شعره
عجبا للاسد هل صاد رشا؟


إلي أن قال:


حيدر الکرار أزکي ناعل
من بني آدم أو حاف مشا


ما غشي الليل نهارا نصحه
مذهب شکا علي القلب غشا


نور عين الدين قد رد وقد
رد طرف الشرک منه أعمشا


قتل الکفار في صارمه
ولربع الانس منهم أوحشا


لم يدن للات يوما قط بل
عبدالله وبالتقوي نشا


قد شفي الاسلام من داء به
وجلا من أعين الدين الغشا


ولقد أصبح في خم له
شاهد عدل أبي أن يرتشا


جاد بالقرص وصلي العصر إذ
رده لما له غشي العشا


وله قد کلم الثعبان إذ
ظنه الناس أتي کي ينهشا[7] .


صفحه 355، 356، 357، 358، 359، 360، 361.








  1. إلي هذه البرهنة العقلية استند القوم في استخلاف عمر کما فصلنا القول فيه في الجزء السابع ص 133 و 132.
  2. الالمي: الذي بشفته لمي. غلام ألمي: بارد الريق.
  3. السالفة: صفحة العنق عند معلق القرط.
  4. مرجع الضمير الاول في فيه هو يوم الغدير، وفي الثاني هو مولانا اميرالمؤمنين. يريد انه نزلت فيه عليه السلام آيات يوم ذاک. راجع الجزء الاول من کتابنا هذا تجد هنالک تفصيل تلکم الآيات النازلة.
  5. من غير مذق: اي من غير شوب.
  6. العبيل: الضخم. الردف: العجز.
  7. نظم شاعرنا المقري في قصائده هذه جملة ضافية من مناقب اميرالمؤمنين مما صدع به النبي الامين، يوجد تفصيلها فيما يأتي من مسند المناقب ومرسلها، وإن أسلفنا بعضها في طيات الاجزاء الماضية.