عصا اسيد وعباد











عصا اسيد وعباد



عن أنس: کان اسيد بن حضير، وعباد بن بشر عند النبي صلي الله عليه وسلم في ليلة ظلماء حندس، فلما خرجا أضاءت عصا أحدهما فمشيا في ضوئها، فلما افترقت بهما الطريق أضاءت عصا الآخر.

صحيح البخاري 3:6، إرشاد الساري 154:6، طرح التثريب 35:1، اسد الغابة 101:3، تاريخ ابن کثير 152:6.

قال الاميني: أتصدق ان أحدا لم يکن من علية الصحابة کانت له هذه الکرامة الباهرة في اوليات الاسلام علي عهد الصادع الکريم، وتخفي علي کل الناس وينحصر علمها بأنس ولم يروها غيره، ولم تشتهر عنه في الملا الديني؟!؟!

أتصدق أن يکون الرجلان لهذه المکانة الرابية من الفضيلة وهما من متأخري المسلمين أسلما بالمدينة، ولم يذکرهما نبي العظمة بتلک الکرامة ولو همسا،

[صفحه 108]

ولم يعرفهما امته ولو رکزا، ولم يعرفهما رجال الدين تبلکم المکرمة طيلة حياة رسول الله صلي الله عليه وآله؟

لعلک لا يعزب عنک لماذا استحق اسيد هذه المنقبة، وانها انما اختلقت بعد رسول الله للرجل لتقدمه علي المهاجرين والانصار يوم السقيفة ببيعة أبي بکر، وهو أول رجل من الانصار بايع يوم ذاک وشق عصا المسلمين، قال ابن الاثير[1] له في بيعة أبي بکر أثر عظيم. وقال: کان ابوبکر الصديق يکرمه ولا يقدم عليه أحدا. فهو حري بتلک البيعة أن يشرف بوسام من محبذي ذلک الانتخاب الدستوري الذي لم يکن عن جدارة، کما استحق بها أبوعبيدة الجراح- حفار القبور- أن يقبل رجله عمر بن الخطاب[2] ومن هنا تجد عائشة تثني علي اسيد بقولها: کان من أفاضل الناس وقولها: ثلاثة من الانصار لم يکن أحد يعتد عليهم فضلا بعد رسول الله: سعد بن معاذ، واسيد بن حضير، وعباد بن بشر،[3] تقوله ام المؤمنين وهي تعلم أن من الانصار بعد رسول الله صلي الله عليه وآله بقية صالحة بدريون عقمت أم الدهور أن تأتي بمثلها کأبي أيوب الانصاري، وخزيمة ذي الشهادتين، وجابر بن عبدالله، وقيس بن سعد، إلي اناس آخرين. نعم: هؤلاء لا يروق ام المؤمنين ذکرهم لانهم علويون في ولائهم، وأما اسيد فهو جدير بهذه المدحة البالغة من ام المؤمنين لنقضه عهد المصطفي في أخيه علم الهدي، وتسرعه إلي بيعة أبيها وتدعيمه خلافته، فهو تيمي المبدأ والمنتهي. وعباد بن بشر لا تقصر خطواته في تلک الخلافة عن اسيد، وقد قتل تحت راية أبي بکر يوم اليمامة، ولعائشة ثناء جميل عليه.


صفحه 108.








  1. اسد الغاية:92:1.
  2. تاريخ ابن کثير 55:7.
  3. اسد الغابة 100:3، مجمع الزوايد 310:9.