غديرية الشيخ البهائي











غديرية الشيخ البهائي



المولود 953، المتوفي 1031


رعي الله ليلة بتنا سهاري[1] .
خلعنا بحب العذاري العذارا


ولما سري النجم والبدر حارا
أماطت ذات الخمار الخمارا


وصيرت الليل منها النهارا

وکنا بجنح الدجي أدعج
وبعض إلي بعضنا ملتجي


فقامت لساق لها مدلج
وجاءت تشمر من أبلج


کما طلع البدر حين استنارا

تبدت بنور لها لائح
ووجه لبدر الدجا فاضح


وخد بماء الحيا ناضح
وتبسم عن أشنب واضح


کزهر الاقاح إذا ما استنارا

شربنا لداء الهموم الدوا
وشبنا نسيم الهوي بالهوي


حللنا علي النيرين السوي
وقد حلک الليل عنا انطوي


ونور الصباح لدينا استنارا

هوينا رداحا حجازية
فبحنا ضمائر مخفية


فمدت إلينا سراحية
تناول صهباء قانية


کأنا نقابل منها شرارا

سقينا مداما مجوسية
کما التبر حمراء مصرية

[صفحه 245]

قديمة عهد رمانية
مشعشة ارجوانية


تدب النفوس اليها افتقارا

فقم إنما الديک قد نبها
إلي خمرة فاز من حبها


جلت حين ساقي الهوي صبها
کأن النديم إذا عبها


يقبل في طخية الليل نارا

وبي غارة رنحت قدها
حميا الصبا والفت ضدها


وقد جعلت مقلتي خدها
ولم أنس مجلسنا عندها


جلسنا صحاوي وقمنا سکاري

نعمنا أخلاء دون الانام
بتلک الربوع وتلک الخيام


ألم ترنا إذ هجرنا المنام
تميل بنا عذبات المدام


ونحن نميس کلانا حياري؟

فلله مجلسنا باللوي
لکل المني والهنا قد حوي


إذا نزعت من نزيل الجوي
فقامت وقد عاث فيها الهوي


تستر بالغيم الجلنارا

لها وجه سعد يزيل الشقا
وقد حکي غصنا مورقا


وتشفي عليل الهوي منطقا
تريع کما ريع ظبي النقا


توجهه خيفة واستنارا

هلال السما من سناها يغيب
ومن قدها الغصن مضني کئيب


ألا إن هذا لشيئ عجيب
إذ البدر أبصرها والقضيب


تلبس هذا وهذا تواري

أضاء الدجا نورها حين لاح
بوجه سبي حسن کل الملاح


أزلنا الهموم بذات الوضاح
سقتنا إلي حين بان الصباح


وفر الدجا من ضياها فرارا

فيا ظبية طال يا للرجال؟!
نقمنا بها في لذيد الوصال

[صفحه 246]

ففر وقد صح فيه المثال
کما فر جيش العدا بالنزال


عن الطهر حيدرة حين غارا

إمام البرية أصل الاصول
شفيع الانام بيوم مهول


فتي حبه الله ثم الرسول
وصي النبي وزوج البتول


حوي في الزمان الندي والفخارا

فياويح من لم ينل مرة
لمن فاق بدر السما غرة


فطوبي لمن زاره مرة
فياراکبا يمتطي حرة


تبيد السهول وتفري القفارا

إذا شئت ترضي إله السما
وتهدي إلي الرشد بعد العمي


وتسقي من الحوض يوم الظما
إذا ما انتهي السير نحو الحمي


وجئت من البعد تلک الديارا

وقابلت مثوي علي الولي
وأظهرت حب الصراط السوي


وشاهدت حبل الاله القوي
وواجهت بعد سراک الغري


فلا تذق النوم إلا غرارا

فحط الرحال بذاک المحل
وعن أرضه قدما لا تزل


وکن لسما قبره مستهل
وقف وقفة البائس المستذل


وسر في الغمار وشم الغبارا

فإن طعت رب السما فارضه
فحب الائمة من فرضه


وضاعف ثوابک من فرضه
وعفر خدودک في أرضه


وقل: يا رعي الله مغناک دارا

إذا جئت ذاک الحمي سلما
وکن والها بالفنا مغرما


وزر قبر من بالمعالي سما
فثم تري النور ملؤ السما


يعم الشعاع ويغشي الديارا

إذا لم تکن حاضرا عصره
فکن بالبکا مدرکا نصره


فقف عنده وامتثل امره
وقل سائلا: کيف يا قبره!

[صفحه 247]

حويت الزمان وحزت الفخارا؟

وقف والها وابر من ضده
وبث إليه الهوي وابده


ولا تبرح الارض من عنده
وأبلغه يا صاح! من عبده


سلام محب تنائا ديارا

ألا زره ثم احظ في قربه
لتکسب أجرا وتنجو به


وقم والتثم ترب أعتابه
وأظهر عناک بأبوابه


معفر خديک فيه احتقارا

ويامن أتي بعد قطع الفلا
إمام الهدي وشفيع الملا!


تمسک به فهو عفد الولا
فمن کان مستأثرا في البلا


سوي حيدر لا يفک الاساري

وکثر بکاک بذاک المکان
وقل: يا قسيم اللظي والجنان


عبيدک يرجو لديک الامان
دعاه البلا وجفاه الزمان


وفيک من الحادثات استجارا

مواليک مستأثر في يديک
ولم يکل الفک إلا عليک


أتاک من الذنب يشکو اليک
أبت نفسه الذل إلا لديک


وبعد المهيمن فيک استجارا

إليک التجي يا سفين النجاة!
وعن حبکم ماله في الحياة


فقه محنة القبر عند المماة
فأنت وإن حلت النازلات


فتي لا يضيم له الدهر جارا

إمام له خص رب السما
وفي يده الحوض يوم الظما


ومأوي الطريد وحامي الحما
أبي أن يباح حماه کما


أبي أن يري في الحروب الضرارا

إمام تحن المطايا إليه
وتزوي ذنوب البرايا لديه


غدا أرتجي شربة من يديه
وليس المعول إلا عليه


ولا غيره کان لي مستجارا

[صفحه 248]

فما خاب من يشتکي حاله
لمن في الوصية أوحي له


إله السما وارتضي ماله
فان الذي ناط اثقاله


به کلها ووقاه العثارا

إمام به الشرک عني خفي
وللظلم والفسق عنا نفي


وواخاه واختاره المصطفي
خلاصة أهل التقي والوفا


ورکن الهدي ودليل الحياري

لنا أظهر الدين لما خفي
ومن ذکره کم عليل شفي؟


ولي الاله التقي الوفي
علي الذي شهد الله في


فضيلته وارتضاه جهارا

فکم في الوغي بطلا قد أذل
وآوي کريما وکهفا أظل


نعم: هو رب العطاء الاجل
يحل الندي به حيث حل ويرحل


في إثره حيث سارا

به انتصر الدين لما فشا
وأخضبت الارض لما مشي


له مفخر في البرايا فشي
فتي قل بتعظيمه ماتشا


سوي ما ادعته بعيسي النصاري

إمام لدي الحوض يسقي العطاش
بيوم تري الخلق مثل الفراش


علي الذي قدره لا يناش
فدي أحمدا بمبيت الفراش


وصاحبه حيث جاء المغارا

علي أميري ونعم الامير
مجيري غدا من لهيب السعير


وکان لاحمد نعم النصير
وواخاه أمرا غداة (الغدير)


من الله نصا به واختيارا

علي إمامي وإلا فلا
ومن خصه الله رب العلا


توليته وهو عقد الولا
أعز الوري وأجل الملا


محلا وأزکي قريش نجارا

هدي الخلق في دينه المستقيم
کما انتصروا فيه أهل الرقيم

[صفحه 249]

ونال الرضا من إله کريم
ويا فلک نوح ونار الکليم!


وسر البساط الذي فيه سارا

أيا سيدي! يا أخا المصطفي!
ومن لک بعد النبي الصفا!


عليک سلامي لوقت الوفا
متي ما أصا بارق واختفي


بليل وما حادي العيس سارا

(القصيدة وتخميسها)[2] .


صفحه 245، 246، 247، 248، 249.








  1. توجد القصيدة وتخميسها في مجموعة العلامة الاوحد شيخنا المرحوم الشيخ علي الشيخ محمد رضا آل کاشف الغطا، الاصل لشيخنا البهائي والتخميس للشيخ علي المقري.
  2. ولشيخنا البهائي قصيدة آخري ذکر فيها (الغدير) توجد في (الانوار النعمانية) ص 43، و روضات الجنات ص 637.