غديرية الشيخ حسن آل أبي عبدالكريم











غديرية الشيخ حسن آل أبي عبدالکريم



فروع قريضي في البديع اصول
بها في المعاني والبيان أصول


وصارم فکري لا يفل غراره
ومن دونه العضب الصقيل کليل


سجية نفسي انها لسخية
تميل إلي العلياء حيث تميل


ويقتادني صدق الولاء ولي هوي
قبول له القلب السليم قبول


انظم درا في سلوک من العلي
بحسن سلوک هذبته فصول


فشيدت من فکري مباني غريزة
مثابي لها عند الجليل جليل


مراثي محب لامراء وإنها
نصول بها في الملحدين نصول


بضائع ليس المدح فيها بضائع
لعلمي بها أن الجزاء جزيل


أحل بها أوج السعود فإن أحل
سيبقي بها ذکري وليس يحول


وأحيي بها ليلي وأجني ثمارها
لعل إلي نيل المراد وصول


أقول لنفسي مسعفا ومسددا
وأنشد قلبي مرشدا وأفول


فلا تعدلي يا نفس! عن طلب العلي
ويا قلب! لا يثنيک عنه عذول


ففي ذروة العلياء فخر وسودد
وعز ومجد في الانام وصول


خليلي ظهر المجد صعب رکوبه
ولکنه للعارفين ذلول


جميل صفات المرء زهد وعفة
وأجمل منها ان يقال: فضيل


فلا رتبة إلا وللفضل فوقها
مقام منيف في الفخار أثيل


فلله عمر ينقضي وقرينه
علوم وذکر في الزمان جميل


زول بنو الدنيا وإن طال مکثها
وحسن ثناء الذکر ليس يزول


فيا راقدا في صفو عيش ولذة
عن القدر الجاري عليه غفول


إذا خالط الشيب الشباب وأقبلت
عساکره في العارضين تجول


عليک بزاد المتقين لانه
أتاک بشير منذر ورسول

[صفحه 203]

فلا تذمم الدنيا إذا هي أدبرت
وإن أقبلت فالحالتان تزول


ولا تترکن النفس تتبع الهوي
تميل وعن؟ جبل؟ الرشاد تميل


وبالصبر مرها ثم عظها فإنها
لامارة بالسوء وهي عجول


وخذ من يد الدنيا الکفاف وصاحب
العفاف فلا مثل العفاف خليل


وأقلل من الحرص الذميم تعففا
بصبر جميل فالمقام قليل؟


ألم تر ان الدائرات دوائر
وليس إلي سبل النجاة سبيل؟


وللدهر سلب سآء بعد مسرة
وللخلق إن طال الزمان رحيل


دع القدر المحتوم يجري بما قضي
به الله والصبر الجميل جميل


وخل عنان الهم إن کنت عاقلا
فليس يفيد الثاکلات عويل


فکم أفنت الايام ملکا ومالکا
فزال؟ وملک الله ليس يزول


لمن وفت الدنيا؟ وما زال خطبها
علينا بخيل الحادثات تجول


ومن بات منها سالما من مصابها
وما کف منه الکف وهو طويل؟


مفرقة الاخيار بعد اجتماعهم
وإن طاب منها العيش فهي ملول


بها النفع ضر والصفاء مکدر
بها الحلو مر والعزيز ذليل


لهاجرها منها الهنا وهو آهل
ويهلک مهتم بها وأهيل


جعلت فدا من لارضوا بنعيمها
ولا دنست فيها لهن ذيول


ولا علقت کف لهم بحبالها
ولاغرهم فيها خنا ووغول


لقد صحبوا فيها کفافا وعفة
وزهدا وتقوي والجزاء جزيل


فهم أهل بيت شرف الله قدرهم
علي الخلق طرا ماجد ورذيل[1] .


هم الصابرون المؤثرون بقوتهم
هم في الندا قبل النداء سيول


هم الحامدون الشاکرون لربهم
هم للوري يوم النجاة سبيل


هم العالمون العاملون بلا مرا
علومهم في العالمين اصول


هم الراکعون الساجدون إذا بدا
ظلام وليل العابدين يطول


هم التائبون العابدون اولو النهي
هم لقلوب العارفين عقول

[صفحه 204]

هم الزاهدون الخاشعون ولم يکن
لهم في جميع العالمين مثيل


هم العترة الاطهار آل محمد
نبي لسان الوحي عنه يقول


بشير نذير طاهر علم سما
حبيب نجيب شاهد ورسول


ومدثر مزمل متوکل
علي الله لا يثنيه عنه عذول


سراج منير فاضل فاصل أتي
بدين له الذکر المبين دليل


له معجزات أعجزت کل واصف
بها دحض الاشراک وهو مهول


وأشرق منها الکون واتضح الهدي
وعز بها الاسلام وهو ذليل


فيا خير مبعوث لاعظم ملة
وأکرم منعوت نمته اصول!


تقاصر عنه المدح عن کل مادح
فماذا عسي فيما أقول أقول


لقد قال فيک الله جل جلاله
من الحمد مدحا لم ينله رسول


لانت علي خلق عظيم کفي بها
فماذا عسي بعد الاله نقول؟


مدينة علم بابها الصنو حيدر[2] .
ومن غير ذاک الباب ليس دخول


إمام بري زند الضلال وقد روي
زناد الهدي والمشرکون ذهول


ومولي له من فوق غارب أحمد[3] .
صعود له للحاسدين نزول


تصدق بالقرص الشعير لسائل[4] .
ورد عليه القرص وهو أفول[5] .


وبايعه في يوم احد وخيبر
لها في حدود الحادثات فلول


وبيعة (خم) والنبي خطيبها
لها في قلوب المشرکين نصول


وأحمد من فوق الحدائج راقع
يمين علي المرتضي ويقول


ألا فاسمعوا ثم ارشدوا کل غائب
ويصغي عزيز منکم وذليل


فمن کنت مولاه فمولاه حيدر
علي وعن رب السماء أقول


علي أميرالمؤمنين ومن دعا
سواه بهذا مبطل وجهول

[صفحه 205]

فقالوا جميعا: يا علي بخ بخ
وللقوم داء في القلوب دخيل


فمن مثل مولانا علي الذي له
محمد خير المرسلين خليل


فيا رافع الاسلام من بعد خفضه
وناصب دين الله حيت يميل!


ويا أسد الله الذي مر بأسه
لاعدائه مر المذاق وبيل!


ويا من له قلب الحوادث خافق
ويا من له صعب الامور ذلول!


نعزيک بالسبط الشهيد فرزؤه
عظيم علي أهل السماء جليل


دعته إلي کوفان شر عصابة
عصاة وعن نهج الصواب عدول


فلما أتاهم واثقا بعهودهم
فمالوا وطبع الغادرين يميل


وأحقاد بدر أظهروا ثم أشهروا
کتائب غدر بالطفوف تجول


أحاطوا وحطوا بالفرات فلم يکن
لآل رسول الله منه نهول


فلما رأي المولي الحسين ضلالهم
وقد حان حال لا يکاد يحول


فقام إلي أصحابه الغر في الدجا
يخاطبهم رفقا بهم ويقول


ألا فاذهبوا فالليل قد مد سجفه
ومدت له فوق البسيط ذيول


کفيتم ووقيتم بأن تردوا الردي
فما قصدهم إلا إلي يؤل


فقام إليه کل ليث غضنفر
کريم جواد بالوفاء فعول


فضجوا جميعا ثم قالوا: نفوسنا
فداک وبذل النفس فيک قليل


إذا نحن أسلمناک فردا إلي العدي
وأنت لنا يوم النجاة سبيل


فما عذرنا عند النبي وصنوه
علي؟ وما ذا للبتول نقول؟


فقال: جزيتم کل خير وإنني
غدا لکم عند الاله وسيل


فبادر أصحاب الحسين کأنهم
جبال ولکن في العطاء سيول


اسود الوغي غاباتهم اجم الفنا
لهم في متون الصافنات مقيل


کرام لهم بذل النفوس مواهب
سهام لهم زرق الرماح نصول


ليوث لها بيض الصفاح مخالب
غيوث لها حمر الدماء سيول ثقال


علي الاعداء في حومة الوغي
إذا جل خطب في الزمان ثقيل


فجالوا جلوا کرب الحسين وجاهدوا
بعزم له فوق السماک حلول

[صفحه 206]

وسمر القنا في الدارعين شوارع
وللبيض في بيض الکماة صليل


وجادوا فجد الضرب والطعن في العدي
بفتک له شم الجبال تزول


للبيض شکل في الشواکل مشکل
وللسمر نفذ في الصدور مهول


کأن غمام النقع غيم وبرقه
بريق المواضي والدماء سيول


وأنصار مولاي الحسين کأنهم
اسود لهم دون العرين شبول


يجودون بالارواح وهي عزيزة
وکل بخيل بالحياة ذليل


جنوا ثمر العلياء من دوحة المني
فتم لهم قصد بذاک وسؤل


وفازوا وحازوا سبق کل فضيلة
وفضل منيل لم ينله منيل


رأوا الحور کشفا أيقنوا ان وصلهم
بدون المنايا ما إليه وصول


فجادوا بأرواح لها الموت راحة
وظل عليها في الجنان ظليل


قضوا إذ قضوا حق الحسين عليهم
وفاء وإخوان الوفاء قليل


فلهفي لهم صرعي أمام إمامهم
تجر عليهم للرياح ذيول


وأکفانهم نسج العجاج وغسلهم
دم النحر عن ماء الفرات بديل


ولم يبق إلا السبط فردا ورهطه
لديه وزين العابدين عليل


ومنجدل من حوله وهو عافر
ومن جدل القوم اللئام ملول


وصال عليهم صولة حيدرية
لهيبتها شم الجبال تزول


بأدهم من صوب الدماء مجلل
له قمم الشوش الکماة نعول


وسابغة تحکي الغدير وأبيض
يباريه مرهوب السنان طويل


فجدل من فوق الجياد جيادها
فخيل وقوم جفل وقتيل


فکم جافل في ظهره صدر ذابل
وکم قاتل بالمشرفي قتيل؟


فجاشت جيوش المشرکين وفوقت
إليهم نصول ما لهن نصول


ويممهم يمني ويسري وقلبه
صبور وللخطب الجليل حمول


وکر وفر القوم خيفة بأسه
کأن عليا في الصفوف يجول


فلما تناهي الامر واقترب الردي
وذل عزيز واستعز ذليل

[صفحه 207]

فمال عليه الجيش حملة واحد
فبيض وسمر ذبل ونصول


ففرقهم حتي تولت جموعهم
کسرب قطاة غار فيه صليل


رموه بسهم من سهام کثيرة
فلم يبق إلا من قواه قليل


فخر صريعا ظاميا عن جواده
فأضحت ربوع الخصب وهي محول


وراح إلي نحو الخيام جواده
خليا من الندب الجواد يجول


برزن إليه الطاهرات حواسرا
لهن علي المولي الحسين عويل


فلهفي وقد جاءت إليه سکينة
تقبل منه النحر وهي تقول:


أبي کنت بدرا يرشد الناس نوره
فوافاه في بدر الکمال افول


وکنت منارا للهدي غاله الردي
فلم يبق للدين الحنيف کفيل


أبي أنت نور الله اطفئ نوره
ولکن إلي الله الامور تؤل


فيادوحة المجد الذي عندما ذوت
تصوح نبت العز وهو محيل


يعز علي الاسلام رزؤک سيدي
وذلک رزؤ في الانام جليل


ووافت إليه زينب وهي حاسر
ودمعتها فوق الخدود تسيل


فلاقته من فوق الرمال مرملا
سليب الردي تسفي عليه رمول


فقبلت الوجه التريب وأنشدت
ومن حولها للطاهرات عويل


أخي! ضيعت فينا وصايا محمد
وأرداک بغضا للنبي جهول


أخي! ظفرت فينا علوج امية
وسادت علينا أعبد ونغول


فلو کان حيا أحمد ووصيه
فأي يد کانت عليک تطول؟


فدافعها الشمر اللعين وقد جثا
بقلب قسي والکفر فيه أصيل


وحز وريدا ظاميا دون ورده
فحزت فروع للعلي واصول


وحل عري الاسلام وانهدم الهدي
وطرف المعالي والفخار کليل


وناحت له الاملاک والجن والملا
وکادت له السبع الشداد تميل


وزلزلت الارض البسيط لفقده
ومالت جبال فوقها وسهول


ومزقت الدنيا جلابيب عزها
عليه وقلب الکائنات ملول


فلهفي له بالطف ملقي ورأسه
سنان به فوق السنان يجول

[صفحه 208]

فلله امر فادح شمل الوري
ورزؤ علي الاسلام منه خمول


وخطب جليل جل في الارض وقعه
عظيم علي أهل السمآء ثقيل


بنو الوحي في أرض الطفوف حواسر
وأبناء حرب في القصور نزول


ويصبح في تخت الخلافة جالسا
يزيد وفي الطف الحسين قتيل


ويقتل ظلما ظاميا سبط أحمد
إمام لخير الانبياء سليل


حبيب النبي المصطفي وابن فاطم
وأين لذين الوالدين مثيل؟


لقد صدق الشيخ السعيد أخو العلي
علي وحاز الفضل حيث يقول:


(فما کل جد في الرجال محمد
ولا کل ام في النساء بتول)[6] .


کفي السبط فخرا والداه وجده
وهم لمعالي والفخار اصول


أمولاي! دمعي لا يجف مسيله
وحزني مقيم لا يخف ثقيل


فلا مدمعي يابن الوصي مبرد
عليلا ولا حزني المقيم


يزول جميل بنا الصبر الجميل وإنما
عليک جميل الصبر ليس جميل


أعزي بک الاسلام والمجد والعلي
وحزنهم باق عليک طويل


قفوا يا حداة العيس بالطف في حمي
الحسين وطوفوا بالطفوف وقولوا


أريحانة الهادي النبي محمد
ومن لعلي والبتول سليل!


عليک سلام الله يا سيد الوري!
ويا خير من سارت إليه قفول!


لئن جهلت يوما عليک امية
فقدر کم عند الاله جليل


وإن حال منک الحال في دار غربة
فإنک في دار الفخارأهيل


وإن بت مسلوب الرداء ففي غد
من السندس العالي رداک جميل


وإن مسکم حرالهجير فإنما
لکم في جنان العاليات مقيل


وإن منعت ماء الفرات نفوسکم
لها من رحيق السلسبيل نهول


أمولاي! آمالي تؤمل نصرکم
وقلبي اليکم بالولاء يميل


وقد طال دور الصبر في أخذ ثارکم
أما آن للظلم المقيم رحيل؟

[صفحه 209]

متي ينطفي حر الغليل ويسشتفي
فؤاد بآلام المصاب عليل؟


ويجبر هذا الکسر في ظل دولة
لها النصر جند والامان دليل؟


وينشر للمهدي عدل وينطوي
به الظلم حتما والعناد يزول؟


هنالک يضحي دين آل محمد
عزيزا ويمسي الکفر وهو ذليل


ويطوي بساط الحزن بعد کآبة
وينشر نشر للهنا وذيول


فيا آل طه الطاهرين رجوتکم
ليوم به فصل الخطاب طويل


أقيلوا عثاري يوم فقري وفاقتي
فظهري بأعباء الذنوب ثقيل


مدحتکم أرجو النجاة بمدحکم
لعلمي بکم أن الجزاء جزيل


وقد قيل في المعروف: أما مذاقه
فحلو وأما وجهه فجميل


فدونکم من عبدکم ووليکم
عروسا ولکن في الزفاف ثکول


أتت فوق أعواد المنابر باديا
لها أنة محزونة وعويل


لسبع سنين بعد سبعين قد خلت
وعامين ايضاح لها ودليل


لها حسن المخزوم عبدکم أب
لآل أبي عبدالکريم سليل


بها منکم نال القبول ولم يقل
(عسي موعد إن صح منک قبول)[7] .


عليکم سلام الله ما ذکر اسمکم
وذاک مدي الايام ليس يزول


صفحه 203، 204، 205، 206، 207، 208، 209.








  1. بيان للخلق طرا، فهم بين ما جد ورذيل.
  2. تقدم ذکر هذه المآثرة في الجزء السادس صفحة 61 تا 81 ط 2.
  3. مرحديث هذه الفضيلة في الجزء السابع ص 9 تا 13 ط 1.
  4. مر حديثه في الجزء الثالث صفحة 106 -111 ط 2.
  5. اسلفنا حديث رد الشمس عليه صلوات الله عليه في الجزء الثالث صفحة 126 تا 144 ط2.
  6. هذا البيت من لامية الشيخ علاء الدين علي الحلي المترجم له في الجزء السادس وقد اسلفنا القصيدة هنالک برمتها ص 395 تا 401 ط 2.
  7. هذا الشطر من مطلع قصيدة الشيخ علاءالدين الحلي راجع الجزء السادس ص 395 ط 2.