و من ذلک ما جاء في فضله
فضَحِکتْ فاطمة عليها السلام واستبشرتْ، فقال لها رسولُ الله صلّي [صفحه 37] اللّه عليه واله: «يافاطمة، إنّ لعليٍّ ثمانيةَ أضراس قواطِعَ لم تجعل لأحدٍ من الأوّلين والآخرين: هو أخي في الدنيا والآخرة ليس ذلک لغيره من الناس، وأنت - يا فاطمة - سيّدةُ نساء أهل الجنة زوجتُه، وسِبْطا الرحمة سبطاي ولده[4] ، وأخوُه المُزَيّن بالجَناحين فِي الجنّة يَطير مع الملائکة حيث يشاء، وعنده علمُ الأوّلين والاخرين، وهو أوّلُ من آمن بي واخِرُ الناس عهداً بي، وهو وصيّي ووارثُ الأوصياء[5] »[6] . قال الشيخ المفيد: وجدتُ في کتاب أبي جعفر محمّد بن العبّاس الرازي: حدَّثنا محمّد بن خالد قال: حدَّثنا إبرهيم بن عبداللّه قال: حدَّثنا محمّد ابن سليمان الديلمي، عن جابر بن يزيد الجُعفيِ، عن عَدِيّ بن حَکِيم عن عبدالله بن العبّاس قال: قال: لنا أهل البيت سبعُ خِصالٍ، ما منهنّ خصْلةٌ في الناس: منّا النبي صلّي الله عليه وآله، ومنّا الوصيّ خيرُ الأمّة بعده عليّ بن أبي طالب، ومنّا حمزةُ أسد اللّه وأسدُ رسوله وسيّد الشهداء، ومنّا جعفرُ بن أبي طالب المُزَيّن بالجَناحين يَطير بهما في الجنّة حيث يشاء، ومنّا سِبْطا هذه الأمّة وسَيّدا شَباب أهل الجنة الحسن والحسين، ومنّا قائمُ آل محمّد الذي أکرم اللّه به نبيّه، ومنّا المنصور[7] . [صفحه 38] وروي محمّد بن أَيْمَن[8] ، عن أبي حازِم - مولي ابنِ عبّاس - عن ابن عباس قال: قال رسولُ اللّه صلّي اللّه عليه وآله لعليّ بن أبي طالب عليه السلام: «يا عليّ، إنّک تُخاصَم فتَخْصِمُ بسبع خصالٍ ليس لأحد مثلهن: انت أوّلُ المؤمنين معي إيماناً، وأعظمهُم جهاداً، وأعلمُهم بآيات[9] اللّه، وأوفاهم بعهدِ الله، وأرأفهُم بالرعية، وأقسمُهم بالسويّة، وأعظمهُم عند اللّه مزية»[10] . في أمثال هذه الأخبار ومعانيها، ممّا هي أشهر عند الخاصّة والعامّة من أن يحتاجَ فيها إلي إطالة خُطَب[11] . ولو لم يکن منها إلاّ ما انتَشَر ذکرُه، واشتهرت الرواية به من حديث الطائر، وقول النبي صلّي اللّه عليه واله: «اللهَم ائتني بأحبّ خلقک إليک، يأکُل معي من هذا الطائر»[12] فجاء أميرُ المؤمنين عليه السلام لکفي، إذ کان أحب الخلق إلي اللّه تعالي، وأعظمَهم ثواباً عنده، وأکثرَهم قُرباً إليه، وأفضلهم عملاً له. وفي قول جابر بن عبداللّه الأنصاري، وقد سُئل عن أميرالمؤمنين [صفحه 39] عليه السلام فقال: «ذاک خيرُ البَشرَ، لا يَشُعکّ فيه إلاّ کافر»[13] حجةٌ واضحة فيما قدّمناه،وقد أسْنَد ذلک جابرٌ في رواية جاءت بأسانيد متّصلة معروفة عند أهل النقل[14] . والأدلّةُ علي أنّ أميرَ المؤمنين عليه السلام أفضلُ الناس بعد رسول اللّه صلّي الله عليه وآله متناصرةٌ، لو قَصَدنا إلي إثباتها[15] لأفردنا لها کتاباً، وفيما رَسَمناه من الخبر بذلک مُقنع فيما قصدناه من الاختصار، ووضعِه فِي مکانه من هذا الکتاب.
أخبرني أبو الحسين محمّد بن المُظَفّر البَزّاز قال: حدَّثنا عُمَر بن عبداللّه ابن عِمْران قال: حدَّثنا أحمد بن بَشير قال: حدَّثنا عبيدالله بن موسي، (عن قَيْس، عن أبي هارون)[1] قال: أتيت أبا سعيد الخدْري رحمه اللّه فقلت: هل شَهِدْتَ بَدْراً؟ فقال: نعم. قال: سَمِعتُ رسولَ اللّه صلّي اللّه عليه وآله يقول لفاطمةَ وقد جاءَتْه ذاتَ يوم تبکي وتقول: «يا رسولَ الله عَيّرتْني نساءُ قُريش بفقر عليّ. فقال لها النبي صلّي اللّه عليه وآله: أما ترضَيْن يافاطمة - أني زوّجتُک أقدمَهم سِلْماً، وأکثرَهم علماً، إنّ اللّه اطَّلع إلي اهل الأرض اطلاعةً فاختارمنهم أباک فجعله نبيّاً، واطّلع إليهم ثانيةً فاختارمنهم بَعْلَک فجعله وصيّاً، وأوحي إليَّ أن (أًنکحَکِ إيّاه)[2] أما عَلِمْتِ يا فاطمة أنّک بکرامة اللّه إياک زوّجْتُکِ[3] أعظمَهم حلماً، وأکثرهَم علماً، وأقدمَهم سِلماً».
صفحه 37، 38، 39.