في أنّه أقضي الصحابة











في أنّه أقضي الصحابة



88. ابن مردويه، أنبأنا عبداللَّه بن جعفر، حدّثنا يونس بن حبيب، حدّثنا أبوداوود، حدّثنا شعبة، عن عمرو بن مرة سمع أباالبختري يقول: حدّثني من سمع عليّاًرضي الله عنه يقول:

[صفحه 91]

لمّا بعثني رسول اللَّه صلي الله عليه وسلم إلي اليمن، فقلت: يا رسول اللَّه، تبعثني وأنا رجل حديث السن، لاعلم لي بکثير من القضاء!

قال: فضرب يده في صدره وقال: «إنّ اللَّه سيثبت لسانک، ويهدي قلبک»، فما أعياني قضاء بين اثنين.[1] .

89. ابن مردويه، أنبأنا عبداللَّه بن جعفر، حدّثنا يونس بن حبيب، حدّثنا أبوداوود، حدّثنا شريک وزائدة وسليمان بن معاذ، قالوا: حدّثنا سماک بن حرب، عن حنش بن المعتمر، عن عليّ، قال:

لمّا بعثني رسول اللَّه صلي الله عليه وسلم إلي اليمن، قلت: تبعثني وأنا حديث السن! لاعلم لي بکثير من القضاء! فقال لي: «إذا أتاک الخصمان فلا تقض للأول حتّي تسمع ما يقول الآخر، فانّک إذا سمعت ما يقول الآخر عرفت کيف تقضي، إنّ اللَّه عزوجل سيثبت لسانک، ويهدي قلبک»، قال عليّ: فما زلت قاضيّاً بعد.[2] .

90. ابن مردويه، بطرق کثيرة، عن زيد بن أرقم، أنّه قيل للنبي صلي الله عليه و آله: أتي إلي عليّ

[صفحه 92]

باليمن ثلاثة نفر يختصمون في ولدهم، کلّهم يزعم أنّه وقع علي اُمّه في طهرٍ واحد، وذلک في الجاهليّة، فقال عليّ عليه السلام:

«إنّهم شرکاء متشاکسون»، فقرع علي الغلام باسمهم فخرجت لأحدهم، فألحق الغلام به، وألزمه ثلثي الدية لصاحبيه، وزجرهما عن مثل ذلک.

فقال النبيّ صلي الله عليه و آله: الحمد للَّه الّذي جعل فينا أهل البيت من يقضي علي سنن داوود عليه السلام.[3] .

91. ابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنه، أنّ الشرّاب کانوا يُضربون في عهد النبيّ صلي الله عليه وسلم بالأيدي والنّعال والعِصي حتّي توفّي رسول اللَّه صلي الله عليه وسلم، فکانوا في خلافةِ أبي بکررضي الله عنه أکثر منهم في عهد رسول اللَّه صلي الله عليه وسلم، فقال أبوبکر: لو فرضنا لهم حدّاً، فتوفي نحواً مما کانوا يُضربون في عهد رسول اللَّه صلي الله عليه وسلم، فکان أبوبکر يجلدهم أربعين حتّي توفّي.

ثمّ کان عمررضي الله عنه من بعده، فجلدهم کذلک أربعين، حتّي اُتي برجلٍ من المهاجرين الأوّلين، فشرب، فأمر به أن يُجلد.

فقال: لِمَ تجلدني؟ بيني وبينک کتاب اللَّه.

فقال عمر: وفي أيِّ کتاب تجد أن لا أجلدک؟

فقال: إنّ اللَّه تعالي يقول في کتابه: «لَيْسَ عَلَي الَّذِينَء َامَنُواْ وَعَمِلُواْ

[صفحه 93]

الصَّلِحَتِ جُنَاحٌ»[4] الآية، فأنا من الّذين آمنوا وعملوا الصالحات، ثمّ اتقوا وآمنوا، ثمّ اتقوا وأحسنوا. شهدت مع رسول اللَّه صلي الله عليه وسلم بدراً وأحداً والخندق والمشاهد.

فقال عمر: ألا تردّون عليه ما يقول؟

فقال ابن عباس: إنّ هذه الآية أنزلت عذراً للماضين وحجةً علي الباقين، فعذر الماضين أنّهم لقوا اللَّه قبل أن تُحرّم عليهم الخمر، وحجّة علي الباقين؛ لأن اللَّه تعالي قال: «يَأَيُّهَا الَّذِينَء َامَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَنِ فَاجْتَنِبُوهُ»[5] الآية- ثمّ قرأ حتّي أنفد الآية- فإن کان من الّذين «ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّلِحَتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّء َامَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّ أَحْسَنُواْ»[6] فان اللَّه قد نهي أن تُشرب الخمر.

فقال: صدقت فماذا ترون؟

قال عليّ رضي الله عنه: نري أنَّه إذا شرب سکر، وإذا سکر هذي، وإذا هذي افتري، وعلي المفتري ثمانون جلدة. فأمر عمر فجلد ثمانين.[7] .

[صفحه 95]


صفحه 91، 92، 93، 95.








  1. السنن الکبري، ج 10، ص 86.

    ورواه النسائي في خصائص الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام (ص 93، ح 34). قال: أخبرنا محمّد بن المثني قال: حدّثنا أبومعاوية قال: حدّثنا الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن عليّ رضي الله عنه، قال: بعثني رسول اللَّه صلي الله عليه وسلم إلي أهل اليمن لأقضي بينهم فقلت: يا رسول اللَّه، لاعلم لي بالقضاء!

    فضرب بيده علي صدري وقال: «اللهمّ اهدِ قلبه وسدّد لسانه»، فما شککت في قضاء بين اثنين حتّي جلست مجلسي هذا.

    ورواه النسائي بلفظ قريب منه في الحديثين 33 32.

  2. السنن الکبري، ج 10، ص 141.

    ورواه أحمد بن حنبل في المسند (ج 1، ص 149): عبد اللَّه، حدّثني أبوالربيع الزهراني، وحدّثنا عليّ بن حکيم الأودي، وحدّثنا محمّد بن جعفر الورکاني، وحدّثنا زکريا بن يحيي زحمويه، وحدّثنا عبد اللَّه بن عامر ابن زرارة الحضرمي، وحدّثنا داوود بن عمرو الضبي، قالوا: حدّثنا شريک، عن سماک، عن حنش، عن علي رضي الله عنه، قال: بعثني النبيّ صلي الله عليه وسلم إلي اليمن قاضيّاً، فقلت: تبعثني إلي قوم وأنا حدّث السن! ولاعلم لي بالقضاء! فوضع يده علي صدري، فقال: «ثبّتک اللَّه وسدّدک. إذا جاءک الخصمان فلا تقضِ للأوّل حتّي تسمع من الآخر؛ فانّه أجدر أن يبين لک القضاء»، فما زلت قاضياً.

    ورواه ابن عساکر في ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام من تاريخ دمشق (ج 2، ص 494، ح 1026).

  3. مناقب آل أبي طالب، ج 2، ص 176.

    ورواه الحميدي في المسند (ج 2، ص 345، ح 785). قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا الأجلح بن عبد اللَّه بن حجية الکندي، عن الشعبي، عن عبد اللَّه بن أبي الخليل، عن زيد بن أرقم، قال: أتي عليّ بن أبي طالب باليمن في ثلاثة نفر وقعوا علي جاريّة لهم في طهر واحد فجاءت بولد، فقال عليّ لاثنين منهم:

    «أتطيبان به نفساً لصاحبکما؟» قالا: لا.

    ثمّ قال للآخرين: «أتطيبان به نفساً لصاحبکما؟» قالا: لا.

    فقال عليّ: «أنتم شرکاء متشاکسون، إنّني مقرع بينکم فأيّکم أصابته القرعة ألزمته الولد، وأغرمته ثلثي قيمة الجاريّة لصاحبيه». فلمّا قدمنا علي رسول اللَّه صلي الله عليه وسلم ذکرنا ذلک له، فقال:

    «ما أعلم فيها إلّا ما قال عليّ».

  4. سورة المائدة، الآية 93.
  5. سورة المائدة، الآية 90.
  6. سورة المائدة، الآية 93.
  7. الجامع الکبير، ج 15، ص 6360، ح 406.