المؤامرة
ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص ، ثم توجه کل رجل منهم إلي البلد الذي فيه صاحبه... وجعلوا ميعادهم ليلة واحدة... وأما ابن ملجم ـ قاتل علي ـ فإنه أتي الکوفة ، فکان يکتم أمره ولا يظهر الذي قصد له ، وهو في ذلک يزور أصحابه من الخوارج فلا يطلعهم علي إرادته ، ثم أتي يوما قوما من تيم الرباب ، فرأي امرأة منهم جميلة يقال لها: قطام بنت شجنة ـ وکان علي قتل أباها شجنة بن عدي ، وأخاها الاخضر بن شجنة يوم النهروان ـ فهواها حتي أذهلته عن أمره فخطبها ، فقالت: لا أتزوجک إلا علي عبد وثلاثة ألاف درهم وقينة وقتل علي ابن أبي طالب! ! . فقال: أما الثلاثة الاف والعبد والقينة فمهر ، وأما قتل علي بن أبي طالب فما ذکرته لي وأنت تريديني ، فقالت: بلي ، تلتمس غرته ، فإن أصبته وسلمت شفيت نفسي ونفعک العيش معي ، فقال: والله ماجاء بي إلا قتل علي[1] . 2 ـ فقدم ابن ملجم ، وجعل يکتم أمره ، فتزوج قطام بنت علقمة ، من تيم الرباب ـ وکان عليا قتل أخاها ـ فأخبرها بأمره ، وکان أقام عندها ثلاث ليال ، فقالت له في الليلة الثالثة: لشد ما أحببت لزوم أهلک وبيتک وأضربت عن الامر الذي قدمت له! فقال: إن لي وقتا واعدت عليه أصحابي ولن أجاوزه[2] . 3 ـ قالوا: لم يزل ابن ملجم تلک الليلة عن الاشعث بن قيس يناجيه حتي قال له الاشعث: قم فضحک الصبح. وسمع ذلک من قوله حجر بن عدي الکندي فلما قتل علي قال له حجر: يا أعور ، أنت قتلته! وقال المدائني: قال مسلمة بن المحارب: سمع الکلام عفيف عم الاشعث ، فلما قتل علي قال عفيف: هذا من عملک وکيدک يا أعور[3] . 4 ـ فبعثت [ أي قطام ] إلي رجل من تيم الرباب يقال له: وردان ، فکلمته في ذلک فأجابها ، وجاء ابن ملجم برجل من أشجع يقال له: شبيب بن بحرة ، فقال له: هل لک في شرف الدنيا والاخرة! ! قال: وما ذاک ؟ قال: قتل علي بن أبي طالب! قال: ثکلتک أمک ، لقد جئت شيئا إدا ، کيف تقدر علي ذلک ؟! قال: اکمن له في المسجد ، فإذا خرج لصلاة الغداة شددنا عليه فقتلناه فإن نجونا شفينا أنفسنا وأدرکنا ثارنا ، وإن قتلنا فما عند الله خير من الدنيا! ![4] .
1 ـ حدثني عباس بن هشام الکلبي ، عن أبيه ، عن لوط ، أن يحيي وعوانة ـ ابنا الحکم ـ وغيرهما قالوا: اجتمع ثلاثة نفر من الخوارج بمکة ، وهم عبد الرحمن ابن ملجم الحميري... والبرک بن عبد الله التميمي ، وعمرو بن بکير ، وتذاکروا أمر إخوانهم الذين قتلوا بالنهروان... فتعاهدوا وتعاقدوا ليقتلن علي بن أبي طالب