جنايات معاوية في صفحات تاريخه السوداء











جنايات معاوية في صفحات تاريخه السوداء



إنما نجتزئ منها علي شيئ يسير يکون کانموذج مما له من السيئات التي ينبو عنها العدد ويتقاعس عنها الحساب، ويستدعي التبسط فيها مجلدات ضخمة فمنها: دؤبه علي لعن مولانا علي أميرالمؤمنين صلوات الله عليه، وکان يقنت به صلواته کما مر حديثه في الجزء الثاني ص 132 ط 2 واتخذه سنة جارية في خطب الجمعة والاعياد، وبدل سنة محمد صلي الله عليه وآله في خطبة العيدين المتأخرة عن صلاتهما وقدمها عليها لاسماع الناس لعن الامام الطاهر کما مر تفصيله في الجزء الثامن ص 164 تا 171 وأوعزنا إليه في هذا الجزء ص 212 وکان يأمر عماله بتلک الاحدوثة الموبقة، ويحث الناس عليها، ويوبخ المتوقفين عنها، ولا يصيخ إلي قول أي ناصح وازع.

1- أخرج مسلم والترمذي عن طريق عامر بن سعد بن أبي وقاص قال: أمر معاوية سعدا فقال: ما منعک أن تسب أبا تراب؟ فقال: أما ما ذکرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلي الله عليه وسلم فلن أسبه، لان تکون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم (فذکر حديث المنزلة: والراية. والمباهلة) وأخرجه الحاکم وزاد: فلا والله ما ذکره معاوية بحرف حتي خرج من المدينة.[1] .

وفي لفظ الطبري من طريق ابن أبي نجيح قال: لما حج معاوية طاف بالبيت ومعه سعد فلما فرغ إنصرف معاوية إلي دارالندوة فأجلسه معه علي سريره ووقع معاوية في علي وشرع في سبه فرحف سعد ثم قال: أجلستني معک علي سريرک ثم شرعت في سب علي والله لان يکون لي خصلة واحدة من خصال کانت لعلي أحب إلي من أن يکون لي ما طلعت عليه الشمس- إلي آخر الحديث وفيه من قول سعد: وأيم الله لا دخلت لک دارا ما بقيت. ونهض.

قال المسعودي بعد رواية حديث الطبري: ووجدت في وجه آخر من الروايات و ذلک في کتاب علي بن محمد بن سليمان النوفلي في الاخبار عن ابن عائشة وغيره: ان سعدا

[صفحه 258]

لما قال هذه المقالة لمعاوية ونهض ليقوم ضرط له معاوية وقال له: اقعد حتي تسمع جواب ما قلت، ما کنت عندي قط ألام منک الآن، فهلا نصرته؟ ولم قعدت عن بيعته؟ فاني لو سمعت من النبي صلي الله عليه وسلم مثل الذي سمعت فيه لکنت خادما لعلي ما عشت، فقال سعد: والله اني لاحق بموضعک منک. فقال معاوية: يأبي عليک بنو عذرة. وکان سعد فيما يقال لرجل من بني عذرة.[2] .

وفي رواية ذکرها ابن کثير في تاريخه 77:8: دخل سعد بن أبي وقاص علي معاوية فقال له: مالک لم تقاتل عليا؟ فقال: إني مرت بي ريح مظلمة فقلت: اخ اخ، فأنخت راحلتي حتي انجلت عني، ثم عرفت الطريق فسرت. فقال معاوية: ليس في کتاب الله اخ اخ، ولکن قال الله تعالي: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما علي الاخري فقاتلوا التي تبغي حتي تفئ إلي أمر الله. فوالله ما کنت مع الباغية علي العادلة، ولا مع العادلة علي الباغية، فقال سعد: ما کنت لاقاتل رجلا قال له رسول الله صلي الله عليه وسلم: أنت مني بمنزلة هارون من موسي غير أنه لا نبي بعدي. فقال معاوية: من سمع هذا معک؟ فقال: فلان وفلان وام سلمة. فقال معاوية: أما اني لو سمعته منه صلي الله ليه وسلم لما قاتلت عليا.

قال: وفي رواية من وجه آخر: ان هذا الکلام کان بينهما وهما بالمدينة في حجة حجها معاوية وانهما قاما إلي ام سلمة فسألاه فحدثتهما بما حدث به سعد فقال معاوية: لو سمعت هذا قبل هذا اليوم لکنت خادما لعلي حتي يموت أو أموت.

قال الاميني: لقد أفک معاوية في ادعائه عدم إحاطة علمه بتلکم الاحاديث المطردة الشايعة فانها لم تکن من الاسرار التي لا يطلع عليها إلا البطانة والخاصة، وإنما هتف بهن صلي الله عليه وآله علي رؤس الاشهاد، أما حديث الراية فکان في واقعة خيبر وله موقعيته الکبري لقوله صلي الله عليه وآله وسلم: لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله. الحديث.

فاستطالت أعناق کل فريق
ليروا أي ماجد يعطاها؟


فلم تزل النفوس مشرئبة متتلعة إلي من عناه صلي الله عليه وآله حتي جيئ بأمير المؤمنين عليه السلام ومنح الفتح من ساحة النبوة العظمي، فانطبق القول، وصدقت الاکرومة، وعلم الغزاة

[صفحه 259]

کلهم انه صلي الله عليه وآله وسلم ما کان يريد غيره.

هب أن معاوية يوم واقعة خيبر کان عداده في المشرکين، وموقفه مع من يحاد الله ورسوله، لکن هلا بلغه ذلک بعد ما حداه الفرق إلي الاستسلام؟ والحديث مطرد بين الغزاة وسائر المسلمين، وهم بين مشاهد له وعالم به.

وأما حديث المنزلة فقد نطق به رسول الله صلي الله عليه وآله في موارد عديدة منها غزأة تبوک علي ما مر تفصيله في الجزء الثالث ص 198 ط 2 وقد حضرها وجوه الصحابة وأعيانهم. وکلهم علموا بهاتيک الفضيلة الرابية، فالاعتذار عن معاوية بأنه لم يحضرها لاشراکه يومئذ مدفوع بما قلناه في واقعة خيبر.

ومن جملة موارده يوم غدير خم الذي حضره معاوية وسمعه هو ومائة ألف أو يزيدون، لکنه لم يعه بدليل أنه ما آمن به فحارب عليا عليه السلام بعده وعاداه وأمر بلعنه محادة منه لله ولرسوله، وعقيرة رسول الله المرفوعة بقوله صلي الله عليه وآله وسلم في علي: أللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله. بعد ترن في اذن الدنيا.

ومن موارده يوم المؤاخاة کما أخرجه أحمد باسناده عن محدوج بن زيد الباهلي قال: آخي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بين المهاجرين والانصار فبکي علي عليه السلام فقال رسول الله: ما يبکيک فقال: لم تواخ بيني وبين أحد. فقال: إنما ادخرتک لنفسي ثم قال: أنت مني بمنزلة هارون من موسي.[3] .

ومنها يوم کان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في دار ام سلمة إذ أقبل علي عليه السلام يريد الدخول علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم فقال: يا ام سلمة هل تعرفين هذا؟ قالت: نعم هذا علي سيط لحمه بلحمي ودمه بدمي، وهو مني بمنزلة هارون من موسي إلا انه لا نبي بعدي- راجع الجزء- الثالث ص 116. علي أن حديث المنزلة قد جاء من طريق معاوية نفسه رواه في حياة علي عليه السلام فيما أخرجه أحمد في مناقبه من طريق أبي حازم کما في الرياض النضرة 195:2.

وأما نبأ المباهلة فصحيح أن معاوية لم يدرکه لان الکفر کان يمنعه عند ذلک عن سماعه، غير أن القرآن الکريم قد أعرب عن ذلک النبأ العظيم إن لم يکن إبن حرب في

[صفحه 260]

معزل عن الکتاب والسنة، علي أن قصتها من القضايا العالمية وليس من المستطاع لاي أحد أن يدعي الجهل بها.

وهنا نماشي ابن صخر علي عدم اطلاعه علي تلکم الفضائل إلي حد إخبار سعد إياه، لکنه بماذا يعتذر وهو يقرأ قوله تعالي: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما؟ الآية؟. وبماذا يعتذر بعد ما رواه قبل يوم صفين من قوله صلي الله عليه وآله وسلم لعمار: تقتلک الفئة الباغية؟ وبماذا يعتذر بعد علمه بتلکم الاحاديث بأخبار صحابي معدود عند القوم في العشرة المبشرة وبعد إقامة الشهود عليه؟ ومن هنا تعلم أنه أفک مرة اخري بقوله أما اني لو سمعت من رسول الله ما سمعت في علي لکنت له خادما ما عشت. لانه عاش ولم يرتدع عن غيه وحارب أميرالمؤمنين عليه السلام حيا وميتا، ودؤب علي لعنه والامر به حتي أجهز عليه عمله وکبت وبه بطنته.

نعم: انه استمر علي بغيه وقابل سعدا في حديثه بالضرطة، وهل هي هزؤ منه بمصدر تلکم الابناء القدسية؟ أو بخضوع سعد لها؟ أو لمحض أن سعدا لم يوافقه علي ظلمه؟ أنا لا أدري غير أن کفر معاوية الدفين لا يأبي شيئا من ذلک، وهلا منعه الخجل عن مثل هذا المجون وهو ملک؟ وبطبع الحال ان مجلسه يحوي الاعاظم والاعيان.


من أين تخجل أوجه أموية
سکبت بلذات الفجور حيائها؟


2- لما مات الحسن بن علي «عليهماالسلام» حج معاوية فدخل المدينة و أراد أن يلعن عليا علي منبر رسول الله صلي الله عليه وسلم فقيل له: إن هيهنا سعد بن أبي وقاص ولا نراه يرضي بهذا فابعث إليه وخذ رأيه، فأرسل إليه وذکر له ذلک فقال: إن فعلت لاخرجن من المسجد ثم لا أعود إليه، فأمسک معاوية عن لعنه حتي مات سعد، فلما مات لعنه علي المنبر وکتب إلي عماله أن يلعنوه علي المنابر، ففعلوا فکتبت ام سملة زوج النبي صلي الله عليه وسلم إلي معاوية: انکم تلعنون الله ورسوله علي منابرکم، وذلک أنکم تلعنون علي بن أبي طالب ومن أحبه، وأنا أشهد أن الله أحبه ورسوله. فلم يلتفت إلي کلامها.

العقد الفريد 301:2.

3- قال معاوية لعقيل بن أبي طالب: إن عليا قد قطعک وأنا وصلتک ولا يرضيني منک إلا أن تعلنه علي المنبر قال: أفعل. فصعد المنبر ثم قال بعد أن حمد الله وأثني عليه

[صفحه 261]

وصلي علي نبيه صلي الله عليه وسلم: أيها الناس إن معاوية بن أبي سفيان قد أمرني أن ألعن علي بن أبي طالب فالعنوه، فعليه لعنة الله والملائکة والناس أجمعين. ثم نزل فقال له معاوية: إنک لم تبين من لعنت منهما بينه. فقال: والله لا زدت حرفا ولا نقصت حرفا، والکلام إلي نية المتکلم. العقد الفريد 144:2. المستطرف 54:1.

4- بعث معاوية إلي عبيدالله بن عمر لما قدم عليه بالشام فأتي فقال له معاوية: يا بن أخي إن لک إسم أبيک، فانظر بمل ء عينيک، وتکلم بکل فيک، فأنت المأمون المصدق، فاصعد المنبر واشتم عليا، واشهد عليه انه قتل عثمان. فقال: يا أميرالمؤمنين أما شتمه فإنه علي بن أبي طالب، وامه فاطمة بنت أسد بن هاشم، فما عسي أن أقول في حسبه، وأما بأسه فهو الشجاع المطرق. وأما أيامه فما قد عرفت، ولکني ملزمه دم عثمان. فقال عمرو بن العاص: إذا والله قد نکأت القرحة[4] .256:1- روي ابن الاثير في اسد الغابة 134:1 عن شهر بن حوشب انه قال: أقام فلان[5] خطباء يشتمون عليا رضي الله عنه وأرضاه ويقعون فيه حتي کان آخرهم رجل من الانصار أو غيرهم يقال له: أنيس. فحمد الله وأثني عليه ثم قال: إنکم قد أکثرتم اليوم في سب هذا الرجل وشتمه وإني اقسم بالله اني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: إني لا شفع يوم القيامة لاکثر مما علي الارض من مدر وشجر. واقسم بالله ما أحد أوصل لرحمه منه، أفترون شفاعته تصل إليکم وتعجز عن أهل بيته؟ وذکره ابن حجر في الاصابة 77:1.

6- بينما معاوية جالس في بعص مجالسه وعنده وجوه الناس فيهم: الاحنف بن قيس إذ دخل رجل من أهل الشام فقام خطيبا وکان آخر کلامه أن لعن عليا، فقال الاحنف يا أميرالمؤمنين إن هذا القائل لو يعلم أن رضاک في لعن المرسلين للعنهم فاتق الله يا أميرالمؤمنين ودع عنک عليا فلقد لقي ربه، وأفرد في قبره، وخلا بعمله، وکان والله المبرور سيفه، الطاهر ثوبه، ألعظيمة مصيبته. فقال له معاوية: يا أحنف لقد أغضيت العين علي القذي، وقلت ما تري، وأيم الله لتصعدن المنبر فتلعننه طوعا أو کرها. فقال له الاحنف:

[صفحه 262]

يا أميرالمؤمنين إن تعفني فهو خير لک، وإن تجبرني علي ذلک فوالله لا يجري شفتاي به أبدا. فقال: قم فاصعد المنبر. قال الاحنف: أما والله لانصفنک في القول والفعل. قال: وما أنت قائل إن أنصفتني؟ قال: أصعد المنبر فأحمد الله وأثني عليه واصلي علي نبيه محمد صلي الله عليه وسلم ثم أقول: أيها الناس ان أميرالمؤمنين معاوية أمر أن ألعن عليا، وإن عليا ومعاوية اختلفا واقتتلا فادعي کل واحد منهما انه بغي عليه وعلي فئته، فإذا دعوت فأمنوا رحمکم الله. ثم أقول: أللهم العن أنت وملائکتک وأبنياؤک وجميع خلقک الباغي منهما علي صاحبه، والعن الفئة الباغية، أللهم العنهم لعنا کثيرا، أمنوا رحمکم الله. يا معاوية لا أزيد علي هذا ولا أنقص حرفا ولو کان فيه ذهاب روحي. فقال معاوية: إذا نعفيک يا أبا بحر. العقد الفريد 144:2، المستطرف 54:1.

7- في کتاب «المختصر في أخبار البشر» للعلامة اسماعيل بن علي بن محمود: کتب الحسن إلي معاوية واشترط عليه شروطا وقال: إن أجبت إليها فأنا سامع مطيع فأجاب معاوية إليها، وکان الذي طلبه الحسن أن يعطيه ما في بيت مال الکوفة، وخراج دار ابجرد من فارس، وأن لا يشتم عليا، فلم يجب إلي الکف عن شتم علي، فطلب الحسن أن لا يشتم علي وهو يسمع، فأجابه إلي ذلک ثم لم يف به.

راجع ايضا تاريخ الطبري 92:6، کامل إبن الاثير 175:3، تاريخ ابن کثير 14:8، تذکرة السبط ص 113، إتحاف الشبراوي ص 10.

8- جاء قيس بن عباد الشيباني إلي زياد فقال له: إن امرأ منا من بني همام يقال له: صيفي بن فسيل من رؤس أصحاب حجر، وهو أشد الناس عليک، فبعث إليه زياد فاتي فقال له زياد: يا عدو الله ما تقول في أبي تراب؟ قال: ما أعرف أبا تراب. قال، ما أعرفک به؟ قال: ما أعرفه. قال: أما تعرف علي بن ابي طالب؟ قال: بلي. قال: فذاک أبوتراب. قال: کلا ذاک أبوالحسن والحسين عليه السلام. وفيه: قال زياد: لتلعننه او لاضربن عنقک. قال: إذا تضربها والله قبل ذلک، فإن أبيت إلا أن تضربها رضيت بالله وشقيت أنت. قال: ادفعوا في رقبته. ثم قال: أوقروه حديدا وألقوه في السجن. ثم قتل[6] مع حجر وأصحابه سنة 51. وسيوافيک الحديث بتمامه

[صفحه 263]

انشاء الله تعالي.

9- خطب بسر بن أرطاة علي منبر البصرة فشتم عليا عليه السلام ثم قال: نشدت الله رجلا علم أني صادق إلا صدقني أو کاذب إلا کذبني. فقال أبوبکرة: أللهم إنا لا نعلمک إلا کاذبا. قال: فأمر به فخنق. تاريخ الطبري 96:6.

10- استعمل معاوية کثير بن شهاب علي الري وکان يکثر سب علي علي منبر الري وبقي عليها إلي أن ولي زياد الکوفة فأقر عليها. کامل ابن الاثير 179:3.

11- کان المغيرة بن شعبة لما ولي الکوفة کان يقوم علي المنبر ويخطب وينال من علي عليه السلام ويلعنه ويلعن شيعته، وقد صح ان المغيرة لعنه علي منبر الکوفة مرات لا تحصي، وکان يقول: ان عليا لم ينکحه رسول الله صلي الله عليه وآله ابنته حبا ولکنه أراد أن يکافئ بذلک إحسان أبي طالب إليه. وصح عند الحاکم والذهبي ان المغيرة سب عليا فقام إليه زيد بن أرقم فقال: يا مغيرة ألم تعلم أن رسول الله صلي الله عليه وآله نهي عن سب الاموات؟ فلم تسب عليا وقد مات؟[7] .

راجع مسند أحمد 188:1، الاغاني 16:2، المستدرک 385:1، شرح ابن ابي الحديد 360:1.

قدمت الخطباء إلي المغيرة بن شعبة بالکوفة فقام صعصعة بن صوحان فتکلم فقال المغيرة: أخرجوه فاقيموه علي المصطبة فليلعن عليا. فقال: لعن الله من لعن الله ولعن علي بن أبي طالب. فاخبروه بذلک فقال: اقسم بالله لتقيدنه. فخرج فقال: إن هذا يأبي إلا علي بن ابي طالب فالعنوه لعنه الله. فقال المغيرة: أخرجوه أخرج الله نفسه. ألاذکياء لابن الجوزي ص 98.

12- أخرج ابن سعد عن عمير بن اسحاق قال: کان مروان أميرا علينا- يعني بالمدينة- فکان يسب عليا کل جمعة علي المنبر وحسن بن علي يسمع فلا يرد شيئا ثم أرسل إليه رجلا يقول له: بعلي وبعلي وبعلي وبک وبک وبک، وما وجدت مثلک إلا مثل البغلة يقال لها: من أبوک؟ فتقول: امي الفرس. فقال له الحسن: إرجع إليه فقل له: إني والله لا أمحو عنک شيئا مما قلت بأن أسبک، ولکن موعدي وموعدک الله

[صفحه 264]

فإن کنت صادقا جزاک الله بصدقک، وإن کنت کاذبا فالله أشد نقمة. تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 127، راجع الجزء الثامن ترجمة مروان.

وکان الوزغ إبن الوزغ يقول لما قيل له: ما لکم تسبون عليا علي المنابر؟إنه لا يستقيم لنا الامر إلا بذلک. الصواعق المحرقة ص 33.

13- إستناب معاوية علي المدينة عمرو بن سعيد بن العاص بن امية الاموي المعروف بالاشدق الذي جاء فيه في مسند أحمد 522: 2 من طريق أبي هريرة مرفوعا ليرعفن علي منبري جبار من جبابرة بني امية يسيل رعافه. قال: فحدثني من رأي عمرو بن سعيد رعف علي منبر رسول الله صلي الله عليه وسلم حتي سال رعافه.[8] .

کان هذا الجبار ممن يسب عليا عليه السلام علي صهوة المنابر، قال القسطلاني في ارشاد الساري في شرح صحيح البخاري 368:4، والانصاري في تحفة الباري شرح البخاري المطبوع في ذيل إرشاد الساري في الصفحة المذکورة: سمي عمرو بالاشدق لانه صعد المنبر فبالغ في شتم علي رضي الله عنه فأصابته لقوة- أي داء في وجهه-.

وعمرو بن سعيد هو الذي کان بالمدينة يوم قتل الامام السبط عليه السلام قال عوانة بن الحکم: لما قتل الحسين بن علي دعا عبيدالله بن زياد عبدالملک بن أبي الحرث السلمي وبعثه إلي المدينة ليبشر عمرو بن سعيد فدخل السلمي علي عمرو فقال: ما وراءک؟ فقال: ما سر الامير قتل الحسين بن علي. فقال: ناد بقتله. فناديت بقتله فلم أسمع والله واعية قط مثل واعية نساء بني هاشم في دورهن علي الحسين فقال عمرو وضحک:


عجت نساء بني زياد عجة
کعجيج نسوتنا غداة الارنب[9] .


ثم قال عمرو: هذه واعية بواعية عثمان بن عفان. ثم صعد المنبر فأعلم الناس قتله[10] وفي مثالب أبي عبيدة: ثم أومأ إلي القبر الشريف وقال: يا محمد يوم بيوم بدر. فأنکر عليه قوم من الانصار.

[صفحه 265]

کان أبورافع عبدا لابي احيحة سعيد بن العاص بن امية فأعتق کل من بنيه نصيبه منه إلا خالد بن سعيد، فانه وهب نصيبه للنبي صلي الله عليه وآله فاعتقه فکان يقول: أنا مولي رسول الله صلي الله عليه وآله فلما ولي عمرو بن سعيد بن العاص المدينة ايام زمعاوية أرسل إلي البهي[11] بن أبي رافع فقال له: مولي من أنت؟ فقال: مولي رسول الله صلي الله عليه وآله، فضربه مائة سوط، ثم ترکه ثم دعاه فقال: مولي من أنت؟ فقال: مولي رسول الله صلي الله عليه وآله فضربه مائة سوط، حتي ضربه خمسمائة سوط. فلما خاف أن يموت قال له: أنا مولاکم. کامل المبرد 75:2، الاصابة 68:4.

14- أخرج الحاکم من طريق طاوس قال: کان حجر بن قيس المدري من المختصين بخدمة أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال له علي يوما يا حجر إنک تقام بعدي فتؤمر بلعني فالعني ولا تبرأ مني[12] قال طاوس: فرأيت حجر المدري وقد أقامه أحمد بن ابراهيم خليفة بني امية في الجامع ووکل به ليلعن عليا أو يقتل فقال حجر: أما ان الامير أحمد بن ابراهيم أمرني أن ألعن عليا فالعنوه لعنه الله. فقال طاوس: فلقد أعمي الله قلوبهم حتي لم يقف أحد منهم علي ما قال المستدرک 358:2.

قال الاميني: لم يزل معاوية وعماله دائبين علي ذلک حتي تمرن عليه الصغير و هرم الشيخ الکبير، ولعل في اوليات الامر کان يوجد هناک من يمتنع عن القيام بتلک السبة المخزية، وکان يسع لبعض النفوس الشريفة أن يتخلف عنها غير أن شدة معاوية الحليم في إجراءا حدوثته، وسطوة عماله الخصماء الا لداء علي أهل بيت الوحي، وتهالکهم دون تدعيم تلک الامرة الغاشمة، وتنفيذ تلک البدعة الملعونة، حکمت في البلاء حتي عمت البلوي، وخضعت إليها الرقاب، وغللتها أيدي الجور تحت نير الذل والهوان، فکانت العادة مستمرة منذ شهادة أميرالمؤمنين عليه السلام إلي نهي عمر بن عبدالعزيز طيلة أربعين سنة علي صهوات المنابر وفي الحواضر الاسلامية کلها من الشام إلي الري إلي الکوفة إلي البصرة إلي عاصمة الاسلام المدينة المشرفة إلي حرم أمن الله مکة المعظمة إلي شرق العالم

[صفحه 266]

الاسلامي وغربه، وعند مجتمعات المسلمين جمعاء، وقد مر في الجزء الثاني قول ياقوت في معجم البلدان: لعن علي بن ابي طالب رضي الله عنه علي منابر الشرق والغرب ولم يلعن علي منبر سبحستان إلا مرة، وامتنعوا علي بني امية حتي زادوا في عهدهم: وأن لا يلعن علي منبرهم أحد، وأي شرف أعظم من إمتناعهم من لعن أخي رسول الله صلي الله عليه وسلم علي منبرهم وهو يلعن علي منابر الحرمين: مکة والمدينة.اه.

وقد صارت سنة جارية ودعمت في أيام الامويين سبعون ألف منبر يلعن فيها أميرالمؤمنين عليه السلام[13] واتخذوا ذلک کعقيدة راسخة، أو فريضة ثابتة، أو سنة متبعة يرغب فيها بکل شوق وتوق حتي ان عمر بن عبدالعزيز لما منع عنها لحکمة عملية أو لسياسة وقتية حسبوه کأنه جاء بطامة کبري أو اقترف إثما عظيما.

والذي يظهر من کلام المسعودي في مروجه 167:2، واليعقوبي في تاريخه 48:3، وابن الاثير في کامله 17:7، والسيوطي في تاريخ الخلفاء ص 161 وغيرهم ان عمر بن عبد العزيز إنما نهي عن لعنه عليه السلام في الخطبة علي المنبر فحسب وکتب بذلک إلي عماله وجعل مکانه ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان. الآية. وقيل: بل جعل مکان ذلک: إن الله يأمر بالعدل والاحسان. الآية. وقيل: بل جعلهما جميعا فاستعمل الناس في الخطبة.

وأما نهيه عن مطلق الوقيعة في أميرالمؤمنين والنيل منه عليه السلام، وأخذه کل متحامل عليه بالسب والشتم، وإجراء العقوبة علي مرتکبي تلکم الجريرة فلسنا عالمين بشيئ من ذلک، غير أنا نجد في صفحات التاريخ ان عمر بن عبدالعزيز کان يجلد من سب عثمان ومعاوية کما ذکره ابن تيمية في کتابه «الصارم المسلول» ص 272 ولم نقف علي جلده أحدا لسبه أميرالمؤمنين عليه السلام.

دع عنک موقف أميرالمؤمنين عليه السلام من خلافة الله الکبري، وسوابقه في تثبيت الاسلام والذب عنه، وبثه العدل والانصاف، وتدعيمه فرايض الدين وسننه، ودعوته إلي الله وحده وإلي نبيه صلي الله عليه وآله وإلي دينه الحنيف، وتهالکه في ذلک کله حتي لقي ربه مکدودا في ذات الله.

[صفحه 267]

دع عنک فضائله وفواضله والآي النازلة فيه والنصوص النبوية المأثورة في مناقبه لکنه هل هو بدع من آحاد المسلمين الذين يحرم لعنهم وسبابهم وعليه تعاضدت الاحاديث واطردت الفتاوي.

وحسبک قول رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم سباب المسلم فسوق.

أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، وأحمد، والبيهقي، والطبري، والدارقطني، والخطيب، وغيرهم من طريق ابن مسعود، وأبي هريرة، وسعد بن أبي وقاص، وجابر، و عبدالله بن مغفل، وعمرو بن النعمان. راجع الترغيب والترهيب 194:3، وفيض القدير 506 و 505 و 84: 4.

وقوله صلي الله عليه وآله سباب المسلم کالمشرف علي الهلکة.

أخرجه البزار من طريق عبدالله بن عمرو بإسناد جيد کما قاله الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب 194:3.

وقوله صلي الله عليه وآله لا يکون المؤمن لعانا.

أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن. وسمعت نهيه صلي الله عليه وآله وسلم عن سب الاموات ص 263.

علي أن الامام أميرالمؤمنين عليه السلام مع غض الطرف عن طهارة مولده وقداسة محتده وشرف ارومته وفضائله النفسية والکسبية وملکاته الکريمة هو من العشرة الذين بشروا بالجنة)عند القوم (ولا أقل من أنه أحد الصحابة الذين يعتقد القوم فيهم العدالة جميعا[14] ويحتجون بأقوالهم وأفعالهم، ولا يستسيغون الوقيعة فيهم، ويشددون النکير علي الشيعة لحسبانهم أنهم يقعون في بعض الصحابة ورتبوا علي ذلک أحکاما، قال يحيي بن معين: کل من شتم عثمان أو طلحة أو أحدا من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله دجال لا يکتب عنه وعليه لعنة الله والملائکة والناس أجمعين[15] .

[صفحه 268]

وعن أحمد إمام الحنابلة: خير الامة بعد النبي صلي الله عليه وسلم أبوبکر، وعمر بعد أبي بکر، وعثمان بعد عمر، وعلي بعد عثمان، ووقف قوم، وهم خلفاء راشدون مهديون ثم أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم بعد هؤلاء الاربعة خير الناس، لا يجوز لاحد أن يذکر شيئا من مساويهم، ولا يطعن علي أحد منهم بعيب ولا نقص، فمن فعل ذلک فقد وجب تأديبه وعقوبته ليس له أن يعفو عنه، بل يعاقبه ويستتيبه، فإن تاب قبل منه، وإن ثبت أعاد عليه العقوبة وخلده في الحبس حتي يموت أو يراجع.

وعنه أيضا: ما لهم ولمعاوية نسأل الله العافية. وقال: إذا رأيت أحدا يذکر أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم بسوء فاتهمه علي الاسلام.

وعن عاصم الاحول قال: اتيت برجل قد سب عثمان قال: فضربته عشرة أسواط قال: ثم عاد لما قال، فضربته عشرة اخري. قال: فلم يزل يسبه حتي ضربته سبعين سوطا. وقال القاضي أبويعلي: الذي عليه الفقهاء في سب الصحابة إن کان مستحلا لذلک کفر، وإن لم يکن مستحلا فسق ولم يکفر، سواء کفرهم أو طعن في دينهم مع اسلامهم وقد قطع طائفة من الفقهاء من أهل الکوفة وغيرهم بقتل من سب الصحابة وکفر الرافضة.

وقال أبوبکر بن عبدالعزيز في المقنع: فأما الرافضي فإن کان يسب فقد کفر فلا يزوج.[16] .

وقال الشيخ علاء الدين أبوالحسن الطرابلسي الحنفي في (معين الحکام فيما يتردد بين الخصمين من الاحکام) ص 187: من شتم أحدا من أصحاب النبي عليه السلام أبا بکر أو عمر أو عثمان إو عليا أو معاوية أو عمرو بن العاص فإن قال: کانوا علي ضلال وکفر. قتل وإن شتمهم بغير هذا من مشاتمة الناس نکل نکالا شديدا.

وعد الذهبي في کتاب «الکبائر» ص 233 منها: سب أحد من الصحابة وقال في ص 235: فمن طعن فيهم أو سبهم فقد خرج من الدين، ومرق من ملة المسلمين لان الطعن لا يکون إلا عن إعتقاد مساويهم، وإضمار الحقد فيهم، وإنکار ما ذکره الله في کتابه من ثنائه عليهم وما لرسول الله صلي الله عليه وسلم من ثنائه عليهم وفضائلهم ومناقبهم وحبهم

[صفحه 269]

ولانهم أرضي الوسائل من المأثور والوسائط من المنقول والطعن في الوسائط طعن في الاصل والازدراء بالناقل إزدراء بالمنقول: هذا ظاهر لمن تدبره وسلم من النفاق ومن الزندقة والالحاد في عقيدته، وحسبک ما جاء في الاخبار والآثار من ذلک کقول النبي صلي الله عليه وسلم: إن الله اختارني واختار لي أصحابا فجعل لي منهم وزراء وأنصارا وأصهارا فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائکة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا.

ولهم في سب الشيخين وعمثان تصويب وتصعيد، قال محمد بن يوسف الفريابي: سئل «القاضي أبويعلي» عمن شتم أبا بکر؟ قال: کافر. قيل: فيصلي عليه؟ قال: لا. وسأله کيف يصنع به وهو يقول: لا إله إلا الله؟ قال: لا تمسوه بأيديکم إدفعوه بالخشب حتي تواروه في حفرته. الصارم المسلول ص 575.

وقال الجرداني في «مصباح الظلام» 23:2: قال أکثر العلماء: من سب أبا بکر وعمر کان کافرا.

وقال ابن تيمية في «الصارم المسلول» ص 581: قال إبراهيم النخعي: کان يقال شتم أبي بکر وعمر من الکبائر. وکذلک قال أبوإسحاق السبيعي: شتم أبي بکر و عمر من الکبائر التي قال الله تعالي: إن تجتنبوا کبائر ما تنهون عنه.

وقتل عيسي بن جعفر بن محمد لشتمه أبا بکر وعمر وعائشة وحفصة بأمر المتوکل علي الله. قاله ابن کثير في تاريخه 324:10.

وفي «الصارم المسلول» ص 576: قال أحمد في رواية أبي طالب في الرجل يشتم عثمان: هذا زندقة.

هب ان هذه الفتاوي المجردة من مسلمات الفقه، وليس للباحث أن يناقش أصحابها الحساب، ويطالبهم مدارک تلکم الاحکام من الکتاب والسنة أو الاصول و القواعد أو القياس والاستحسان، ولا سيما مدارک جملة من خصوصياتها العجيبة الشاذة عن شرعة الاسلام، لکنها هل هي مخصوصة بغير رجالات أهل البيت فهي منحسرة عنهم؟! ولعل فيهم من يجاثيک علي ذلک فيقول: نعم هي منحسرة عن علي عليه السلام وابنيه السبطين سيدا شباب أهل الجنة، لان ابن هند کان يقع فيهم ويلعنهم ويلجئ الناس إلي ذلک بأنواع من الترغيب والترهيب، فليس من الممکن تسريبها إليه لانه کاتب

[صفحه 270]

الوحي، وإن کان لم يکتب غير عدة کتب إلي رؤساء القبائل في أيام إسلامه القليلة من اخريات العهد النبوي، وهو خال المؤمنين لمکان ام حبيبة من رسول الله صلي الله عليه وآله لکنه لم يسموا بذلک غيره من اخوة أزواج النبي صلي الله عليه وآله کمحمد بن أبي بکر، وليس له مبرر إلا ان محمدا کان في الجيش العلوي ومعاوية حاربه صلوات الله عليه، فهي ضغائن قديمة انفجر برکانها أخيرا عند منتشر الاحقاد ومحتدم الاحن، قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أکبر قد بينا لکم الآيات إن کنتم تعقلون.

وهل سنة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم المزعومة في قوله: لا تسبوا أصحابي. وقوله صلي الله عليه وآله وسلم من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائکة والناس أجمعين. کانت مختصة بغير المخاطبين بها في صدر الاسلام من الصحابة؟ أو انها عامة مطردة؟ کما يقتضيه کونها من الشريعة الاسلامية المستمرة إلي أن تقوم الساعة، وقد حسبوها کذلک لانها متخذة من السنة المخاطب بها، وقد جاء في بعض طرق الرواية الاولي عند مسلم: انه کان بين خالد بن الوليد وبين عبدالرحمن بن عوف شيئ فسبه خالد فقال رسول الله صلي الله عليه وآله: لا تسبوا أصحابي، وفي رواية أنس: قال اناس من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم: إنا نسب. فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائکة والناس أجمعين[17] .

فليس من المعقول أن يکونوا مستثنين من حکم خوطبوا به لولا أن الميول و الشهوات قد استثنتهم.

أو کان أميرالمؤمنين عليه السلام مستثني من بين الصحابة عن شمول تلکم الاحکام؟ فلا تجري علي من نال منه عليه السلام أو وقع فيه.

أضف إلي هذه کلها: ان مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام کان أحد الخلفاء الراشدين عندهم، وبالاجماع المتسالم عليه بين فرق الاسلام کلها، وللقوم فيمن يقع فيهم أحکام شديدة، ومنهم من قال کما سمعته قبيل هذا بکفر من سب الشيخين وزندقة من سب عثمان، وقد جاء في الصحيح الثابت قوله صلي الله عليه وآله: عليکم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي[18] .

[صفحه 271]

فهلم معي نسائلهم عن المبرر لعمل معاوية والامويين منتسبا ونزعة وتابعيهم المجترحين لهذه السيئة المخزية وعن المغضين عنهم الذين أخرجوا إمام العدل صنو محمد صلي الله عليهما وآلهما عن حکم الخلفاء وعن حکم الصحابة بل وعن حکم آحاد المسلمين فاستباحوا النيل منه علي رؤس الاشهاد وفي کل منتدي ومجمع من دون أي وازع يزعهم، فإلي أي هوة أسفوا بالامام الطاهر عليه السلام؟ حتي استلبوه الاحکام المرتبة علي المواضيع الثلاثة: الخلافة. الصحبة. الاسلام. ولم يقيموا له أي وزن، وما راعوا فيه أي حق، وما تحفظوا له بأية کرامة، وهو نفس الرسول صلي الله عليه وآله وزوج إبنته، وأبوسبطيه، وأول من أسلم له، وقام الاسلام بسيفه، وتمت برهنة الحق ببيانه، واکتسحت المعرات عن الدين بلسانه وسنانه، وهو مع الحق والحق معه، وهو مع القرآن والقران معه ولن يفترقا حتي يردا علي النبي صلي الله عليه وآله الحوض، وما غير وما بدل حتي لفظ نفسه الاخير، وهم يمنعون عن لعن الادعياء، وحملة الاوزار المستوجبين النار، ويذبون عن الوقيعة في أهل العرة والخمور والفجور من طريد إلي لعين إلي متهاون بالشريعة إلي عائث بالاحاکم إلي مبدل للسنة إلي مخالف للکتاب ومحالف للهوي إلي إلي إلي. إنا لله وإنا إليه راجعون.

نعم: لعمر الحق کان الامر کما قال عامر بن عبدالله بن الزبير لما سمع ابنه ينال من علي عليه السلام: يا بني إياک وذکر علي رضي الله عنه فإن بني امية تنقصته ستين عاما فما زاده الله بذلک إلا رفعة. المحاسن والمساوي للبيهقي 40:1.

يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواهم ويأبي الله

إلا أن يتم نوره

[صفحه 272]


صفحه 258، 259، 260، 261، 262، 263، 264، 265، 266، 267، 268، 269، 270، 271، 272.








  1. راجع صحيح مسلم 120:7، صحيح الترمذي 171:13، مستدرک الحاکم 109:3.
  2. مروج الذهب 61:1، وحکي شطرا منه سبط ابن الجوزي في تذکرته ص 12.
  3. راجع ما اسلفناه في الجزء الثالث ص 115.
  4. کتاب صفين لابن مزاحم 92:1، شرح ابن ابي الحديد 5.
  5. يعني معاويه.
  6. تاريخ الطبري 149:6، الاغاني 7:16، کامل ابن الاثير 204:3، تاريخ ابن عساکر 459: 6.
  7. حديث السب عن نهي الاموات أخرجه البخاري في صحيحه 264:2.
  8. وذکره ابن کثير في تاريخه 311:8.
  9. وقعة الارنب کانت لبني زبيد علي بني زياد من بني الحارث بن کعب من رهط عبدالمدان والبيت المذکور لعمرو بن معد يکرب.
  10. تاريخ الطبري 268:6، کامل ابن الاثير 39:4.
  11. في الکامل: عبيدالله بن أبي رافع.
  12. صح عن امير المؤمنين قوله: انکم ستعرضون علي سبي فسبوني، فان عرضت عليکم البراءة مني فلا تبرؤا مني، فاني علي الاسلام. مستدرک الحاکم 358:2.
  13. راجع ما أسلفناه في الجزء الثاني ص 103 و 102 ط 2.
  14. قال النووي في شرح مسلم هامش الارشاد 22:8: ان الصحابة رضي الله عنهم کلهم هم صفوة الناس، وسادات الامة، وأفضل ممن بعدهم، وکلهم عدول قدوة لا نخالة فيهم، وانما جاء التخليط ممن بعدهم، وفيمن بعدهم کانت النخالة.
  15. تهذيب التهذيب 509:1.
  16. الصارم المسلول ص 575 و 574 و 272.
  17. کتاب ألکبائر للذهبي ص 235.
  18. مر معناه الصحيح في الجزء السادس ص 330 ط 2.