احدوثة تقديم الخطبة علي الصلاة











احدوثة تقديم الخطبة علي الصلاة



قال الزرقاني في شرح الموطأ 324:1 في بيان کون الصلاة قبل الخطبة في العيدين:

[صفحه 212]

ففي الصحيحين عن ابن عباس شهدت العيد مع رسول الله صلي الله عليه وسلم وأبي بکر وعمر فکلهم کانوا يصلون قبل الخطبة، واختلف في أول من غير ذلک، ففي مسلم عن طارق بن شهاب: أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان، وفي رواية ابن المنذر بسند صحيح عن الحسن البصري: أول من خطب قبل الصلاة عثمان صلي بالناس ثم خطبهم أي علي العادة فرأي ناسا لم يدرکوا الصلاة ففعل ذلک أي صار يخطب قبل الصلاة، وهذه العلة غير التي اعتل بها مروان لان عثمان راعي مصلحة الجماعة في إدراکهم الصلاة، وأما مروان فراعي مصلحتهم في إسماعهم الخطبة، لکن قيل: إنهم في زمنه کانوا يتعمدون ترک سماعهم لما فيها من سب من لا يستحق السب والافراط في مدح بعض الناس، فعلي هذا إنما راعي مصلحة نفسه، ويحتمل ان عثمان، فعل ذلک أحيانا بخلاف مروان فواظب عليه فلذا نسب إليه، وعن عمر مثل فعل عثمان، قال عياض ومن تبعه: لا يصح عنه. وفيه نظر لان عبدالرزاق وابن أبي شيبة روياه جميعا عن ابن عيينة عن يحيي بن سعيد الانصاري عن يوسف بن عبدالله بن سلام، وهذا إسناد صحيح، لکن يعارضه حديثا ابن عباس وابن عمر، فإن جمع بوقوع ذلک منه نادرا و إلا فما في الصحيحين أصح.

وأخرج الشافعي عن عبدالله بن يزيد نحو حديث ابن عباس وزاد حتي قدم معاوية فقدم الخطبة، وهذا يشير إلي أن مروان إنما فعل ذلک تبعا لمعاوية، لانه کان أمين المدينة من جهته، وروي عبدالرزاق عن ابن جريج عن الزهري: أول من أحدث الخطبة قبل الصلاة في العيد معاوية، وروي ابن المنذر عن ابن سيرين: أول من فعل ذلک زياد بالبصرة. قال عياض: ولا مخالفة بين هذين الاثرين وأثر مروان لان کلا من مروان وزياد کان عاملا لمعاوية فيحمل علي أنه إبتدأ ذلک وتبعه عماله.اه

وقال السکتواري في محاضرة الاوائل ص 144: أول من بدأ بالخطبة قبل الصلاة معاوية، وجري ذلک في الامراء المروانية کمروان وزياد وهو فعله بالعراق، و معاوية بالمدينة شرفها الله تعالي.

قال الاميني: مر في الجزء الثامن ص 164 تا 171 بيان السنة الثابتة في خطبة العيدين، وانها بعد الصلاة کما مضي عليه الرسول الامين صلي الله عليه وآله واتبعه الشيخان و

[صفحه 213]

عثمان ردحا من أيامه ثم حداه عيه عن تلفيق الخطبة بصورة مرضية، فکانت الناس تتفرق عن استماعها، إلي تقديمها علي الصلاة ليمنعهم انتظارهم لها عن الانجفال، ثم اقتص أثره عماله والمتغلبون علي الامة من بعد من بني أبيه وإن افترقت العلة فيهم عنها فيه، فإنهم لما طغوا في البلاد طفقوا يسبون أميرالمؤمنين عليا عليه السلام في خطبهم، فکان الحضور لا يستبيحون ذلک فيتفرقون، فبدا لهم تقديمها لاسماع الناس.

وأول من أحدث احدوثة السب هو معاوية، فالشنعة عليه في المقام أعظم ممن بدل السنة قبله، فانه وإن تابع البادي علي البدعة غير انه قرنها باخري شوهاء شنعاء، فأمعن النظرة في تطبيق هذه البدعة بصورتها الاخيرة علي ما صح عن رسول الله صلي الله عليه وآله من قوله: من سب عليا فقد سبني ومن سبني فقد سب الله[1] وقوله صلي الله عليه وآله: لا تسبوا عليا فإنه ممسوس بذات الله[2] ثم ارجع البصر کرتين إلي أنه هل يباح لاي مسلم أن يجتهد بجواز سب مولانا أميرالمؤمنين تجاه نص الکتاب العزيز في تطهيره وولايته ومودته وکونه نفس النبي الاقدس صلي الله عليه وآله، تجاه هذا النص الجلي الخاص له عليه السلام والنصوص العامة الواردة في سباب المؤمن مثل قوله صلي الله عليه وآله وسلم: سباب المسلم فسوق؟[3] وهل يشک مسلم ان أميرالمؤمنين أول المسلمين وأولاهم بهم من أنفسهم وهو أميرهم وسيدهم؟


صفحه 212، 213.








  1. أخرجه الحفاظ باسناد رجاله کلهم ثقات صححه الحاکم والذهبي.
  2. حلية الاولياء 68:1.
  3. أخرجه البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة والنسائي والحاکم والدارقطني وغيرهم في الصحاح والمسانيد.