نبأ يصك المسامع











نبأ يصک المسامع



وجاء بعد لاي من عمر الدهر من لم ير في الرواية فضيلة رابية تخص العشرة نظرا إلي أن البشارة بالجنة کما سمعت تعم المؤمنين جمعاء ولا تنحصر بقوم منهم دون آخرين، ووجد فيها مع ذلک نقصا من ناحية خلوها عن ذکر عائشة ام المؤمنين فصبها في قالب يروقه وصور لها صورة مکبرة تخص باولئک العشرة ولا يشارکهم فيها أحد، وأسند إلي أبي ذر الغفاري انه قال: دخل رسول الله صلي الله عليه وسلم منزل عائشة فقال: يا عائشة

[صفحه 129]

ألا ابشرک؟ قالت: بلي يا رسول الله قال: أبوک في الجنة ورفيقه إبراهيم. وعمر في الجنة ورفيقه نوح. وعثمان في الجنة ورفيقه أنا. وعلي في الجنة ورفيقه يحيي بن زکريا. وطلحة في الجنة ورفيقه داود. والزبير في الجنة ورفيقه اسماعيل وسعد بن أبي وقاص في الجنة ورفيقه سليمان بن داود. وسعيد بن زيد في الجنة ورفيقه موسي بن عمران. وعبدالرحمن بن عوف في الجنة ورفيقه عيسي بن مريم. وأبوعبيدة بن الجراح في الجنة ورفيقه إدريس عليه السلام. ثم قال: يا عائشة أنا سيد المرسلين وأبوک أفضل الصديقين وأنت ام المؤمنين.[1] .

ليت لهذه الرواية إسنادا معنعنا حتي نعرف واضعها ومختلقها علي النبي الاقدس، وليت مفتعلها يدري بأن الرفاقة بين اثنين تستدعي مشکالتهما في الخصال، وتقتضيها الوحدة الجامعة من النفسيات والملکات، فهل يسع لاي إنسان أن يقارن بين اولئک الانبياء المعصومين وبين تسعة رحط کانوا في المدينة في شيئ مما يوجب الرفاقة؟ وهل لبشر أن يفهم سر هذا التقسيم في کل نبي معصوم مع رفيقه الذي لا عصمة له؟ ولعمر الحق ان هذا الانتخاب والاختيار في الرفاقة يضاهي الانتخاب في أصل الخلافة الذي کان لا عن جدارة وتأمل. ما عشت أراک الدهر عجبا.

لماذا لم يکن عبدالله بن مسعود الذي صح عند القوم في الثناء عليه: انه کان أشبه الناس هديا ودلا وسمتا بمحمد صلي الله عليه وآله[2] رفيق رسول الله صلي الله عليه وآله ويرافقه عثمان؟ ولماذا لم يرافق عيسي بن مريم أبوذر الثابت فيه: انه أشبه الناس بعيسي بن مريم هديا وبرا وزهدا ونسکا وصدقا وجدا وخلقا وخلقا[3] ويرافقه عبدالرحمن بن عوف؟

ولماذا رافق رسول صلي الله عليه وآله عثمان بن عفان ولا مشاکلة بينهما خلقا وخلقا وأصلا ومحتدا وسيرة وسريرة، ولم يتخذ صلي الله عليه وآله جعفر بن أبي طالب رفيقا له وقد جاء عنه قوله له: يا حبيبي أشبه الناس بخلقي وخلقي، وخلقت من الطينة التي خلقت منها،

[صفحه 130]

وقوله صلي الله عليه وآله: أما أنت يا جعفر؟ فأشبه خلقک خلقي، وأشبه خلقک خلقي، وأنت مني وشجرتي؟[4] .

ولماذا اختار رسول الله صلي الله عليه وآله لرفاقته عثمان ولم يرافق أبا بکر وقد صح عنه صلي الله عليه وآله عند القوم: لو کنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بکر. وجاء عنه صلي الله عليه وآله -في مکذوبة- انه کان يدعو ويقول: اللهم انک جعلت أبا بکر رفيقي في الغار فاجعله رفيقي في الجنة؟[5] .

ولماذا لم يکن عثمان رفيق إبراهيم، وقد جاء في مناقبه -المکذوبة- انه شبيه إبراهيم کما مر في ج 9 ص 348.

ولماذا لم يکن عمر رفيق موسي، وعثمان رفيق هارون، وعلي بن أبي طالب رفيق رسول الله صلي الله عليه وآله أخذا بما مر من مکذوبة أنس مرفوعا: ما من نبي إلا وله نظير في امتي، فأبو بکر نظير إبراهيم، وعمر نظير موسي، وعثمان نظير هارون، وعلي بن أبي طالب نظيري؟[6] .

نعم: عزب عن مفتعل الرواية ما جاء عن رسول الله صلي الله عليه وآله من قوله: يا علي أنت أخي وصاحبي ورفيقي في الجنة، وهذه الرفاقة والصحبة والاخوة تقتضيها البرهنة الصادقة وتعاضدها المجانسة بين نبي العظمة وصنوه الطاهر في کل خلة ومأثرة، وهي التي جمعتهما في آية التطهير، وجعلتهما نفسا واحدة في الذکر الحکيم، وقارنت بين ولا يتيهما في محکم القرآن، وکل تلکم الموضوعات نعرات الاحن ونفثات الاضغان اختلقت تجاه هذه المرفوعة في فضل مولانا سيد العترة أميرالمؤمنين عليه السلام.

وهلم معي نسائل أبا ذر المنتهي إليه إسناد الرواية وعائشة المخاطبة بها هل کانا علي ثقة وتصديق بها، وانها صدرت من مصدر الوحي الالهي الذي لا ينطق عن الهوي أم لا؟ ولئن سألتهما فعلي الخبيرين سقطت، وأبوذر هو الذي ما أظلت الخضراء، ولا أقلت الغبراء أصدق منه، وإذا أنت قرأت حديث ما جري بين عثمان وأبي ذر لوجدت سيد غفار في جانب جنب عن هذه الرواية، ولما يحکم عقلک بأن يکون هو راويها

[صفحه 131]

ونداء أبي ذر في الملا الديني وقد تنغر علي عثمان بعد يرن في اذن الدنيا، وقوارص لمزه وهمزه إياه بعد تلوکه الاشداق في أندية الرجال، وکلمه المأثورة الخالدة في صفحات التاريخ تضاد ما عزي إليه من الرواية، وکل خطابه وعتابه إياه يعرب عن أن أبا ذر قط لم يؤمن بما اختلق عليه ولم يک يسمعه من الصادع الکريم، وکان يحدث الناس غير مکترث لبوادر عثمان ما کان سمعه من رسول الله صلي الله عليه وآله من قوله: إذا کملت بنو امية ثلاثين رجلا اتخذوا بلاد الله دولا، وعباد الله خولا، ودين الله دغلا. کان يحدث عثمان بذلک وعثمان يکذبه[7] ومن کذبه فقد کذب رسول الله صلي الله عليه وآله.

ولم يکن أبوذر شاذا عن الصحابة في رأيه السيئ ونقمته علي عثمان، بل نبأ المتجمهرين عليه من المهاجرين والانصار والناقمين عليه من الحواضر الاسلامية، و المجتمعين علي وئده المحتجين عليه بالکتاب العزيز يعطينا خبرا بأن الرواية لا تصح عندهم، ولا يصدقها رجل صدق منهم.

وهل نسيتها ام المؤمنين المخاطبة بها، أو تغاضت عنها يوم کانت تنادي في ملا من الصحابة: اقتلوا نعثلا قتله الله؟ ويوم قالت لمروان: وددت والله انک وصاحبک هذا الذي يعنيک أمره في رجل کل واحد منکما رحا وانکما في البحر. ويوم قالت:

وددت والله انه في غرارة من غرائري هذه واني طوقت حمله حتي ألقيه في البحر ويوم قالت لابن عباس: إن الله قد آتاک عقلا وفهما وبيانا فإياک أن ترد الناس عن هذه الطاغية. ويوم أخرجت ثوب رسول الله وهي تقول: هذا ثوب رسول الله صلي الله عليه وآله لم يبل وعثمان قد أبلي سنته. ويوم قالت لما بلغها نعيه: أبعده الله ذلک بما قدمت يداه وما الله بظلام للعبيد. ويوم قالت: بعد لنعثل وسحقا[8] .

أيخبرک ضميرک الحر بأن صاحبة تلکم المواقف الهائلة کانت تصدق تلک الرواية وتؤمن بها وتري نعثلا رفيق رسول الله صلي الله عليه وآله في الجنة؟ فاستعذ بالله من أن تکون من الجاهلين.

38- قال محمد بن آدم: رأيت بمکة اسقفا[9] يطوف بالکعبة فقلت له: ما الذي

[صفحه 132]

نزعک عن دين آبائک؟ قال: تبادلت خيرا منه. فقلت: وکيف ذلک؟ قال: رکبت البحر فلما توسطناه انکسرت المرکب فلم تزل الامواج تدفعني حتي رمتي في جزيرة من جزائر البحر فيها أشجار کثيرة ولها ثمر أحلي من الشهد وألين من الزبد، وفيها نهر عذب، فحمدت الله علي ذلک وقلت: آکل من هذا الثمر وأشرب من هذا النهر حتي يقضي الله بأمره، فلما ذهب النهار خفت علي نفسي من الوحش فطلعت علي شجرة ونمت علي غصن من أغصانها، فلما کان في جوف الليل وإذا بدابة علي وجه الارض تسبح الله وتقول: لا إله إلا الله العزيز الجبار، محمد رسول الله النبي المختار، ابوبکر الصديق صاحبه في الغار، عمر الفاروق فاتح الامصار، عثمان القتيل في الدار، علي سيف الله علي الکفار، فعلي مبغضهم لعنة الله العزيز الجبار، ومأواه النار، وبئس القرار. ولم تزل تکرر هذه الکلمات إلي الفجر فلما طلع الفجر قالت: لا إله إلا الله الصادق الوعد والوعيد، محمد رسول الله الهادي الرشيد، أبوبکر ذو الرأي السديد. عمر بن الخطاب سور من حديد، عثمان الفضيل الشهيد، علي بن أبي طالب ذو البأس الشديد، فعلي مبغضهم لعنة الرب المجيد. ثم اقبلت إلي البر فإذا رأسها رأس نعامة، ووجها وجه إنسان وقوائمها قوائم بعير، وذنبها ذنب سمکة، فخشيت علي نفسي الهلکة فهربت فنطقت بلسان فصيح فقالت: يا هذا قف وإلا تهلک. فوقفت فقالت: ما دينک؟ فقلت: دين النصراينة. فقالت: ويلک ارجع إلي ابن الحنفية فقد حللت بفناء قوم من مسلمي الجن لا ينجو منهم إلا من کان مسلما، فقلت: وکيف الاسلام؟ قالت: تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فقلتها، فقالت: اتم اسلامک بالترحم علي أبي بکر وعمر وعثمان وعلي رضي الله تعالي عنهم. فقلت: ومن أتاکم بذلک؟ قالت: قوم منا حضروا عند رسول الله صلي الله عليه وسلم سمعوه يقول: إذا کان يوم القيامة تأتي الجنة فتنادي بلسان طلق فصيح: إلهي قد وعدتني أن تشيد أرکاني. فيقول الجليل جل جلاله: قد شيدت أي رفعت ارکانک بأبي بکر وعمر وعثمان وعلي وزينتک بالحسن والحسين. ثم قالت الدابة: أتريد أن تقعد هاهنا أم الرجوع إلي أهلک؟ فقلت: الرجوع إلي أهلي. فقالت: اصبر حتي تمر بک مرکب فبينما نحن کذلک وإذا بمرکب أقبلت تجري فأومأت إليها فرفعوا إلي زورقا فرکبت فيه ثم جئت إليهم فوجدت المرکب فيها اثنا عشر رجلا کلهم نصاري

[صفحه 133]

فقالوا: ما الذي جاء بک إلي ها هنا؟ فقصصت عليهم قصتي فعجبوا عن آخرهم وأسلموا جميعا. مصباح الظلام للسيد محمد الجراداني 30:2.

قال الاميني: ابن آدم راوي هذه الاغلوطة لا يعرفه الحفاظ رجال الجرح والتعديل في أولاد آدم، وإنما عرفوه بالجهالة، ولا أحسب ان آدم أبا البشر أيضا يعرف ابنه هذا، ولا تدري الامهات أي ابن بي هو، والاسقف صاحب القصة وابن آدم هما صنوان في الجهالة لا يعرفهما آدمي.

ونحن إن صدقنا متن الرواية، وذهبنا إلي ما ذهب إليه مسلم الجن وأخبر به ولعنا مبغضي الخلفاء الاربعة، ورأينا مأواهم النار، فإلي من وجهنا القوارص عندئذ؟

وأين تقع من سبابنا امة کبيرة من الصحابة العدول أو عدول الصحابة الذين کان بينهم وبين اي من هؤلاء الاربعة عداء محتدم وبغضاء لاهبة؟ أنا هنا في مشکلة لا تنحل لي. وعجبي من رعونة اولئک الرحط من النصاري الذين قبلوا من الاسقف دعواه المجردة وأذغنوا بها وصدقوه فيما جاء به عن وادي الجن، وما کانوا مصدقين نبأ الرسول الامين عن إله السماوات المحفوفة دعوته بألف من الدلائل والبينات، والمتلوة بأنباء الکهنة والاساقفة والهتافات الکثيرة التي سجلها التاريخ، کأنهم سحرهم سجع دابة الجن الموزون في ورد ليله وسحره ووجدوه آية الحق وشاهد الدعوي.

39- قال القرطبي في تفسيره 180:20: قال ابي بن کعب: قرأت علي رسول الله صلي الله عليه وسلم والعصر ثم قلت: ما تفسيرها يا نبي الله؟ قال: «والعصر» قسم من الله أقسم ربکم بآخر النهار «إن الانسان لفي خسر» أبوجهل «إلا الذين آمنوا» أبوبکر «وعملوا الصالحات» عمر «وتواصوا بالحق» عثمان «وتواصوا بالصبر» علي رضي الله عنهم أجمعين. وهکذا خطب ابن عباس علي المنبر موقوفا عليه.

وذکره المحب الطبري في رياضه النضرة 34:1، والشربيني في تفسيره 561:4. قال الاميني:أيسوغ التقول علي الله وعلي رسوله وتحريف الکلم عن مواضعه بمثل هذه المهزأة المرسلة؟ وهل ينبغي لمؤلف في التفسير أو الحديث أن يسود بها صحيفته أو صحيفة تأليفه؟ وهل لنا في مثل المقام أن نطالبه بالسند ونناقش فيه بالارسال؟ وهلا ما في متن الرواية ما يغنينا عن البحث عن رجال الاسناد إن کان له اسناد؟ وهل

[صفحه 134]

يوجد في صحائف أعمال اولئک الرجال وسيرتهم الثابتة، وفيما حفظه التاريخ الصحيح لهم ما يصدق هذا التلفيق؟ نعم: نحن علي يقين من أن الباحث يجد في غضون أجزاء کتابنا هذا شواهد کثيرة تتأتي له بها حصحصة الحق. وهل يصدق ذو مسکة أن يخطب بمثل هذه الافيکة ابن عباس حبر الامة؟ ويدنس بها ساحة قدس صاحب الرسالة الخاتمة؟.

علي أن المأثور عن ابن عباس من طريق ابن مردويه في قوله تعالي: إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات انه قال: ذکر عليا وسلمان[10] ويؤيده قوله الوارد في قوله تعالي: أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن يجعلهم کالذين آمنوا وعملوا الصالحات. قال: نزلت في علي يوم بدر، فالذين اجترحوا السيئات: عتبة وشيبة والوليد، والذين آمنوا وعملوا الصالحات علي عليه السلام[11] ومر في الجزء الثاني ص 52 ط 1 من طريق ابن عباس قوله: لما نزلت: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئک هم البرية. قال صلي الله عليه وآله لعلي: هو أنت وشيعتک. فرواية ابي بن کعب اختلقت تجاه هذه الاخبار التي تساعدها العقل والمنطق والاعتبار.

ولصراحة الکذب في فصول هذه السفسطة لم يذکرها أحد من المفسرين غير القرطبي والشربيني وهي بين أيديهم، ولعل ابن حجر يوعز إلي بطلانها في فتح الباري 392:8 بقوله: تنبيه، لم أر في تفسير هذه السورة حديثا مرفوعا صحيحا.

علي أن الظاهر من سياق السورة أن الجمل التالية للذين آمنوا أوصاف لهم لا انها إعراب عن اناس آخرين غير من هو المراد من الجملة الاولي.

40- أخرج الواحدي في أسباب النزول ص 207 عن عبدالرحمن بن حمدان العدل قال: أخبرنا أحمد بن جعفر بن مالک قال: أخبرنا عبدالله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني محمد بن سليمان بن خالد الفحام قال: حدثنا علي بن هاشم عن کثير النواء قال: قلت لابي جعفر: إن فلانا حدثني عن علي بن الحسين رضي الله عنهما: ان هذه الآية نزلت

[صفحه 135]

في أبي بکر وعمر وعلي رضي الله عنهم: ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا علي سرر متقابلين: قال: والله انها لفيهم نزلت، وفيهم[12] نزلت الآية، قلت: وأي غل هو؟ قال غل الجاهلية، إن بني تيم وبني عدي وبني هاشم کان بينهم في الجاهلية فلما أسلم هؤلاء القوم وأجابوا أخذت أبا بکر الخاصرة فجعل علي رضي الله عنه يسخن يده فيضمخ[13] بها خاصرة أبي بکر فنزلت هذه الآية.

قال الاميني: لا تدعم أي مأثرة بمثل هذا الاسناد المرکب من مجهول کعبدالرحمن العدل ومحمد الفحام، وممن خرف في آخر عمره[14] حتي کان لا يعرف شيئا مما يقرأ عليه کما قاله أبوالحسن بن الفرات[15] وحکي الخطيب البغدادي في تاريخه 4:4 عن أبي عبدالله أحمد بن أحمد القصري قال: قدمت أنا وأخي من القصر إلي بغداد وأبوبکر (أحمد بن جعفر) بن مالک القطيعي حي وکان مقصودنا درس الفقه والفرايض، فاردنا السماع من ابن مالک فقال لنا ابن اللبان الفرضي: لا تذهبوا اليه فانه قد ضعف واختل، ومنعت ابني السماع منه، قال: فلم نذهب إليه. وذکره ابن حجر في اللسان 145:1، وقال في ج 237:2: انه شيخ ليس بمتقن.

ومن شيعي غال[16] وصفه بذلک الجوزجاني وابن حبان، ولعل الدارقطني ضعفه لذلک، وذکره ابن حبان في الضعفاء وإن ذکره في الثقات ايضا.

وبعد هؤلاء کثير النواء الذي عرفناکه قبيل هذا صحيفة 117، وانه ضعيف زائغ منکر الحديث، بابه باب سعد بن طريف الذي کان يضع الحديث وکان شيعيا مفرطا ضعيفا جدا عند القوم.

وفي تأويل قوله تعالي: ونزعنا في صدورهم من غل. الآية أحاديث تافهة عندهم أعجب من رواية الواحدي منها:

قال الصفوري في نزهة المجالس 217:2، قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله

[صفحه 136]

تعالي: ونزعنا ما في صدورهم من غل: أي من حقد وعداوة، إذا کان يوم القيامة تنصب کراسي من ياقوت أحمر فيجلس أبوبکر علي کرسي، وعمر علي کرسي، وعثمان علي کرسي، ثم يأمر الله الکراسي فتطير بهم إلي تحت العرش، فتسبل عليهم خيمة من ياقوتة بيضاء، ثم يؤتي بأربع کاسات فأبو بکر يسقي عمر، وعمر يسقي عثمان، وعثمان يسقي عليا، وعلي يسقي أبا بکر، ثم يأمر الله جهنم أن تتمخض بأمواجها فتقذف الروافض علي ساحلها فيکشف الله عن أبصارهم فينظرون إلي منازل أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم، فيقولون: هؤلاء الذين أسعدهم الله، وفي رواية: فيقولون: هؤلاء الذين سعد الناس بمتابعتهم وشقينا نحن بمخالفتهم، ثم يردون إلي جهنم بحسرة وندامة.

ومنها:

من طريق الکلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: ونزعنا ما في صدورهم من غل قال: نزلت في عشرة: أبوبکر. وعمر: وعثمان. وعلي. وطلحة. والزبير. وسعد. و سعيد. وعبدالرحمن بن عوف. وعبد الله بن مسعود.

ومن طريق النعمان بن بشير عن علي: ونزعنا ما في صدورهم من غل. قال: ذاک عثمان وطلحة والزبير وأنا.

هکذا يحرفون الکلم عن مواضعه، وهل من مسائل رواة هذه السفاسف عن الغل الذي نزع من صدور اولئک المذکورين متي نزع؟ وإلي أين ذهب؟ وهذا الحديث والتاريخ يعلماننا ان الغل المنتزع منهم بعد اسلامهم لم يزل مستقرا بينهم منذ يوم وفاة رسول الله صلي الله عليه وآله وما وقع هناک من حوار وشجار، إلي الحوادث الواقعة حول واقعة الدار، إلي المحتشد الدامي يوم الجمل، أو ليست هذه کلها منبعثة عن غل محتدم، ووغر في الصدور، وسخيمة في القلوب، وبغضة مستثيرة؟ أو ليس منها أن يستبيح الانسان دم صاحبه و هتک حرماته والوقيعة في عرضه؟ فهل مع هذه کلها صحيح انه نزع ما في صدورهم من غل؟

والآيات المحرفة من هذا القبيل کثيرة جدا لو تجمع يأتي منها کتاب ضخم غير أنا لا يروقنا البحث عنها فانه إطالة من غير جدوي فهي بأنفسها وما فيها من تهافت و تفاهة کافية في إبطالها، وما عساني أن أقول في مثل ما رووه في قوله تعالي: وحملناه

[صفحه 137]

علي ذات ألواح ودسر تجري بأعيننا: إن نوحا عليه السلام لما عمل السفينة جاءه جبريل عليه السلام بأربعة مسامر مکتوب علي کل مسمار عين: عين عبدالله وهو أبوبکر،وعين عمر، وعين عثمان، وعين علي، رضي الله عنهم فجرت السفينة ببرکتهم[17] .

وللقوم في تحريف الکتاب معارک دامية منها وقعة سنة 317 ببغداد بين أصحاب أبي بکر المروزي الحنبلي، وبين طائفة اخري من العامة أيضا، اختلفوا في تفسير قوله تعالي: عسي أن يبعثک ربک مقاما محمودا. فقالت الحنابلة يجلسه معه علي الاتحاد. وقال الآخرون: المراد بذلک الشفاعة العظمي. فاقتتلوا بذلک وقتل بينهم قتلي «تاريخ ابن کثير 162:11«

فخذ ما ذکرناه مقياسا لمئات خرافة من أمثاله تقولها علي الله ألسنة الغلاة في الفضائل، واتخذوا آيات الله هزوا، وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق، وقد کان فريق منهم يسمعون کلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون.


صفحه 129، 130، 131، 132، 133، 134، 135، 136، 137.








  1. الرياض النضرة 20:1 وقال: أخرجه الملا في سيرته.
  2. راجع «الغدير» 9:9 ط 1.
  3. الغدير 321 و 329: 8 ط 1.
  4. مجمع الزوايد 275 و 272: 9.
  5. الغدير 294:9 ط 1.
  6. راجع ما مر في هذا الجزء ص 75.
  7. راجع الغدير ج 87:9 تا 76.
  8. راجع الغدير ج 87:9 تا 76.
  9. الاسقف والاسقف: فوق القسيس ودون المطران والکلمة يونانية ج أساقفة وأساقف.
  10. الدر المنثور 392:6 ومر في ج 53:2.
  11. تذکرة السبط ص 11، ومر في ج 51:2.
  12. کذا في اسباب النزول. وفي الدر المنثور: وفيمن تنزل إلا فيهم؟.
  13. في الدر المنثور: فيکوي.
  14. هو أحمد بن جعفر بن مالک أبوبکر القطيعي.
  15. ميزان الاعتدال 41:1.
  16. هو علي بن هاشم.
  17. نزهة المجالس 214:2 نقلا عن شوارد الملح.