علي وارث علم الأنبياء











علي وارث علم الأنبياء



[ابن بطّة]: ثنا أبو ذرّ أحمد بن الباغندي، أنا أبي، عن مسعر بن يحيي، ثنا شريک، عن أبي إسحاق، عن أبيه، عن ابن عبّاس، قال: قال رسول الله: «من أراد أن ينظر إلي آدم في علمه، وإلي نوح في حکمته، وإلي إبراهيم في حلمه، فلينظر إلي عليّ».

أورده الغماري في الفتح عن ابن بطّة، ثمّ قال: مسعر بن يحيي النهدي؛ ذکره الذّهبي في الميزان، وقال: لا أعرفه، وأتي بخبر منکر، ثمّ ذکر هذا الحديث. وقد عرفت أنّ النکارة عند الذّهبي هي فضل عليّ بن أبي طالب[1] .

[الحسکاني]: أنا علي بن أحمد، أنا أحمد بن عتبة، أنا أبو يوسف يعقوب بن إسحاق، أنا يحيي الحمّاني، عن أبي مالک الجنبي، عن بلال بن أبي مسلم، عن أبي صالح الحنفي، عن ابن عبّاس، قال: قال رسول الله: «من أراد أن ينظر إلي إبراهيم في حلمه، وإلي نوح في حکمته، وإلي يوسف في اجتماعه، فلينظر إلي عليّ بن أبي طالب»[2] .

[الحسکاني]: أخبرناه جدّي أبو نصر بقراءتي عليه من أصل سماعه غير مرّة، أنا أبو عمرو محمّد بن جعفر المذکي - إملاء - أنا محمّد بن حمدون ابن عيسي الهاشمي، ثني جدي عبيد الله بن موسي، ثنا أبو عثمان الأزدي، عن أبي راشد عن أبي الحمراء، قال: کنّا عند النبيّ فأقبل عليّ، فقال رسول الله: «من سرّه أن ينظر إلي آدم في علمه، ونوح في فهمه، وإبراهيم في خلّته، فلينظر إلي عليّ بن أبي طالب».

ثمّ قال الحسکاني: رواه جماعة عن عبيد الله بن موسي العبسي، وهو ثقة من أهل الکوفة.

ثناه الحاکم أبو عبد الله الحافظ - إملاء - ثنا أبو جعفر محمّد بن أحمد الرازي، ثنا محمّد بن مسلم بن واردة، ثنا عبيد الله بن موسي، ثنا أبو عمر، عن أبي راشد، عن أبي الحمراء، قال: قال رسول الله: «من أراد أن ينظر إلي آدم في علمه، وإلي نوح في فهمه، وإلي إبراهيم في حلمه، وإلي يحيي في زهده وإلي موسي في بطشه، فلينظر إلي عليّ بن أبي طالب»[3] .

[ابن شاهين]: ثنا محمّد بن الحسين بن حميد بن الربيع، ثنا محمّد بن عمران بن حجّاج، ثنا عبيد الله بن موسي، عن أبي راشد - يعني الحمّاني - عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: کنّا حول النبيّ، فأقبل عليّ بن أبي طالب، فأدام رسول الله النظر إليه، ثمّ قال: «من أراد أن ينظر إلي آدم في علمه، وإلي نوح في حکمه، وإلي إبراهيم في حلمه، فلينظر إلي هذا». نقله في هامش الشواهد عن السنّة لابن شاهين.

[ابن أبي عاصم]: ثنا أحمد بن الفرات. (ح) و [الطبراني]: ثنا محمّد بن سهل بن الصباح الصفّار الأصفهاني، ثنا أحمد بن الفرات الرازي. (ح) و [أبونعيم]: من طريق الطبراني، عن أحمد بن الفرات الرازي. (ح) و [أيضاً]: ثنا عبد الله بن محمّد بن جعفر، ثنا أحمد بن محمّد الحمّال، ثنا أبو مسعود. (ح) و [الخطيب]: أنا أبو بکر أحمد بن عليّ بن بزدار القارئ، أنا أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن جعفر الأصفهاني، ثنا أبو العبّاس الجمّال، ثنا أبو مسعود - هو أحمد بن الفرات - ثنا سهل بن عبدويه السندي الرازي، ثنا عمرو بن أبي قبيس، عن مطرّف بن طريف، عن المنهال بن عمرو، عن التميمي، عن ابن عبّاس، قال: کنّا نتحدّث أنّ النبيّ عهد إلي عليّ سبعين عهداً، لم يعهدها إلي غيره.

وأخرجه ابن عساکر من طريق أبي نعيم؛ عن الطبراني، مثله. وقال الطبراني: واسم التميمي أربدة[4] .

[أبونعيم]: ثنا أبو بکر بن خلاد، ثنا محمّد بن يونس الکديمي. (ح) و [ابن أخي تبوک]: ثنا عثمان بن محمّد بن علاّن، ثنا الکديمي، ثنا عبد الله ابن داود الخريبي، ثني هرمز بن حوران، عن أبي عون، عن أبي صالح الحنفي - واللفظ لأبي نعيم - عن عليّ، قال: قلت: يا رسول الله أوصني، قال: «قل ربّي الله، ثمّ استقم». قلت: الله ربّي، وما توفيقي إلاّ بالله، عليه توکّلت، وإليه أُنيب. فقال: «ليهنک العلم أبا الحسن! لقد شربت العلم شرباً، ونهلته نهلاً»[5] .

[ابن عديّ]: ثنا أبو يعلي. (ح) و [ابن حبّان]: أنا أبو يعلي، ثنا کامل بن طلحة، ثنا ابن لهيعة، ثنا حُيَيّ بن عبد الله، عن أبي عبد الرّحمن - حب: عبد الله - الحُبلي، عن عبد الله بن عمرو أنّ رسول الله قال في مرضه: «ادعوا لي أخي». فدعوا له أبا بکر، فأعرض عنه، ثمّ قال: «ادعوا لي أخي». فدعوا له عمر، فأعرض عنه، ثمّ قال: «ادعوا لي أخي». فدعوا له عثمان، فأعرض عنه، ثمّ قال: «ادعوا لي أخي». فدُعِيَ له عليّ بن أبي طالب، فستره بثوب، وأکبّ عليه. فلمّا خرج من عنده، قيل له: ما قال؟ قال: (علّمني ألف باب، يفتح کلّ باب ألف باب).

وأخرجه ابن الجوزي من طريق ابن عديّ في [العلل المتناهية]. وقال ابن عديّ: {هذا حديث منکر، ولعلّ البلاء فيه من ابن لهيعة؛ فإنّه شديد الإفراط في التشيّع، وقد تکلّم فيه الأئمّة، ونسبوه إلي الضعف}. وقال الذهبي في تلخيص العلل: بهذا وشبهه استحقّ ابن لهيعة الترک[6] .

نحمد الله تعالي علي أنّ ابن عديّ وأقرانه لم يقفوا في سند الحديث علي من يُعلّوه به سوي ابن لهيعة. وأمّا نکارة الحديث فلابدّ وأن يکون منکراً عند ابن عديّ وابن الجوزي وأقرانهما؛ لأنّه لم يرد في فضل أبي بکر وعمر، بل ورد في فضل عليّ. وأمثال هذا الحديث لم يکن معروفاً في أوساط أتباع السلطنة. وکلّ من تفوّه به يستحقّ الترک، کما قال الذّهبي.

والآن تعال نتدبر معاً في تعبيرات الذّهبي بالنسبة لابن لهيعة، هل تلائم قوله المذکور: (بهذا وشبهه استحقّ ابن لهيعة الترک) أم لا؟ فقال في أعلام النبلاء: { الإمام العلامة، محدّث ديار مصر.. وکان من بحور العلم.. لمّا مات ابن لهيعة، قال ليث: ما خلّف مثله.. لا ريب أنّ ابن لهيعة کان عالم الدّيار المصريّة، هو والليث، کما کان الإمام مالک في ذلک العصر عالم المدينة، والأوزاعي عالم الشام، ومعمر عالم اليمن، وشعبة والثوري عالما العراق، وإبراهيم بن طهمان عالم خراسان، ولکنّ ابن لهيعة تهاون بالإتقان؛ روي مناکير، فانحطّ عن رتبة الاحتجاج به عندهم}[7] .

إنّک قد عرفت تفسير کلامه الأخير من ثنايا جملته المتقدمة في تلخيص العلل. وهذا أدلّ دليل علي عدم خوفه من الله تعالي، فيحکم بالجور علي مَنْ کان عنده من بحور العلم وصاحب الأوصاف الّتي ذکرها، بسبب روايته لمناقب أهل البيت.

ثمّّ إنّ الکلام المذکور حصل من ابن عديّ عند ما کان أمامه هذا الحديث. وأمّا حينما کان ابن عديّ خالياً بانصافه، فخرج من فيه شئ آخر؛ حيث قال في آخر ترجمة ابن لهيعة: { وهذا الّذي ذکرتُ لابن لهيعة من حديثٍ وبينتُ جزءٌ من أجزاء کثيرة؛ ممّا يرويه ابن لهيعة عن مشايخه، وحديثه حسن، کأنّه قد يستبان عمّن روي عنه، وهو ممّن يکتب حديثه}. وعدّه الحافظ المزّي ممّن روي له أبو داود والترمذي وابن ماجة، وروي له مسلم مقروناً بعمرو بن الحارث. وتعقّب الحافظ بقوله: قال الحاکم: استشهد به مسلم في موضعين.. إلي آخره. وذکره الذهبي في الکاشف، مع نقل قول أحمد بن حنبل: { من کان مثل ابن لهيعة بمصر؛ في کثرة حديثه وإتقانه وضبطه}. وقال الشيخ الميس في تعليقه علي علل ابن الجوزي: وثّقه أحمد وغيره، وقال الذهبي: صدوق[8] .









  1. فتح الملک العليّ: 34.
  2. شواهد التنزيل: 1 / 106 ح: 147.
  3. شواهد التنزيل: 1 / 78 - 80 ح: 116 و 117.
  4. السنّة لابن أبي عاصم: 2 / 550 ح: 1186، المعجم الصغير: 2 / 69، حلية الأولياء: 1 / 68، تاريخ أصفهان لأبي نعيم: 2 / 225 م: 1525، في ترجمة محمّد بن سهل. موضح أوهام الجمع والتفريق: 2 / 139 م: 225، تاريخ دمشق: 42 / 391.
  5. حلية الأولياء: 1 / 65، مناقب أمير المؤمنين: 430 - 431 ح: 8.
  6. الکامل لابن عديّ: 3 / 389 م: 562، المجروحين لابن حبّان: 2 / 14، البداية والنهاية: 7 / 396، العلل المتناهية: 1 / 221 ح: 347، تلخيص العلل المتناهية: 75 - 76 ح: 169، اللآلي المصنوعة: 1 / 342، معجم الشيوخ للإسماعيلي: 2 / 623 - 624.
  7. سير أعلام النبلاء: 8 / 11 - 31 م: 4.
  8. الکامل لابن عديّ: 5 / 237 - 253 م: 977، تهذيب الکمال: 10 / 450 - 459 م: 3496، تلخيص العلل المتناهية: 75 - 76 ح: 169، تهذيب التهذيب: 5 / 331 - 335 م: 3680، رجال مسلم: 1 / 385 م: 851، ميزان الاعتدال: 2 / 475 - 483 م: 4530، الکاشف: 1 / 590 م: 2934.