التوسل والاستشفاء بقبر النبي











التوسل والاستشفاء بقبر النبي



ثم يرجع الزائر إلي موقفه الاول قبالة وجه رسول الله صلي الله عليه وسلم فيتوسل به في حق نفسه، ويستشفع إلي ربه سبحانه وتعالي، ويکثر الاستغفار والتضرع بعد

[صفحه 144]

قوله: يا خير الرسل إن الله أنزل عليک کتابا صادقا قال فيه: ولو انهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤک فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما، وإني جئتک مستغفرا من ذنوبي متشفعا بک إلي ربي. ويقول:

نحن وفدک يا رسول الله وزوارک جئناک لقضاء حقک والتبرک بزيارتک والاستشفاع بک إلي ربک تعالي، فإن الخطايا قد أثقلت ظهورنا، وأنت الشافع المشفع الموعود بالشفاعة العظمي والمقام المحمود، وقد جئناک ظالمين لانفسنا، مستغفرين لذنوبنا، سائلين منک أن تستغفر لنا إلي ربک، فأنت نبينا وشفيعنا، فاشفع لنا إلي ربک، واسأله أن يميتنا علي سنتک ومحبتک، ويحشرنا في زمرتک، وأن يوردنا حوضک غير خزايا ولا نادمين.

قال القسطلاني في «المواهب اللدنية»: وينبغي للزائر له صلي الله عليه وسلم أن يکثر من الدعاء والتضرع والاستغاثة والتشفع والتوسل به صلي الله عليه وسلم فجدير بمن استشفع به أن يشفعه الله فيه. قال: وإن الاستغاثة هي طلب الغوث فالمستغيث بطلب من المستغاث به إغاثته أن يحصل له الغوث، فلا فرق بين أن يعبر بلفظ الاستغاثة. أو التوسل. أو التشفع أو التوجه. أو التجوه. لانهما من الجاه والوجاهة ومعناهما علو القدر والمنزلة، وقد يتوسل بصاحب الجاه إلي من هو أعلي منه. قال: ثم إن کلا من الاستغاثة. والتوسل والتشفع والتوجه بالنبي صلي الله عليه وسلم کما ذکره في (تحقيق النصرة ومصباح الظلام) واقع في کل حال قبل خلقه وبعد خلقه في مدة حياته في الدنيا وبعد موته في البرزخ وبعد البعث في عرصات القيامة. ثم فصل ما وقع من التوسل والاستشفاع به صلي الله عليه وسلم في الحالات المذکورة

وقال الزرقاني في شرح «المواهب» 8 ص 317: ونحو هذا في منسک العلامة خليل وزاد: وليتوسل به صلي الله عليه وسلم ويسأل الله تعالي بجاهه في التوسل به إذ هو محط جبال الاوزار وأثقال الذنوب، لان برکة شفاعته وعظمها عند ربه لا يتعاظمها ذنب، ومن اعتقد خلاف ذلک فهو المحروم الذي طمس الله بصيرته، وأضل سريرته، ألم يسمع قوله تعالي: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤک فاستغفرو الله.الآية؟. قال: ولعل مراده التعريض بابن تيمية

[صفحه 145]

قال الاميني: هناک جماعة من الحفاظ وأعلام أهل السنة بسطوا القول في التوسل وقالوا: إن التوسل بالنبي جائز في کل حال قبل خلقه وبعده في مدة حياته في الدنيا وبعد موته في مدة البرزخ وبعد البعث في عرصات القيامة والجنة وجعلوه علي ثلاثة أنواع:

1- طلب الحاجة من الله تعالي به أو بجاهه أو لبرکته. فقالوا: إن التوسل بهذا المعني جايز في جميع الاحوال المذکورة.

2- ألتوسل به بمعني طلب الدعاء منه، وحکموا بأن ذلک جايز في الاحوال کلها.

3- ألطلب من النبي صلي الله عليه وآله ذلک الامر المقصود، بمعني انه صلي الله عليه وآله قادر علي التسبب فيه بسؤاله ربه وشفاعته إليه، فيعود إلي النوع الثاني في المعني غير أن العبارة مختلفة وعدوا منه قول القائل للنبي صلي الله عليه وآله: أسألک مرافقتک في الجنة. وقول عثمان ابن أبي العاص: شکوت إلي النبي صلي الله عليه وسلم سوء حفظي للقرآن. فقال: ادن مني يا عثمان ثم وضع يده علي صدري وقال: اخرج يا شيطان من صدر عثمان. فما سمعت بعد ذلک شيئا إلا حفظت. وقال السبکي في «شفاء السقام»: والآثار في ذلک کثيرة أيضا (إلي أن قال): فلا عليک في تسميته توسلا. أو تشفعا. أو استغاثة. أو تجوها. أو توجها. لان المعني في جميع ذلک سواء.

قال الاميني: لا يسعنا إيقاف الباحث علي جل ما وقفا عليه من کلمات ضافية لاعلام المذاهب الاربعة في المناسک وعيرها حول التوسل بالنبي الاقدس صلي الله عليه وآله ولو ذکرناها برمتها لتأتي کتابا حافلا، وقد بسط القول فيه جمع لا يستهان بعدتهم منهم:

1- ألحافظ إبن الجوزي المتوفي 597 في کتاب (الوفاء في فضائل المصطفي) جعل فيه بابين في المقام: باب التوسل بالنبي. وباب الاستشفاء بقبره.

2- شمس الدين أبوعبدالله محمد بن النعمان المالکي المتوفي 673 في کتابه( مصباح الظلام في المستغيثين بخير الانام) قال الخالدي في صلح الاخوان: هو کتاب نفيس نحو عشرين کراسا. وينقل عنه کثيرا السيد نور الدين السمهودي في «وفاء الوفاء» في الجزء الثاني في باب التوسل بالنبي الطاهر.

3- إبن داود المالکي الشاذلي. ذکر في کتابه (البيان والاختصار) شيئا کثيرا

[صفحه 146]

مما وقع للعلماء والصلحاء من الشدائد فالتجؤا إلي النبي صلي الله عليه وآله فحصل لهم الفرج.

4- تقي الدين السبکي المتوفي 756 في «شفاء السقام» ص 120 -133.

5- ألسيد نور الدين السمهودي المتوفي 911 في «وفاء الوفاء» 2 ص 419 -431

6- ألحافظ أبوالعباس القسطلاني المتوفي 923 في «المواهب اللدنية».

7- أبوعبدالله الزرقاني المصري المالکي المتوفي 1122، في شرح المواهب 8 ص 317.

8- ألخالدي البغدادي المتوفي 1299 في (صلح الاخوان) وهو أحسن ما الف في الموضوع فقد جمع شوارده في سبعين صحيفة، وأفرد فيه رسالة ردا علي کلمة السيد محمود الآلوسي في التوسل بالنبي صلي الله عليه وآله طبعت في عشرين صحيفة بمطبعة «نخبة الاخبار» سنة 1306.

9- ألعدوي الحمزاوي المتوفي 1303 في «کنز المطالب» ص 198.

10- ألعزامي الشافعي القضاعي في (فرقان القرآن) المطبوع مع (الاسماء والصفات) للبيهقي في 140 صحيفة وهو کتاب قيم أدي للکلام حقه.

أولئک الذين يدعون يبتغون إلي ربهم الوسيلة

«الاسراء 57».


صفحه 144، 145، 146.