نصوص الشيعة حول المحدث











نصوص الشيعة حول المحدث



فأخرج ثقة الاسلام الکليني في کتابه «اصول الکافي» ص 84 تحت عنوان

[صفحه 47]

«باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث» أربعة أحاديث منها باسناده عن بريد عن الامامين الباقر والصادق صلوات الله عليهما في قوله عزوجل (في سورة الحج): وماأرسلنا من قبلک من رسول ولا نبي ولا محدث (قال بريد): قلت: جعلت فداک ليست هذه قراءتنا[1] فما الرسول والنبي والمحدث؟ قال: ألرسول الذي يظهر له الملک فيکلمه، والنبي هو الذي يري في منامه، وربما اجتمعت النبوة والرسالة لواحد، والمحدث الذي يسمع الصوت ولا يري الصورة. قال: قلت أصلحک الله کيف يعلم ان الذي رأي في النوم حق وانه من الملک؟ قال: يوفق لذلک حتي يعرفه، ولقد ختم الله عزوجل بکتابکم الکتب وختم بنبيکم الانبياء.

وحديث آخر أيضا فصل بهذا البيان بين النبي والرسول والمحدث، وحديثان بالتفصيل المذکور غير أن فيهما مکان لفظة المحدث، الامام. أحدهما عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل: وکان رسولا نبيا. ما الرسول؟ وما النبي؟ قال: ألنبي الذي يري في منامه ويسمع الصوت ولا يعاين الملک، والرسول الذي يسمع الصوت ويري في المنام ويعاين الملک. قلت: الامام ما منزلته؟ قال: يسمع الصوت ولا يري ولا يعاين الملک، ثم تلا هذه الآية: وما أرسلنا من قبلک من رسول ولا نبي ولا محدث.

والثاني: عن إسماعيل بن مرار قال: کتب الحسن بن العباس المعروف إلي الرضا عليه السلام: جعلت فداک أخبرني ما الفرق بين الرسول والنبي والامام؟ قال: فکتب أو قال: ألفرق بين الرسول والنبي والامام: ان الرسول الذي ينزل عليه جبرئيل عليه السلام فيراه ويسمع کلامه وينزل عليه الوحي، وربما رأي في منامه نحو رؤيا إبراهيم عليه السلام والنبي ربما يسمع الکلام وربما رأي الشخص ولم يسمع، والامام هو الذي يسمع الکلام ولا يري الشخص.

هذا تمام ما في هذا الباب من الکافي وأخرج في ص 135 تحت عنوان «باب ان الائمة عليهم السلام محدثون مفهمون» خمسة أحاديث منها عن حمران بن أعين، قال: قال أبوجعفر عليه السلام: إن عليا کان محدثا فخرجت إلي أصحابي فقلت: جئتکم

[صفحه 48]

بعجيبة: فقالوا: وما هي إلا؟ فقلت: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: کان علي محدثا، فقالوا: ما صنعت شيئا إلا سألته: من کان يحدثه؟ فرجعت إليه فقلت: إني حدثت أصحابي بما حدثتني فقالوا: ما صنعت شيئا إلا سألته: من کان يحدثه؟ فقال لي: يحدثه ملک. قلت: تقول إنه نبي؟ قال: فحرک يده هکذا، أو کصاحب سليمان، أو کصاحب موسي، أو کذي القرنين، أو ما بلغکم انه قال: وفيکم مثله؟

وحديث آخر ما ملخصه: ان عليا (أمير المومنين) کان يعرف قاتله ويعرف الامور العظام التي کان يحدث بها الناس بقول الله عز ذکره. وما أرسلنا من قبلک من رسول ولا نبي ولا محدث.

وحديثان آخران أحدهما: ان أوصياء محمد صلي الله عليه وآله محدثون. والثاني: الائمة علماء صادقون مفهمون محدثون. والحديث الخامس في معني المحدث وانه يسمع الصوت ولا يري الشخص. وليس في هذا الباب من کتاب الکافي غير ما ذکرناه.وروي شيخ الطائفة في أماليه ص 260 بإسناده عن أبي عبدالله عليه السلام قال: کان علي عليه السلام محدثا، وکان سلمان محدثا قال: قلت: فما آية المحدث؟ قال: يأتيه ملک فينک دت في قلبه کيت کيت.

وبالاسناد عن أبي عبدالله عليه السلام قال: منا من ينکت في قلبه، ومنا من يقذف في قلبه، ومنا من يخاطب.

وبإسناده عن الحرث النصري قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: الذي يسأل عنه الامام وليس عنده فيه شئ من أين يعلمه؟ قال: ينکت في القلب نکتا، أو ينقر في الاذن نقرا، وقيل لابي عبدالله عليه السلام: إذا سئل کيف يجيب؟ قال:إلهام وسماع وربما کانا جمعا.

وروي الصفار بإسناده في «بصائر الدرجات» عن حمران بن أعين قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: ألست حدثتني إن عليا کان محدثا؟ قال: بلي. قلت: من يحدثه؟ قال: ملک. قلت: فأقول: انه نبي أو رسول؟ قال: لا. بل مثله مثل صاحب سليمان،ومثل صاحب موسي، ومثل ذي القرنين، أما بلغک ان عليا سئل عن ذي القرنين؟ فقالوا: کان نبيا؟ قال: لا. بل کان عبدا أحب الله فأحبه، وناصح الله فناصحه.

[صفحه 49]

وبإسناده عن حمران قال: قلت لابي جعفر عليه السلام ما موضع العلماء؟ قال: مثل ذي القرنين، وصاحب سليمان، وصاحب داود.

وبالاسناد عن بريد قال: قلت لابي جعفر وأبي عبدالله عليهماالسلام: ما منزلکم؟ بمن تشبهون ممن مضي؟ فقال: کصاحب موسي، وذي القرنين، کانا عالمين ولم يکونا نبيين.

وبالاسناد عن عمار قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: ما منزلتهم؟ أنبياء هم؟ قال: لا. ولکن هم علماء کمنزلة ذي القرنين في علمه، وکمنزلة صاحب موسي، وکمنزلة صاحب سليمان.

هذه جملة من أخبار الشيعة في الباب وهي کثيرة مبثوثة في کتبهم[2] وهذه رؤوسها، ومؤدي هذه الاحاديث هو الرأي العام عند الشيعة سلفا وخلفا، وفذلکته: ان في هذه الامة اناس محدثون کما کان في الامم الماضية، وأميرالمؤمنين وأولاده الائمة الطاهرون علماء محدثون وليسوا بأنبياء. وهذا الوصف ليس من خاصة منصبهم ولا ينحصر بهم، بل: کانت الصديقة کريمة النبي الاعظم محدثة، وسلمان الفارسي محدثا. نعم: کل الائمة من العترة الطاهرة محدثون، وليس کل محدث بإمام، ومعني المحدث هو العالم بالاشياء بإحدي الطرق الثلاث المفصلة في الاحاديث المتلوة، هذا ما عند الشيعة ليس إلا.

هذا منتهي القول عند الفريقين ونصوصهما في المحدث وأنت کما تري لا يوجد أي خلاف بينهما، ولم تشذ الشيعة عن بقية المذاهب الاسلامية في هذا الموضوع بشئ من الشذوذ إلا في عدم عدهم عمر بن الخطاب من المحدثين، وذلک أخذا بسيرته الثابتة في صفحات التاريخ من ناحية علمه ولسنا في مقام البحث عنه[3] فهل من المعقول أن يعد هذا القول المتسالم عليه في المحدث لامة من قائليه فضيلة رابية، وعلي الاخري منهم ضلالا ومنقصة؟ لا والله.


صفحه 47، 48، 49.








  1. هي قراءة ابن عباس کما مر.
  2. جمعها العلامة المجلسي في بحار الانوار.
  3. سنوقفک علي البحث عنه في الجزء السادس انشاء الله.