ترجمة أبي الحسين الجزار
[صفحه 427] ديوانا يربو علي ألف ومائتين وخمسين بيتا. وکان له ديوان وصف بالشهرة في معاجم السلف، وله ارجوزة في ذکر من تولي مصر من الملوک والخلفاء وعمالها ذکرها له صاحب نسم دة السحر فقال: مفيدة. فکأنها توجد في مکتبات اليمن، وقد وقف عليها صاحب النسمة. ومن شعره قوله في رثاء الامام السبط عليه السلام في تمام المتون للصفدي ص 156 وغيره: ويعود عاشورا يذکرني يوم سيبلي حين أذکره يا ليت عينا فيه قد کحلت ويدا به لشماتة خضبت أما وقد قتل الحسين به وله في حريق الحرم النبوي قوله: لا تعبأوا أن يحترق في طيبة لله في النار التي وقعت به إذ ليس تبقي في فناه بقية إحترق المسجد الشريف النبوي ليلة الجمعة أول ليلة من شهر رمضان سنة 654 بعد صلاة التراويح علي يد الفراش أبي بکر المراغي بسقوط ذبالة من يده فأتت النار علي جميع سقوفه ووقعت بعض السواري وذاب الرصاص وذلک قبل أن ينام الناس واحترق سقف الحجرة الشريفة ووقع بعضه فيها، وقال فيه الشعراء شعرا، ولعل ابن تولو المغربي أجاب عن أبيات المترجم المذکورة بقوله: قل للروافض بالمدينة: مالکم ما أصبح الحرم الشريف محرقا کانت بين شاعرنا- الجزار- وبين السراج الوراق مداعبة فحصل للسراج رمد فأهدي الجزار له تفاحا وکمثري وکتب مع ذلک: اکافيک عن بعض الذي قد فعلته بعثت خدودا مع نهود وأعينا [صفحه 428] وإن حال منک البعض عما عهدته بنفسج تلک العين صار شقائقا وکم عاشق يشکو انقطاعک عندما فلا عدمتک العاشقون فطالما وذکر له إبن حجة قوله موريا في صناعته: ألا قل للذي يسأ لقد تسأل عن قوم ترجيهم بنو کلب ومثله قوله: إني لمن معشر سفک الدماء لهم تضيي بالدم اشراقا عراصهم ومثله قوله: أصبحت لحاما وفي البيت لا واعتضت من فقري ومن فاقتي جهلته فقرا فکنت الذي وظريف قوله: کيف لا اشکر الجزارة ما عش وبها صارت الکلاب ترجي ومثله قوله: معشر ما جاءهم مسترفد أنا جزار وهم من بقر کتب اليه الشيخ نصير الدين الحمامي موريا عن صنعته: ومذ لزمت الحمام صرت بها أعرف حر الاشياء وباردها فأجابه أبوالحسين الجزار بقوله: [صفحه 429] حسن التأني مما يعين علي والعبد مذ صار في جزارته وله في التورية قوله: أنت طوقتني صنيعا واسمع فإذا ما شجاک سجعي فإني ومن لطائفة ما کتب به إلي بعض الرؤساء وقد منع من الدخول إلي بيته: أمولاي ما طباعي الخروج أتيت لبابک أرجو الغني ومن مجونه في التورية قوله في زواج والده: تزوج الشيخ أبي شيخة لو برزت صورتها في الدجا کأنها في فرشها رمة[1] . وقائل لي قال: ما سنها؟ وله قوله في داره: ودار خراب بها قد نزل طريق من الطرق مسلوکة فلا فرق ما بين أني أکون تساررها هفوات النسيم وأخشي بها أن اقيم الصلاة إذا ما قرأت إذا زلزلت وله في بعض ادباء مصر وکان شيخا کبيرا ظهر عليه جرب فالتطخ بالکبريت قوله ذکره له إبن خلکان في تاريخه 1 ص 67: أيها السيد الاديب دعاءا أنت شيخ وقد قربت من النار [صفحه 430] وله قوله: من منصفي من معشر صادقتهم وأري الخرو کالخط يسهل في الطرو وإذا أردت کشطته ومن قوله في الغزل: بذاک الفتور وهذا الهيف أطرت القلوب بهذا الجمال تکلف بدر الدجي إذ حکي وقام بعذري فيک العذار وکم عاذل أنکر الوجد فيک وقالوا: به صلف زائد لئن ضاع عمري في من سواک فهاک يدي إنني تائب بجوهر ثغرک ماء الحياة ولم أر من قبله جوهرا اکاتم وجدي حتي أراک وهيهات يخفي غرامي عليک ومنه قوله: حمت خدها والثغر عن حائم شج وکم هام قلبي لارتشاف رضابها ومن بديع غزله قوله: وما بي سوي عين نظرت لحسنها وقالوا: به في الحب عين ونظرة [صفحه 431] وله قوله يرثي حماره: ماکل حين تنجح الاسفار خرجي علي کتفي وها أنا دائر ماذا علي جري لاجل فراقه لم أنس حدة نفسه وکأنه وتخاله في القفر جنا طائرا وإذا أتي للحوض لم يخلع له وتراه يحرس رجله من زلة ويلين في وقت المضيق فيلتوي ويشير في وقت الزحام برأسه لم أدر عيبا فيه إلا أنه ولقد تحامته الکلاب وأحجمت راعت لصاحبه عهودا قد مضت وقال في موت حمار صديق له: مات حمار الاديب قلت لهم من مات في عزه استراح ومن وله قوله: لا تعبني بصنعة القصاب کان فضلي علي الکلاب فمذ صر کان کمال الدين عمر بن أحمد بن العديم[4] إذا قدم مصر يلازمه أبوالحسين الجزار فقال بعض أهل عصره حسدا عليه: يا بن العديم عدمت کل فضيلة [صفحه 432] ما إن رأيت ولا سمعت بمثلها قال الصفدي في تمام المتون ص 181 بعد ذکره قول هارون الرشيد (إن الکريم إذا خادعته انخدعا): ذکرت هنا قضية جرت لابي الحسين الجزار وهي: انه توجه الجزار إلي ابن يعمور بالمحلة وأقام عنده مدة ثم انه أعطاه ورده وجاء ليودعه فاتفق أن حضر في ذلک الوقت وکيل إبن يعمور علي أقطاعه فقال له: ما أحضرت؟ قال کذا وکذا دراهم. فقال: اعطه الخزندار. فقال: کذا وکذا غلة. فقال:احملها إلي الشونة. قال: کذا وکذا خروف. فقال: اعطها الجزار. فقام الجزار وقبل الارض وقال: يا مولانا: کم وکم تتفضل. فتبسم إبن يعمور وانخدع وقال: خذها. وذکر له الصفدي في تمام المتون شرح رسالة ابن زيدون ص 35 من أبيات له: وحقک مالي من قدرة فکم أخذتني عيون الظبا وفي ص 46 من تمام المتون قوله: اطيل شکا يأتي إلي غير راحم وأشکر عيشي للوري خوف شامت وله في تمام المتون ص 212 قوله: لست أنسي وقد وقفت فأنشدت کل بيت يزري علي خلف الاحمر ببديع يحار في نظمه الطائي ومديح ما نال جودته قدما قمت وسط الايوان بين يدي وله في تمام المتون ص 220 قوله: ولقد کسوتک من قريضي حلة حسنت برقم من جلالک فاغتدت وذکر في تمام المتون ص 226 قوله: احمل قلبي کل يوم وليلة [صفحه 433] کما سود القصار في الشمس وجهه قال ابن حجة في «الخزانة» ص 338: ولد سنة 601 وتوفي 672 بمصر. وزاد فيه إبن کثير في «البداية والنهاية» يوم وفاته وشهره: ثاني عشر شوال، وهکذا أرخ ولادته ووفاته من أرخهما من المؤلفين غير أن صاحب «شذرات الذهب» شذ عنهم وعده ممن توفي سنة 679 وقال: توفي في شوال وله ست وسبعون سنة أو نحوها ودفن بالقرافة. والله العالم. [صفحه 434]
يحيي بن عبدالعظيم بن يحيي بن محمد بن علي جمال الدين أبوالحسين الجزار المصري. أحد شعراء الشيعة المنسيين، ولقد شذت عن ذکره معاجم السلف بالرغم من إطراد شعره في کتب الادب وفي المعاجم أيضا استطرادا متحليا بالجزالة والبراعة، فإن غفل عن تاريخه المترجمون فقد عقد هو لنفسه ترجمة ضافية الذيول خالدة مع الدهر فلم يترک لمن يقف علي شعره ملتحدا عن الاعتراف له بالعبقرية والنبوغ، والاخبات إليه بالتقدم في التورية والاستخدام، قال إبن حجة في الخزانة: تعاهد هو والسراج الوراق والحمامي وتطارحوا کثيرا وساعدتهم صنائعهم وألقابهم في نظم التورية، حتي انه قيل للسراج الوراق: لولا لقبک وصناعتک لذهب نصف شعرک. ودون مقامه ما يوجد من جميل ذکره في الخزانة لابن حجة، وفوات الوفيات للکتبي 319:2، والبداية والنهاية لابن کثير 293:13، وشذرات الذهب 346:5، ونسمة السحر لليمني، والطليعة في شعراء الشيعة للعلامة السماوي، وقد جمع له شيخنا السماوي من شعره
رزء الحسين فليت لم يعد
أن لا يدور الصبر في خلدي
في مرود لم تنج من رمد
مقطوعة من زندها بيدي
فأبو الحسين أحق بالکمد
حرم النبي بقول کل سفيه
سر عن العقلاء لا يخفيه
مما بنته بنو امية فيه
يقتادکم للذم کل سفيه
إلا لذمکم الصحابة فيه
لان لمولانا علي حقوقا
ولا غرو أن يجزي الصديق صديقا
فما حال يوما عن ولا نوقا
ولؤلؤ ذاک الدمع عاد عقيقا
قطعت علي اللذات منه طريقا
أقمت لاوقات المسرة سوقا
ل عن قومي وعن أهلي
کرام الفرع والاصل
وتخشاهم بنو عجل
دأب وسل عنهم إن رمت تصديقي
فکل أيامهم أيام تشريق
أعرف ما رائحة اللحم
عن التذاد الطعم بالشم
أضله الله علي علم
ت حفاظا وأرفض الآدابا
ني وبالشعر کنت أرجو الکلابا
راح إلا وهو منهم معسر
ما رأوني قط إلا نفروا
خلا يداري من لا يداريه
وآخذ الماء من مجاريه
رزق الفتي والحظوظ تختلف
يعرف من أين تؤکل الکتف
تک شکرا کلاهما ما يضيع
أنا ذاک المطوق المسموع
ولکن تعلمته من خمول
فأخرجني الضرب عند الدخول
ليس لها عقل ولا ذهن
ما جسرت تبصرها الجن
وشعرها من حولها قطن
فقلت: ما في فمها سن
ت ولکن نزلت إلي السابعه
محجتها للوري شاسعه
بها أو أکون علي القارعه
فتصغي بلا اذن سامعه
فتسجد حيطانها الراکعه
خشيت بأن تقرأ الواقعه
من محب خال من التنکيت
فکيف أدهنت بالکبريت
کثروا علي وأکثروا
ج من الصداقة يعسر
س ومحوه يتعذر
لکن ذاک يؤثر
يهون علي عاشقيک التلف
وأوقعتها في الاسي والاسف
محياک لو لم يشنه الکلف
وأجري دموعي لما وقف
علي فلما رءاک اعترف
فقلت: رضيت بذاک الصلف
غراما فإن عليک الخلف
فقل لي: عفي الله عما سلف
فماذا يضرک لو يرتشف
من البهرمان[2] عليه صدف
فيعرف بالحال لا من عرف
بطرف همي وبقلب رجف
له أمل في مورد ومورد
فأعرف عن تفصيل نحو المبرد
وذاک لجهلي بالعيون وغرتي
لقد صدقوا عين الحبيب ونظرتي
نفق[3] الحمار وبادت الاشعار
بين البيوت کأنني عطار
وجرت دموع العين وهي غزار
من أن تسابقه الرياح يغار
ما کل جن مثله طيار
في الماء من قبل الورود عذار
برشاشها يتنجس الحضار
فکأنما بيديک منه سوار
حتي يحيد أمامه النظار
مع ذا الذکاء يقال عنه حمار
عنه وفيه کل ما تختار
لما علمن بأنه جزار
:مضي وقد فات منه ما فاتا
خلف مثل الاديب ما ماتا
فهي أذکي من عنبر الآداب
ت أديبا رجوت فضل الکلاب
وغدوت تحمل راية الادبار
نفس تلذ بصحبة الجزار
علي کشف ضري إذ مسني
ء بعد الانابة من مأمني
وأهل الغني لا يرحمون فقيرا
کذا کل نحس لا يزال شکورا
قصيدا تفوق نظم الجمان
بالحسن وهو شيخ بن هاني
بل مسلم صريع الغواني
زياد في خدمة النعمان
ملک تسامي علي أنوشروان
جلت عن التلفيق والترقيع
کالروض في التسهيم والترصيع
هموما علي من لا أفوز بخيره
حريصا علي تبييض ثوب لغيره
صفحه 427، 428، 429، 430، 431، 432، 433، 434.