ترجمة مجد الدين ابن جميل











ترجمة مجد الدين ابن جميل



مجد الدين أبوعبدالله محمد بن منصور بن جميل الجبائي ويقال: الجبي. المعروف بابن جميل الفزاري، کاتب شاعر، وأديب متضلع، له في النحو واللغة والادب وقرض

[صفحه 403]

الشعر خطوات واسعة، وفي «معجم الادباء» صحيفة بيضاء، وفي «طبقات النحاة» ذکري خالدة، وقد جمع شوارد تاريخ ذلک الشاعر الفحل المنسي الدکتور مصطفي جواد البغدادي في ترجمة نشرتها (مجلة الغري) النجفية الغراء في عددها ال 16 من السنة السابعة ص 2 ونحن نذکرها برمتها متنا وتعليقا قال:

ولد بقرية من نواحي هيت تعرف بجبا، وقدم بغداد في أول عمره وقرأ بها الادب ولازم مصدق بن شبيب الواسطي النحوي حتي برع في النحو واللغة والفقه والفرائض والحساب بعد قراءة القرآن الکريم، وسمع الحديث من جماعة من الشيوخ منهم: أبو الفرج عبدالمنعم بن عبدالوهاب بن کليب، والقاضي أبوالفتح محمد بن أحمد المندائي الواسطي سمعه حين قدومه بغداد، وعالج النثر والنظم فبلغ منهما مرتبة عالية، قال القفطي: «وقد کان أنشأ مقامات ظهر منها قطعة رأيتها في جملة أجزاء احضرت من بغداد إلي حلب للبيع بخطه وکان خطا متوسطا صحيح الوضع فيه تلتبس نقط ثابتة لا تکاد تتغير (کذا) وشعره جيد مشهور مصنوع لا مطبوع»،[1] ووصفه ياقوت الحموي بأنه نحوي لغوي أديب من أفاضل العصر، قال: وکان بليغا مليح الخط غزير الفضل متواضعا مليح الصورة طيب الاخلاق.[2] وکان من شعراء الديوان العباسي، ومدح الخليفة الناصر لدين الله بقصائد کثيرة کان يوردها في المواسم والهناءات[3] فعرف واشتهر ورتب کاتبا في ديوان الترکات الحشرية وناظرا فيه، وهي ترکات من يتوفي وتحشر إلي بيت المال لعدم الوارث المستحق بحسب مذهب الشافعي، وکان ببغداد رجل تاجر يعرف بابن العنيبري، وکان صديقا له فلما حضرته الوفاة سأله الحضور إليه فلما حضر قال له: أنا طيب النفس بموتي في زمان ولايتک ليکون جاهک «علي» أطفالي وعيالي. فوعده بهم جميلا، فلما مات حضر إلي ترکته وباشرها فرأي فيها ألف دينار عينا فأخذها وحملها إلي الامام الناصر وأصحبها مطالعة منه يقول فيها: مات إبن العنيبري- ورث الله الشريعة أعمار الخلايق- وقد حمل المملوک من المال الحلال الصالح للمخزن ألف دينار

[صفحه 404]

وهو في عهدة تبقيها دنيا وآخرة. قال القفطي: کان ظالم النفس عسوفا فيما يتولاه قال لبعض العاقلين: خف عذابي فإنه أليم شديد. فقال له الرجل: فإذا أنت الله لا إله إلا هو. فخجل ولم يمنعه ذلک ولم يردعه عما أراده من ظلمه. قال: وکان يظن بنفسه الکثير حتي لا يري أحدا مثله[4] .

ثم توصل مجد الدين إلي أن يکون کاتبا في المخزن، وهو کوزارة المالية في عصرنا، وکانت توقيعات التعيينات مسندة کتابتها إليه، ثم ترقي حتي صار صدرا في المخزن، أي صاحب المخزن کوزير المالية في عصرنا، وکان ذلک في ليلة عاشر ذي القعدة سنة 605 مضافا إلي ولاية دجيل وطريق خراسان أي لواء ديالي والخالص والخزانة والعقار وغير ذلک من أعمال الحضرة ببغداد[5] .

ولما کان کاتبا عدلا في المخزن کان له من الجراية أي الجامکية خمسة دنا نير في الشهر، فلما ولي الصدرية قرر له عشرة دنانير، وقد ذکر القفطي حکاية وقعت للمترجم أيام توليه صدرية المخزن إلا أن سقم الخط الذي کتبت به أحالها، قال: سأله بعض التجار والغرباء العناية بشخص في إيصال حقه إليه من المخزن فوعده ومطله، فقال التاجر الشافع- وکان يدل عليه-: فدفعت إليه في کل يوم بدانق. قال له: وکيف قال: لانک کنت عدلا أقرب منه حالا اليوم. وأشار إلي أنه لما زيد رزقه ورفعت مرتبته تجبر دصر- کذا- زيادة وهي سدس درهم في کل يوم وهو الدانق حتي أخجله الله وصرف عن ذلک وسجن مدة،[6] وکان عزله عن تلک الولايات کلها يوم السبت الثالث والعشرين من شهر ربيع الاول سنة 611 هج د، ثم اطلق من السجن وجعل وکيلا کاتبا بباب دار الامير عدة الدين أبي نصر محمد بن الناصر لدين الله ومات وهو علي ذلک في منتصف شعبان من سنة 616 هج د، وکان کهلا ودفن في مقابر قريش أي أرض المشهد الکاظمي[7] .

[صفحه 405]

وکان له من الاولاد إبن اسمه صفي الدين عبدالله کان مقدم شعراء الديوان في أيام المستعصم بالله وتوفي سنة 669 هج[8] .

وکان له أخ يلقب بقطب الدين فقد ذکر إبن واصل الحموي المؤرخ المشهور: ان جده تاج الدين نصر الله بن سالم بن واصل صاحب القاضي ضياء الدين القاسم بن الشهرزوري إنحدر من الموصل إلي بغداد مع القاضي المذکور في ثامن عشر شعبان سنة 595 ه د ولما وصلا إلي بغداد أمر الخليفة الناصر لدين الله بإنزالهم في درب الخبازين[9] من سوق الثلاثاء ثم أنزل تاج الدين في دار صاحب المخزن، قال والد المؤرخ المذکور: وکان بين والدي- يعني تاج الدين- والصاحب شمس الدولة محمد بن جميل الفزاري مودة نسجتها الصداقة بين والدي وأخيه قطب الدين في سفرات عديدة إلي دمشق المحروسة فلما طال المزار وأقمنا بدار الخلافة، علي وجه الايثار، صار الخبر عيانا وأصبح المعارف خلانا فبقي شمس الدولة ووالدي-رح- يتزاوران ليلا طرحا للکلفة[10] .


صفحه 403، 404، 405.








  1. أصول التاريخ والادب 19 ص 166، ج 9 ص 67 -8، من مجموعاتنا الخطية وعدتها ثلاثة وثلاثون مجلدا وهي في ازدياد.
  2. معجم الادباء 7 ص 110.
  3. أصول التاريخ والادب ج 19 ص 166.
  4. أصول التاريخ والادب 9 ص 67 و 68.
  5. أصول التاريخ والادب 19 ص 166، والجامع المختصر 9 ص 265 -6.
  6. أصول التاريخ والادب 9 ص 68.
  7. الاصول المذکورة 19 ص 166، ومعجم الادباء 7 ص 110، ومن معجم الادباء نقل السيوطي کما في البغية ص 107، وترجمه الذهبي نقلا عن مجد الدين ابن النجار، أصول التاريخ 24 ص 247.
  8. الحوادث الجامعة ص 368 و 184.
  9. هو محلة العاقولية الحالية وفيها مدرسة التفيض الاهلية.
  10. أصول التاريخ والادب 23 ص 57.