ما هذه الدمدمة والهمهمة؟











ما هذه الدمدمة والهمهمة؟



ليست هذه الروايات إلا جلبة وصخبا تجاه الحقيقة الراهنة، ووجاه الخلافة الحقة الثابتة بالنصوص الصريحة الصحيحة لامير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قد صدع بها النبي الامين وحيا من الله العزيز من يوم بدء الدعوة إلي آخر نفس لفظه.

إن هي إلا اللغط والشغب دون أمر ليس لخلق الله فيه أي خيرة، وقد نص النبي الاعظم في بدء دعوته علي أن الامر إلي الله يضعه حيث يشاء وذلک يوم عرض نفسه صلي الله عليه وآله علي بني عامر بن صعصعة ودعاهم إلي الله فقال له قائلهم: أرأيت إن نحن تابعناک علي أمرک ثم اظهرک الله علي من خالفک أيکون لنا الامر من بعدک؟ قال: إن الامر إلي الله يضعه حيث يشاء[1] .

إن هي إلا سلسة بلاء وحلقة شقاء تجر الامة إلي الضلال، وتسف بها إلي حضيض التعاسة، وتديمها في الجهل المبير، ومهاوي الدمار

إن هي إلا ولائد النزعات الباطلة، والاهواء المضلة، لا مقيل لها في مستوي الحق والصدق، ولا قيمة لها في سوق الاعتبار.

إن هي إلا نسيجة يد الافک والزور، حبکها التزحزح عن قانون العدل، والتنحي عن شرعة الحق، والبعد عن حکم الامانة.

إن هي إلا صبغة الهث والدجل شوهت بها صفحات التاريخ، لا يرتضيها أي ديني من رجالات المذاهب، ولا يعول عليها المثقف النابه، ولا يتخذها السالک إلي الله سبيلا، ولا يجد الباحث عن الحق فيها امنيته.

إن هي إلا نبرات فيها نترات لفقتها المطامع في لماظة العيش، ونجفة الحياة، وزخارف الدنيا القاضية علي سعادة البشر.

إن هي إلا قبسات الفتن المضلة، وجذوات مقابس العاطفة والهوي، تفتن الجاهل المسکين، وتحيده عن رشده، وتجعله في بهيتة من أمر دينه، فتحترق بها اصول سعادته في الحياة الدنيا.

[صفحه 377]

إن هي إلا مدرسات الامة فاحش التقول. وسيئ الافک والافتعال، تعلمها الحياد عن مناهج الصدق والامانة، وتحثها علي الکذب علي الله وعلي قدس صاحب الرسالة وعلي امناؤه وثقات امته.

هل يجد الباحث سبيلا لنجاته عن هذه الورطات المدلهمة وهل يرجي له الفوز من تلکم السلاسل وقد صفدته من حيث لا يشعر أي مصدر وثيق يحق أن يثق به الرجل وعلي أي کتاب أو علي أي سنة حري بأن يحيل أمره أليست الکتب مشحونة بتلکم الاکاذيب المفتعلة المنصوصة علي وضعها أليست تلکم المئات من الوف الاحاديث المکذوبة مبثوثة في طيات التآليف والصحف ما حيلة الرجل وهو يري المؤلفين بين من يذکرها مرسلا إياها إرسال المسلم، وبين من يخرجها بالاسناد ويردفها بما يموه علي الحق مما يعرب عن قوتها أو يرويها غير مشفع بما فيها من الغميزة متنا أو إسنادا کل ذلک في مقام سرد الفضائل، أو إثبات الدعاوي الفارغة في المذاهب. ثم ما حيلته وهو يشاهد وراء أولئک الاوضاح من المؤلفين أفاک القرن الرابع عشر- القص د؟ مي- رافعا عقيرته بقوله: ليس في رجال الحديث من أهل السنة من هو متهم بالوضع والکذابة. راجع ص 208.

فما ذنب الجاهل المسکين والحالة هذه في عدم عرفان الحق؟ وما الذي يعرفه صحيح السنة من سقيمها وأي يد تنجيه من عادية التقول والتزوير وهل من مصلح يحمل بين جنبيه عاطفة دينية صادقة ينقذه عن ورطات القالة وغمرات الدجل نعم: کتبنا له في الالواح من کل شئ موعظة، وفصلنا لکل شئ، ليهلک من هلک عن بينة ويحيي من حي عن بينة، ولقد جئناهم بکتاب فصلناه علي علم هدي ورحمة لقوم يؤمنون، وآتيناهم بينات من الامر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم، بغيا بينهم، إن ربک يقضي بينهم يوم القيامة فيما کانوا فيه يختلفون، ثم جعلناک علي شريعة من الامر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون، فلا يصدنک عنها من لا يؤمن بها و اتبع هواه فتردي، والسلام علي من اتبع الهدي.


صفحه 377.








  1. سيرة ابن هشام 33:2، الروض الانف 264:1، السيرة الحلبية 3:2، السيرة النبوية لزيني دحلان 302:1.