سلسلة الموضوعات في الخلافة











سلسلة الموضوعات في الخلافة



أهم موضوع لعبت به أيدي الهوي، وعبثت به العواطف المضلة، هو موضوع الخلافة في السنة والحديث، وضع القوم فيها أحاديث مکذوبة علي الله وعلي أمين وحيه ونبيه الطاهر صلي الله عليه وآله وسلم، وبثها في الملا أرباب التآليف المزورة روما لطمس الحق، وتمويها علي الحقيقة، وتعمية علي الجاهل المسکين، عالمين بأنها آثار مفتعلة تضاد مبادئ الاسلام عند جميع فرقه، ولا توافق أيا من المذاهب الاسلامية، بل لازمها اجتماع الامة علي الخطأ- وهي لا تجتمع علي الخطأ- إذ لا تخلو ممن يري النص في علي أميرالمؤمنين، ومن يقول بالانتخاب وعدم النص علي أي أحد، فالامة مجتمعة علي الخطأ في رفض تلکم النصوص والصفح عنها، وإليک نماذج مما وقفنا عليه من تلکم المخازي:

1- عن أنس بن مالک قال: جاء النبي صلي الله عليه وسلم فدخل إلي بستان فأتي آت فدق الباب فقال: يا أنس؟ قم فافتح له وبشره بالجنة وبشره بالخلافة من بعدي. قال: قلت يا رسول الله أعلمه؟ قال: أعلمه. فاذا أبوبکر. قلت: أبشر بالجنة وأبشر بالخلافة من بعد رسول الله صلي الله عليه وسلم. ثم جاء آت فدق الباب فقال. يا أنس؟ قم فافتح له وبشره بالجنة وبشره بالخلافة من بعد أبي بکر. قلت: يا رسول الله أعلمه! قال: أعلمه. فخرجت فإذا عمر قال قلت له: أبشر بالجنة وأبشر بالخلافة من بعد أبي بکر. ثم جاء آت فدق الباب فقال: قم يا أنس وافتح له وبشره بالجنة وبالخلافة من بعد عمر وانه مقتول. قال: فخرجت فإذا عثمان قلت: أبشر بالجنة وبالخلافة من بعد عمر وانک مقتول. قال: فدخل إلي النبي صلي الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله لمه؟ والله ما تغنيت ولا تمنيت ولا مسست ذکري بيميني منذ بايعتک قال: هو ذاک يا عثمان!.

من موضوعات الصقر بن عبدالرحمن أبي بهز الکذاب. حکي الخطيب البغدادي في تاريخه 9 ص 339 عن علي بن المديني انه سئل عن هذا الحديث، فقال: کذب هذا موضوع

[صفحه 334]

وذکره الذهبي في «ميزان الاعتدال» 1 ص 467 فقال حديث کذب. وحکي ابن حجر في «لسان الميزان» 3 ص 192 عن علي المديني انه قال: کذب موضوع. وقال في ص 193: لو صح هذا لما جعل عمر الخلافة في أهل الشوري وکان يعهد إلي عثمان بلا نزاع.

وذکره الذهبي في ميزانه 2 ص 91 بلفظ: دخل رسول الله صلي الله عليه وسلم حائطا لرجل فقرع الباب فقال: يا أنس افتح وبشره بالجنة وانه سيلي الامر من بعدي ففتحت فإذا أبوبکر. ثم قال: وفي سنده عبدالاعلي بن أبي المساور وهو متروک ضعيف ليس بشئ. وذکر صدره في ج 1 ص 162 عن بکر بن المختار بن فلفل وقال: قال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه إلا علي سبيل الاعتبار. وقال المقدسي في «تذکرة الموضوعات» ص 15: افتح له و بشره بالجنة. وفيه ذکر الخلافة وترتيبها رواه بکر بن المختار الصائغ وهو کذاب.

قال الاميني: وفي ترک هؤلاء الثلاثة الاحتجاج بهذه الرواية يوم فاقتهم إليها عند طلب الخلافة وقد بلغ الجدال أشده حتي کاد أن يکون جلادا دليل واضح علي انهم لم يدخلوا ذلک البستان الخيالي، ولا سمعوا تلک البشارة الموهومة، وإن الله سبحانه لم يبرء ذلک البستان ليوطد فيها أساس الفتن المدلهمة، ثم لماذا لم يروها لهم أنس يوم تزلفه إليهم وترکاضه معهم وترکها لاحد الرجلين بعده: ألصقر وعبدالاعلي؟. ألا تعجب من حافظين کبيرين کأبي نعيم في متقدمي القوم، والسيوطي في متأخريهم؟! يروي الاول هذه الرواية باسناده الوعر في دلائل النبوة 2 ص 201 من طريق أبي بهز الکذاب ويرکن إليها،ويرويها الثاني في الخصائص الکبري 122: 2 ويتبهج بها ولم ينبس أحد منهما مما في إسنادها من الغمز ببنت شفة.

2- عن عايشة قالت: کانت ليلتي من رسول الله صلي الله عليه وسلم فلما ضمني وإياه الفراش قلت: يا رسول الله ألست أکرم أزواجک عليک؟ قال:بلي يا عايشة. قلت: فحدثني عن أبي بفضيلة قال: حدثني جبريل إن الله تعالي لما خلق الارواح اختار روح أبي بکر الصديق من بين الارواح وجعل ترابها من الجنة وماؤها من الحيوان، وجعل له قصرا في الجنة من درة بيضاء مقاصيرها فيها من الذهب والفضة البيضاء، وإن الله تعالي آلي علي نفسه أن لا يسلبه حسنة ولا يسأله عن سيئة، وإني ضمنت علي الله کما ضمن الله علي نفسه أن لا يکون لي ضجيعا في حفرتي ولا أنيسا في وحدتي ولا خليفة علي امتي من بعدي،

[صفحه 335]

إلا أبوک. يا عايشة! بايع علي ذلک جبريل وميکائيل، وعقدت خلافته براية بيضاء وعقد لواؤه تحت العرش قال الله للملائکة: رضيتم ما رضيت لعبدي؟ فکفي بأبيک فخرا أن بايع له جبريل وميکائيل وملائکة السماء وطائفة من الشيطان يسکنون البحر فمن لم يقبل هذا فليس مني ولست منه. قالت عايشة: فقبلت أنفه وما بين عينيه فقال: حسبک يا عايشة فمن لست بامه فوالله ما أنا بنبيه، فمن أراد أن يتبرأ من الله ومني فليتبرأ منک يا عايشة.

قال الخطيب البغدادي في تاريخه 14 ص 36: لا يثبت هذا الحديث ورجال إسناده کلهم ثقات ولعله شبه لهذا الشيخ القطان- أو ادخل عليه- مع إني قد رأيته من حديث محمد بن بابشاذ البصري عن سلمة بن شبيب عن عبدالرزاق، وابن بابشاذ راوي مناکير عن الثقات.

وذکر الذهبي منه جملا في «ميزان الاعتدال» 3 ص 31 وحکم بأنه موضوع. وذکر جملا في ص 246 وقال: حديث باطل کأنه المسکين- يعني هارون القطان- ادخل عليه ولا يشعر، وله إسناد آخر باطل. وقال: هذا لا يحتمله سلمة والظاهر أنه دس علي ابن بابشاذ هذه فروي حديثا موضوعا راج عليه ولم يهتد.

وذکر الفيروز آبادي شطرا من صدره في خاتمة «سفر السعادة»، والعجلوني في «کشف الخفاء»، وعداه من أشهر المشهورات من الموضوعات، ومن المفتريات المعلوم بطلانها ببديهة العقل، وأبطله السيوطي في لي 1 ص 150.

3- عن عايشة قالت: أول حجر حمله النبي صلي الله عليه وسلم لبناء المسجد، ثم حمل أبوبکر حجرا آخر، ثم حمل عمر، ثم حمل عثمان حجرا آخر. فقلت: يا رسول الله ألا تري إلي هؤلاء کيف يساعدونک؟ فقال: يا عايشة هؤلاء الخلفاء من بعدي.

أخرجه الحاکم في «المستدرک» 3 ص 97 وقال: صحيح وإنما اشتهر باسناد واه من رواية محمد بن الفضل بن عطية فلذلک هجر. وقال الذهبي في تلخيص المستدرک: قلت: أحمد منکر الحديث وممن نقم علي مسلم إخراجه في الصحيح. ويحيي وإن کان ثقة فقد ضعف. ثم لو صح هذا لکان نصا في خلافة الثلاثة ولا يصح بوجه، فان عايشة لم تکن يومئذ دخل بها النبي صلي الله عليه وسلم وهي محجوبة صغيرة فقولها هذا يدل علي بطلان الحديث. إلخ.

[صفحه 336]

أسفي علي الحاکم فإنه يخرج عن عائشة هذه الرواية ويصححها وقد أخرج عنها قبلها في «المستدرک» ج 3 ص 78 انها قالت: لو کان رسول الله صلي الله عليه وسلم مستخلفا لاستخلف أبا بکر وعمر. وصححه هو وأقره الذهبي.

4- عن عبدالله بن عمر قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: يا بلال أذن في الناس: إن الخليفة بعدي أبوبکر. يا بلال ناد في الناس: إن الخليفة بعد أبي بکر عمر. يا بلال ناد في الناس:إن الخليفة من بعد عمر عثمان. يا بلال امض أبي الله إلا ذلک- ثلاث مرات-

أخرجه أبونعيم في فضائل الصحابة. والخطيب في تاريخه 7 ص 429 من دون أي غمز فيه. وإبن عساکر في تاريخ الشام، ورواه الذهبي باسناد الدارقطني وعمرو بن شاهين في ميزانه 1 ص 387 فقال: هذا موضوع. وقال في سعيد بن عبدالملک أحد رجال الاسناد: قال أبوحاتم يتکلمون فيه يروي أحاديث کذب.

لم لم تسمع اذن الدنيا قط نداء بلال حينما أذن في الناس بالخلافه؟ هل خالف بلال أمر النبي صلي الله عليه وآله ولم يناد؟ حاشاه. أو ضرب الله في آذان امة محمد وقرا فلم يسمع أحد ذلک النداء؟ لاوالله. بل ما أمر صلي الله عليه وآله وسلم بشئ من هذا، ولا أذن بلال ولا أسمع، لکن الهوي خلق بعدلاي من عمر الدهر أذانا سمعه من لا يؤمن به.

5- مرفوعا: أبوبکر يلي امتي من بعدي.

ذکره الذهبي في ميزانه 3 ص 93 وقال: خبر کذب جاء به محمد بن عبدالرحمن وهو لا يعرف أو هو إبن قراد- الکذاب الوضاع المذکور ص 260.

6- عن الزبير بن العوام قال: سمع النبي صلي الله عليه وسلم يقول: ألخليفة بعدي أبوبکر وعمر ثم يقع الاختلاف. فقمنا إلي علي فأخبرناه فقال: صدق الزبير سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول ذلک.

من موضوعات عبدالرحمن بن عمرو بن جبلة. ذکره الذهبي في ميزانه 1 ص 147 فقال:هذا باطل والآفة من عبدالرحمن.

إن کان أميرالمؤمنين عليه السلام سمع ما سمعه زبير من رسول الله صلي الله عليه وآله فما باله يدعيها لنفسه عند طلب البيعة ويخالف رسول الله صلي الله عليه وآله فيما نص عليه؟ وکيف يکون ما شجر بينه وبين القوم من الخلاف الذي ملا الخافقين حديثه؟ وما بال الزبير الراوي عن رسول

[صفحه 337]

الله صلي الله عليه وآله تخلف عن بيعة أبي بکر يوم ذاک واخترط سيفه وهو يقول: لا أغمده حتي يبايع علي؟.

7- مرفوعا: إن جبرائيل قال: أبوبکر وزيرک في حياتک وخليفتک بعد موتک. من موضوعات أبي هارون إسماعيل بن محمد الفلسطيني. قال الذهبي في «ميزان الاعتدال» 1 ص 114: ذکره إبن الجوزي باسناد مظلم وقال: أبوهارون کذاب.

سبحانک اللهم ما أجرأهم علي المهيمن الجبار وعلي أمين وحيه وعلي قدس صاحب الرسالة فعزوا إليه حکما نزل به الروح الامين لان يصدع به في الملا من امته ليسلکوا طريقه المهيع باتباع الخليفة من بعده لکنه صلي الله عليه وآله جعجع بتبليغه إلي أن يأتي الرجل من فلسطين فأنهاه إليه صلي الله عليه وآله ليبلغ من حوله من المهاجرين والانصار. نعم: هکذا يکون الاکل من القفا. لا. هکذا يکون أمر دبر بليل، أو يتزلف الفلسطيني إلي صاحب السلطة الوقتية بالافتعال له.

8- عن أبي سعيد الخدري مرفوعا: قال لما عرج بي قلت: أللهم اجعل الخليفة من بعدي عليا قال: فارتجت السماوات وهتف بي الملائکة يا محمد إقرأ: وما تشاؤن إلا أن يشاء الله، وقد شاء الله أبا بکر.

من موضوعات يوسف بن جعفر الخوارزمي. ذکره الذهبي في ميزانه 3 ص 329 وقال: ذکره إبن الجوزي، ان هذا من وضع يوسف. وأخرجه الجوزقاني وفي آخره: قد شاء الله أن يکون الخليفة من بعدک أبوبکر الصديق. ثم قال: موضوع وضعه يوسف بن جعفر- لي 1 ص 156- وفي لفظ: إن الله يفعل ما يشاء الخليفة بعدک أبوبکر.

9- عن علي (أميرالمؤمنين) مرفوعا: يا علي سألت الله ثلاثا أن يقدمک فأبي علي إلا أن يقدم أبا بکر.

أخرجه الخطيب في تاريخه 11 ص 213 بسند تافه ساکتا عن الغمز فيه جريا علي عادته. وذکره الذهبي في «ميزان الاعتدال» 2 ص 222 من طريق الخطيب عن أبي حجيفة وقال: خبر باطل لعل آفته علي بن الحسين الکلبي. وزيفه إبن حجر في«الفتاوي الحديثية» ص 126. وعده السيوطي في «الجامع الکبير» کما في ترتيبه 6 ص 139 من فضائل أبي بکر نقلا عن الديلمي، وذکره محب الدين الطبري في الرياض 150: 1 باللفظ المذکور و

[صفحه 338]

لفظ: نازلت الله فيک ثلاثا فأبي أن يقدم إلا أبا بکر ثم قال: غريب.

قال الاميني: إني مسائل مفتعل هذا الرواية وأعضاده من حفاظ الحديث- الامناء علي ودايع العلم والدين-بعد الفراغ عن أن أمر الخلافة لا يستقر في أحد إلا بتعين المولي سبحانه ومشيئته. والله يفعل ما يشاء. وما تشاؤن إلا أن يشاء الله. وقد شاء أبا بکر، اين يکون محل دعاء النبي صلي الله عليه وآله في أن يجعلها في علي عليه السلام من قبل أن يعلم مستقره عند الله تعالي؟ فکان من واجبه أن يسئله عن محله عنده لا أن يطلب منه طلبة ترتج لها السماوات والملائکة وما ذلک إلا لکونه منکرا من الطلب. نجل نبينا عن الاسفاف إلي هذه الضعة.

وکيف خفي عليه صلي الله عليه وآله من يستأهل الخلافة من امته ويختار لها من يأبي الله والسماوات ومن فيها والمؤمنون[1] له ذلک؟ نعوذ بالله من السفاسف.

ثم ما بال النبي الاعظم يتأخر علمه بذلک عن علم الملائکة والسماوات والحاجة له ولامته، وخطاب التبليغ متوجه إليه، والتکليف بالخضوع متوجه إلي امته؟ و لم يکن جميع الملائکة والسماوات حملة الوحي إلي النبي صلي الله عليه وآله حتي يتقدم علمهم علي علمه[2] .

وما الذي دعاه صلي الله عليه وآله إلي ذلک التأکيد وتکرار المسألة مرة بعد اخري وقد أبي الله أن يجيبها وشاء خلاف تلک الدعوة؟.

إلي أسؤله هامة تأتي وهي مشکلات لا أحسب أن يجد کل من يعتمد علي هذه الرواية إلي حلها سبيلا. اف تف لمؤلف يذکر مثل هذه الافيکة ويراها لطيفة[3] ولآخر يراها غريبا ويقول: يعتضد بالاحاديث الصحيحة[4] أللهم إليک المشتکي.

10- أخرج الخطيب في تاريخه 14 ص 24 بإسناده عن إبراهيم بن هاني عن هارون المستملي المتوفي 247 عن يعلي[5] بن الاشدق عن عبدالله بن جراد قال: اتي

[صفحه 339]

رسول الله صلي الله عليه وسلم بفرس فرکبه وقال: يرکب هذا الفرس من يکون الخليفة من بعدي. فرکبه أبوبکر الصديق.

قال الاميني: کأن الخطيب أدهشه فرس الخلافة- ذاهلا عن انه لم يخلق بعد- فسکت عما في سند الرواية من الغمز الفاحش الذي لا يخفي علي مثل الخطيب فارس الجرح والتعديل، وإليک مجمل القول في رجاله:

1- إبراهيم بن هاني، قال ابن عدي: مجهول يأتي بالبواطيل.

2- هارون المستملي،قال له أبونعيم: يا هارون اطلب لنفسک صناعة غير الحديث فکأنک بالحديث قد صار علي مزبلة.

3- يعلي بن الاشدق: أحد الکذابين کما مر في سلسلتهم.

4- عبدالله بن جراد عم يعلي، قال الذهبي في ميزانه: مجهول لا يصح خبره لانه من رواية يعلي بن أشدق الکذاب عنه، وقال أبوحاتم: لا يعرف ولا يصح خبره. وقال إبن حجر في «الاصابة» 2 ص 288: يعلي بن أشدق أحد الضعفاء، وعبدالله بن جراد واه ذاهب الحديث ولم يثبت حديثه.

وذکر السيوطي الرواية في الموضوعات- لي 1 ص 156- وأردفه بقوله: موضوع، إبن جراد ليش بشئ. ثم نقل کلمات الحفاظ في تضعيف إبن جراد وتزييفه.

11- عن جابر مرفوعا: أبوبکر وزيري والقائم في امتي من بعدي. وعمر حبيبي ينطق علي لساني. وعثمان مني. وعلي أخي وصاحب لوائي. وفي کنز العمال 6 ص 160 عن أنس: أبوبکر وزيري يقوم مقامي. وعمر ينطق بلساني. وأنا من عثمان وعثمان مني.

من موضوعات کادح بن رحمة الکذاب، أخرجه ابن السمان في «الموافقة» کما في «الرياض النضرة» ج 1 ص 28. وذکره الذهبي في ميزانه من طريق کادح وقال: قال ابن عدي عامة أحاديثه غير محفوظة ولا يتابع في أسانيده ولا في متونه. وقال الحاکم وأبونعيم روي عن مسعر والثوري أحاديث موضوعة. (لسان الميزان 481: 4).

12- أخرج إبن عساکر عن عبدالرحمن بن أبي بکر عن رسول الله صلي الله عليه وسلم انه قال: إئتني بدواة وکنت أکتب لکم کتابا لا تضلوا بعده أبدا. ثم قال:يأبي الله والمؤمنون إلا أبا بکر. کنز 6 ص 139.

[صفحه 340]

13- عن عائشة قالت قال لي رسول الله صلي الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه: ادعي لي أباک وأخاک حتي أکتب کتابا فأني أخاف أن يتمني متمن ويقول قائل: أنا أولي و يأبي الله والمؤمنون إلا أبا بکر.

أخرجه مسلم وأحمد وغيره من طرق عنها وفي بعضها: قال لي رسول الله صلي الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه: ادعي لي عبدالرحمن بن أبي بکر أکتب لابي بکر کتابا لا يختلف عليه أحد. ثم قال: دعيه معاذ الله أنه يختلف المؤمنون في أبي بکر.

وفي لفظ عن عبدالله بن أحمد: أبي الله والمؤمنون أن يختلف عليک يا أبا بکر. «الصواعق» لابن حجر ص 13. شرح «مشارق الانوار» 2 ص 258.

14- عن عائشة مرفوعا: لقد هممت أن ارسل إلي أبي بکر وابنه (أراد به عبدالرحمن) وأعهد (أي اوصي أبا بکر بالخلافة بعدي) أن يقول القائلون (أي کراهة أن يقول قائل: أنا أحق منه بالخلافة) أو يتمني المتمنون (أي أو يتمني أحد أن يکون الخليفة غيره) ثم قلت: يأبي الله ويدفع المؤمنون (يعني ترکت الايصاء إعتمادا علي أن الله تعالي يأبي عن کون غيره خليفة وأن يدفع المؤمنون غيره) أو: يدفع الله ويأبي المؤمنون.

أخرجه الصغاني في «مشارق الانوار» عن البخاري. وفي هامشه: لم نجده في صحيح البخاري فليراجع. وشرحه إبن الملک بما جعلناه بين القوسين في شرحه 2 ص 90. وذکره ابن حزم في الفصل 4 ص 108 فقال: فهذا نص جلي علي استخلافه عليه الصلاة والسلام أبا بکر علي ولاية الامة بعده.

هذه صورة ممسوخة من حديث الکتف والدواة المروي بأسانيد جمة في الصحاح والمسانيد وفي مقدمها الصحيحان حولوه إلي هذه الصورة لما رأوا الصورة الصحيحة من الحديث لا تتم بصالحهم، لکنها الرزية کل الرزية کما قاله ابن عباس في الصحيح، فان رسول الله صلي الله عليه وآله منع في وقته عن کتابه ما رامه من الايصاء بما لا تضل الامة بعده وکثر هناک اللغط، ورمي صلي الله عليه وآله بما لا يرصف به، أو قال قائلهم: إن الرجل ليهجر. أو: إن الرجل غلبه الوجع. وبعد وفاته صلي الله عليه وآله قلبوا ذلک التاريخ الصحيح إلي هذا المفتعل وراء أمر دبر بليل.

قال ابن أبي الحديد في شرح «نهج البلاغة» 3 ص 17: وضعوه في مقابلة الحديث

[صفحه 341]

المروي عنه في مرضه: ائتوني بدواة وبياض أکتب لکم ما لا تضلون بعده أبدا فاختلفوا عنده وقال قوم منهم: لقد غلبه الوجع حسبنا کتاب الله.

قال الاميني:لا تخلو هذه الاستعاذة[6] إما أن تکون في حيز الاخبار عن عدم الاختلاف أو في مقام النهي عنه. وعلي الاول يلزم منه الکذب لوقوع الاختلاف- و أي اختلاف- بالضرورة من أميرالمؤمنين وبني هاشم ومن التف بهم من صدور الصحابة ومن سيد الخزرج سعد بن عبادة وبقية الانصار، وإن أخضعت الظروف والاحوال أولئک المتخلفين عن البيعة للخلافة المنتخبة بعد برهة، فقد کان في القلوب ما فيها إلي آخر أعمارهم، وفي قلوب شيعتهم وأتباعهم إلي يوم لقاء الله، وکان لامير المؤمنين عليه السلام وآله و شيعته في کل فجوة من الوقت وفرصة من الزمن نبرات وتنهدات ينبأ فيها عن الحق المغتصب والخليفة المهتضم.

وعلي الثاني يلزم تفسيق امة کبيرة من أعيان الصحابة لمخالفتهم نهي النبي صلي الله عليه وآله بما شجر بينهم وبين القوم من الخلاف المستعاذ منه بالله في أمر الخلافة، وهذا لا يلتأم مع حکمهم بعدالة الصحابة أجمعين إلا أن يخصوها بغير أميرالمؤمنين ومن انضوي إليه، و کل هذه يأدي إلي بطلان الرواية.

وهلم معي إلي ام المؤمنين الراوية لها نساؤلها عن أنها لم لم تنبس يوم التنازع عما روته ببنت شفة، فتجابه من ينازع أباها بنص الرسول الامين وأخرت البيان عن وقت الحاجة؟ ولعلها تجيب بأنها لم تسمع قط من بعلها الکريم شيئا مما الصق بها، لکن رواة السوء بعد وفاتها لم ترع لها کرامة فصعدت وصوبت، وشاهد هذا الجواب ما سيوافيک عنها بطريق صحيح ما ينافي الاستخلاف.

15- عن عايشة قالت قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أئمة الخلافة من بعدي أبوبکر وعمر. ألحديث.

ذکره الذهبي في ميزانه 2 ص 227 وقال: خبر باطل، ألمتهم بوضعه علي- بن صلح الانماطي- فإن الرواة ثقاة سواه.

قال الاميني: من المأسوف عليه ان الدهشة بالقلاقل بعد وفاة النبي صلي الله عليه وسلم أنست

[صفحه 342]

عايشة هذه الرواية يوم کان يستفيد بها أبوها ويسلم من مغبة الاختيار في أمر الخلافة بالاسناد إلي النص الصريح. أو خشيت حين ذلک إن فاهت أن يقال:حلبت حلبا لها شطرها، فارجئتها إلي أن سبق السيف العذل، والصحيح: أنها أرجئت روايتها إلي أن لفظت نفسها الاخير، وسيوافيک عنها خلاف هذه الرواية من طريق صحيح.

16- عن عبدالله بن عمر مرفوعا: يکون بعدي اثنا عشر خليفة أبوبکر الصديق لا يلبث بعدي إلا قليلا. وصاحب رحا دارة العرب يعيش حميدا ويقتل شهيدا عمر. و أنت يا عثمان سيسألک الناس أن تخلع قميصا کساک الله عزوجل إياه، والذي نفسي بيده لئن خلعته لا تدخل الجنة حتي يلج الجمل في سم الخياط.

أخرجه البيهقي کما في تاريخ إبن کثير 6 ص 206 باسناده وفيه عبدالله بن صالح الکذاب، وربيعة بن سيف قال البخاري: عنده مناکير. وذکره الذهبي في«ميزان الاعتدال» 2 ص 48 من طريق يحيي بن معين وقال: أنا أتعجب من يحيي مع جلالته ونقده کيف يروي مثل هذا الباطل ويسکت عنه؟ وربيعة صاحب مناکير وعجائب.

17- عن إبن عباس في قوله تعالي: وإذ أسر النبي إلي بعض أزواجه حديثا. قال: أسر إلي حفصة: أن أبا بکر ولي الامر من بعده، وان عمر واليه من بعد أبي بکر، فأخبرت بذلک عائشة. رواه البلاذري في تاريخه.

وفي «نزهة المجالس» 2 ص 192: قال إبن عباس رضي الله عنهما، والله إن إمارة أبي بکر وعمر لفي کتاب الله وإذ أسر النبي إلي بعض أزواجه حديثا قال لحفصة: أبوک وأبوعائشة أولياء الناس بعدي فاياک أن تخبري به أحدا.

وأخرج الذهبي عن عايشة: وإذا أسر النبي إلي بعض أزواجه حديثا. قالت: أسر إليها: أن أبا بکر خليفتي من بعدي. عده الذهبي في «ميزان الاعتدال» 1 ص 294 من أباطيل خالد بن إسماعيل المخزومي الکذاب.

18- عن إبن عباس قال: لما نزلت إذا جاء نصر الله والفتح جاء العباس إلي علي فقال: قم بنا إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فصارا إلي رسول الله فسألاه عن ذلک فقال: يا عباس! يا عم رسول الله! إن الله جعل أبا بکر خليفتي علي دين الله ووحيه فاسمعوا له تفلحوا وأطيعوا ترشدوا، قال العباس: فأطاعوه والله فرشدوا.

[صفحه 343]

وفي لفظ آخر: يا عم! ان الله جعل أبا بکر خليفتي علي دين الله ووحيه فأطيعوه بعدي تهتدوا واقتدوا به ترشدوا. قال إبن عباس: ففعلوا فرشدوا.

أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه 11 ص 294- من دون أي غمز في سنده و متنه- من طريق عمر بن إبراهيم بن خالد الکذاب،غير ان السيوطي حکي عنه «في«اللئالي» 1 ص 152 إردافه بقوله: عمر کذاب. وهذا لا يوجد في المطبوع من تاريخ بغداد فکأن يد الطبع الامينة حرفته خدمة للمبده، وعمر هو إبن ابراهيم القرشي الکردي الکذاب الوضاع. وقال الذهبي في ميزانه 2 ص 249: هذا الحديث ليس بصحيح.

قال الاميني: أسفي إن کان العباس قد سمع من رسول الله صلي الله عليه وسلم هذا النص الصريح، وکان إبنه يجد خلافة الشيخين في الکتاب العزيز، ويخبر به الناس مشفعا بالحلف بالله، و امر بالطاعة والاقتداء بهما فلماذا خالف ذلک کله؟ ولماذا تخلف عن بيعة أبي بکر؟[7] .

وما الذي حداه إلي أن يأتي أميرالمؤمنين عليه السلام يوم توفي النبي صلي الله عليه وآله في ضحاة فيقول له: إذهب إلي رسول الله فسله فيمن يکون هذا الامر؟ فإن کان فينا علمنا ذلک، وإن کان في غيرنا امر به فأوصي بنا. ويقول علي عليه السلام: والله لئن سألناها رسول الله فمنعناها لا يعطيناها الناس أبدا، والله لا أسألها رسول الله أبدا. فتوفي رسول الله حين اشتد الضحي من ذلک اليوم[8] .

وفي لفظ آخر: فانطلق بنا إليه فنسأله من يستخلف؟ فان استخلف منا فذاک وإلا فأوصي بنا فحفظنا من بعده. ألحديث.

وما دعاه إلي أن يقول لعلي لما قبض رسول الله صلي الله عليه وآله: أبسط يدک ابايعک فيقال عم رسول الله بايع إبن عم رسول الله ويبايعک أهل بيتک، فإن هذا الامر إذا کان لم يقل[9] فيقول علي کرم الله وجهه: ومن يطلب هذا الامر غيرنا؟[10] .

[صفحه 344]

وفي لفظ إبن سعد في طبقاته: قال علي: يا عم! وهل هذا الامر إلا إليک؟ وهل من أحد ينازعکم في هذا الامر؟

وما باله يلاقي أبا بکر فيسأله هل أوصاک رسول الله بشئ؟ فيقول: لا. أو يلاقي عمر ويسأل مثل ذلک فيسمع: لا. ثم بعد أخذ الاعتراف من الرجلين علي عدم الاستخلاف يقول لعلي: أبسط يدک ابايعک ويبايعک أهل بيتک[11] .

أو يقول: يا علي! قم حتي ابايعک ومن حضر فان هذا الامر إذا کان لم يرد مثله والامر في أيدينا، فقال علي: وأحد يطمع فيه غيرنا؟ قال العباس: أظن والله سيکون[12] .

وما حداه إلي کلامه لعلي يوم استخلف عثمان؟: إني ما قدمتک قط إلا تأخرت، قلت لک: هذا الموت بين في وجه رسول الله فتعال نسأله عن هذا الامر فقلت: أتخوف أن لا يکون فينا فلا نستخلف أبدا. ثم مات وأنت المنظور إليه فقلت: تعال ابايعک فلا يختلف عليک فأبيت. ثم مات عمر فقلت لک: قد أطلق الله يديک فليس لاحد عليک تبعة فلا تدخل في الشوري عسي ذلک أن يکون خيرا[13] .

صورة اخري

قال العباس: لم أدفعک في شئ إلا رجعت إلي متأخرا بما أکره، أشرت عليک عند وفاة رسول الله صلي الله عليه وسلم في هذا الامر فأبيت، وأشرت عليک بعد وفاة رسول الله صلي الله عليه وسلم أن تعاجل الامر فأبيت، وأشرت عليک حين سماک عمر في الشوري أن لا تدخل معهم فأبيت, فاحفظ عني واحدة کلما عرض عليک القوم فامسک إلي أن يولوک واحذر هذا الرهط فإنهم لا يبرحون يدفعوننا عن هذا الامر حتي يقوم لنا فيه غيرنا. ألعقد الفريد 2 ص 257.

19- عن أبي هريرة قال: بينما جبريل مع النبي صلي الله عليه وسلم إذ مر أبوبکر فقال: هذا أبوبکر. قال: أتعرفه يا جبريل؟ قال: نعم إنه لفي السماء أشهر منه في الارض، فإن الملائکة لتسميه حليم قريش، وانه وزيرک في حياتک وخليفتک بعد موتک.

أخرجه إبن حبان من طريق إسماعيل بن محمد بن يوسف وقال: إسماعيل يسرق الحديث لا يجوز الاحتجاج به. وقال إبن طاهر: کذاب. ورواه أبوالعباس اليشکري

[صفحه 345]

في فوائده اليشکريات کما في «اللئالي» 1 ص 152 من طريق أحمد بن الحسن بن أبان المصري وهو ذلک الکذاب الدجال الوضاع.

20- أخرج إبن عساکر عن أبي بکرة قال: أتيت عمر رضي الله عنه وبين يديه قوم يأکلون فرمي ببصره في مؤخر القوم إلي رجل فقال: ما تجد فيما تقرأ قبلک من الکتب قال: خليفة النبي صلي الله عليه وسلم صديقه. ذکره السيوطي في «الخصايص الکبري» 1 ص 30 عند إثبات ذکر أبي بکر في کتب الامم السابقة.

هذه الرواية لم نقف لها علي اسناد وحسبها من الوهن إرسالها فيما نجد، ولم نعرف الکتابي الذي کان في مؤخر القوم حتي ينظر في مبلغه من الدين والثقة، وبعد فرض ثبوتها فهي إنما تدل علي ما يحاوله عمر بعد أن يخصم المجادل في ثبوت هذا الاستخلاف وهذا اللقب من النبي صلي الله عليه وسلم لابي بکر، وعدم مشارکة غيره له فيهما، والاول محل نظر عند من لا يري أبا بکر أول الخلفاء، وتلقيب الناس له بهما لا ينهض لاثبات تطبيق ما في الکتب السالفة عليه فإنه يدور مدار الواقع لا تلقيب الناس. وأما الثاني: فقد ثبت في الصحيح المتواتر قوله صلي الله عليه وآله: إني مخلف فيکم خليفتين. وليس أبوبکر احدهما، وصح قوله لعلي عليه السلام: أنت أخي ووصي وخليفتي من بعدي[14] فعلي عليه السلام خليفة أخيه النبي الاقدس من يومه الاول وهو لا ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي

کما مر أن مولانا أميرالمؤمنين لقبه رسول الله صلي الله عليه وآله بالصديق. وهو صديق هذه الامة. وهو أحد الصديقين الثلاثة. وهو الصديق الاکبر. راجع الجزء الثاني من هذا الکتاب 314 -312 وتجد هنالک بسند صحيح رجاله ثقات عند الحفاظ تکذيب أميرالمؤمنين کل من يدعي هذا اللقب غيره، إذن فلا شاهد في الرواية علي أن المراد بالصديق والخليفة من حاولوه

21- قال محمد بن الزبير أرسلني عمر بن عبدالعزيز إلي الحسن البصري أسأله عن أشياء فجئته فقلت له: اشفني فيما اختلف فيه الناس هل کان رسول الله صلي الله عليه وسلم استخلف أبا بکر؟ فاستوي الحسن قاعدا فقال: أو في شک هو؟ لا أبا لک، أي والله الذي لا إله إلا هو لقد استخلفه، ولهو کان أعلم بالله وأتقي له وأشد له مخافة من أن يموت عليها

[صفحه 346]

لو لم يؤمره. أخرجه إبن قتيبة في «الامامة والسياسة» ص 4 وفي آخره: وهو کان أعلم بالله تعالي وأتقي لله تعالي من أن يتوثب عليهم لو لم يأمره. وذکره إبن حجر في الصواعق ص 15.

انظر إلي هذا المتقشف المتزهد الجامد کيف يحلف کذبا بالله تعالي علي ما لا تعترف به الامة جمعاء حتي نفس أبي بکر وعمر وسيوافيک الصحاح الناصة من طريق القوم علي عدم الاستخلاف من النبي صلي الله عليه وآله وسلم عن أميرالمؤمنين علي وأبي بکر وعمر وعايشة، وسيوافيک في هذا الجزء والجزء السابع ما جاء في الصحيح الثابت من قول أبي بکر في مرضه الذي توفي فيه: وددت اني کنت سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم لمن هذا الامر؟ فلا ينازعه أحد، ووددت اني کنت سألته هل للانصار في هذا الامر نصيب؟ فقول الرجل داء فيما اختلف فيه الناس لا شفاء کما حسبه السائل.

22- أخرج إبن حبان عن سفينة لما بني رسول الله صلي الله عليه وسلم المسجد[15] وضع في البناء حجرا وقال لابي بکر: ضع حجرک إلي جنب حجري. ثم قال لعمر: ضع حجرک إلي جنب حجر أبي بکر. ثم قال لعثمان: ضع حجرک إلي جنب حجر عمر. ثم قال: هؤلاء الخلفاء بعدي.

ذکره إبن حجر في «الصواعق» ص 14 وقال: قال أبوزرعة: إسناده لا بأس به، و قد أخرجه الحاکم في المستدرک»[16] وصححه البيهقي في الدلائل، وذکره إبن کثير في «البداية والنهاية» 204: 6.

ليت إبن حجر ذکر سند الرواية ولم يرسله حتي تأتي للقارئ وقوفه علي بطلانه وبطلان الحکم بصحته، وقد أخرجوه من طريق نعيم من حماد المذکور في سلسلة الکذابين وحسبه منقصة ومغمزة. ثم ليت مصحح هذه الرواية کان يعرف ان صحة هذا النص علي الخلافة تضعضع حجر مبدءه الاساسي، وتبطل ما ذهب إليه هو وقومه من الخلافة الانتخابية، وتضاد ما صححوه عن أبي بکر وعمر وعلي وعائشة ووو- کما يأتي- من أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم مات ولم يستخلف. وقد أبطله الذهبي بما ذکر عند ما أخرجه الحاکم من

[صفحه 347]

طريق عائشة کما مر في ص 335.

23- عن عبدالله بن عمر مرفوعا: إقتدوا باللذين من بعدي: أبوبکر وعمر.

أخرجه العقيلي من طريق مالک وقال: هذا حديث منکر لا أصل له. وأخرجه الدارقطني من رواية أحمد الخليلي الضميري بسنده ثم قال: لا يثبت والعمري-يعني محمد بن عبدالله حفيد عمر بن الخطاب راوي الحديث- ضعيف. وقال إبن حبان: لا يجوز الاحتجاج به، وقال الدارقطني: ألعمري يحدث عن مالک بأباطيل. لم 5 ص 237.

24- روي الحسن بن صالح القيسراني عن إسحاق بن محمد الانصاري انه قال: سألت يموت بن المزرع بن يموت فقلت: يا استاذ! کيف لم يستخلف رسول الله صلي الله عليه وسلم عليا واستخلف أبا بکر؟ فقال: سألت الجاحظ عن هذا فقال: سألت ابراهيم النظام عن هذا فقال: قال الله عزوجل وعد الله الذين آمنوا منکم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض کما استخلف الذين من قبلهم. الآية. وکان جبريل ينزل علي النبي صلي الله عليه وسلم يحدثه بعد الوحي کما يحدث الرجل الرجل فقال: يا جبريل من هؤلاء الذين يستخلفهم الله في الارض؟ فقال جبريل: أبوبکر وعمر وعثمان وعلي، ولم يکن بقي من عمر أبي بکر إلا سنتين فلو استخلف عليا لم يلحق أبوبکر وعمر وعثمان من الخلاف شيئا ولکن الله رتبهم لعلمه بما بقي من أعمارهم حتي تم ما وعدوهم الله تبارک وتعالي به.

أخرجه إبن عساکر في تاريخه 4 ص 186. وليت شعر شاعر انه إن کان جبرئيل فسر الآية الکريمة بما فسر، ووعاه النبي الاعظم، وبلغ الامة به لتوفر الدواعي للبيان ليعرف کل أحد رشده وهداه، وکانت الحاجة ماسة بالمباردة إلي ذلک، فکيف خفي ذلک علي الامة جمعاء؟ لا سيما علي أميرالمؤمنين وأبي بکر وعمر وإبن عباس حبر الامة وعايشة، فلا احتج به أحد ولا أسند إليه عند الحوار في أمر الخلافة، وما مقيل هذه الجلبة والضوضاء في تعيين الخليفة؟ هل المعين له النص أو إجماع الامة؟ ولم يقل بالاول إلا الشيعة، وأما الذين خلقت هذه الرواية لهم فلا يقيمون للنص وزنا ولا يدعون وجوده في کتاب أو سنة ويقول عمر: إن لم استخلف فلم يستخلف من هو خير مني.

وإن کان الامر کما يرتأيه- النظام- فما حال المتخلفين عن البيعة عندئذ؟ هل هم

[صفحه 348]

محکومون بالعدالة کما يعتقدها أهل السنة في الصحابة أجمع؟ أو انه يستثني منهم قتلة عثمان کما عند إبن حزم؟ فهل يستصحب فيهم هذا الحکم؟ أو......... وفيهم من نزل بعصمتهم الکتاب الکريم؟ وفيهم وجوه الصحابة وأعيانها. أو انهم متأولون مجتهدون قبال هذا النص الصريح؟ وکم له من نظير في الصحابة.

هذا مع غض الطرف عما جاء في بعض رجال هذا السند من القذائف والطامات وفي مقدمهم النظام قال إبن قتيبة: کان شاطرا من الشطار مشهورا بالفسق. وقال الذهبي: متهم بالزندقة- لم 1 ص 67- وبعده تلميذه الجاحظ مر في سلسلة الکذابين ص 248، وبعده هلم جر.

25- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده- حفيد عمرو بن العاص- قال: لما اشتبکت الحرب يوم خيبر قيل للنبي صلي الله عليه وسلم: هذه الحرب قد اشتبکت فاخبرنا بأکرم أصحابک عليک؟ فإن يکن أمر عرفناه وإن تکن الاخري أتيناه فقال: أبوبکر وزيري يقوم في الناس مقامي من بعدي. وعمر ينطق بالحق علي لساني، وأنا من عثمان وعثمان مني. وعلي أخي وصاحبي يوم القيامة.

ذکره الذهبي من طريق العقيلي وقال: ألمتهم بوضع هذا ألشيخ الجاهل- يعني سليمان بن شعيب بن الليث المصري-.

وأخرجه الخطيب في تاريخه 13 ص 161 بلفظ: لما اشتبکت الحرب يوم حنين دخل جندب بن عبدالله علي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن هذه الحرب قد اشتبکت ولسنا ندري ما يکون، أفلا تخبرنا بأخير أصحابک وأحبهم إليک؟ فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: هي ياهيه لله أبوک أنت القائد لها بأزمتها، هذا أبوبکر الصديق يقوم في الناس من بعدي. وهذا عمر بن الخطاب حبيبي ينطق بالحق علي لساني. وهذا عثمان بن عفان هو مني وأنا منه. وهذا علي بن أبي طالب أخي وصاحبي حتي تقوم القيامة. رجال سنده:

1- علي بن حماد بن السکن. قال الدار قطني: متروک الحديث.

2- مجاعة بن ثابت. کذاب. راجع سلسلة الکذابين.

3- إبن لهيعة. قال يحيي: ليس بالقوي. وقال مسلم: ترکه وکيع ويحيي القطان وإبن مهدي.

[صفحه 349]

4- عمرو بن شعيب. قال أبوداود: عمرو عن أبيه عن جده ليس بحجة.

ولعل الخطيب سکت عن إبطال مثل هذه الرواية ثقة بأن بطلانها سندا ومتنا لا يخفي علي أي أحد.

26- عن أنس قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: يا عثمان إنک ستلي الخلافة من بعدي، وسيريدک المنافقون علي خلعها فلا تخلعها، وصم ذلک اليوم تفطر عندي.

ذکره الذهبي في ميزانه 1 ص 300 من طريق خالد بن محمد أبي الرحال البصري الانصاري وقال: عنده عجائب، وقال إبن حبان: لا يجوز الاحتجاج به. وفي لم 794: 6 قال أبوحاتم: ليس بالقوي.

27- عن أبي هريرة في حديث: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: يا حفصة ألا ابشرک؟ قالت: بلي. قال: يلي الامر من بعدي أبوبکر ثم أبوک اکتمي علي. فخرجت حتي دخلت علي عائشة فقالت لها: ألا ابشرک يا ابنة أبي بکر؟ قالت: بماذا؟ فذکرت لها وقالت: قد استکتمني فاکتميه فأنزل الله تعالي: يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لک تبتغي مرضاة أزواجک. ألآيات. أخرجه الماوردي في «أعلام النبوة» ص 81 مرسلا.

وأخرجه العقيلي من طريق موسي بن جعفر الانصاري فقال: مجهول بالنقل لا يتابع علي حديثه ولا يصح. وذکره الذهبي في ميزان الاعتدال في ترجمة موسي وقال: لا يعرف وخبره ساقط. ثم قال بعد ذکر الحديث: قلت هذا باطل. «لم 6 ص 113».

ومتن الحديث أفسد من سنده لان الولاية المذکورة إن کانت شرعية فإن من واجبه صلي الله عليه وآله وسلم إفشاءها ليعرف الناس طريق الحق وصاحب الولاية المفترض طاعته فيسعدوا بذلک لاکتمانها فيبقوا حياري لا يدرون عمن يأخذون معالم دينهم فيتشبثون في تشخيصه بالطحلب من خيرة مبتورة، وإجماع مخدج.

وإن کانت غير مشروعة فکان من واجبه صلي الله عليه وآله نهيهما عن ارتکابها، أو أمر حفصة بأن تنهي إليهما أمره صلي الله عليه وآله إياهما بالتجنب عن ورطة الهلکة- لا الستر والامر بالکتمان- حتي لا يقعا فيها من حيث لا يشعران، بل کان من حق المقام أن يعرف الملا الديني بذلک ليهلک من هلک عن بينة ويحيي من حي عن بينه.

[صفحه 350]

وعليه فإن صح الحديث فليس هو إلا إخبارا منه صلي الله عليه وآله بقضية خارجية، و إن کان وقوعها قهرا، ولا ينافيه لفظ البشري لکونه إخبارا بما تهش إليه نفس حفصة من تقلد أبيها زعامة الامة، فجري الکلام مجري رغباتها ولذلک لم تبد به حفصة عند مسيس حاجة الامة إلي نص مثله- إن کان الحديث نصا- عند محتدم الحوار بينها، وإنما أمرها بالکتمان کان لمصالح لا تخفي علي الباحث.

28- عن جعفر بن محمد (الامام الصادق) عن أبيه عن جده قال: توفيت فاطمة ليلا فجاء أبوبکر وعمر وجماعة کثيرة فقال أبوبکر لعلي: تقدم فصل. قال: لا والله لا تقدمت وأنت خليفة رسول الله صلي الله عليه وسلم فتقدم أبوبکر فصلي أربعا.

عده الذهبي من مصائب أتي بها عبدالله بن محمد القدامي المصيصي عن مالک. وقال إبن عدي: عامة حديثه غير محفوظة. وقال إبن حبان: يقلب الاخبار لعله قلب علي مالک أکثر من مائة وخمسين حديثا. وقال الحاکم والنقاش: روي عن مالک أحاديث موضوعة. وقال السمعاني في «الانساب»: کان يقلب الاخبار لا يحتج به «م 2 ص 70، لم 3 ص 334».

هذه الاکذوبة علي الامام الطاهر الصادق تخالف ما في التاريخ الصحيح عن عائشة قالت: دفنت فاطمة بنت رسول الله ليلا دفنها علي ولم يشعر بها أبوبکر رضي الله عنه حتي دفنت وصلي عليها علي بن ابي طالب رضي الله عنه. ک 3 ص 163، صححه الحاکم وأقره الذهبي. وقال الحلبي في السيرة النبوية 3 ص 360: قال الواقدي: ثبت عندنا أن عليا کرم الله وجهه دفنها ليلا وصلي عليها ومعه العباس والفضل ولم يعلموا بها أحدا.

29- عن أنس بن مالک: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ما قدمت أبا بکر وعمر ولکن الله قدمهما ومن بهما علي فأطيعوهما واقتدوا بذکرهما، ومن أرادهما بسوء فإنما يريدني والاسلام. أخرجه إبن النجار کما في «کنز العمال» 6 ص 144.

کيف خفي علي معظم الاصحاب ورجالات بيت الوحي وفي مقدمهم سيدهم أمير المؤمنين ان النبي صلي الله عليه وآله وسلم قدم الشيخين علي علي عليه السلام وغيره في الخلافة مهما قدمهما الله تعالي؟ فتخلفوا عن بيعة من قدمه الله ورسوله وما أطاعوه وما قدموه.

ولماذا حيل بينه صلي الله عليه وآله وبين ما رام أن يکتبه يوم الخميس قبل وفاته بخمسة أيام

[صفحه 351]

في متولي الخلافة بعدما کان نص عليه قبل ذلک اليوم؟ وما کان يکتب إلا من قدمه الله تعالي ونص عليه صلي الله عليه وآله قبل.

ولماذا لم يکن يوم السقيفة ذکر عند أي أحد من ذلک التقديم المفتعل علي الله و علي رسوله؟ وما بال أبي بکر کان يقدم أبا عبيدة الجراح يوم ذلک وکان يحث الناس علي بيعته وبيعة عمر کما ورد في الصحيح؟! فکأن في اذن الامة وقرا من سماع ذلک التقديم حتي أن اذن أنس لم تسمع به قط.

30- عن إبن عمر وأبي هريرة قالا: إبتاع رسول الله صلي الله عليه وسلم من أعرابي قلائص إلي أجل فقال: أرأيت إن أتي عليک أمر الله؟ قال: أبوبکر يقضي ديني وينجز موعدي. قال: فإن قبض؟ قال عمر يحذوه ويقوم مقامه لا تأخذه في الله لومة لائم. قال: فإن أتي علي عمر أجله؟ قال: فإن استطعت أن تموت فمت.

من موضوعات خالد بن عمرو القرشي علي الليث ذکره الذهبي في ميزانه 1 ص 298 وحکي عن ابن عدي انه قال بعد ذکر هذا الحديث وأحاديث اخري: عندي انه-خالد بن عمرو- وضع هذه الاحاديث، فإن نسخة الليث عن يزيد بن أبي حبيب عندي ما فيها من هذا شئ.

وذکره ابن درويش الحوت البيروتي في «أسني المطالب» ص 249 بلفظ: قدم رجل من أهل البادية بإبل فاشتراها رسول الله صلي الله عليه وسلم ثم لقي الرجل عليا فقال: ما أقدمک؟ فأخبره انه قدم بإبل وباعها من رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال علي: هل نقدک؟ فقال: لا، لکن بعتها بتأخير. قال:ارجع إليه فقل له: إن حدث بک حادث فمن يقضي عنک؟[17] فقال: أبوبکر. قال: فإن حدث بأبي بکر؟ فقال: عمر. فقال: فإن مات عمر فمن يقضي؟ فقال: ويحک إن مات عمر فإن استطعت أن تموت فمت.

قال ابن درويش: فيه الفضل بن المختار ضعيف جدا وانه واه لا يعول عليه، وفي م ج 4 ص 449 قال أبوحاتم: أحاديثه منکرة يحدث بالاباطيل. وقال الازدي: منکر الحديث جدا. وقال ابن عدي: عامة أحاديثه منکرة، عامتها لا يتابع عليها.

31- عن أنس مرفوعا: أبوبکر وزيري وخليفتي.

[صفحه 352]

أخرجه الذهبي في «الميزان» 1 ص 41 من طريق أحمد بن جعفر بن الفضل وقال: مشهور بالوضع ليس بشئ.

32- عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا: قال لرجل: إنطلق فقل لابي بکر: أنت خليفتي فصل بالناس. أخرجه العقيلي من طريق الفضل بن جبير عن خلف عن علقمة بن مرثد عن أبيه فقال: ألفضل لا يتابع علي حديثه. ولا يعرف لمرثد- والد علقمة- رواية. لم 4 ص 438

33- عن إبن عباس: قال جاءت امرأة إلي النبي صلي الله عليه وسلم تسأله شيئا فقال لها: تعودين فقالت: يا رسول الله! إن عدت فلم أجدک تعرض بالموت؟ فقال: إن جئت فلم تجديني فأتي أبا بکر فإنه الخليفة من بعدي.

أخرجه إبن عساکر وعده ابن حجر في «الصواعق» ص 11 من النصوص الدالة علي خلافة أبي بکر. ما عساني أن أقول في مؤلف يحذف إسناد مثل هذه الافيکة ويذکرها إرسال المسلم ويسند إليها وبين يديه أحاديث أبن عباس الجمة الهاتفة بالخلافة المنصوصة عليها لامير المؤمنين علي عليه السلام؟ أليس من حديثه ما صححه الحفاظ وأخرجوه بأسانيد رجالها ثقات وقد أسلفناه في الجزء الاول ص 51 وفيه قول رسول الله صلي الله عليه وآله لعلي عليه السلام لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي؟.

أليس من حديثه حديث العشيرة المنصوص علي صحته وقد مر في الجزء الثاني. ص 278 -287 وفيه قوله صلي الله عليه وآله: إن هذا- يعني عليا- أخي ووصي وخليفتي فيکم فاسمعوا له وأطيعوا؟ وقوله لعلي: فأنت أخي ووزيري ووصيي ووارثي وخليفتي من بعدي؟

ألم يکن ابن عباس في مقدم المتخلفين عن بيعة أبي بکر؟ ألم يکن هو مناظر عمر الوحيد حول الخلافة؟ کما مر حديثه في ج 1 ص 389 ألم؟ ألم؟ ألم؟

34- عن عبدالله بن عمر: قال: رسول الله صلي الله عليه وسلم: تکون علي هذه الامة اثنا عشرخليفة: أبوبکر الصديق أصبتم اسمه. عمر الفاروق قرن من حديد أصبتم اسمه. عثمان بن عفان ذو النورين قتل مظلوما اوتي کفلين من الرحمة ملک الارض المقدسة[18] .

[صفحه 353]

معاوية. وابنه. ثم يکون السفاح. ومنصور. وجابر. والامين. وسلام. وأمير العصب، لا يري مثله، ولا يدري مثله. ألحديث.

أخرجه نعيم بن حماد في «الفتن» کما في «کنز العمال» 6 ص 67، أرسلوا الحديث ورفعوه خوفا من أن يقف الباحث علي ما في إسناده غير أن نعيم بن حماد بمفرده يکفي في المصيبة ويستغني به عن عرفان بقية رجاله، وقد مر في سلسلة الکذابين انه کان يضع الحديث في تقوية السنة.

علي ان متن الحديث غير قاصر بالشهادة علي وضعه، فإن خليفة يأتي التبشير به کأبني آکلة الاکباد حقيق أن يکون الابناء به مختلقا مکذوبا لم تسر به الامة قط إلا أن يکون المبشر بهما وبمن بعدهما من أمثالهما غير عالم بمعني الخليفة ولا عارف بالمغزي من تقييضه.

ثم أي خلافة هذه ينقطع أمدها منذ عهد يزيد بن معاوية إلي السفاح من سنة 64 إلي 132 فتترک الامة طيلة تلک المدة سدي؟

وأي خطر للمنصور الظالم الغاشم حتي ينص النبي صلي الله عليه وآله علي خلافته علي المسلمين؟ ومن هم: جابر وسالم وأمير العصب؟ وما محلهم من الخلافة الدينية؟

ثم ما بال عمر بن عبدالعزيز ألين بني أمية أريکة، وأطيبهم عنصرا، وأصلحهم عملا، لم يعوض به عن يزيد الخنا؟ وما الذي کسي صاحب القرود والفهود والعود و الخمور ثوب الخلافة الاسلامية ولم يکسه عمر بن عبدالعزيز؟ ولا معاوية بن يزيد الذي تقمصها أربعين يوما ثم انسل عنه انسلالا؟ وقد نص علي خلافة الاول منهما وعدله وکونه من الخلفاء الراشدين غير واحد من الائمة کما في تاريخ ابن کثير 6 ص 198، هذه کلها شواهد علي أن واضع الحديث مفتر مائن جاهل بشؤون الخلافة، غير عارف بالخلفاء، وأجهل منه مؤلف يذکره ويجعله بين يدي القارئ ويعده منقبة للخلفاء.

35- قال أبوبکر في الغار: يا رسول الله! قد عرفت منزلتک من الله تعالي بالنبوة و الرسالة فأنا بأي شئ؟ فقال: أنا رسول الله، وأنت صديقي وجناحي ومؤنسي وأنيسي، وأنت خليفتي من بعدي، تقوم في الناس مقامي، وأنت ضجيعي، وإن الله قد غفر لک ولمحبيک إلي يوم القيامة.

[صفحه 354]

ذکره الصفوري في «نزهة المجالس» 2 ص 184 نقلا عن «عيون المجالس» بهذه الصورة المرسلة، وصحة إنکار أبي بکر وعمر استخلاف النبي صلي الله عليه وسلم کما يأتي بعيد هذا تکذب هذه الافيکة.

36- عن أنس قال: دخلت علي النبي صلي الله عليه وسلم وأبوبکر عن يمينه وعمر عن يساره فوضع يمينه علي کتفي أبي بکر ويساره علي کتفي عمر وقال: أنتما وزيراي في الدنيا و أنتما وزيراي في الآخرة، وهکذا تنشق الارض عني وعنکما، وهکذا أزور أنا و أنتما رب العالمين. نزهة المجالس 2 ص 191.

أسفي علي نسيان أبي بکر وعمر ذلک النص- المفتعل- وإنکارهما الوزارة المنصوصة يوم التحاور دونها.

37- مرفوعا قال صلي الله عليه وسلم لابي بکر وعمر: لا يتأمرن عليکما بعدي أحد ذکره الصفوري في «نزهة المجالس» 2 ص 192 مرسلا فقال: فهذا صريح في الخلافة لهما بعده صلي الله عليه وسلم وذکره الشبلنجي في «نور الابصار» 55 عن بسطام بن مسلم عن النبي صلي الله عليه وآله، ولم يکن عند أبي بکر وعمر علم من هذه الافيکة ولو کان لبان، أو: لما بان منهما إنکار إستخلافه صلي الله عليه وآله وسلم.

38- عن أنس عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلي الله عليه وسلم: إن الله أمرني أن اتخذ أبا بکر والدا. وعمر مشيرا. وعثمان سيدا. وأنت يا علي صهرا. أنتم اربعة قد أخذ الله لکم الميثاق في ام الکتاب لا يحبکم إلا مؤمن تقي، ولا يبغضکم إلا منافق شقي، أنتم خلفاء نبوتي، وعقد ذمتي، وحجتي علي امتي.

أخرجه إبن عساکر في تاريخه 4 ص 286، وج 286: 7 والخطيب البغدادي في تاريخه 9 ص 345 وقال: هذا الحديث منکر جدا لا أعلم من رواه بهذا الاسناد إلا ضرار بن سهل وعنه الغباغبي وهما جميعا مجهولان. وذکره الذهبي في «ميزان الاعتدال» 1 ص 472 فقال: خبر باطل ولا يدري من ذا الحيوان- ضرار بن سهل- وقال إبن بدران في تاريخ إبن عساکر 286: 7: لفظه يدل علي عدم تمکنه.

م 39- عن زيد بن الجلاس الکندي انه سأل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن الخليفة بعده؟ فقال: أبوبکر.

[صفحه 355]

أخرجه أبوعمر في «الاستيعاب» في ترجمة زيد فقال: إسناده ليس بالقوي.

40- عن علي- أميرالمؤمنين- رضي الله عنه قال: لم يمت رسول الله صلي الله عليه وسلم حتي أسر إلي أن أبا بکر سيتولي بعده ثم عمر ثم عثمان ثم أنا.

41- عن علي- أميرالمؤمنين- قال: إن الله فتح هذه الخلافة علي يدي أبي بکر وثناه عمر وثلثه عثمان وختمها بي بخاتمة نبوة محمد صلي الله عليه وسلم.

42- عن علي- أميرالمؤمنين- قال: ما خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم من الدنيا حتي عهد إلي أن أبا بکر يلي الامر بعده ثم عمر ثم عثمان ثم إلي فلا يجتمع علي.

هذه الروايات الثلث أخرجها محب الدين الطبري في «الرياض النضرة» 1 ص 33 مرسلة غير مسندة فقال: قلت: وهذا الحديث تبعد صحته لتخلف علي عن بيعة أبي بکر ستة أشهر، ونسبته إلي نسيان الحديث في مثل هذه المدة بعيد، ثم توقفه في أمر عثمان علي التحکيم مما يؤيد ذلک، ولو کان عهد إليه رسول الله صلي الله عليه وسلم بذلک لبادر ولم يتوقف.

43- أخرج الديلمي عن أميرالمؤمنين عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: أتاني جبرئيل فقلت: من يهاجر معي؟ قال: أبوبکر وهو يلي أمر امتک من بعدک، وهو أفضل امتک من بعدک، کنز العمال 6 ص 139.

44- قال علي رضي الله عنه: قال النبي صلي الله عليه وسلم: أعز الناس علي، وأکرمهم عندي، وأحبهم إلي، وآکدهم عندي حالا: أصحابي الذين آمنوا بي وصدقوني، وأعز أصحابي إلي وخيرهم عندي، وأکرمهم علي الله، وأفضلهم في الدنيا والآخرة: أبوبکر الصديق رضي الله عنه، فإن الناس کذبوني وصدقني، وکفروا بي وآمن بي، وأوحشوني وآنسني، وترکوني وصحبني، وأنفوا مني وزوجني، و هدوا في ورغب في، وآثرني علي نفسه وأهله وماله، فالله تعالي يجازيه عني يوم القيامة، فمن أحبني فليحبه، ومن أراد کرامتي فليکرمه، ومن أراد القرب إلي الله تعالي فليسمع وليطع فهو الخليفه بعدي علي امتي. ذکره الصفوري في «نزهة المجالس» 2 ص 173 نقلا عن «روض الافکار» وحکاه الجرداني في «مصباح الظلام» 2 ص 24.

من موضوعات المتأخرين مرسلا لم يوجد في أصل، ولم ير في مسند، وکل

[صفحه 356]

شطر من جمله تکذبه صحاح مسندة في الکتب والمسانيد.

45- عن إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف قال: إن عبدالرحمن بن عوف کان مع عمر بن الخطاب، وان محمد بن مسلمة کسر سيف الزبير، ثم قام أبوبکر فخطب الناس. إلي أن قال: قال علي رضي الله عنه والزبير: ما غضبنا إلا لانا قد اخرنا عن المشاورة، وإنا نري أبا بکر أحق الناس بها بعد رسول الله صلي الله عليه وسلم انه لصاحب الغار وثاني إثنين، وإنا لنعلم بشرفه وکبره ولقد أمره رسول الله صلي الله عليه وسلم بالصلاة بالناس وهو حي. أخرجه الحاکم في «المستدرک» 3 ص 66.

هذه الروايات کلها باطلة لما ستقف عليه من صحاح وحسان- عند القوم- عن مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام من النص علي عدم استخلاف رسول الله صلي الله عليه وسلم وعدم وجود عهد منه عنده، وفي تضاعيف الحديث والسيرة شواهد علي بطلانها لا تحصي، وما شجر بينه عليه السلام وبين القوم في بدء أمر الخلافة وتأخره المجمع عليه من البيعة برهة طويلة يبطل کل هذه الهلجات، وقد سمع العالم هتاف خطبته الشقشقية وسارت بها الرکبان، وتداولتها الکتب وکم لها من نظير، م- وما أکثر الوضاعون من الکذب علي سيدنا أميرالمؤمنين عليه السلام، وحقا کان يري إبن سيرين: إن عامة ما يروي عن علي الکذب[19] .

ولئن اتبعت أهواءهم بعد ما جاءک من العلم

مالک من الله من ولي ولا واق

(ألرعد 37)

[صفحه 357]


صفحه 334، 335، 336، 337، 338، 339، 340، 341، 342، 343، 344، 345، 346، 347، 348، 349، 350، 351، 352، 353، 354، 355، 356، 357.








  1. کما يأتي في حديث آخر.
  2. هذا علي سبيل المماشاة والجدل وان لنا في علمه صلي الله عليه وآله بالوحي خطة أخري مع الاعتراف بنزول جبريل في کل واقعة للاذن في التبليغ ولتثبيت قلوب الامة.
  3. راجع نزهة المجالس 2 ص 186.
  4. راجع الرياض النضرة 1 ص 150.
  5. في تاريخ الخطيب: علي. والصحيح ما ذکرناه.
  6. في قوله صلي الله عليه وآله: معاذ الله ان يختلف المؤمنون.
  7. العقد الفريد 2 ص 250. الرياض النضرة 1 ص 167، السيرة الحلبية 3 ص 385.
  8. الطبقات الکبري لابن سعد ص 766، تاريخ الطبري 3 ص 194، سيرة ابن هشام 4 ص 333، الامامة والسياسة 1 ص 5، سنن البيهقي 8 ص 149 نقلا عن صحيح البخاري، تاريخ ابن کثير 5 ص 251.
  9. من الاقالة لا من القول.
  10. الامامة والسياسة 1 ص 5.
  11. الامامة والسياسة 1 ص 6.
  12. الطبقات الکبري لابن سعد ص 667.
  13. أنساب الاشراف للبلاذري ج 5 ص 23.
  14. راجع الجزء الثاني من کتابنا هذا 278 -286.
  15. في تاريخ ابن کثير 204: 6: مسجد المدينة.
  16. اخرجه في الجزء الثالث ص 13 ولفظ ذيله: هؤلاء ولاة الامر بعدي.
  17. هنا سقط معلوم لا يخفي.
  18. في المقام سقط کما لا يخفي.
  19. صحيح البخاري 272:5.