اصحاب الإمام عليّ وعمّاله











اصحاب الإمام عليّ وعمّاله



مع هذا القسم يُختَتم الکتاب ويبلُغ نهايته. بعد أن لبث القارئ مع خمسة عشر قسماً من الموسوعة، وصار علي معرفة واسعة ممتدّة بمختلف أبعاد حياة الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام المملوءة بالتعاليم الواعية البنّاءة التي تُنير الحياة وتفتح المغاليق؛ بعد هذا کلّه آن له أن يرحل في هذا القسم مع جولة تطوف به علي عدّة من أصحاب عليّ عليه السلام وعمّاله، يتعرّف عليهم وينظر إليهم عن کثب.

[صفحه 41]

في هذا القسم يخرج القارئ بحصيلة معرفيّة معطاءة عن اُولئک الرادة الذين تربّوا في کنف عليّ، وتخرّجوا من مدرسته، وفي الوقت ذاته تتکشّف له معالم الحکم العلوي وما کان يعانيه من قلّة الطاقات الرياديّة الملتزمة الرشيدة، وما يکابده الحکم من نقص في القوي الفاعلة المطيعة المسؤولة. وهذا الواقع يُسهم إلي حدّ في الإفصاح عن السرّ الکامن وراء بعض النواقص التي بدت في الحکم العلوي، ويُعين القارئ علي إدراک ذلک، کما تمنحه معطيات هذا القسم موقعاً أفضل للتوفّر علي تحليل واقعي لحکومة الإمام.

من الجليّ أنّ أصحاب الإمام لم يکونوا علي مستوي واحد، کما لم يکن عمّاله کذلک. لقد کانت ضرورات الحکم ومتطلّبات الإدارة العامّة تُملي علي الإمام أن يلجأ أحياناً إلي استعمال اُناس ثابتين في العقيدة بيدَ أنّهم غير منضبطين في العمل. لکن الإمام لم يکن يغفل لحظة عن تنبيه هؤلاء وتحذيرهم المرّة تلو الاُخري، کما لم يُطق مطلقاً انحرافاتهم وما يصدر عنهم واضطراب سلوکهم مع الناس.

إنّ عليّاً الذي أمضي عمراً مديداً يضرب بسيفه دفاعاً عن الحقّ؛ وعليّاً الذي اختار الصمت سنوات طويلة من أجل الحقّ «وفي العين قذي، وفي الحلق شجا »؛ عليٌّ هذا لا يُطيق المداهنة - وحاشاه - في تنفيذ الحقّ، ولا يعرف المجاملة في إحقاقه، ولا يتحمّل المساومة أبداً.

تتضاعف أهميّة هذا القسم من الموسوعة، وهو حريّ بالقراءة أکثر، ونحن نبصر - فيه - مواقف الإمام من الأصحاب والعمّال مملوءة دروساً

[صفحه 42]

وعبراً.

ومع القسم السادس عشر يشرف الکتاب علي نهايته، ليکون القارئ قد خرج من الموسوعة بسيل متدفّق من المعرفة، وبفيض من التحاليل والرؤي والأفکار والأخبار، تستحوذ عليها جميعاً شخصيّة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام.



صفحه 41، 42.