اضحوكة











اضحوکة



قال أبوعثمان بحر الجاحظ: أخبرني رجل من رؤساء التجار قال:کان معنا في السفينة شيخ شرس الاخلاق طويل الاطراق وکان إذا ذکر له الشيعة غضب واربد وجهه، وزوي من حاجبيه فقلت له يوما: يرحمک الله ماالذي تکرهه من الشيعة؟! فاني رأيتک إذا ذکرو اغضبت وقبضت. قال: ما أکره منهم إلا هذه الشين في أول إسمهم فإني لم أجدها قط إلا في کل شر وشوم وشيطان وشغب وشقاء وشفار وشرر وشين وشوک وشکوي وشهرة وشتم رشح. قال أبوعثمان: فما ثبت لشيعي بعدها قائمة.

عجبا من سفاهة الشيخ (شرس الاخلاق) وضئولة رأيه حيث لم يجد في الشيعة

[صفحه 88]

مايزري بهم، لکن عدائه المحتدم حداه إلي أن يتخذ لهم عيبا منحوتا من السفاسف، فطفق يؤاخذهم بالاسم لمحض إطراد حرف من حروفه في أشياء من أسماء الشر، ولو إطرد هذا لتسرب إلي کثير من الاسماء المقدسة، وإلي کتاب الله العزيز وفيه قوله تعالي: وإن من شيعته لابراهيم. وآي اخري جاءت فيها لفظة الشيعة.

وأسخف من الشيخ أبوعثمان الذي يحسب انه لم تثبت للشيعة بعد تلک الکلمة التافهة قائمة، فکأن صاعقة أصابتهم، أو انها خسفت الارض من تحت أرجلهم، أو دکد کت عليهم الجبال فأهلکتهم، أو أن برهانا قاطعا دحض حجتهم ففضحهم، ولم يعقل ان الشيخ کشف بقوله عن سوئته، وأقام حجة علي شراسة أخلاقه، فاقتدي به أبوعثمان بعقليته الضئيلة.

ولم يبعد عنهما إبن عبد ربه حيث أورده في کتابه مرتضيا له، ولم لم يرق الشيخ الشرس أن يحب من الشيعة هذه الشين الموجودة في الشريعة. والشمس. والشروق. والشعاء. والشهد. والشفاعة. والشرف. والشباب. والشکر. والشهامة. والشأن. والشجاعة. والشفق؟! م وقد جاءت غير واحدة من تلکم الالفاظ کلفظة الشيعة في القرآن.

وکيف تجد الشيخ في اکذوبته بانه لم يجد الشين إلا في تلک الالفاظ دون هذه؟! ولعله کان أعور فلايبصر مايحاذي عينه العوراء.

أوليس في وسع الشيعة أن يقول علي وتيرة الشيخ: إني ماأکره من السني إلا هذه السين في أول إسمه التي أجدها في السام. والسئم. والسعر. والسقر. والسبي. والسقم. والسم. والسموم. والسوئة. والسهم. والسهو. والسرطان. والسرقة والسفه. والسفل. والسخب. والسخط. والسخف. والسقط. والسل. والسليطة. والسماجة؟!

لکن الشيعة عقلاء حکمآء لايعتمدون علي التافهات، ولا يخدشون العواطف بالسفاسف، ولا يشو هون سمعة أي مبدء بمثل هذه الخرافات.

هذه نبذة من مخاريق إبن عبد ربه، وکم لها من نظير، ولو ذهبنا إلي استيعاب ما هناک لجاء کتابا حافلا، وهناک له سقطات تاريخية کقوله في زيد الشهيد: إنه خرج

[صفحه 89]

بخراسان فقتل وصلب[1] نخرج بنقدها عن موضوع البحث ولا يهمنا الايعاز إليها. وذکر إبن تيمية في (منهاج السنة) هذه النسب والاضافات المفتعلة، وراقه أن يري للمجتمع انه أقدر في تنسيق الاکاذيب من سلفه، وأنه أبعد منه عن أدب الصدق والامانة فزاد عليها:

أليهود لا يخلصون السلام علي المؤمنين إنما يقولون: ألسام عليکم، ألسام أي ألموت وکذلک الرافضة.

أليهود لايرون المسح علي الخفين وکذلک الرافضة.

أليهود يستحلون أموال الناس کلهم وکذلک الرافضة.

أليهود تسجد علي قرونها في الصلاة وکذلک الرافضة.

أليهود لا تسجد حتي تخفق برؤسها مرارا تشبيها بالرکوع وکذلک الرافضة.

أليهود يرون غش الناس وکذلک الرافضة.

وأمثال هذه من الخرافات والسفاسف، وحسبک في تکذيب هذه التقولات المعزوة إلي الشيعة شعورک الحر، وحيطتک بفقههم وکتبهم وعقايدهم وأعمالهم، وماعرف منهم قديما وحديثا. فإلي الله المشتکي.

ولئن اتبعت أهواء هم بعد الذي جاءک من العلم مالک من ولي ولانصير

(سورة البقرة 120)

[صفحه 90]


صفحه 88، 89، 90.








  1. العقد الفريد 2 ص 355 و146 ج 3 ص 41.