زيد الشهيد و رأي الشيعة فيه
والشيعة علي بکرة أبيها لاتقول فيه إلا بالقداسة، وتري من واجبها تبرير کل عمل له من جهاد ناجع، ونهضة کريمة، ودعوة إلي الرضا من آل محمد، تشهد لذلک کله أحاديث أسندوها إلي النبي صلي الله عليه وآله وأئمتهم عليهم السلام، ونصوص علمائهم، و مدايح شعرائهم وتأبينهم له، وإفراد مؤلفيهم أخباره بالتدوين. أما الاحاديث فمنها قول رسول الله صلي الله عليه وآله للحسين السبط: يخرج من صلبک رجل يقال له: زيد يتخطا هو وأصحابه رقاب الناس يدخلون الجنة بغير حساب[1] . وقوله صلي الله عليه وآله فيه: انه يخرج ويقتل بالکوفة ويصلب بالکناسة، يخرج من قبره نبشا، وتفتح لروحه أبواب السماء، وتبتهج به أهل السموات والارض[2] . وقول أميرالمؤمنين عليه السلام وقد وقف علي موضع صلبه بالکوفة فبکي وبکي أصحابه فقالوا له: ماالذي أبکاک؟! قال: إن رجلا من ولدي يصلب في هذا الموضع، من رضي أن ينظر إلي عورته أکبه الله علي وجهه في النار[3] . [صفحه 70] وقول الامام الباقر محمد بن علي عليهماالسلام: أللهم اشدد أزري بزيد. وکان إذا نظر إليه يمثل لعمرک ماإن أبومالک ولا با لالد له وازع ولکنه هين لين إذا سدته سدت مطواعة أبومالک قاصر فقره ودخل عليه زيد فلما رآه تلا: ياأيها الذين آمنوا کونوا قوامين بالقسط شهدآء لله. ثم قال: أنت والله يازيد من أهل ذلک[5] . وقول الصادق عليه السلام: إنه کان مؤمنا، وکان عارفا، وکان عالما، وکان صدوقا، أما إنه لوظفر لوفي، أما إنه لو ملک لعرف کيف يصنعها[6] . وقوله الآخر لما سمع قتله: إنا لله وإنا إليه راجعون، عند الله أحتسب عمي إنه کان نعم العم، إن عمي کان رجلا لدنيانا وآخرتنا، مضي والله عمي شهيدا کشهداء استشهدوا مع رسول الله وعلي والحسين مضي والله شهيدا[7] . وقوله الآخر: إن زيدا کان عالما، وکان صدوقا، ولم يدعکم إلي نفسه وإنما دعاکم إلي الرضا من آل محمد، ولو ظفر لوفي بما دعاکم إليه، وإنما خرج إلي سلطان مجتمع لينقضه[8] . وقوله الآخر في حديث: أما الباکي علي زيد فمعه في الجنة، أما الشامت فشريک في دمه. وقول الرضا سلام الله عليه، إنه کان من علماء آل محمد غضب لله فجاهد أعداءه حتي قتل.[9] والاحاديث في ذلک کثيرة وإنما اقتصرنا علي المذکور تحريا للايجاز. وأما نصوص العلمآء فدونک کلمة الشيخ المفيد في إرشاده، والخزار القمي في کفاية الاثر، والنسابة العمري في المجدي، وابن داود في رجاله، والشهيد الاول في قواعده، والشيخ محمد بن الشيخ صاحب المعالم في شرح الاستبصار، والاسترابادي في رجاله، وإبن أبي جامع في رجاله، والعلامة المجلسي في مرآة العقول، وميرزا عبدالله الاصبهاني في رياض العلماء، والشيخ عبد النبي الکاظمي في تکملة الرجال، و الشيخ الحر العاملي في خاتمة الوسائل، والسيد محمد جد آية الله بحر العلوم في رسالته، والشيخ أبي علي في رجاله، وشيخنا النوري في خاتمة المستدرک، وشيخنا المامقاني في تنقيح المقال. إلي کثيرين من أمثالهم فقد اتفقوا جميعا علي معني واحد هو تنزيه ساحة زيد عن أي عاب وشية، وان دعوته کانت إلهية، وجهاده في سبيل الله. ويعرب عن رأي الشيعة جمعا، قول شيخهم بهاء الملة والدين العاملي في رسالة إثبات وجود الامام المنتظر: إنا معشر الامامية لانقول في زيد بن علي إلا خيرا، والروايات عن أئمتنا في هذا المعني کثيرة. وقال العلامة الکاظمي في التکملة: إتفق علماء الاسلام علي جلالة زيد وورعه وفضله. وأما شعراء الشيعة فللکميت من هاشمياته قصيدة يرثي بها زيد بن علي وابنه الحسين ويمدح بني هاشم مطلعها: ألا هل عم في رأيه متأمل؟! وله قوله في زيد: يعز علي أحمد بالذي خبيث من العصبة الاخبثين وقال سديف بن ميمون في قصيدة له: لاتقيلن عبد شمس عثارا [صفحه 72] واذکروا مصرع الحسين وزيد وقال أبومحمد العبدي الکوفي المترجم في کتابنا 2 ص 329 -326 ط ثاني حسبت أمية أن سترضي هاشم کلا ورب محمد وإلهه وتذل ذل حليلة لحليلها وقال السيد الحميري المترجم 2 ص 228 -231 کما في تاريخ الطبري 8 ص 278: بت ليلي مسهدا ولقد قلت قولة لعن الله حوشبا ويزيدافإنه ألف ألف وألف أل دف إنهم حاربوا الاله شرکوا في دم المطهر ثم عالوه فوق جذ يا خراش بن حوشب[12] . ورثاه الفضل بن عبدالرحمن بن ربيعة بن الحارث بن عبدالمطلب المتوفي 129 يقصيدة أولها: ألا ياعين لاترقي وجودي غداة ابن النبي أبوحسين وأبوثميلة صالح بن ذبيان الراوي عن زيد بقصيدة مستهلها: أأبا الحسين أعار فقدک لوعة والوزير الصاحب بن عباد بمقطوعة أولها: [صفحه 73] بدي من الشيب في رأسي تفاريق هذا فلا لهو من هم يعوقني وقال أبوالحسن إبن حماد في أبيات له تأتي: ودليل ذلک قول جعفر عندما لو کان عمي ظافرا لوفي بما والشيخ صالح الکواز في قصيدة يرثي بها الامام السبط قوله: وزيد وقد کان الاباء سجية کأن عليه القي الشيخ الذي وقال الشيخ يعقوب النجفي المتوفي 1329: يبکي الامام لزيد حين يذکره فکيف حال علي بن الحسين وقد وللشيخ ميرزا محمد علي الاورد بادي قصيدة في مدحه ورثائه أولها: أبت علياؤه إلا الکرامه 25 بيتا وللسيد مهدي الاعرجي قصيدة في رثائه مطلعلها: خليلي عوجابي علي ذلک الربع 19 بيتا ورثاه السيد علي النقي النقوي اللکهنوي بقصيدة إستهلها: أبي الله للاشراف من آل هاشم 22 بيتا وللشيخ جعفر نقدي قصيدة في رثائه أولها: يامنزل بالبلاغيبن أرسمه 31 بيتا وأفرد غير واحد من أعلام الامامية تأليفا في زيد وفي فضله ومآثره، فمنهم: 1- إبراهيم بن سعيد بن هلال الثقفي المتوفي 283، له کتاب أخبار زيد. [صفحه 74] 2- محمد بن زکريا مولي بني غلاب المتوفي 298، له کتاب أخبار زيد. 3- ألحافظ أحمد بن عقدة المتوفي 333، له کتاب من روي أخبار زيد ومسنده. 4- عبد العزيز بن يحيي الجلودي المتوفي 368، له کتاب أخبار زيد. 5- محمد بن عبدالله الشيباني المتوفي 372، له کتاب فضايل زيد. 6- ألشيخ الصدوق أبوجعفر القمي المتوفي 381، له کتاب في أخباره. 7- ميرزا محمد الاسترابادي صاحب الرجال الکبير. 8- ألسيد عبدالرزاق المقرم. أحد أعلام العصر المنقدين المکثرين من التأليف في المذهب، علي تضلعه في العلم، وقدمه في الشرف، واحتوائه للمآثر الجليلة، و من مهمات تآليفه وأوفرها فائدة کتاب الامام السبط المجتبي، وکتاب حياة الامام السبط الشهيد ومقتله، وکتاب السيدة سکينة، ورسالة في علي بن الحسين الاکبر، وکتاب زيد الشهيد، وکتاب في تنزيه المختار بن أبي عبيد الثقفي طبع مع کتاب زيد، و کتاب أبي الفضل العباس بن أميرالمؤمنين. إلي غيرها من کتابات ورسائل قد جمع فيها وأوعي وأتي بما خلت عنه زبر الاولين فحياه الله ووفقه للخير کله.
هو أحد اباة الضيم، ومن مقدمي علمآء أهل البيت، قد اکتنفته الفضائل من شتي جوانبه، علم متدفق، وورع موصوف، وبسالة معلومة، وشدة في البأس، وشمم يضع له کل جامع، وإباء يکسح عنه أي ضيم، کل ذلک موصول بشرف نبوي، ومجد علوي، وسؤدد فاطمي، وروح حسيني.
بواه ولا بضعيف قواه
يعادي أخاه إذا مانهاه
کعالية الرمح عرد نساه
ومهما وکلت إليه کفاه
علي نفسه ومشيع غناه[4] .
وهل مدبر بعد الاساءة مقبل؟!
أصاب ابنه أمس من يوسف[10] .
وإن قلت: زانين. لم أقذف
واقطعوا کل نحلة وغراس
وقتيلا بجانب المهراس[11] .
عنها ويذهب زيدها وحسينها
حتي تباع سهولها وحزونها
بالمشرفي وتسترد ديونها
ساهر الطرف مقصدا
وأطلت التبلدا:
وخراشا ومزبدا
کان أعتي وأعندا
من اللعن سرمدا
وأذوا محمدا
زيد تعندا
ع صريعا مجردا
انت أشقي الوري غدا
بدمعک ليس ذا حين الجمود
صليب بالکناسة فوق عود
من يلق مالاقيت منها يکمد
وحان للهو تمحيق وتطليق
بيوم زيد وبعض الهم تعويق
عزي بزيد قال کالمستعبر
قد کان عاهد غير أن لم يظفر
لآباءه الغر الکرام الاطايب
تشکل فيه شبه عيسي لصالب
وإن زيدا بسهم واحد ضربا
رأي ابنه لنبال القوم قد نصبا؟!
فلم تقبر له نفس مضامه
لاسقيه إن شح الحيا هاطل الدمع
سوي أن يموتوا في ضلال الصوارم
يبکيه شجوا علي بعد متيمه
صفحه 70، 72، 73، 74.