تعليم أبن الرومي











تعليم أبن الرومي



ذلک کل مااستطعنا أن نجمعه من الاخبار النافعة عن نشأة الشاعر وأهله ولا فائدة من البحث في المصادر التي بين أيدينا عن أيام صباه وتعليمه ومن حضر عليهم و تتلمذ لهم من العلماء والرواة فإن هذه المصادر خلو مما يفيد في هذا المقام إلا ما جاء عرضا في الجزء السادس من «الاغاني» حيث يروي إبن الرومي عن أبي العباس ثعلب عن حماد بن المبارک عن الحسين بن الضحاک. وحيث يروي في موضع آخر عن قتيبة عن عمر السکوني بالکوفة عن أبيه عن الحسين بن الضحاک، فيصح أن تکون الرواية هنا رواية تلميذ عن استاذ، لان ثعلبا ولد سنة مائتين فهو أکبر من الشاعر بإحدي و عشرين سنة، أما قتيبة والمفهوم انه أبورجاء قتيبة بن سعيد بن جميل الثقفي المحدث العالم المشهور فجائز أن يکون ممن أملوا عليه وعلموه لانه مات وإبن الرومي

[صفحه 35]

يناهز العشرين.

وقد مر بنا انه کان يختلف إلي محمد بن حبيب الراوية النسابة الکبير، وسنري هنا انه کان يرجع إليه في بعض مفرداته اللغوية فيذکر شرحها في ديوانه معتمدا عليه قال بعد قوله:


وأصدق المدح مدح ذي حسد
ملآءن من بغضه ومن شنف


قال لي محمد بن حبيب: ألشنف ماظهر من البغضة في العينين وأشار إليه بعد بيت آخر وهو:


بانوا فبان جميل الصبر بعدهم
فللدموع من العينين عينان


إذا فسر کلمة (عينان) فروي عن إبن حبيب انه قال: عان الماء يعين عينا وعينانا إذا ساح. فهؤلاء ثلاثة من أساتذة إبن الرومي علي هذا الاعتبار ولا علم لنا بغيرهم فيما راجعناه وحسبنا مع هذا ان الرجل کيفما کان تعليمه وأيا کان معلموه قد نشأ علي نصيب واف من علوم عصره، وساهم في القديم والحديث منها بقسط وافر في شعره فلو لم يقل المعري: إنه کان يتعاطي الفلسفة. والمسعودي: ان الشعر کان أقل آلاته. لعلمنا ذلک من شواهد شتي في کلامه، فهي هناک کثيرة متکررة لايلم المتصفح ببعضها إلا جزم باطلاع قائلها علي الفلسفة ومصاحبة أهلها واشتغاله بها، حتي سرت في اسلوبه وتفکيره، وما کان متعلم الفلسفة في تلک الايام يصنع أکثر من ذلک ليتعلمها أو ليعد من متعلميها، فأنت لاتقرأ لرجل غير مشتغل أو ملم بالفلسفة والقياس المنطقي والنجوم کلاما کهذا الکلام


لما تؤذن الدنيا به من صروفها
يکون بکاء الطفل ساعة يولد


وإلا فما يبکيه منها وأنها
لارحب مما کان فيه وأرغد؟!


وذکر شواهد کثيرة علي إلمامه بالعلوم ومعرفته بمصطلحاتها غضضنا الطرف عنها إختصارا.


صفحه 35.