اولاده أبن الرومي











اولاده أبن الرومي



رزق إبن الرومي ثلاثة أبناء وهم: هبة الله. محمد. وثالث لم يذکر اسمه في ديوانه. ماتوا جميعا في طفولتهم ورثاهم بأبلغ وأفجع مارثي به والد أبناءه، وقد سبق الموت إلي أوسطهم محمد فرثاه بدالية مشهورة يقول فيها:


توخي حمام الموت أوسط صبيتي
فلله کيف اختار واسطةالعقد؟!


علي حين شمت الخير في لمحاته
وآنست من أفعاله آية الرشد


ومنها في وصف مرضه:


لقد قل بين المهد واللحد لبثه
فلم ينس عهد المهد أوضم في اللحد


ألح عليه النزف حتي أحاله
إلي صفرة الجادي[1] عن حمرة الورد


وظل علي الايدي تساقط نفسه
ويذوي کما يذوي القضيب من الرند[2] .


ويذکر فيها أخويه الآخرين:


محمد؟ ما شيئ توهم سلوة
لقلبي إلا زاد قلبي من الوجد


أري أخويک الباقيين کليهما
يکونان للاحزان أوري من الزند


إذا لعبا في ملعب لک لذعا
فؤادي بمثل النار عن غير ماعمد


فما فيهما لي سلوة بل حزازة
يهيجانها دوني وأشقي بها وحدي


أما إبنه هبة الله فقد ناهز الشباب علي مايفهم من قوله في رثاءه:


ياحسرتا فارقتني فننا
غضا ولم يثمر لي الفنن


أبني؟ إنک والعزاء معا
بالامس لف عليکما کفن

[صفحه 34]

وفي الديوان أبيات يرثي بها أبنا لم يذکر اسمه وهي:


حماه الکري هم سري فتأوبا
فبات يراعي النجم حتي تصوبا


أعيني جودالي فقد جدت للثري
بأکثر مما تمنعان وأطيبا


بني الذي أهديته أمس للثري
فلله ماأقوي قناتي وأصلبا


فإن تمنعاني الدمع أرجع إلي أسي
إذا فترت عنه الدموع تلهبا


وهي علي الارجح رثاؤه لاصغر أبناءه الذي لم يذکر اسمه ولاندري هل مات قبل أخيه أو بعده؟!؟! ولکن يخيل إلينا من المقابلة بين هذه المراثي أن الابيات البائية کانت آخر ما رثي به ولدا لانها تنم عن فجيعة رجل راضه الحزن علي فقد البنين حتي جمدت عيناه ولم يبق عنده من البکاء إلا الاسي الملتهب في الضلوع، وإلا ألعجب من أن يکون قد عاش وصلبت قناته لکل هذه الفجايع، وقد کان رثاؤه لابنه الاوسط صرخة الضربة الاولي، ففيها ثورة لاعجة تحس من خلل الابيات، ثم حل الالم المرير محل الالم السوار في مصيبته الثانية، فوجم وسکن واستعبر، ثم کانت الخاتمة فهو مستسلم يعجب للحزن کيف لم يقض عليه، ويحس وقدة المصاب في نفسه ولايحسه في عينيه، ولقد غشيت غبرة الموت حياته کلها، وماتت زوجته بعد موت أبنائه جميعا فتمت بها مصائبه وکبر عليه الامر. إلخ


صفحه 34.








  1. الجادي: الزعفران.
  2. يذوي من ذوي النبات وذوي: ذبل ونشف ماؤه. ألرند: نبات من شجر البادية طيب الرائحة يشبه الآس.