اولاده أبن الرومي
توخي حمام الموت أوسط صبيتي علي حين شمت الخير في لمحاته ومنها في وصف مرضه: لقد قل بين المهد واللحد لبثه ألح عليه النزف حتي أحاله وظل علي الايدي تساقط نفسه ويذکر فيها أخويه الآخرين: محمد؟ ما شيئ توهم سلوة أري أخويک الباقيين کليهما إذا لعبا في ملعب لک لذعا فما فيهما لي سلوة بل حزازة أما إبنه هبة الله فقد ناهز الشباب علي مايفهم من قوله في رثاءه: ياحسرتا فارقتني فننا أبني؟ إنک والعزاء معا [صفحه 34] وفي الديوان أبيات يرثي بها أبنا لم يذکر اسمه وهي: حماه الکري هم سري فتأوبا أعيني جودالي فقد جدت للثري بني الذي أهديته أمس للثري فإن تمنعاني الدمع أرجع إلي أسي وهي علي الارجح رثاؤه لاصغر أبناءه الذي لم يذکر اسمه ولاندري هل مات قبل أخيه أو بعده؟!؟! ولکن يخيل إلينا من المقابلة بين هذه المراثي أن الابيات البائية کانت آخر ما رثي به ولدا لانها تنم عن فجيعة رجل راضه الحزن علي فقد البنين حتي جمدت عيناه ولم يبق عنده من البکاء إلا الاسي الملتهب في الضلوع، وإلا ألعجب من أن يکون قد عاش وصلبت قناته لکل هذه الفجايع، وقد کان رثاؤه لابنه الاوسط صرخة الضربة الاولي، ففيها ثورة لاعجة تحس من خلل الابيات، ثم حل الالم المرير محل الالم السوار في مصيبته الثانية، فوجم وسکن واستعبر، ثم کانت الخاتمة فهو مستسلم يعجب للحزن کيف لم يقض عليه، ويحس وقدة المصاب في نفسه ولايحسه في عينيه، ولقد غشيت غبرة الموت حياته کلها، وماتت زوجته بعد موت أبنائه جميعا فتمت بها مصائبه وکبر عليه الامر. إلخ
رزق إبن الرومي ثلاثة أبناء وهم: هبة الله. محمد. وثالث لم يذکر اسمه في ديوانه. ماتوا جميعا في طفولتهم ورثاهم بأبلغ وأفجع مارثي به والد أبناءه، وقد سبق الموت إلي أوسطهم محمد فرثاه بدالية مشهورة يقول فيها:
فلله کيف اختار واسطةالعقد؟!
وآنست من أفعاله آية الرشد
فلم ينس عهد المهد أوضم في اللحد
إلي صفرة الجادي[1] عن حمرة الورد
ويذوي کما يذوي القضيب من الرند[2] .
لقلبي إلا زاد قلبي من الوجد
يکونان للاحزان أوري من الزند
فؤادي بمثل النار عن غير ماعمد
يهيجانها دوني وأشقي بها وحدي
غضا ولم يثمر لي الفنن
بالامس لف عليکما کفن
فبات يراعي النجم حتي تصوبا
بأکثر مما تمنعان وأطيبا
فلله ماأقوي قناتي وأصلبا
إذا فترت عنه الدموع تلهبا
صفحه 34.