حرب صفين لم تكن دينية والجواب عنه











حرب صفين لم تکن دينية والجواب عنه



قال في ج 2 ص 67: ومما يزيد الاسف ان هذه الحرب (صفين) لم يکن المراد منها الوصول إلي تقرير مبدأ ديني أو رفع حيف حل بالامة، وإنما کانت لنصرة شخص علي شخص، فشيعة علي تنصره لانه إبن عم رسول الله صلي الله عليه وسلم وأحق الناس بولاية الامر، وشيعة معاوية تنصره لانه ولي عثمان وأحق الناس بطلب دمه المسفوک ظلما، ولايرون أنه ينبغي لهم مبايعة من آوي إليه قتلته.

جواب: ليت الرجل بين لنا المبادئ الدينية عنده حتي ننظر في إنطباقها علي هذه الحرب، وحيث لم يبين فنحن نقول: أي مبدأ ديني هو أقوي من أن تکون الحرب والمناصرة لتنفيذ کلمة رسول الله يوم أمر أميرالمؤمنين عليه السلام بقتال القاسطين وهم أصحاب معاوية وأمر أصحابه بمناصرته يومئذ[1] ورأي من واجبهم جهاد مقاتليه وقال: سيکون بعدي قوم يقاتلون عليا علي الله جهادهم، فمن لم يستطع جهادهم بيده فبلسانه، فمن لم يستطع بلسانه فبقلبه، ليس وراء ذلک شئ[2] .

وأي مبدأ ديني هو أقوي من نصرة الرجل من يراه أولي الناس بالامر کما

[صفحه 250]

يلهج به الخضري نفسه؟! وأي مبدأ ديني هو أقوي من مناصرة أميرالمؤمنين الذي قال رسول الله فيه وفي آله وذويه: حربکم حربي[3] ؟! وقال له: ياعلي ستقاتلک الفئة الباغية وأنت علي الحق، فمن لم ينصرک يومئذ فليس مني[4] وهل يسع المسلم التقاعد عن نصرته عليه السلام بعدما سمع قول نبيه صلي الله عليه وآله؟!

وأي مبدأ ديني هو أقوي من مقاتلة الفئة الباغية بنص من الرسول الامين يوم قال لعمار: تقتلک الفئة الباغية[5] ويوم قال: ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلي الجنة ويدعونه إلي النار[6] .

وأي مبدأ ديني هو أقوي من المقاتلة تحت راية خليفة الوقت الذي إنعقدت له بيعة أهل الحل والعقد، وتمت شروطها عند من يري الخلافة بالاختيار، وثبت له النص الجلي وتواتر عند من لايختار إلا المنصوص عليه، وبطبع الحال أن الخارج عليه خارج علي إمام الوقت باغ عليه يجب مقاتلته بنص من الکتاب المبين حيث قال: وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فان بغت احداهما علي الاخري فقاتلوا التي تبغي حتي تفيئ إلي أمر الله[7] .

وليت شعري أي حيف يحل بالامة أعظم من تغلب مثل معاوية علي بيضة الاسلام ورياسة أهله، واستحوازه الخلافة التي ليست له لابنص ولا بيعة ممن تقرر بيعته الخليفة؟ فلم يعقد له إجماع، ولا أثبتته شوري أو وصية، ولا هو ولي دم عثمان حتي ينهض بثاره إن لم نقل: هو المثبط جند الشام والمتثاقل عن نصره حتي قتل، و لم يکن له سابقة في الاسلام تشرفه، ولاعلم يسدده، ولاتقوي يکبحه عن مساقط

[صفحه 251]

الشهوات، وإنما هي ملوکية إرتادها ليملک الازمة، وتلقي عنده الاعنة، ويحتنک أمر الامة، وفي الاخير تم له ذلک تحت رواعد الارهاب، ولوائح الاطماع في منتئي عن الدين والاصلاح، فثبت عرش ملوکيته بين مهراق الدماء ومنتهک الشرايع، ومضلات الفتن، ولو لم يکن له بائقة إلا استخلاف يزيد الفجور علي الامة بالترهيب والاطماع لکفاه حيفا يجب أن يکتسح عن مستوي الاسلام وبلاد المسلمين.


صفحه 250، 251.








  1. راجع ص 195 - 188.
  2. اخرجه الطبراني وابن مردويه وأبونعيم کما مر في ص 190.
  3. راجع الجزء الاول من کتابنا ص 336.
  4. راجع ص 193 من هذا الجزء.
  5. راجع الجزء الاول ص 331 و329، قال السيوطي في الخصايص 2 ص 140: هذا الحديث متواتر رواه من الصحابة بضعة عشر کما بينت ذلک في الاحاديث المتواترة. وستوافيک في الجزء التاسع من کتابنا هذا الفاظه وطرقه وهي خمسة وعشرون طريقا.
  6. قال العلامة الزرقاني في شرح المواهب 1 ص 366: رواه البخاري في بعض نسخه و مسلم والترمذي وغيرهم. ويوجد في تاريخ الطبري 11 ص 357.
  7. سورة الحجرات: 8.