لفت نظر حول كلمات اميرالمؤمنين في إسلامه











لفت نظر حول کلمات اميرالمؤمنين في إسلامه



لعل الباحث يري خلافا بين کلمات أميرالمؤمنين المذکورة ص 221 تا 224 في سني عبادته وصلاته مع رسول الله بين ثلث. وخمس. وسبع. وتسع سنين فنقول: أما ثلث سنين فلعل المراد منه مابين أول البعثة إلي إظهار الدعوة من المدة وهي ثلث سنين[1] فقد أقام صلي الله عليه وآله وسلم بمکة ثلاث سنين من أول نبوته مستخفيا ثم أعلن في الرابعة.

وأما خمس سنين فلعل المراد منها سنتا[2] فترة الوحي من يوم نزول إقرأ باسم ربک الذي خلق إلي نزول ياأيها المدثر. وثلث سنين من أول بعثته بعد الفترة إلي نزول قوله: فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشرکين. وقوله: وأنذر عشيرتک الاقربين. سني الدعوة الخفية التي لم يکن فيها معه صلي الله عليه وآله إلا خديجة وعلي. و

[صفحه 242]

أحسب ان هذا مراد من قال: ان رسول الله صلي الله عليه وآله کان مستخفيا أمره خمس سنين کما في الامتاع ص 44.

وأما سبع سنين فإنها مضافا إلي کثرة طرقها وصحة أسانيدها معتضدة بالنبوية المذکورة ص 220 وبحديث أبي رافع المذکور ص 227 وهي سني الدعوة النبوية من أول بعثته صلي الله عليه وآله وسلم إلي فرض الصلاة المکتوبة.

وذلک أن الصلاة فرضت بلا خلاف ليلة الاسراء وکان الاسراء کما قال محمد ابن شهاب الزهري قبل الهجرة بثلاث سنين، وقد أقام صلي الله عليه وآله في مکة عشر سنين فکان أميرالمؤمنين خلال هذه المدة السنين السبع يعبد الله ويصلي معه صلي الله عليه وآله فکانا يخرجان ردحا من الزمن إلي الشعب وإلي حراء للعبادة ومکثا علي هذا ماشاء الله أن يمکثا[3] حتي نزل قوله تعالي: واصدع بما تؤمر وأعرض عن المشرکين. وقوله: وأنذر عشيرتک الاقربين. وذلک بعد ثلاث سنين من مبعثه الشريف، فتظاهر عليه السلام بإجابة الدعوة في منتدي الهاشميين المعقود لها ولم يلبها غيره، ومن يوم ذاک إتخذه رسول الله صلي الله عليه وآله أخا ووصيا وخليفة ووزيرا[4] ثم لم يلب الدعوة إلي مدة إلا آحادهم بالنسبة إلي عامة قريش والناس المرتطمين في تمردهم في حيز العدم.

علي أن ايمان من آمن وقتئذ لم يکن معرفة تامة بحدود العبادات حتي تدرجوا في المعرفة والتهذيب، وإنما کان خضوعا للاسلام وتلفظا بالشهادتين ورفضا لعبادة الاوثان. لکن أميرالمؤمنين خلال هذه المدة کان مقتصا أثر الرسول من أول يومه فيشاهده کيف يتعبد، ويتعلم منه حدود الفرايض ويقيمها علي ماهي عليه، فمن الحق الصحيح إذن توحيده في باب العبادة الکاملة، والقول بأنه عبدالله وصلي قبل الناس بسبع سنين.

ويحتمل أن يراد السنين الواردة في حديث إبن عباس قال: إن رسول الله صلي الله عليه وآله أقام بمکة خمس عشرة سنة سبع سنين يري الضوء والنور ويسمع الصوت، و

[صفحه 243]

ثماني سنين يوحي إليه[5] وأميرالمؤمنين کان معه من أول يومه يري مايراه صلي الله عليه وآله وسلم و يسمع مايسمع إلا أنه ليس بنبي کما مر في ص 240.

فإن تعجب فعجب قول الذهبي في تلخيص المستدرک 3 ص 112: إن النبي من أول مااوحي إليه آمن به خديجة وأبوبکر وبلال وزيد مع علي قبله بساعات أو بعده بساعات وعبدوا الله مع نبيه فأين السبع السنين؟!.

قال الاميني: هذه السنين السبع، ولکن أين تلک الساعات المزعومة عند الذهبي؟ ومن ذا الذي يقولها؟ ومتي خلق قائلها؟ وأين هو؟ وأي مصدر ينص عليها؟ وأي راو رواها؟ بل نتنازل معه ونرضي بقصيص يقصها، غير مافي علبة مفکرة الذهبي، أو عيبة أو هامه، ومتي کان أبوبکر من تلک الطبقة؟ وقد مر في صحيحة الطبري ص 240: انه أسلم بعد أکثر من خمسين رجلا. فکأن الرجل قروي من البعداء عن تاريخ الاسلام، أو أنه عارف به غير أنه يروقه الافک والزور.

وأما تسع سنين فيمکن أن يراد منهاسنتا الفترة والسنين السبع من البعثة إلي فرض الصلوات المکتوبة. والمبني في هذه کلها علي التقريب لاعلي الدقة والتحقيق کما هو المطرد في المحاورات، فالکل صحيح لاخلاف بينها ولاتعارض هناک.


صفحه 242، 243.








  1. تاريخ الطبري 2 ص 216 و 218. سيرة ابن هشام 1 ص 274. طبقات ابن سعد 200. الامتاع 15 و 21.
  2. عدهما المقريزي أحد الاقوال في ايام فترة الوحي في الامتاع ص 14.
  3. تاريخ الطبري 2 ص 213. سيرة ابن هشام 1 ص 265. راجع ص 235 من هذا الجزء.
  4. راجع الجزء الثاني من کتابنا ص 284 - 278.
  5. طبقات ابن سعد ص 209 ط مصر.