جعفر الحلّي











جعفر الحلّي



(1277 ه- 1315 ه)

أبويحيي جعفر کمال الدين ابن أبي الحسن محمد بن محمد حسن الشهير بالحلّي، يرجع نسبه إلي أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام، شاعر فاضل أديب.

ولد في الحلّة في منتصف شعبان من عام 1277 ه 1860 م، هاجر إلي النجف في أوائل صباه ففرغ من المقدمات وعلا نجمه في النجف کنابغ ذکي.

وهو شاعر فکه له بالطرافة صلة نسب ومن طرائفه ماجري بينه وبين صديقيه الشيخ عباس خميس والشيخ علي رفيش قوله:


إن عيشي بالحويشِ
ضيّق أنکد عيشِ


بين عباسِ خميسٍ
وعليّ بن رُفيشِ


توفي في العام 1315 ه 1897 م.

وقال رحمه اللَّه مشطراً ومخمِّساً للبيتين المشهورين في مدح مولانا أميرالمؤمنين علي عليه السلام من بحر الرمل:


أنا ممن للولا قد محضا
وعليه سالف لي قد مضي


صاح بشر من علي ديني قضي
قل لمن والي عليّ المرتضي


فزت في نيل المني بعد الممات

حسبک المولي عليٌّ وکفي
يوم تأتي بالخطا معترفا


فلک الامن ولو فوق شفا
أنت في حصن ابن عم المصطفي

[صفحه 25]

لا تخافنَّ عظيم السيّئات

حلّ منک الجيد في عقد الولا
فهُو الحلية إذ تنضي الحُلي


جوهر القدس عليّ ذو العلي
حبُّه الإکسير لو ذرَّ علي


لهب النار غدا ماء الحياة

حيدر صاحب يوم الموقف
إن يشأ تُورَ لظيً أو تنطفِ


نقمة إن قال يا نار القفي
وهو الرحمة لو يشفع في


سيّئات الخلق صارت حسنات[1] .

وله مشجرة في مدح اميرالمؤمنين عليه الصلاة والسلام:


أيا نفس النبي ويا أخاه
وهادي الناس للنهج السديد


أتصرع شيبة في يوم بدر
وتردفه بعتبة والوليد


أتصرع في الحروب أسود غابٍ
عليهم کل ضيقة الزرود


أتصرع في الوغي في يوم أحد
کماة العبدرين[2] ذوي البنود


أتصرع في الوغي عمرواً بسيفٍ
صقيل مضارب ماضي الحدود


أتصرع في الوغي عمرو ابن علج
لغير اللَّه يعلن بالسجود


أتصرع في الوغي عمرو بن ودٍّ
ولم تسلبه ضافية البرود


أتصرع في الوغي عمرو بن ودٍّ
وتأسر قومه أسر العبيد


أتصرع في الوغي عمرو بن ودٍّ
وتقتل کل شيطان مريد

[صفحه 26]

أتصرع في الوغي عمرو بن ودٍّ
وتقتل مرحباً زجل الرعود


أتصرع في الوغي عمرو بن ودٍّ
وتقتل مرحباً بطل الجنود


أتصرع في الوغي عمرو بن ودٍّ
وتقتل مرحباً بطل اليهود


أتصرع في الوغي عمرو بن ودٍّ
وتقتل مرحباً بطل الأسود


أتصرع في الوغي عمرو بن ودٍّ
وتقتل مرحباً بادي الحقود


أتصرع في الوغي عمرو بن ودٍّ
وتقتل کل جبار عنيد


أتصرع في الوغي عمرو بن ودٍّ
وتترکه لقاً فوق الصعيد


أتصرع في الوغي عمرو بن ودٍّ
وتقلع باب ذا الحصن الشديد


أتصرع في الوغي عمرو ابن قومٍ
حماهم غير مدنوّ الحدود


أتصرع في الوغي عمرواً وينجو
بکشف خ... ما بين الجنود


أتصرع في الوغي کقريش أسداً
هم فيها ذوو بأس شديد


أتصرع في مهندک الأعادي
ولم يرهبک إکثار العديد


أتصرع کل من يدعو شريکاً
ويوم الطعن عندک يوم عيد


أأنت من الملائک لا وحاشا
بل الأملاک حولک کالعبيد


أباالحسنين أنت لنا إمام
بنص نبينا الهادي السعيد


أباحسن بک الوُفّاد طافت
وفيک نجاح حاجات الوفود


أباحسن وکم لحماک شدت
رحال الناس من بلد بعيد


أباحسن ومثلک لست ألقي
لکشف نوائبٍ ألوت بجيدي


أباحسن ومثلک من يسمي
بحامي الجار أو مأوي الطريد


أباحسن ومثلک من ينادي
وليس سواک يا أسد الأسود

[صفحه 27]

أباحسن ومثلک من ينادي
لکشف ملمة ولنيل جود


أباحسن ومثلک من ينادي
لکشف الضر إذ يشجي وريدي


أباحسن ومثلک من ينادي
لکشف الضر والجهد الجهيد


أباحسن ومثلک من ينادي
لکشف الضر والهول المبيد


أباحسن ومثلک من ينادي
لکشف الضر والهول الشديد


أباحسن ومثلک من ينادي
لکشف الضر والهول الکؤود


أباحسن ومثلک من ينادي
لکشف الضر والدهر العنود


أباحسن ومثلک من ينادي
لکشف الضر قبل ذواء عودي


أباحسن ومثلک من ينادي
لکشف نوائبٍ للدهر سود


أباحسن ومثلک من ينادي
وأنت أحق من للکرب نودي


أباحسن ومثلک من يُرجَّي
لنيل القصد في دار الخلود


أباحسن ومثلک ما وجدنا
فکيف وأنتم سرُّ الوجود


أباحسن وفضلک ليس يخفي
کصبح لاح منفلق العمود


أباحسن بک الآيات نصت
وليس يضر إنکار الجَحود


أباالسبطين يا أملي أجرني

غداً من هول ناضجة الجلود[3] وله رحمه اللَّه تعالي مخمساً قصيدة عبدالحميد بن أبي الحديد في مدح أميرالمؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام مطلعها:


ظعن القطين من الغميم وودعوا
فسري الفؤاد مع الحمول يشيّع


ديت[4] رسم ديارهم لو يسمع
يا رسم لا رسمتک ريح زعزع


وسرت بليل في عراصک خروع[5] .

[صفحه 28]

حتي قال:


يا برق خذ نبأ نکابد ثقله
سينوء فيک فلم تطق لتقلَّه


يا برق إني بالغري مولّه
يا برق إن جئت الغري فقل له


أتراک تدري من بأرضک مودع

فيک الذي علم المغيَّب عنده
وبفيضه ربّ السماء أمده


تاللَّه لم يک فيک حيدر وحده
فيک ابن عمران الکليم وبعده


عيسي يقفيه وأحمد يتبع

بل فيک لو تدري الشعاع المنعکِسْ
من نور طلعته الاشعة تقتبس


بک يا غريّ تبوَّأت روح القدس
بل فيک جبريل وميکال وإس


رافيل والملأ المقدس أجمع

فيک الوجود ثبوته وزواله
فيک الزمان کماله وجماله


فيک امرؤ ما في الوجود مثاله
بل فيک نور اللَّه جلَّ جلاله


لذوي البصائر يستشف فيلمع

فيک المهذب ساکن فيک الزکي
فيک الذي هو نفسه نفس النبي


فيک العلي بل فيک لو تدري علي
فيک الإمام المرتضي فيک الوصي


المجتبي فيک الإمام الأنزع

ألقائد الصعب الحرون إذا طغي
ومبدّد الجيش اللهام إذا بغي


من لم يزل درع الملاحم مفرغا
والضارب الهام المقنع في الوغي


بالخوف للبهم الکماة يقنع

للشرک کدَّر کل ذي عيش هني
وأهار منهم بالمذرب ما بني


حيث الظبا لطلا الضياغم تنثني
والسمهرية تستقيم وتنحني


فکأنها بين الأضالع أضلع

[صفحه 29]

المخصب الربع الذي يسع الملا
ايام لا ماء يروق ولا کلا


مأوي الانام بعامهم إن أمحلا
والمترع الحوض المدعدع حيث لا


حوض يفيض ولا قليب يترع

مردي الکتائب إذ قريش تحزبوا
واخو الحريب يوم جُدّل مرحب


ومبيد عمرو وهو ليث أغضب
ومبدد الأبطال حين تألبوا


ومفرق الأحزاب حين تجمعوا

تلقاه ان صعد المنابر صادعا
بالحق ينطق بالهداية بارعا


هو بحر علم ليس يصدر شارعا
والحبر يصدع بالمواعظ خاشعا


حتي تکاد لها القلوب تصدع

ما زال عن طيب التلذذ مغضيا
طاوي الحشاشة بالتقي متغذيا


وعن الزلال بدمعه مترويا
حتي إذا استعر الوغي متلظيا


کرع النجيع بغِلّة لا تنقع

يروي مهنده ويمکث صاديا
حتي يبيد نواصبا وأعاديا


تلقاه في الهيجاء ليثا عاديا
متجلببا ثوبا من الدم قانيا


يعلوه من نقع الملاحم برقع

تهدي نوافح رشده العرف الشذي
يهدي به حافي الوري والمحتذي


وانْ لم يرن ذو طرف قذي
زهد المسيح وهيبة الدهر الذي


اودي به کسري وقوم تبع

هذا المکسر جمع عباد الوثن
هذا الذي هو مبتدا خبر السنن


هذا هو السر المميز بالعلن
هذا ضمير العالم الموجود عن


عدم وسرّ وجوده المستودع

هذا الذي أردي الطغاة لجهلها
هذا مفرقها مبدد شملها

[صفحه 30]

هذا الذي بسط البلاد بأهلها
هذا الأمانة لا يقوم بحملها


خلقاء هابطة وأطلس أرفع

أما النجوم الغرّ فهي صفاته
والغاديات المعصرات هباته


والنَيّران کستهما سطعاته
هو ذلک النور الذي لمعاته


کانت ببهجة آدم تتطلع

فأبو البرية فيه ثقف ميله
ودعا به نوح فأنضب سيله


ونجا به موسي الکليم وخيله
وشهاب موسي حين أظلم ليله


رفعت له لألاؤه تتشعشع

للَّه درک أيّ فخر لم تحز
أم أي مکرمة إليها لم تجز


يامن له تتفجر الأرض الجرز
يامن له ردت ذکاء ولم يفز


بنظيرها من قبل إلا يوشع

يامن بکل عويصة هو ممتحن
عن وجه أحمد طالما کشف المحن


يا صارما لم ينب شفرته المجن
يا هازم الأحزاب لا يثنيه عن


خوض الحمام مدجج ومدرع

عجبت ملائکة الجليل لعجزها
عمَّا فعلت بخيبر وبحرزها


يا حامي الأحساب حافظ عزّها
يا قالع الباب التي عن هزها


عجزت اکف أربعون وأربع

أنت السبيل إذا تفرقت السبل
ولک اتّبعتُ وعن ولائک لم أحل


أخشي إذا قلت الغلوّ فلم أقل
لولا حدوثک قلت أنک جاعل ال


أرواح في الأشباح والمستنزع

لک في الغريّ علي ضريحک قبة
هي للملا بل للملائک کعبة

[صفحه 31]

أين الضراح فما لعالٍ رتبة
ما العالم العلوي إلا تربة


فيها لجثتک الشريفة موضع

عن سور حوزتک الوري لم تنفذ
وبغير طاعتک القضا لم يأخذ


والدهر مُرهْ بما تشاء ينفّذ
ما الدهرُ إلا عبدک القن الذي


بنفوذ أمرک في البرية مولع

أنا فيّ سحبان الفصاحة يقتدي
وعلت علي قس بن ساعدة يدي


لکنّني معْ طول صعدة مذودي
أنا في مديحک ألکنٌ لا أهتدي


وأنا الخطيب الهزبريّ المصقعُ

غادرتَ سحبان الفصاحة باقلا
وترکت أرطاليس غراً جاهلا


حيرتني ماذا تراني قائلا
أأقول فيک سميدع کلّا ولا


حاشا لمثلک أن يقال سميدع

أنت الصراط المستقيم وسالم
من رام نهجک والمنکب نادم


فلأنت في الدنيا إمام قائم
بل أنت في يوم القيامة حاکم


بين البرية شافع ومشفع

لک عزمة لم تبق عزمة عازم
تغنيک عن يزنيّة أو صارم


ولذا لکنتُ وکنت أبدع ناظم
وجهلتُ فيک وکنت أحذق عالم


أغرار عزمک أم حسامک أقطع

لولاه ما عرف الإله ولا عُبد
ولواء أحمد في النبوة ما عقد


ولأجل حيدر عالم الدنيا وُجد
واللَّه لولا حيدر ما کانت الد


نيا ولا جمع البرية مجمع

رفعت به الأفلاک لما أُنشئت
والأرض فيه تمهدت وتوطأت

[صفحه 32]

هذا الذي عنه المثاني أنبأت
من أجله خلق الزمان وضوأت


شهب کنسن وجنَّ ليل أدرع

أنا في اعتقادي ذو دليل قاطع
لم يدفعوه بمقتضٍ أو مانع


إن الوصي برغم کل منازع
علم الغيوب لديه غير مدافع


والصبح أبيض مسفر لا يدفع

فبيوم محشرنا إليه مآبنا
ونعيمنا في أمره وعقابنا


وعليه يعرض في السؤال جوابنا
وإليه في يوم المعاد حسابنا


وهو الملاذ لنا غدا والمفزع

اهوي عليا واعتقدت ولاءه
واحبُّ أرباب الحجي أبناءه


يامن يکاشرني ويکتم داءه
هذا اعتقادي قد کشفت غطاءه


سيضر معتقداً له أو ينفع

بينت معتقدي ولم أک أنثني
عنه وعن عبدالحميد أنا غني


ورّي فقال مقال غير مبين
ورأيت دين الاعتزال وانني


أهوي لحبک کل من يتشيع

يا نفس أحمد أنت ذا لي معقل
واليک أفزع إن دهاني معضل


بهواک ربع حشاشتي متأهل
يا من له في ربع قلبي منزل


نعم المراد الرحب والمستربع

أنسي هواک أباالحسين وبهجتي
وولاک في يوم الحساب محجتي


أصبحت منهمکا وذکرک لهجتي
أهواک حتي في حشاشة مهجتي


نار تشب علي هواک وتلذع[6] .

[صفحه 33]


صفحه 25، 26، 27، 28، 29، 30، 31، 32، 33.








  1. ديوان شعره المسمي سحر بابل وسجع البلابل:ص 135.
  2. العبدرين: نسبة إلي بني عبدالدار حملة لواء المشرکين في معرکة أحد، الذين تساقطوا واحداً تلو الآخر دون الراية، وان جميع هؤلاء قتلهم الامام علي عليه السلام عدي الذين قتلهم حمزة عليه السلام.
  3. الديوان: ص 187 تا 191.
  4. کذا في المصدر والظاهر ناديتُ.
  5. الخِرْوَع: الناعم.
  6. الديوان: ص 327 تا 336.