محب علي محب الله و رسوله
علي نفس رسول الله صلي الله عليه و آله و عيبة علمه، و أخوه، و خليفته و وصيه، و کل من أحبه و والاه فقد أحب الله و رسوله و المؤمنين و والاهم، و کل من أبغضه و عصاه فقد أبغض الله و رسوله و المؤمنين، فمحبه محب لله و رسوله، و مبغضه مبغض لله و رسوله. و نلفت أنظار القراء الکرام إلي بعض ما ورد من الأخبار في هذا المقام: 1ـ روي القندوزي الحنفي و الجويني، عن أبي برزة الأسلمي، قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله: «إن الله تعالي عهد إلي في علي عهدا، أن عليا راية الهدي، و إمام أوليائي، و نور من أطاعني، و هو الکلمة التي ألزمتها المتقين، من أحبه أحبني، و من أبغضه أبغضني، فبشره». فجاء علي فبشرته بذلک، فقال: «يا رسول الله، أنا عبد الله، فإن يعذبني فبذنبي، و إن يتم الذي بشرني به فالله أولي بي». قال صلي الله عليه و آله: «قلت: اللهم اجل قلبه، و اجعله ربيع الإيمان. فقال الله تبارک و تعالي: قد فعلت به ذلک، ثم قال تعالي: إني مستخصه بالبلاء، فقلت: يا رب، إنه أخي و وصي: فقال تعالي: إنه شي ء قد سبق فيه قضائي، إنه مبتلي».[1] . 2ـ و روي الجويني، عن علقمة، عن عبد الله، قال: خرج رسول الله صلي الله عليه و آله من بيت زينب بنت جحش، و أتي بيت أم سلمة، و کان يومها من رسول الله صلي الله عليه و آله، فلم يلبث أن جاء علي عليه السلام، و دق الباب دقا خفيفا، فأثبت النبي صلي الله عليه و آله الدق، و أنکرته ام سلمة، فقال لها النبي صلي الله عليه و آله: «قومي و أفتحي له الباب» ـ إلي أن قال ـ قالت: ففتحت الباب، فأخذ بعضادتي الباب، حتي إذا لم يسمع حسيسا و لا حرکة، و صرت في خدري، استأذن فدخل، فقال رسول الله صلي الله عليه و آله: «يا ام سلمة، أتعرفينه؟» قلت: نعم يا رسول الله، هذا علي بن أبي طالب. قال: «صدقت، هو سيد أحبه، لحمه من لحمي، و دمه من دمي، و هو عيبة علمي، فاسمعي و اشهدي، و هو قاتل الناکثين و القاسطين و المارقين من بعدي، فاسمعي و اشهدي، و هو قاضي عداتي، فاسمعي و اشهدي، و هو و الله محيي سنتي، فاسمعي و اشهدي، لو أن عبدا عبد الله ألف عام و ألف عام و ألف عام، بين الرکن و المقام، ثم لقي الله عز و جل مبغضا لعلي بن أبي طالب و عترتي أکبه الله علي منخريه يوم القيامة في نار جهنم».[2] . 3ـ و روي الجويني أيضا، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله: «من أحبني فليحب علي بن أبي طالب، و من أبغض علي بن أبي طالب فقد أبغضني، و من أبغضني فقد أبغض الله، و من أبغض الله فقد أدخله النار».[3] . 4ـ و عنه أيضا عن أنس، قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله لعلي: «يا علي، من زعم أنه يحبني و هو يبغضک، فهو کذاب».[4] . 5ـ و روي ابن المغازلي الشافعي، عن سلمان، قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله لعلي: «يا علي، محبک محبي، و مبغضک مبغضي».[5] . 6ـ و عن ابن عبد البر، عن رسول الله صلي الله عليه و آله: «من أحب عليا فقد أحبني، و من أبغض عليا فقد أبغضني، و من آذي عليا فقد آذاني، و من آذاني فقد آذي الله».[6] . 7ـ و روي ابن عساکر الشافعي، عن ام سلمة، قالت: أشهد أني سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول: «من أحب عليا فقد أحبني، و من أحبني أحب الله، و من أبغض عليا فقد أبغضني، و من أبغضني فقد أبغض الله».[7] . 8ـ و عنه أيضا: بإسناده عن جابر، قال: دخل علينا رسول الله صلي الله عليه و آله، و نحن في المسجد، و هو آخذ بيد علي عليه السلام، فقال النبي صلي الله عليه و آله: «ألستم زعمتم أنکم تحبوني؟» قالوا: بلي يا رسول الله. قال: «کذب من زعم أنه يحبني، و يبغض هذا» يعني عليا عليه السلام.[8] . 9ـ و عنه أيضا، عن سلمان الفارسي، قال: رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله ضرب فخذ علي بن أبي طالب و صدره، و سمعته يقول: «محبک محبي، و محبي محب الله، و مبغضک مبغضي، و مبغضي مبغض الله».[9] . 10ـ و عنه أيضا، عن زياد بن أبي زياد الأسدي عن جده قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول: «قال لي رسول الله صلي الله عليه و آله: إنک تعيش علي ملتي، و تقتل علي سنتي، من أحبک أحبني، و من أبغضک أبغضني».[10] . 11ـ و عنه أيضا، عن عمر بن عبد الله الثقفي، عن أبيه، عن جده يعلي بن مرة الثقفي، قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول: «من أطاع عليا فقد أطاعني، و من عصي عليا فقد عصاني، و من عصاني فقد عصي الله، و من أحب عليا فقد أحبني، و من أحبني فقد أحب الله، و من أبغض عليا فقد أبغضني، و من أبغضني فقد أبغض الله، لا يحبک إلا مؤمن، و لا يبغضک إلا کافر أو منافق».[11] .
کان علي عليه السلام خير المؤمنين بعد رسول الله صلي الله عليه و آله فقد کان قلبه عامرا بأکمل الإيمان، و لا ينقصه حتي مقدار ذرة واحدة من نور الإيمان المتکامل، فقلبه عليه السلام ربيع الإيمان، بل و ليس في قلبه ذرة واحدة من هوي النفس، فهو الصراط المستقيم، و هو سبيل الله، و هو ميزان الأعمال، و هو مع الحق و الحق معه، و إنما تتجلي الصفات الثبوتية للحق فيه عليه السلام: فهو العدل الإلهي و رحمة الله و قدرته، و هو رمز للرأفة و العطف و الصبر الإلهي، و مظهر من مظاهرها.