حذيفه بن اليمان











حذيفه بن اليمان



حذيفة بن اليمان بن جابر، أبوعبد اللَّه العبسي. کان من وجهاء الصحابة وأعيانهم. وقد أثني عليه الرجاليّون وأصحاب التراجم بمزايا ذکروها في کتبهم کقولهم: «کان من نجباء[1] وکبار أصحاب رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم»،[2] وقولهم: «صاحب سرّ النبيّ صلي الله عليه و سلم»،[3] وقولهم: «وأعلم الناس بالمنافقين».[4] وأسرّ إليه رسول اللَّه صلي الله عليه و سلم

[صفحه 96]

أسماء المنافقين[5] وضبط عنه الفتن الکائنة في الاُمّة[6] إلي قيام الساعة.[7] .

لم يشهد بدراً، وشهد اُحداً وما بعدها من المشاهد.[8] کان أحد الذين ثبتوا علي العقيدة. لم يصبر علي تغيير «حقّ الخلافة» و «خلافة الحقّ» بعد وفاة رسول اللَّه، ووقف إلي جانب عليّ عليه السلام بخطيً ثابتة.[9] .

کان حذيفة ممّن شهد جنازة السيّدة فاطمة الزهراء عليهاالسلام، وصلّي علي جثمانها الطاهر.[10] .

وليَ المدائن في عهد عمر وعثمان.[11] وکان مريضاً في ابتداء خلافة أمير المؤمنين عليّ عليه السلام. مع هذا کلّه لم يُطِق السکوت عن مناقبه وفضائله صلوات اللَّه عليه، فصعد المنبر بجسمه العليل، وأثني عليه وأبلغ الثناء، وذکره بقوله: «فواللَّه إنّه لعلي الحقّ آخراً وأوّلاً»،[12] وقوله: «إنّه لخير من مضي بعد نبيّکم». وأخذ له البيعة،[13] وهو نفسه بايعه أيضاً.[14] .

[صفحه 97]

وأوصي أولاده مؤکّداً ألّا يقصّروا في اتّباعه والسير وراءه،[15] وقال لهم: «فإنّه واللَّه علي الحقّ، ومن خالفه علي الباطل». ثمّ توفّي بعد سبعة أيّام مضت علي ذلک.[16] وقيل: توفّي بعد أربعين يوماً.[17] .

6472- الإمام عليّ عليه السلام- في کتابه إلي حذيفة بن اليمان-: بسم اللَّه الرحمن الرحيم، من عبد اللَّه عليّ أميرالمؤمنين إلي حذيفة بن اليمان، سلام عليک.

أمّا بعد؛ فإنّي قد ولّيتک ما کنت تليه لمن کان قبلي من حرف المدائن، وقد جعلت إليک أعمال الخراج والرستاق وجباية أهل الذمّة، فاجمع إليک ثقاتک ومن أحببت ممّن ترضي دينه وأمانته، واستعِن بهم علي أعمالک؛ فإنّ ذلک أعزّ لک ولوليّک، وأکبت لعدوّک.

وإنّي آمرک بتقوي اللَّه وطاعته في السرّ والعلانية، واُحذّرک عقابه في المغيب والمشهد، وأتقدّم إليک بالإحسان إلي المحسن، والشدّة علي المعاند، وآمرک بالرفق في اُمورک، واللين والعدل علي رعيّتک؛ فإنّک مسؤول عن ذلک، وإنصاف المظلوم، والعفو عن الناس، وحسن السيرة ما استطعت، فاللَّه يجزي المحسنين.

وآمرک أن تُجبي خراج الأرضين علي الحقّ والنصفة، ولا تتجاوز ما قدّمت به إليک، ولا تدع منه شيئاً، ولا تبتدع فيه أمراً، ثمّ اقسمه بين أهله بالسويّة والعدل. واخفض لرعيّتک جناحک، وواسِ بينهم في مجلسک، ولْيکن القريب والبعيد عندک في الحقّ سواء، واحکم بين الناس بالحقّ، وأقِم فيهم بالقسط، ولا تتّبع

[صفحه 98]

الهوي، ولا تخَف في اللَّه لومة لائم؛ ف«إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّ الَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ».[18] .

وقد وجّهت إليک کتاباً لتقرأه علي أهل مملکتک، ليعلموا رأينا فيهم وفي جميع المسلمين، فأحضرهم واقرأه عليهم، وخُذ لنا البيعة علي الصغير والکبير منهم إن شاء اللَّه.[19] .

6473- الأمالي للطوسي عن حذيفة: ألا من أراد- والذي لا إله غيره- أن ينظر إلي أميرالمؤمنين حقّاً حقّاً، فلينظر إلي عليّ بن أبي طالب، فوازِروه واتّبِعوه وانصروه.[20] .

6474- مروج الذهب: کان حذيفة عليلاً بالکوفة في سنة ستّ وثلاثين، فبلغه قتل عثمان وبيعة الناس لعليّ، فقال: أخرجوني وادعوا الصلاة جامعة، فوُضِع علي المنبر، فحمد اللَّه وأثني عليه وصلّي علي النبيّ وعلي آله، ثمّ قال:

أيّها الناس! إنّ الناس قد بايعوا عليّاً؛ فعليکم بتقوي اللَّه، وانصروا عليّاً ووازِروه، فواللَّه إنّه لعلي الحقّ آخراً وأوّلاً، وإنّه لخير من مضي بعد نبيّکم ومن بقي إلي يوم القيامة.

ثمّ أطبق يمينه علي يساره ثمّ قال: اللهمّ اشهد، إنّي قد بايعت عليّاً. وقال: الحمد للَّه الذي أبقاني إلي هذا اليوم، وقال لابنَيه صفوان وسعد: احملاني، وکونا معه؛ فستکون له حروب کثيرة، فيهلک فيها خلق من الناس، فاجتهدا أن

[صفحه 99]

تستشهدا معه؛ فإنّه واللَّه علي الحقّ، ومن خالفه علي الباطل. ومات حذيفة بعد هذا اليوم بسبعة أيّام.[21] .

6475- الأمالي للطوسي عن أبي راشد: لمّا أتي حذيفة بيعة عليّ عليه السلام ضرب بيده واحدة علي الاُخري وبايع له، وقال: هذه بيعة أميرالمؤمنين حقّاً، فواللَّه لا يُبايَع بعده لواحد من قريش إلّا أصغر أو أبتر يولي الحقّ استَه.[22] .

6476- مجمع الزوائد عن سيّار أبي الحکم: قالت بنو عبس لحذيفة: إنّ أميرالمؤمنين عثمان قد قُتل، فما تأمرنا؟ قال: آمرکم أن تلزموا عمّاراً. قالوا: إنّ عمّاراً لا يفارق عليّاً! قال: إنّ الحسدَ هو أهلک الجسد، وإنّما ينفرکم من عمّار قربه من عليّ! فواللَّه لعليّ أفضل من عمّار أبعدَ ما بين التراب والسحاب، وإنّ عمّاراً لمن الأخيار، وهو يعلم أنّهم إن لزموا عمّاراً کانوا مع عليّ.[23] .

راجع: القسم التاسع/عليّ عن لسان أصحاب النبيّ/حذيفة بن اليمان.



صفحه 96، 97، 98، 99.





  1. سير أعلام النبلاء: 76:361:2، تاريخ الإسلام للذهبي: 494:3.
  2. الاستيعاب: 510:394:1؛ رجال الطوسي: 178:35، رجال البرقي: 2.
  3. صحيح البخاري: 3533:1368:3، مسند ابن حنبل: 27608:428:10، سير أعلام النبلاء: 76:361:2.
  4. المستدرک علي الصحيحين: 5631:429:3، سير أعلام النبلاء: 76:363:2.
  5. سير أعلام النبلاء: 76:364:2، تاريخ الإسلام للذهبي: 494:3.
  6. سير أعلام النبلاء: 76:364:2.
  7. تهذيب الکمال: 1147:500:5، تاريخ الإسلام للذهبي: 494:3.
  8. المستدرک علي الصحيحين: 5623:428:3، الطبقات الکبري: 15:6 و ج 317:7، تاريخ بغداد: 11:161:1.
  9. الخصال: 9:607، عيون أخبار الرضا: 1:126:2.
  10. الخصال: 50:361، رجال الکشي: 13:34:1، الاختصاص: 5، تفسير فرات: 733:570.
  11. تاريخ دمشق: 261:12، تاريخ الإسلام للذهبي: 493:3، تهذيب التهذيب: 1367:516:1؛ إرشاد القلوب: 321.
  12. مروج الذهب: 394:2.
  13. مروج الذهب: 394:2؛ إرشاد القلوب: 322 وفيه «نعلمه» بدل «مضي».
  14. الأمالي للطوسي: 1066:487.
  15. مروج الذهب: 394:2، الاستيعاب: 510:394:1.
  16. مروج الذهب: 394:2.
  17. المستدرک علي الصحيحين: 5623:428:3، التاريخ الکبير: 332:95:3، مروج الذهب: 394:2، تاريخ دمشق: 261:12.
  18. النحل: 128.
  19. إرشاد القلوب: 321.
  20. الأمالي للطوسي: 1065:486 وراجع مروج الذهب: 394:2.
  21. مروج الذهب: 394:2.
  22. الأمالي للطوسي: 1066:487.
  23. مجمع الزوائد: 12058:488:7، تاريخ دمشق: 456:43 وفيه «ابن عبس» بدل «بنو عبس»، ينابيع المودّة: 12:384:1، کنز العمّال: 37385:532:13؛ شرح الأخبار: 181:210:1.