الخليفة في إرث الزوجة من الدية











الخليفة في إرث الزوجة من الدية



عن سعيد بن المسيب إن عمر الخطاب رضي الله عنه کان يقول: ألديه للعاقلة ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئا حتي أخبره الضحاک بن سفيان ان النبي صلي الله عليه وسلم کتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضبابي من ديته فرجع إليه عمر رضي الله عنه.

وفي لفظ آخر:

إن عمر بن الخطاب قال: ما أري الدية إلا للعصبة لانهم يعقلون عنه فهل سمع أحد منکم من رسول الله صلي الله عليه وسلم في ذلک شيئا، فقال الضحاک الکلابي وکان استعمله رسول الله صلي الله عليه وسلم علي الاعراب: کتب إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم أن اورث امرأة أشيم الضبابي من

[صفحه 169]

دية زوجها. فأخذ بذلک عمر بن الخطاب رضي الله تعالي عنه[1] .

قال الاميني: کأن الخليفة کان غافلا عن إحدي ثلاث أوعنها جمعاء:

1- ألآية الکريمة من القرآن وهي قوله تعالي: فدية مسلمة إلي أهله[2] و الزوجة من الاهل بنص قوله تعالي: لننجينه وأهله إلا امرأته. سورة العنکبوت 32.

وقوله تعالي: إنا منجوک وأهلک إلا امرأتک. سورة العنکبوت 33.

وقوله تعالي: فأنجيناه وأهله إلا امرأته[3] والاستثناء في المقامات يدل علي دخولها فيما خرجت منه به، وعرف الجميع أن الاستثناء متصل لا محالة کما نص عليه إبن حجر في فتح الباري.

وقوله تعالي: عن زليخا زوجة عزيز مصر: ما جزاء من أراد بأهلک سوءا[4] .

وقوله تعالي: إذ قال موسي لاهله إني آنست نارا. سورة النمل 7.

وقوله تعالي: فلما قضي موسي الاجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لاهله امکثوا إني آنست نارا. ألقصص 29.

وقوله تعالي عن النبي موسي عليه السلام: فقال لاهله امکثوا إني آنست نارا.[5] وما کانت معه عليه السلام إلا زوجته وهي حامل أو أنها ولدت قبيل ذلک.

2- ألسنة النبوية وهي ما کتبه رسول الله صلي الله عليه واله وسلم إلي عامله علي الاعراب الضحاک بن سفيان[6] .

3- لغة العرب وأعظم ما يستفاد منه استقراءها علي إطلاق الاهل علي الزوجة الآيات الکريمة المذکورة ثم ما مر من مکاتبة رسول الله صلي الله عليه واله وسلم، وما جاء عنه صلي الله عليه واله وسلم من أنه أعطي الآهل حظين والاعزب حظا، وقال صفوان بن عمرو: أعطاني رسول

[صفحه 170]

الله حظين وکان لي أهل ثم دعي عمار فأعطي له حظا واحدا[7] .

ويري محمد بن الحسن فيمن أوصي لاهل فلان: أن القياس يستدعي حصر الوصية إلي زوجاته لکنه ترک القياس وعممها إلي کل من کان في عياله[8] .

وقال أبوبکر: ألاهل إسم يقع علي الزوجة وعلي جميع من يشتمل عليه منزله قال الله تعالي: إنا منجوک وأهلک إلا امرأتک[9] .

وفي معاجم اللغة: ألآهل الذي له زوجة. وعيال، وسار بأهله أي بزوجته و أولاده، وأهل الرجل وتأهل: تزوج، والتأهل: ألتزوج، وفي الدعاء: آهلک الله في الجنة ايهالا. أي زوجک فيها[10] ولئن راجعت معاجم اللغة تزدد وثوقا بذلک.

إذا عرفت هذا فلا يذهب عليک أن إطلاق الاهل علي الزوجة بقرينة إضافته إلي الرجل لا ينافي وجود معان اخري له يستعمل فيها بقرائن معينة أو صارفة، فأهل الرجل عشيرته وذوو قرباه ومنه قوله تعالي: فابعثوا حکما من أهله وحکما من أهلها، وأهل الامر ولاته، وأهل البيت سکانه، وأهل المذهب من يدين به ومنه قوله تعالي في قصة نوح: إذنادي من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الکرب العظيم. «الانبياء 76»

زبدة المخض: أن موضوع الاهل کلما له صلة من إحدي النواحي بالمضاف إليه، فتعين المراد القرائن المحتفة به کما في آية التطهير، فالمراد بها محمد وعلي وفاطمة و الحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين، وقد اجتمعوا تحت الکساء فدعا رسول الله صلي الله عليه واله وسلم ربه بمنحة القداسة لهم وسماهم أهل بيته فنزل قوله تعالي: إنما يريد الله ليذهب عنکم الرجس أهل البيت ويطهرکم تطهيرا. حتي أن ام سلمة إستاذنته في أن تدخل معهم فأذن لها بعد نزول الآية، واستحفته صلي الله عليه واله وسلم عن دخولها في مفاد الآية الکريمة فقال: إنک علي الخير. ايعازا إلي قصر هذه المنحة عليهم، وتفصيل هذه الجملة مذکور في الصحاح والمسانيد.

[صفحه 171]


صفحه 169، 170، 171.








  1. کتاب الام للشافعي 6 ص 77، کتاب الرسالة له ص 113، اختلاف الحديث له هامش کتاب الام 20: 7، سنن أبي داود 2 ص 22، مسند أحمد 3 ص 452، صحيح الترمذي 1 ص 265 وصححه، سنن ابن ماجة 2 ص 142، سنن البيهقي 8 ص 134، تيسير الوصول 4 ص 8، تاريخ الخطيب 8 ص 343.
  2. سورة النساء. آية 90.
  3. سورة النمل. آية 57.
  4. سورة يوسف. آية 25.
  5. سورة طه. آية 11.
  6. توجد مصافا علي ما ذکر من المصادر في کثير من جوامع الحديث وکتب الفقه.
  7. سنن أبي داود 2 ص 25، سنن البيهقي 6 ص 346، تيسير الوصول 1 ص 253 النهاية 4 ص 64.
  8. أحکام القرآن للجصاص 2 ص 277.
  9. أحکام القرآن للجصاص 2 ص 277.
  10. نهاية ابن الاثير 1 ص 64، قاموس اللغة 3 ص 331، لسان العرب 13 ص 31، تاج العروس 7 ص 217.