اجتهاد الخليفة في البكاء علي الميت











اجتهاد الخليفة في البکاء علي الميت



عن إبن عباس قال: لما ماتت زينب[1] بنت رسول الله صلي الله عليه واله وسلم قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ألحقوها بسلفنا الخير عثمان بن مظعون فبکت النساء فجعل عمر يضربهن بسوطه فأخذ رسول الله صلي الله عليه وسلم يده وقال: مهلا يا عمر دعهن يبکين، وإياکن ونعيق الشيطان. إلي أن قال: وقعد رسول الله صلي الله عليه وسلم علي شفير القبر وفاطمة إلي جنبه تبکي فجعل النبي صلي الله عليه وسلم يمسح عين فاطمة بثوبه رحمة لها.

مسند أحمد 1 ص 237 و 335، مستدرک الحاکم 3 ص 191 وصححه وقال الذهبي في تلخيص المستدرک: سنده صالح، مسند أبي داود الطيالسي ص 351، الاستيعاب في ترجمة عثمان بن مظعون ج 2 ص 482، مجمع الزوائد 3 ص 17.

وأخرج البيهقي في السنن الکبري 4 ص 70 عن إبن عباس قال: بکت النساء علي رقية (بنت رسول الله) رضي الله عنها فجعل عمر رضي الله عنه ينهاهن فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: مه يا عمر. قال: ثم قال: إياکن ونعيق الشيطان فانه مهما يکن من العين والقلب فمن الرحمة، وما يکون من اللسان واليد فمن الشيطان- قال: وجعلت فاطمة رضي الله عنها تبکي علي شفير قبر رقية فجعل رسول الله صلي الله عليه وسلم يمسح الدموع علي وجهها

[صفحه 160]

باليد. أو: قال: بالثوب.

وأخرج النسائي وابن ماجة عن أبي هريرة انه قال: مات ميت في آل رسول الله صلي الله عليه وسلم فاجتمع النساء يبکين عليه فقام عمر ينهاهن ويطردهن فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: دعهن يا عمر فإن العين دامعة، والقلب مصاب، والعهد قريب[2] .

قال الاميني: لا أدري ماالذي حدا عمر إلي التسرع إلي ضرب تلکم النسوة الباکيات وصاحب الشريعة ينظر إليهن من کثب، ولو کان بکائهن محظورا کان هو الاولي بالمنع والرد، ومن أين علم الحظر في بکائهن ورسول الله صلي الله عليه واله وسلم يخالفه؟ وهلا راجعة في أمرهن لما هم بهن تأدبا؟ وما هذه الفظاظة الدافعة له إلي ما فعل؟ وکيف مد يده إلي تلکم النسوة حتي أخذ بها النبي الاعظم ودافع عنهن؟ والمجتمعات هناک بطبع الحال حامة رسول الله وذوات رحمة ونسوته، وغير أني لا أعلم أن الصديقة الفاطمة التي کانت من الباکيات في ذلک اليوم هل کانت بين تکلم النسوة المضروبات أولا؟ وعلي أي فقد جلست إلي أبيها وهي باکية.

وکانت للخليفة في حياة رسول الله صلي الله عليه واله وسلم بمرأي منه ومشهد مواقف لدة هذه لم يصب فيها قط، ومنها ما حدث به سلمة بن الازرق انه کان جالسا عند ابن عمر بالسوق فمر بجنازة يبکي عليها قال: فعاب ذلک إبن عمر وانتهرهن قال فقال سلمة: لا تقل ذلک يا أبا عبدالرحمن فأشهد علي أبي هريرة لسمعته يقول: مر علي النبي صلي الله عليه وسلم بجنازة و أنا معه ومعه عمر بن الخطاب رضي الله عنه ونساء يبکين عليها فزبرهن عمر وانتهرهن فقال له النبي صلي الله عليه وسلم: دعهن يا عمر فان العين دامعة، والنفس مصابة، والعهد حديث. قالوا: أنت سمعته يقول هذا؟ قال: نعم، قال ابن عمر: فالله ورسوله أعلم مرتين[3] .

وأخرج الحاکم[4] باسناد صححه وأقره الذهبي عن أبي هريرة قال: خرج النبي صلي الله عليه واله وسلم علي جنازة ومعه عمر بن الخطاب فسمع نساء يبکين فزبرهن عمر فقال رسول الله صلي الله عليه واله وسلم: يا عمر دعهن فإن العين دامعة، والنفس مصابة، والعهد قريب.

وعن أبي هريرء: إن النبي صلي الله عليه وسلم کان في جنازة فرأي عمر امرأة فصاح بها فقال

[صفحه 161]

النبي صلي الله عليه وسلم: دعها يا عمر، فإن العين دامعة، والنفس مصابة، والعهد قريب[5] .

وعن عمرو بن الازرق قال: توفي بعض کنائن مروان فشهدها الناس وشهدهم أبوهريرة ومعها نساء يبکين فأمرهن مروان بالسکوت، فقال أبوهريرة دعهن فإنه مر علي رسول الله صلي الله عليه وسلم جنازة معها بواک فنهرهن عمر رحمه الله فقال له رسول الله صلي الله عليه وسلم: دعهن يابن الخطاب فإن النفس مصابة، والعين دامعة، والعهد حديث. مسند أحمد 3 ص 333.

وقال أبوهريرة: أبصر عمر امرأة تبکي علي قبر فزبرها فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: دعها يا أبا حفص فإن العين باکية، والنفس مصابة، والعهد قريب[6] .

وينبأنا التاريخ عن أن الخليفة لم تجده تلکم النصوص وبقي علي إجتهاده والسوط بيده يردع به ويزجر مستدا إلي ما إختلقته يد الافک علي رسول الله صلي الله عليه واله وسلم مما يخالف العقل والعدل والطبيعة من أنه قال: إن الميت يعذب ببکاء الحي.

قال سعيد بن المسيب: لما مات أبوبکر بکي عليه فقال عمر: إن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: إن الميت يعذب ببکاء الحي. فأبوا إلا أن يبکون، فقال عمر لهشام بن الوليد: قم فأخرج النساء. فقالت عائشة: اخرجک. فقال عمر: أدخل، فقد أذنت لک. فدخل فقالت عائشة: أمخرجي أنت يا بني؟ فقال: أما لک فقد أذنت لک. فجعل يضربهن إمرأة. إمرأة، وهو يضربن بالدرة حتي خرجت ام فروة وفرق بينهن[7] .

وقال إبن أبي الحديد في شرح النهج 1 ص 60: إن أول من ضرب عمر بالدرة[8] ام فروة بنت أبي قحافة- حين مات أبوبکر-

کيف صفحت عائشة عن قول النبي- إن صح به النبأ- ولم تقبله من الخليفة؟ و لماذا سمح الخليفة عائشة باذن البکاء علي أبيها دون غيرها ورفع اليد عن تعميم ذلک الحکم البات؟ ولماذا أبت الصحابة إلا أن يبکوا علي أبي بکر بعد نهي الخليفة؟ و لماذا رضوا بأن يعذب فقيدهم ببکاءهم؟ ولماذا حکمت الدرة في النساء إمرأة امرأة

[صفحه 162]

بالضرب وعفت عن الرجال؟ إن هي إلا مشکلات غير أنها لا تخفي علي الباحث النابه.

ومن مواقف تلک الدرة القاضية علي الباکيات ما أخرجه الحافظ عبدالرزاق عن عمروبن دينار قال: لما مات خالد بن الوليد اجتمع في بيت ميمونة نساء يبکين فجاء عمر فکان يضربهن بالدرة فسقط خمار امرأة منهن فقالوا: يا اميرالمؤمنين خمارها. فقال: دعوها فلا حرمة لها. وکان يعجب من قوله: لا حرمة لها[9] .

ونحن ايضا نتعجب من قوله: لا حرمة لها. وسيرة الخليفة حقا جلها معجبات قولا وفعلا لولم يکن کلها.

وأما حديث عمر: ان الميب يعذب ببکاء الحي. فقد کذبته عائشة فيما أخرجه الحاکم في المستدرک 1 ص 381 وقال: إتفق الشيخان علي إخراج حديث أيوب السختياني عن عبدالله بن أبي مليکة مناظرة عبدالله بن عمر وعبدالله بن العباس في البکاء علي الميت ورجوعهما فيه إلي ام المؤمنين عائشة وقولها: والله ما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إن الميت يعذب ببکاء أحد. ولکن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: إن الکافر يزيده عند الله بکاء أهله عذابا شديدا، وإن الله هو أضحک وأبکي، ولا تزر وازرة وزر اخري.

صورة مفصلة:

قال عبدالله بن أبي مليکة: توفيت ابنة- هي ام أبان- لعثمان رضي الله عنه بمکة وجئنا لنشهدها قال وحضرها إبن عمر وابن عباس وإني لجالس بينهما فقال عبدالله بن عمر لعمروبن عثمان: ألا تنهي النساء عن البکاء[10] فإن رسول اله صلي الله عليه وسلم قال: إن الميت ليعذب ببکاء أهله عليه. فقال ابن عباس: قد کان عمر رضي الله عنه يقول بعض ذلک ثم حدث قال: صدرت مع عمر من مکة حتي کنا بالبيداء إذا هو يرکب تحت ظل سمرة فقال: إذهب وانظر إلي هؤلاء الرکب، قال: فنظرت فإذا هو صهيب فاخبرته قال: ادعه لي. فرجعت الي صهيب فقلت: ارتحل فألحق اميرالمؤمنين فلما اصيب عمر دخل صهيب رضي الله عنهما يبکي يقول: وا أخاه وا صاحباه فقال: عمر رضي الله عنه يا صهيب تبکي

[صفحه 163]

علي وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إن الميت ليعذب ببعض بکاء أهله عليه. قال ابن عباس: فلما مات عمر رضي الله عنه ذکرت ذلک لعائشة رضي الله عنها فقالت: رحم الله عمر والله ما حدث رسول الله صلي الله عليه وسلم إن الله يعذب المؤمن ببکاء أهله عليه. ولکن قال رسول الله صلي الله عليه وسلم إن الله يزيد الکافر عذابا ببکاء أهله عليه. قال: وقالت عائشة: حسبکم القرآن (ولا تزر وازرة وزر اخري) قال. وقال ابن عباس عند ذلک: والله أضحک وأبکي. قال ابن أبي مليکة: فوالله ما قال ابن عمر شيئا[11] .

وعن عمرة: إنها سمعت عائشة رضي الله عنها وذکر لها أن عبدالله بن عمر يقول: إن الميت ليعذب ببکاء الحي. فقالت عائشة رضي الله عنها: أما انه لم يکذب ولکنه أخطأ أو نسي، إنما مر رسول الله صلي الله عليه وسلم علي يهودية وهي يبکي عليها أهلها فقال: إنهم ليبکون عليها وإنها لتعذب في قبرها[12] .

وفي لفظ مسلم: رحم الله أبا عبدالرحمن سمع شيئا فلم يحفظ.

في لفظ أبي عمر: وهم أبوعبدالرحمن أو أخطأ أو نسي.

وعن عروة عن عبدالله بن عمر قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إن الميت ليعذب ببکاء أهله عليه فذکر ذلک لعائشة فقالت وهي تعني إبن عمر: إنما مر النبي صلي الله عليه وسلم علي قبر يهودي فقال: إن صاحب هذا ليعذب وأهله يبکون عليه ثم قرأت: ولا تزر وازرة وزر اخري[13] .

وعن القاسم بن محمد قال: لما بلغ عائشة رضي الله عنها قول عمر وابن عمر قالت: إنکم لتحدثون عن غير کاذبين ولا مکذوبين ولکن السمع يخطي[14] .

وقال الشافعي في اختلاف الحديث:[15] وما روت عائشة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أشبه

[صفحه 164]

أن يکون محفوظا عنه صلي الله عليه وسلم بدلالة الکتاب ثم السنة. فإن قيل: فأين دلالة الکتاب قيل: في قوله عزوجل: ولا تزر وازرة وزر اخري. وأن ليس للانسان إلا ماسعي. وقوله: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره. وقوله: لتجزي کل نفس بما تسعي.

وعمرة أحفظ عن عائشة من إبن أبي مليکة، وحديثها أشبه الحديثين أن يکون محفوظا، فإن کان الحديث علي غير ما روي إبن أبي مليکة من قول النبي: إنهم ليبکون عليها وأنها لتعذب في قبرها. فهو واضح لا يحتاج إلي تفسير لانها تعذب بالکفر وهؤلاء يبکون ولا يدرون ماهي فيه، وإن کان الحديث کما رواه إبن أبي مليکة فهو صحيح لان علي الکافر عذابا أعلي فإن عذب بدونه فزيد في عذابه فبما استوجب، وما ينل من کافر من عذاب أدني من أعلي منه وما زيد عليه من العذاب فباستيجابه لا بذنب غيره في بکائه عليه.

فإن قيل: يزيده عذابا ببکاء أهله عليه؟ قيل: يزيده بما استوجب بعمله ويکون بکاؤهم سببا لا أنه يعذب ببکائهم.

فإن قيل: أين دلالة السنة؟ قيل: قال رسول الله لرجل: ابنک هذا؟ قال نعم قال:أما انه لا يجني عليک ولا تجني عليه. فأعلم رسول الله مثل ما أعلم الله من أن جناية کل امرئ عليه کما عمله له لا لغيره ولا عليه.

م- ويکذب الخليفة بکائه علي النعمان بن مقرن لما جاءه نعيمه فخرج ونعاه إلي الناس علي المنبر ووضع يده علي رأسه يبکي[16] ويکذبه وقوفه علي قبر شيخ واعتناقه إياه وبکائه عليه[17] وکم وکم له من مواقف لدة ما ذکر

وقبل هذه کلها بکاء النبي الاقدس والصحابة والتابعين لهم بإحسان علي موتاهم فهذا رسول الله صلي الله عليه وسلم يبکي علي ولده العزيز- إبراهيم- ويقول: ألعين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بک يا إبراهيم لمحزونون[18] .

وهذا هو صلي الله عليه واله وسلم يبکي علي ابنه طاهر ويقول: إن العين تذرف، وإن الدمع

[صفحه 165]

يغلب، وإن القلب يحزن، ولا نعصي الله عزوجل[19] .

وهذا هو صلي الله عليه واله وسلم لما اصيب حمزة رضي الله عنه وجاءت صفية بنت عبدالمطلب رضي الله عنها تطلبه فحالت بينها وبينه الانصار فقال صلي الله عليه واله وسلم: دعوها فجلست عنده فجعلت إذا بکت بکي رسول الله صلي الله عليه واله وسلم، وإذا نشجت نشج، وکانت فاطمة عليهاالسلام تبکي ورسول الله صلي الله عليه واله وسلم کلما بکت يبکي وقال: لن اصاب بمثلک أبدا[20] .

ولما رجع رسول الله صلي الله عليه واله وسلم من احد بکت نساء الانصار علي شهدائهم فبلغ ذلک النبي صلي الله عليه واله وسلم فقال: لکن حمزة لا بواکي له فرجعت الانصار فقلن لنسائهم: لا تبکين أحدا حتي تبدأن بحمزة قال: فذاک فيهم إلي اليوم لا يبکين ميتا إلا بدأن بحمزة[21] .

وهذا هو صلي الله عليه واله وسلم ينعي جعفرا وزيدبن حارثة وعبدالله بن رواحة وعيناه تذرفان[22] .

وهذا هو صلي الله عليه واله وسلم زار قبر امه وبکا عليها وأبکي من حوله[23] .

وهذا هو صلي الله عليه واله وسلم يقبل عثمان بن مظعون وهو ميت ودموعه تسيل علي خده[24] .

وهذا هو صلي الله عليه واله وسلم يبکي علي ابن لبعض بناته فقال له عبادة بن الصامت: ما هذا يا رسول الله؟ قال: ألرحمة التي جعلها الله في بني آدم وإنما يرحم الله من عباده الرحماء[25] .

وهذه الصديقة الطاهرة تبکي علي رسول الله صلي الله عليه واله وسلم وتقول: يا أبتاه من ربه ما أدناه، يا أبتاه أجاب ربا دعاه، يا أبتاه إلي جبريل ننعاه، يا أبتاه جنة الفردوس مأواه[26] .

وهذه هي سلام الله عليها وقفت علي قبر أبيها الطاهر وأخذت قبضة من تراب القبر فوضعتها علي عينها وبکت وأنشأت تقول:


ماذا علي من شم تربة أحمد
أن لا يشم مدي الزمان غواليا؟


صبت علي مصائب لو أنها
صبت علي الايام صرن لياليا[27] .

[صفحه 166]

وهذا أبوبکر بن أبي قحافة يبکي علي رسول الله صلي الله عليه واله وسلم ويرثيه بقوله:


يا عين فابکي ولا تسأمي
وحق البکاء علي السيد


وهذا حسان بن ثابت يبکيه صلي الله عليه واله وسلم ويقول:


ظللت بها أبکي الرسول فأسعدت
عيون ومثلاها من الجفن أسعد


ويقول:


يبکون من تبکي السماوات يومه
ومن قد بکته الارض فالناس أکمد


ويقول:


يا عين جودي بدمع منک إسبال
ولا تملن من سح وإعوال


وهذا أروي بنت عبدالمطلب تبکي عليه صلي الله عليه واله وسلم وترثيه بقولها:


ألا يا عين ويحک أسعديني
بدمعک ما بقيت وطاوعيني


ألا يا عين ويحک واستهلي
علي نور البلاد وأسعديني


وهذه عاتکة بنت عبدالمطلب ترثيه وتقول:


عيني جودا طوال الدهر وانهمرا
سکبا وسحا بدمع غير تعذير


يا عين فاسحنفري بالدمع واحتفلي
حتي الممات بسجل غير منذور


يا عين فانهملي بالدمع واجتهدي
للمصطفي دون خلق الله بالنور


وهذه صفية بنت عبدالمطلب تبکي عليه وترثيه صلي الله عليه واله وسلم وتقول:


أفاطم بکي ولا تسأمي
بصحبک ما طلع الکوکب


هو المرء يبکي وحق البکاء
هوالماجد السيد الطيب


وتقول:


أعيني جودا بدمع سجم
يبادر غربا بما منهدم


أعيني فاسحنفرا وأسکبا
بوجد وحزن شديد الالم


وهذه هند بنت الحارث بن عبدالمطلب تبکي عليه وترثيه وتقول:


يا عين جودي بدمع منک وابتدري
کما تنزل ماء الغيث فانثعبا


وهذه هند بنت أثاثة ترثيه وتقول:


ألا يا عين بکي لا تملي
فقد بکر النعي بمن هويت

[صفحه 167]

وهذه عاتکة بنت زيد ترثيه وتقول:


وأمست مراکبه أوحشت
وقد کان يرکبها زينها


وأمست تبکي علي سيد
تردد عبرتها عينها


وهذه ام أيمن ترثيه صلي الله عليه واله وسلم وتقول:


عين جودي فإن بذلک للدم
ع شفاء فاکثري من بکاء


بدموع غزيرة منک حتي
يقضي الله فيک خير القضاء[28] .


م- وهذه عمة جابر بن عبدالله جاءت يوم احد تبکي علي أخيها عبدالله بن عمر وقال جابر: فجعلت أبکي وجعل القوم ينهوني ورسول الله صلي الله عليه واله وسلم لا ينهاني فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أبکوه أو لا تبکوه فوالله ما زالت الملائکة تظلله بأجنحتها حتي دفنتموه.

ألاستيعاب في ترجمة عبدالله ج 1 ص 368

هذه سنة النبي الاعظم المتبعة بين الصحابة يعارضها حديث الخليفة: إن الميت يعذب ببکاء الحي. فالقول به يخص به وبابنه عبدالله. فالحق أحق أن يتبع.


صفحه 160، 161، 162، 163، 164، 165، 166، 167.








  1. توفيت زينب سنة ثمان من الهجرة فحزن عليها رسول الله حزنا عظيما.
  2. عمدة القاري 4 ص 87.
  3. السنن الکبري للبيهقي 4 ص 70، مسند أحمد 2 ص 408.
  4. المستدرک 1 ص 381.
  5. سنن ابن ماجة 1 ص 481.
  6. أخرجه الطبري في تهذيبه کما في کنز العمال 8 ص 117.
  7. أخرجه ابن راهويه وصححه السيوطي راجع کنز العمال 8 ص 119. وذکره ابن حجر في الاصابة 3 ص 606.
  8. يعني أيام خلافته وکم ضرب قبلها بالدرة من اناس. وأما بعدها فحدث عنه ولا حرج.
  9. کنز العمال 8 ص 118.
  10. کان عبدالله علي سيرة أبيه في المسألة. وقد کان نهي رسول الله صلي الله عليه وآله اباه عن رايه بمرأي منه ومشهد. فضرب عن تلکم النصوص النبوية صفحا وسلک مسلک أبيه، ومن يشابه أبه فما ظلم.
  11. اختلاف الحديث للشافعي في هامش کتابه الام 7 ص 266، صحيح البخاري في ابواب الجنائز، صحيح مسلم 1 ص 343 و 342، مسند احمد 1 ص 41، سنن النسائي 4 ص 18، سنن ألبيهقي 4 ص 73، مختصر المزني هامش کتاب الام 1 ص 187.
  12. صحيح البخاري أبواب الجنائز، اختلاف الحديث للشافعي 7 ص 266، الموطأ لمالک 1 ص 96، صحيح مسلم 1 ص 344، سنن النسائي 4 ص 17، سنن البيهقي 4 ص 72.
  13. سنن أبي داود 2 ص 59، سنن النسائي 4 ص 17.
  14. صحيح مسلم 1 ص 343، مسند أحمد 1 ص 42، السنن الکبري 4 ص 73.
  15. طبع في هامش کتابه الام 7 ص 267.
  16. الاستيعاب في ترجمة النعمان 1 ص 297.
  17. راجع مآمر في الجزء الخامس ص 155.
  18. سنن أبي داود 3 ص 58، سنن ابن ماجة 1 ص 482.
  19. مجمع الزوائد 3 ص 18.
  20. امتاع المقريزي ص 154.
  21. مجمع الزوائد 6 ص 120.
  22. صحيح البخاري کتاب المناقب في علامات النبوة في الاسلام، سنن البيهقي 4 ص 70.
  23. سنن البيهقي 4 ص 70، تاريخ الخطيب البغدادي 7 ص 289.
  24. سنن أبي داود 2 ص 63، سنن ابن ماجة 1 ص 445.
  25. سنن أبي داود 2 ص 58، سنن ابن ماجة 1 ص 481.
  26. صحيح البخاري باب: مرض النبي ووفاته، مسند أبي داود 2 ص 197، سنن النسائي 4 ص 13، مستدرک الحاکم 3 ص 163،تاريخ الخطيب 6 ص 262.
  27. راجع الجزء الخامس من کتابنا هذا ص 147.
  28. راجع طبقات ابن سعد ص 855 -839، سيرة ابن هشام 4 ص 346.