الخليفة والكلالة











الخليفة والکلالة



1- عن معدان بن أبي طلحة اليعمري قال: إن عمر بن الخطاب خطب يوم الجمعة فذکر نبي الله صلي الله عليه وسلم وذکر أبابکر فقال: ثم إني لا أدع بعدي شيئا أهم عندي من الکلالة ماراجعت رسول الله صلي الله عليه وسلم في شئ ما راجعته في الکلالة، وما أغلظ لي في شئ ما أغلظ لي فيه حتي طعن باصبعه في صدري وقال: ياعمر ألا يکفيک آية الصيف التي في آخر سورة النساء؟[1] وإني[2] إن أعش أقض فيها- بقضاء- بقضية يقضي بها من يقرأ القرآن ومن لم يقرأ القرآن.[3] .

وفي لفظ الجصاص: ما سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم عن شئ أکثر مما سألته عن الکلالة.

2- عن مسروق قال: سألت عمر بن الخطاب عن ذي قرابة لي ورث کلالة فقال: ألکلالة، ألکلالة. وأخذ بلخيته ثم قال: والله لان أعلمها أحب إلي من أن يکون لي ما علي الارض من شئ سألت عنها رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: ألم تسمع الآية التي انزلت في الصيف. فأعادها ثلاث مرات،[4] .

[صفحه 128]

3- أخرج أحمد في المسند 1 ص 38 عن عمر قال: سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم عن الکلالة فقال: تکفيک آية الصيف فقال: لان أکون سألت رسول الله عنها أحب إلي من أن يکون لي حمر النعم.

4- أخرج البيهقي في السنن الکبري 6 ص 225 عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه قال: ثلاث لان يکون رسول الله صلي الله عليه وسلم بينهن أحب إلي من حمر النعم: ألخلافة والکلالة. والربا. وأخرجه أبوداود الطيالسي في مسنده ج 1 ص 12.

5- أخرج الطبري في تفسيره 6 عن عمر انه قال: لان أکون أعلم الکلالة أحب إلي من أن يکون لي مثل قصور الشام. (کنز العمال 6 ص 20)

6- أخرج ابن راهويه وابن مردويه عن عمر: انه سأل رسول الله صلي الله عليه وسلم کيف تورث الکلالة؟ فأنزل الله: يستفتونک قل الله يفتيکم في الکلالة. الآية. فکان عمر لم يفهم فقال لحفصة: إذا رأيت من رسول الله صلي الله عليه وسلم طيب نفس فسليه عنها، فلما رأت منه طيب نفس فسألته فقال: أبوک ذکر لک هذا، ما أري أباک يعلمها. فکان عمر يقول: ما أراني أعلمها وقد قال رسول الله ماقال[5] قال السيوطي في جمع الجوامع کما في ترتيبه الکنز: هو صحيح.

7- أخرج ابن مردويه عن طاوس: إن عمر أمر حفصة أن تسأل النبي صلي الله عليه وسلم عن الکلالة فاملاها عليها في کتف فقال: من أمرک بهذا؟ أعمر؟ ما أراه يقيمها وما تکفيه آية الصيف. (تفسير ابن کثير 1 ص 594)

8- عن طارق بن شهاب قال: أخذ عمر کتفا وجمع أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم ثم قال: لاقضين في الکلالة قضاء تحدث به النسآء في خدورهن فخرجت حينئذ حية من البيت فتفرقوا فقال: لو أراد الله عزوجل أن يتم هذا الامر لاتمه[6] قال ابن کثير: اسناد صحيح.

9- عن مرة بن شرحبيل قال قال عمر بن الخطاب: ثلاث لان يکون رسول الله

[صفحه 129]

صلي الله عليه وسلم بينهن أحب إلي من الدنيا وما فيها: ألکلالة. والربا. والخلافة[7] .

10- أخرج الحاکم وصححه عن محمد بن طلحة عن عمر بن الخطاب انه قال: لان أکون سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم عن ثلاث أحب إلي من حمر النعم: ومن الخليفة بعده؟ وعن قوم قالوا: نقر بالزکاة في أموالنا ولانؤديها إليک أيحل قتالهم؟ وعن الکلالة؟[8] .

11- عن حذيفة في حديث قال: نزلت «يستفتونک قل الله يفتيکم في الکلالة» فلقاها رسول الله صلي الله عليه وسلم حذيفة، فلقاها حذيفة عمر، فلما کان بعد ذلک سأل عمر عنها حذيفة فقال: والله انک لاحمق إن کنت ظننت انه لقانيها رسول الله صلي الله عليه وسلم فلقيتکها کما لقانيها رسول الله والله لا أزيدک عليها شيئا أبدا.[9] .

12- أخرج ابن جرير الطبري في تفسيره في رواية لما کان في خلافة عمر نظر عمر في الکلالة فدعا حذيفة فسأله عنها فقال حذيفة: لقد لقانيها رسول الله صلي الله عليه وسلم فلقيتکها کما لقاني رسول الله صلي الله عليه وسلم إني لصادق،ووالله لا ازيدک علي ذلک شيئا أبدا، وکان عمر يقول: أللهم إن کنت بينتها له فانها لم تبين لي (تفسير ابن کثير 1 ص 594).

13- عن الشعبي: سئل أبوبکر رضي الله عنه عن الکلالة فقال: إني سأقول فيها برأيي فإن يک صوابا فمن الله وإن يک خطأ فمني ومن الشيطان، أراه ما خلا الولد و الوالد فلما استخلف عمر رضي الله عنه قال: إني لاستحيي الله أن أرد شيئا قاله ابوبکر.[10] .

14- أخرج البيهقي في السنن الکبري 6 ص 224 عن الشعبي قال: قال عمر رضي الله عنه: ألکلالة ما عدا الولد، قال أبوبکر: ألکلالة ما عدا الولد والوالد، فلما طعن عمر قال: إني لاستحيي أن اخالف أبابکر، ألکلالة ماعدا الولد والوالد.

15- في السنن الکبري 6 ص 224: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: أتي علي زمان ما أدري ما الکلالة، وإذا الکلالة من لا أب له ولا ولد.

[صفحه 130]

16- عن إبن عباس قال: کنت آخر الناس عهدا بعمر رضي الله عنه فسمعته يقول: ألقول ما قلت. قلت: وما قلت؟ قال: ألکلالة من لا ولدله.

(ألسنن الکبري 6 ص 225، مستدرک الحاکم 2 ص 304)

قال الاميني: ما أعضلت الکلالة علي الخليفة؟ وما أبهمها وأبهم حکمها عنده؟ وهي شريعة مطردة سمحة سهلة، وهل هو حين أکثر السؤال عنها أجاب عنه رسول الله صلي الله عليه واله وسلم أولم يجب؟ فإن کان الاول فلم لم يحفظه أو قصر فهمه عن عرفانه وهو أحب إليه من حمر النعم، أو من الدنيا وما فيها، أو من أن يکون له مثل قصور الشام؟ وإن کان الثاني؟ فحاشا رسول الله أن يأخر البيان عن وقت الحاجة وهو يعلم أنه سوف يتربع علي منصة الخلافة فترفع إليه المسائل والخصومات وإن من اکثرها اطرادا مسألة الکلالة، لکن الحقيقة هي مانوه به رسول الله صلي الله عليه واله وسلم بقوله لحفصة: ما أري أباک يعلمها. أو بقوله: ماأراه يقيمها، وهو يعرب عن جلية الحال، ويوقف القارئ علي الواقع إن لم يضله الهوي.

والخطب الفظيع أنه بعد هذه کلها ومع قوله: إنها لم تبين لي لم يتزحزح عن الحکم فيها، وکان يقضي فيها برأية ما شاء ذاهلا عن قوله تعالي: ولا تقف ما ليس لک به علم إن السمع والبصر والفؤاد کل أولئک کان عنه مسؤولا[11] وعن قوله تعالي: ولو تقول علينا بعض الاقاويل، لاخذنا منه باليمين، ثم لقطعنا منه الوتين، فما منکم من أحد عنه حاجزين[12] وتراه يتبع أبابکر وهو يعلم أنه شاکلته وقد سمع منه قوله: إني سأقول فيها برأيي فإن يک صوابا فمن الله وإن يک خطأ فمني ومن الشيطان. إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا.

وقد رأي ابن حجر کثرة الخلاف في الکلالة بانها: من ليس له الوالد والولد. إنها من سوي الوالد. من سوي الوالد وولد الولد. من سوي الولد. ألکلالة الاخوة. ألکلالة هي المال. وقيل: ألفريضة. وقيل: بنو العم ونحوهم. وقيل: العصبات وإن بعدوا.

[صفحه 131]

ثم قال: ولکثرة الاختلاف فيها صح عن عمر أنه قال: لم أقل في الکلالة شيئا[13] فکأنه يراها عذرا للخليفة في ربيکته بالکلالة، وأين هو من آية الکلالة؟ وکيف تخفي علي أحد وهي بين يديه وفيها قوله تعالي (يبين الله لکم أن تضلوا) فيکف بينها الله ومثل الخليفة يقول: لم تبين لي؟ ومن أين أتي الخلاف وکثر وهي مبينة؟ وکيف يري النبي صلي الله عليه واله وسلم آية الصيف کافية في البيان لمن جهل الکلالة؟.

علي أن الخليفة هو إمام الامة ومرجعها الوحيد في خلافها، وبه القدوة والاسوة في التخاصم والتنازع في الآراء والمعتقدات، فلا عذر له في جهلة بشئ منها علي کل حال خالفت الامة أم لم تخالف.


صفحه 128، 129، 130، 131.








  1. آية الکلالة تسمي بآية الصيف لنزولها في الصيف في حجة الوداع، وهي قوله تعالي: يستفتونک قل الله يفتيکم في الکلالة ان امرؤ هلک ليس له ولد وله اخت فلها نصف ما ترک وهو يرثها ان لم يکن لها ولد فان کانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترک وان کانوا اخوة رجالا ونساء فللذکر مثل حظ الانثيين يبين الله لکم أن تضلوا والله بکل شئ عليم.
  2. قال النووي في شرح هذا الحديث: قوله واني ان اعش إلي آخره من کلام عمر لا من کلام النبي صلي الله عليه وسلم.
  3. صحيح مسلم کتاب الفرائض 2 ص 3، مسند احمد 1 ص 48، سنن ابن ماجة 2 ص 163، احکام القران للجصاص 2 ص 106، سنن البيهقي 6 ص: 224 وج 8 ص 150، تفسير القرطبي 6 ص 29.
  4. تفسير الطبري 6 ص 30، تفسير الدر المنثور 2 ص 251.
  5. إحکام القرآن للجصاص 2 ص 105، تفسير ابن کثير 1 ص 594، الدر المنثور 2 ص 249، کنز العمال 6 ص 2.
  6. تفسير الطبري 6 ص 60، تفسير ابن کثير 1 ص 594. مر نظير هذه القضية من طريق طارق في صفحة 117 راجع.
  7. سنن ابن ماجه 2 ص 164، تفسير ابن جرير 6 ص 30، احکام القرآن للجصاص 2 105، مستدرک الحاکم 2 ص 304 وصححه، تفسير القرطبي 6 ص 29، تفسير ابن کثير 1 ص 595 نقلا عن الحاکم وصححه، تفسير السيوطي 2 ص 250.
  8. المستدرک 2 ص 303، تفسير ابن کثير 1 ص 595، تفسير السيوطي 2 ص 249.
  9. تفسير القرطبي 6 ص 29، تفسير ابن کثير 1 ص 594.
  10. سنن الدارمي 3 ص 365، السنن الکبري 6 ص 223.
  11. سورة الاسراء- آية 36.
  12. سورة الحاقة. آية 47 -44.
  13. فتح الباري شرح صحيح البخاري 8 ص 215.