اجتهاد الخليفة في الجد











اجتهاد الخليفة في الجد



أخرج الدارمي في سننه 2 ص 354 عن الشعبي أنه قال: أول جد ورث في الاسلام عمر فأخذ ماله، فأتاه علي وزيد فقالا: ليس لک ذلک إنما کنت کأحد الاخوين.

وفي لفظ البيهقي:

إن أول جد ورث في الاسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، مات إبن فلان بن عمر فأراد عمر أن يأخذ المال دون اخوته، فقال له علي وزيد رضي الله عنهما: ليس لک ذلک. فقال عمر: لولا أن رأيکما إجتمع لم أر أن يکون إبني ولا أکون أباه.

ألسنن الکبري 6 ص 247.

وأخرج الدارمي ايضا عن مروان بن الحکم: أن عمر بن الخطاب لما طعن استشارهم في الجد فقال: إني کنت رأيت في الجد رأيا فإن رأيتم أن تتبعوه فاتبعوه. فقال له عثمان: إن نتبع رأيک فإنه رشد وإن نتبع رأي الشيخ فلنعم ذوالرأي کان. (مستدرک الحاکم 4 ص 340).

قال الشعبي: کان من رأي أبي بکر وعمر رضي الله عنها أن يجعلا الجد أولي من الاخ، وکان عمر يکره الکلام فيه، فلما صار عمر جدا قال: هذا أمر قد وقع لابد للناس من معرفته فأرسل إلي زيد بن ثابت فسأله فقال: کان من رأي أبي بکر رضي الله عنه أن نجعل الجد أولي من الاخ. فقال: يا أميرالمؤمنين لا تجعل شجرة نبتت فانشعب منها غصن فانشعب في الغصن غصن فما يجعل الغصن الاول أولي من الغصن الثاني وقد

[صفحه 116]

خرج الغصن من الغصن؟ قال: فأرسل إلي علي رضي الله عنه فسأله فقال له کما قال زيد إلا أنه جعل سيلا سال فأنشعب منه شعبة ثم انشعبت منه شعبتان فقال: أرأيت لو أن هذه الشعبة الوسطي رجع أليس إلي الشعبتين جميعا. الحديث.

(ألسنن الکبري 6 ص 247).

وعن سعيد بن المسيب عن عمر قال: سألت النبي صلي الله عليه وسلم کيف قسم الجد؟ قال: ما سؤالک عن ذلک يا عمر؟ إني أظنک تموت قبل أن تعلم ذلک. قال سعيد بن المسيب فمات عمر قبل أن يعلم ذلک.

أخرجه الطبراني في الاوسط، والهيثمي في مجمع الزوائد 4 ص 227 وقال: رجاله رجال الصحيح. وذکره السيوطي في جمع الجوامع کما في ترتيبه 6 ص 15 نقلا عن عبدالرزاق والبيهقي وأبي الشيخ في الفرائض.

وأخرج البيهقي في سننه 247: 6 عن زيد بن ثابت: إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استأذن عليه يوما فأذن له فقالت: يا أميرالمؤمنين! لو أرسلت إلي جئتک. فقال عمر رضي الله عنه: إنما الحاجة لي إني جئتک لتنظر في أمر الجد فقال زيد: لا والله ما نقول فيه. فقال عمر رضي الله عنه: ليس هو بوحي حتي نزيد فيه وننقص منه إنما هو شئ نراه، فإن رأيته ووافقني تبتعه وإلا لم يکن عليک فيه شئ. فأبي زيد فخرج مغضبا قال: قد جئتک وأنا أظنک ستفرغ من حاجتي، ثم أتاه مرة اخري في الساعة التي أتاه المرة الاولي فلم يزل به حتي قال: فسأکتب لک فيه فکتبه في قطعة قتب وضرب له مثلا إنما مثله مثل شجرة نبتت علي ساق واحد فخرج فيها غصن ثم خرج في الغصن غصن آخر، فالساق يسقي الغصن فإن قطع الغصن الاول رجع الماء إلي الغصن يعني الثاني وإن قطعت الثاني رجع الماء إلي الاول فاتي به. فخطب الناس عمر ثم قرأ قطعة القتب عليهم ثم قال: إن زيد بن ثابت قد قال في الجد قولا وقد أمضيته قال: وکان أول جد کان فأراد أن يأخذ المال کله مال إبن ابنه دون اخوته فقسمه بعد ذلک عمر بن الخطاب.

وأخرج البيهقي في السنن الکبري 6 ص 245 عن عبيدة قال: إني لاحفظ عن عمر في الجد مائة قضية کلها ينقض بعضها بعضا.

[صفحه 117]

وعن عبيدة قال: حفظت عن عمر مائة قضية في الجد قال وقال: إني قد قضيت في الجد قضايا مختلفة کلها لا آلو فيه عن الحق، ولئن عشت إن شاء الله إلي الصيف لاقضين فيها بقضية تقضي به المرأة وهي علي ذيلها.

وأخرج البيهقي في السنن عن طارق بن شهاب قال: أخذ عمر بن الخطاب رضي الله عنه کتفا وجمع أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم ليکتب في الجد وهم يرون أنه يجعله أبا فخرجت عليه حية فتفرقوا، فقال: لو أن الله أراد أن يمضيه لامضاه.

وقال إبن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 1 ص 61: کان عمر يفتي کثيرا بالحکم ثم ينقضه ويفتي بضده وخلافه، قضي في الجد مع الاخوة قضايا کثيرة مختلفة، ثم خاف من الحکم في هذه المسألة فقال: من أراد أن يقتحم جراثيم جهنم فليقل في الجد برأيه.

قال الاميني: أنا لا أدري أن هذه القضايا المتناقضة البالغ عددها إلي المائة في موضوع واحد هل کلها موافقة للواقع؟ وليس من المعقول ذلک. أو أن بعضها موافق؟ فلم لم يرجع إليه في جميع الموارد. وهل هي کلها عن إجتهاد الخليفة؟ أو أنها متخذة من الصحابة؟ وهل الصحابة کانوا يفتون بذلک عن آرائهم؟ أو اتخذوها عن النبي الامين؟ فإن کان سماعا؟ فلا تختلف الفتيا فيه ولا سيما مع قرب العهد به صلي الله عليه وسلم. وإن کان اجتهادا منهم؟ فمن ذا الذي يعترف لهم يعترف لجميعهم بالتأهل للاجتهاد؟ علي أن لنا بعد التنازل لهم بالاهلية حق النظر فيما اجتهدوا وفيما استندوا إليه، ومثل هذا الاجتهاد الفارغ لا حجة فيه حتي من نفس الخليفة.

ثم إن خليفة المسلمين کيف يسوغ له الجهل بما شرعه نبي الاسلام حتي يربکه ذلک في التناقض؟ فيأخذ الحق في بعض الموارد من أفواه الرجال، ويمضي علي ضلته حيث لم يصادف أحدا منهم.

وما أعضلت هذه المسألة علي الخليفة؟ ولم يمکن من تعلمها طيلة حياته، وما شأنه وقد ظن رسول الله صلي الله عليه واله وسلم أنه يموت قبل أن يعلمها ومات ولم يعلم؟ وما سوغ له القضاء في تلکم القضايا الجمة وهو لا يعلم حکمها وقد أخبره النبي الاعظم بذلک؟

ولست أدري کيف حفظتها الامة وتلقتها في قرونها الخالية من دون أن تصعب علي أي فقيه او متفقه وقد اشکلت علي الخليفة وهو مع ذلک أعلم الصحابة في زمانه

[صفحه 118]

علي الاطلاق عند صاحب الوشيعة؟.


صفحه 116، 117، 118.