تحريف وتدجيل











تحريف وتدجيل



هذا الحديث أخرجه البخاري في صحيحه 1 ص 45 في باب: المتيمم هل ينفخ فيهما، وفي أبواب بعده غير أنه راقه أن يحرفه صونا لمقام الخليفة فحذف منه جواب عمر- لا تصل- أو:- أما أنا فلم أکن لاصلي ذاهلا عن أن کلام عمار عندئذ لا يرتبط بشئ، ولعل هذا عند البخاري أخف وطئه من إخراج الحديث علي ما هو عليه.

وذکره البيهقي محرفا في سننه الکبري 1 ص 209 نقلا عن الصحيحين، وأخرجه النسائي في سننه 1 ص 60 وفيه مکان جواب عمر: فلم يدر ما يقول. وأخرجه البغوي في المصابيح 1 ص 36 وعده من الصحاح غير أنه حذف صدر الحديث وذکر مجئ عمار إلي رسول الله صلي الله عليه واله وسلم فحسب.

وذکره الذهبي في تذکرته 3 ص 152 محرفا وأردفه بقوله: قال بعضهم: کيف ساغ لعمار أن يقول مثل هذا فيحل له کتمان العلم؟ والجواب: إن هذا ليس من کتمان العلم فإنه حدث به واتصل ولله الحمد بنا، وحدث في مجلس أميرالمؤمنين، وإنما لاطف عمر بهذا لعلمه بأنه کان ينهي عن الاکثار من الحديث خوف الخطأ، ولئلا يتشاغل الناس به عن القرآن.

قال الاميني: هناک شئ هام أمثال هذه الکلمات المزخرفة والابحاث الفارغة المعدة لتعمية البسطاء من القراء عما في التاريخ الصحيح، ليت شعري ما أغفلهم عن قول عمر: لا تصل- أو:- أما أنا فلم أکن لاصلي؟ يقوله وهو أميرالمؤمنين والمسألة سهلة جدا عامة البلوي شايعة. وما أغفلهم عن قوله لعمار: اتق الله يا عمار؟ وعن ترکه الصلاة يوم أجنب في السرية بعد ما جاء الاسلام بالطهورين؟ وعن جهله بآية التيمم وحکم القرآن الکريم؟ وعن غضه البصر عن تعليم النبي صلي الله عليه واله وسلم عمارا بکيفية التيمم؟ ما أذهلهم عن هذه الطامات الکبري وأشغلهم بعمار وکلمته؟ نعم ألحب يعمي ويصم، ومن کان في هذه أعمي فهو في الآخرة أعمي وأضل سبيلا.

ويظهر من العيني في عمدة القاري 2 ص 172، وإبن حجر في فتح الباري 1 ص 352 ثبوت تينک الفقرتين[1] من لفظ عمر في الحديث ولذلک جعلاه مذهبا له، قال العيني:

[صفحه 85]

فيه (يعني في الحديث) أن عمر رضي الله عنه لم يکن يري للجنب التيمم لقول عمار له: فأما أنت فلم تصل، وقال: إنه جعل آية التيمم مختصة بالحدث الاصغرو أدي إجتهاده إلي أن الجنب لا يتيمم.

وقال إبن حجر: هذا مذهب مشهور عن عمر.

يعرب الحديث عن أن هذا الاجتهاد من الخليفة کان في حياة رسول الله صلي الله عليه واله وسلم وهو أعجب شئ طرق اذن الدهر، کيف أکمل الله دينه ومثل مسألة التيمم العامة البلوي کانت غير معلومة في حياة النبي صلي الله عليه واله وسلم، وبقي فيها مجالا لمثل الخليفة أن يجهل بها أو يجتهد فيها؟ وکيف فتح باب الاجتهاد بمصراعيه علي الامة مع وجوده صلي الله عليه واله وسلم بين ظهرانيها؟.

فهلا سأل الرجل رسول الله بعد ما خالفه عمار، ورآه يتمعک بالتراب فيصلي؟.

وهلا أخبره عمار يوم أجنبا بما علمه رسول الله من هديه وسنته في التيمم؟

وهلا علم رسول الله ترک عمر الصلاة- وهي أهم الفرايض وأکملها- مهما أجنب ولم يجد الماء وأخبره بما جاء به الاسلام وقرر في شرعه المقدس؟

وهلا سأل عمر بعده صلي الله عليه واله وسلم رجالا خالفوه في رأيه هذا مثل علي أميرالمؤمنين وإبن عباس وأبي موسي الاشعري والصحابة کلهم غير عبدالله بن مسعود؟

وهل کان عمل أولئک القائلين بالتيمم علي الجنب الفاقد للماء اتباعا للسنة الثابتة المسموعة من رسول الله؟ أو کان مجرد رأي وإجتهاد أيضا لدة إجتهاد الخليفة؟ وهلا کان الخليفة يثق بعمار يوم أخبره عن سنة رسول الله صلي الله عليه واله وسلم فلم يعدل عن رأيه؟ ولم ير إبن مسعود أن عمر قنع بقول عمار.[2] .

وهل خفي علي الخليفة ما أخرجه البخاري في صحيحه عن عمران بن الحصين؟ قال: إن رسول الله صلي الله عليه وسلم رأي رجلا معتزلا لم يصل في القوم فقال: يا فلان ما منعک أن تصلي في القوم؟ فقال: يا رسول الله أصابتني جنابة ولا ماء، فقال: عليک بالصعيد فإنه يکفيک.[3] .

[صفحه 86]

وهل عزب عنه مارواه سعيد بن المسيب عن أبي هريرة؟ قال: جاء إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: إنا نکون في الرمل وفينا الحائض والجنب والنفساء فيأتي علينا أربعة أشهر لانجد الماء؟ قال: عليک بالتراب يعني التيمم.

وفي لفظ آخر: إن أعرابا أتوا النبي صلي الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله إنا نکون في هذه الرمال لا نقدر علي الماء ولا نري الماء ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر وفينا النفساء والحائض والجنب؟ قال: عليکم بأرض.

وفي لفظ الاعمش: جاء الاعراب إلي النبي. صلي الله عليه وسلم فقالوا: إنا نکون بالرمل ونعزب عن الماء الشهرين والثلاثة وفينا الجنب والحائض؟ فقال: عليکم بالتراب.[4] .

وهل ذهب عليه ما أخبر به أبوذر من السنة؟ قال: کنت أعزب عن الماء ومعي أهلي فتصيبني الجنابة فاصلي بغيرطهور فأتيت النبي صلي الله عليه وسلم بنصف النهار وهو في رهط من أصحابه وهو في ظل المسجد فقال: أبوذر؟ فقلت: نعم هلکت يا رسول الله فقال: وما أهلکک؟ قال: إني کنت أعزب عن الماء ومعي أهلي فتصيبني الجنابة فاصلي بغير طهور فأمر لي رسول الله صلي الله عليه وسلم بماء فجاءت به جارية سوداء بعس يتخضخض ما هو بملآن فتسترت إلي بعيري فاغتسلت ثم جئت فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: يا أباذر إن الصعيد الطيب طهور وإن لم تجد الماء إلي عشر سنين فإذا وجدت الماء فامسسه جلدک[5] .

م- وهلا قرع سمعه حديث الاسقع؟ قال: کنت ارحل للنبي صلي الله عليه وسلم فأصابتني جنابة فقال النبي صلي الله عليه وسلم: رحل لنايا أسقع. فقلت: بأبي أنت وامي أصابتني جنابة وليس في المنزل ماء. فقال: تعال يا أسقع اعلمک التيمم مثل ما علمني جبرئيل، فأتيته فنحاني عن الطريق قليلا فعلمني التيمم.[6] .

وقبل کل شئ آيتا التيمم إحديهما في سورة النساء آية 43 وهي قوله:

يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سکاري حتي تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتي تغتسلوا، وإن کنتم مرضي أو علي سفر أو جاء أحد

[صفحه 87]

منکم من الغايط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهکم وأيديکم إن الله کان عفوا غفورا.

وقال أميرالمؤمنين عليه السلام: انزلت هذه الآية إذا أجنب فلم يجد الماء تيمم وصلي حتي يدرک الماء فإذا أدرک الماء اغتسل.[7] .

والآية الثانية في سورة المائدة آية 6 وهي قوله.

يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلي الصلاة فاغسلوا وجوهکم وأيديکم إلي المرافق وامسحوا برؤسکم وأرجلکم إلي الکعبين، وإن کنتم جنبا فأطهروا وإن کنتم مرضي أو علي سفر أو جاء أحد منکم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهکم وأيديکم منه.

فإن المراد من الملامسة في آية النساء هو الجماع لا محالة کما عن أميرالمؤمنين و ابن عباس وأبي موسي الاشعري وتبعهم في ذلک الحسن وعبيدة والشعبي وآخرون و هذا مذهب کل من نفي الوضوء بمس المرأة کأبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وزفر والثوري والاوزاعي وغيرهم. وذلک أن المولي سبحانه أسلف بيان حکم الجنب عند وجدان الماء بقوله: حتي تغتسلوا. وقوله: فاطهروا. ثم شرع في صور حکم عدم التمکن من استعمال الماء لمرض أو سفر أو فقدانه واستطرد هنا ذکر الحدث الاصغر بقوله: أو جاء أحد منکم من الغايط. فنوه بذکر الجنابة بقوله: أو لامستم النساء. ولو أريد به غير الجماع لکان مختزلا عما قبله. وعبر عن الجماع باللمس المرادف للمس[8] الذي اريد به الجماع فحسب في قوله تعالي: لا جناح عليکم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن. وقوله تعالي: وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن.

وقوله تعالي: ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن. ولغير واحد من فقهاء القوم وأئمتهم کلمات ضافية في المقام تکشف عن جلية الحال نقتصر منها بکلمة الامام أبي بکر الجصاص الحنفي المتوفي 370 قال في أحکام القرآن 2 ص 456 -450:

[صفحه 88]

أما قوله تعالي «أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا» فإن السلف قد تنازعوا في معني الملامسة المذکورة في هذه الآية فقال علي وابن عباس وأبوموسي والحسن وعبيدة والشعبي: هي کناية عن الجماع وکانوا لا يوجبون الوضوء لمن مس امرأته. وقال عمر وعبدالله بن مسعود: ألمراد اللمس باليدو کانا يوجبان الوضوء بمس المرأة ولا يريان للجنب أن يتيمم، فمن تأوله من الصحابة علي الجماع لم يوجب الوضوء من مس المرأة ومن حمله علي اللمس باليد أوجب الوضوء من مس المرأة ولم تجز التيمم للجنب.

ثم أثبت عدم نقض الوضوء بمس المرأة علي کل حال لشهوة أو لغير شهوة بالسنة النبوية فقال: أللمس يحتمل الجماع علي ما تأوله علي وابن عباس وأبوموسي. و يحتمل اللمس باليد علي ماروي عن عمر وعبدالله بن مسعود، فلما روي عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قبل بعض نسائه ثم صلي ولم يتوضأ. أبان ذلک عن مراد الله تعالي.

ووجه آخر يدل علي أن المراد منه الجماع وهو أن اللمس وإن کان حقيقة للمس باليد فإنه لما کان مضافا إلي النساء وجب أن يکون المراد منه الوطئ کما أن الوطئ حقيقته المشي بالاقدام فإذا اضيف إلي النساء لم يعقل منه غير الجماع، کذلک هذا ونظيره قوله تعالي وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن، يعني من قبل أن تجامعوهن.

وأيضا فإن النبي صلي الله عليه وسلم أمر الجنب بالتيمم في أخبار مستفيضة ومتي ورد عن النبي صلي الله عليه وسلم حکم ينتظمه لفظ الآية وجب أن يکون فعله إنما صدر عن الکتاب کما أنه قطع السارق وکان في الکتاب لفظ يقتضيه کان قطعه معقولا بالآية وکسائر الشرايع التي فعلها النبي صلي الله عليه وسلم مما ينطوي عليه ظاهر الکتاب.

ويدل علي أن المراد الجماع دون لمس اليد إن الله تعالي قال: إذا قمتم إلي الصلاة فاغسلوا وجوهکم. إلي قوله: وإن کنتم جنبا فاطهروا. أبان به عن حکم الحدث في حال وجود الماء ثم عطف عليه قوله: وإن کنتم مرضي أو علي سفر. إلي قوله: فتيمموا صعيدا طيبا. فأعاد ذکر حکم الحدث في حال عدم الماء فوجب أن يکون قوله: أو لامستم النساء علي الجنابة لتکون الآية منتظمة لهما مبينة لحکمهما في حال وجود الماء وعدمه، ولو کان المراد أللمس باليد لکان ذکر التيمم مقصورا علي حال الحدث

[صفحه 89]

دون الجنابة غير مفيد لحکم الجنابة في حال عدم الماء، وحمل الآية علي فائدتين أولي من الاقتصار بها علي فائدة واحدة، وإذا ثبت أن المراد الجماع إنتفي اللمس باليد لما بينا من امتناع إرادتهما بلفظ واحد.

فإن قيل: إذا حمل علي اللمس باليد کان مفيدا لکون اللمس حدثا وإذا جعل مقصورا علي الجماع لم يفد ذلک، فالواجب علي قضيتک في اعتبار الفائدتين حمله عليهما جميعا فيفيد کون اللمس حدثا، ويفيد ايضا جواز التيمم للجنب، فإن لم يجز حمله علي الامرين لما ذکرت من اتفاق السلف علي أنهما لم يرادا ولامتناع کون اللفظ مجازا وحقيقة أو کناية وصريحا، فقد ساويناک في إثبات فائدة مجددة بحمله علي اللمس باليد مع استعمالنا حقيقة اللفظ فيه، فما جعلک إثبات فائدة من جهة إباحة التيمم للجنب أولي ممن أثبت فائدته من جهة کون اللمس باليد حدثا؟.

قيل له: لان قوله تعالي: إذا قمتم إلي الصلاة مفيد لحکم الاحداث في حال وجود الماء ونص مع ذلک علي حکم الجنابة، فالاولي أن يکون ما في نسق الآية من قوله: أو جاء أحد منکم من الغايط- إلي قوله: أو لامستم النساء. بيانا لحکم الحدث والجنابة في حال عدم الماء، کما کان في أول الآية بيانا لحکمهما في حال وجوده، وليس موضع الآية في بيان تفصيل الاحداث، وإنما هي في بيان حکمها وأنت متي حملت اللمس علي بيان الحدث فقد أزلتها عن مقتضاها وظاهرها فلذلک کان ما ذکرناه أولي؟

ودليل آخر علي ماذکرناه من معني الآية وهو أنها قد قرئت علي وجهين: أو لامستم النساء. ولمستم. فمن قرأ: أو لامستم. فظاهره الجماع لا غير، لان المفاعلة لا تکون إلا من اثنين إلا في أشياء نادرة کقولهم: قاتله الله وجازاه وعافاه الله ونحو ذلک، وهي أحرف معدودة لايقاس عليها أغيارها، والاصل في المفاعلة انها بين اثنين کقولهم: قاتله، وضاربه، وسالمه، وصالحه، ونحو ذلک، وإذا کان ذلک حقيقة اللفظ فالواجب حمله علي الجماع الذي يکون منهما جميعا، ويدل علي ذلک أنک لا تقول لامست الرجل و لامست الثوب إذا مسته بيدک لانفرادک بالفعل، فدل علي أن قوله: أو لامستم. بمعني أو جامعتم النساء فيکون حقيقته الجماع، وإذا صح ذلک وکانت قراءة من قرأ:

[صفحه 90]

أو لمستم. يحتمل اللمس باليد ويحتمل الجماع وجب أن يکون ذلک محمولا علي مالا يحتمل إلا معني واحد لان مالا يحتمل إلا معني واحدا فهو المحکم، ومايحتمل معنيين فهو المتشابه، وقد أمرنا الله تعالي بحمل المتشابه علي المحکم ورده إليه بقوله: هو الذي أنزل عليک الکتاب منه آيات محکمات هن ام الکتاب. الآية. فلما جعل المحکم اما للمتشابه فقد أمرنا بحمله عليه، وذم متبع المتشابه باقتصاره علي حکمه بنفسه دون رده إلي غيره بقوله: فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ماتشابه منه. فثبت بذلک أن قوله «أولمستم» لما کان محتملا للمعنيين کان متشابها وقوله «أولامستم» لما کان مقصورا في مفهوم اللسان علي معني واحد کان محکما، فوجب أن يکون معني ألمتشابه مبينا عليه.

ويدل علي أن اللمس ليس بحدث: أن ما کان حدثا لا يختلف فيه الرجال والنساء ولو مست امرأة امرأة لم يکن حدثا، کذلک مس الرجل إياها[9] وکذلک مس الرجل الرجل ليس بحدث. فکذلک مس المرأة. ودلالة ذلک علي ما وصفنا من وجهين: أحدهما إنا وجدنا الاحداث لا تختلف فيها الرجال والنساء فکل ما کان حدثا من الرجل فهو من المرأة حدث، وکذلک ما کان حدثا من المرأة فهو حدث من الرجل، فمن فرق بين الرجل والمرأة فقوله خارج عن الاصول، ومن جهة اخري: أن العلة في مس المرأة المرأة والرجل الرجل إنه مباشرة من غير جماع فلم يکن حدثا کذلک الرجل والمرأة. اه.

فتري بعد هذه کلها أن رأي الخليفة شاذ عن الکتاب والسنة الثابتة وإجماع الامة، وإجتهاد محض تجاه النصوص المسلمة، ولذلک خالفته الامة الاسلامية جمعاء من يومها الاول حتي اليوم، وأصفقت علي وجوب التيمم علي الجنب الفاقد للماء ولم يتبعه فيما رآه أحد إلا عبدالله بن مسعود- إن صحت النسبة إليه.

ويظهر من صحيحة الشيخين- البخاري ومسلم- عن شقيق أن الاجتهاد المذکور في آيتي التيمم والتأويل في قوله (أولامستم) کما ذکر من مختلفات التابعين ومن بعدهم، وکان مفاد الآيتين متفقا عليه عند الصحابة ولم يکن قط اختلاف بينهم فيه وإنما کره

[صفحه 91]

عمر وتابعه الوحيد التيمم للجنب الفاقد للماء لغاية اخري.

قال شقيق: کنت بين عبدالله بن مسعود وأبي موسي رضي الله عنهما فقال أبوموسي:أرأيت يا أبا عبدالرحمن؟ لو أن رجلا أجنب فلم يجد الماء شهرا کيف يصنع بالصلاة؟ فقال لا يتيمم وإن لم يجد الماء شهرا. فقال أبوموسي: کيف بهذه الآية في سورة المائدة «فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا»؟ قال عبدالله: لو رخص لهم في هذا الآية لاوشک إذا برد عليهم الماء أن يتيمموا بالصعيد. فقال له أبوموسي: و إنما کرهتم هذا لذا؟ قال: نعم. فقال أبوموسي لعبدالله: ألم تسمع قول عمار لعمر رضي الله عنهما: بعثني رسول الله صلي الله عليه وسلم فأجنبت فلم أجد الماء فتمرغت في الصعيد کما تتمرغ الدابة ثم أتيت رسول الله صلي الله عليه وسلم فذکرت له ذلک، فقال: إنما کان يکفيک أن تصنع هکذا، وضرب بکفيه ضربة علي الارض ثم نفضها ثم مسح بها ظهر کفه بشماله: وظهر شماله بکفه ثم مسح بهما وجهه، فقال عبدالله: أفلم تر عمر لم يقنع بقول عمار؟


صفحه 85، 86، 87، 88، 89، 90، 91.








  1. اعني قول عمر: لا تصل. وقوله: أما أنا فلم أکن لاصلي حتي أجد الماء.
  2. صحيح البخاري، صحيح مسلم، سنن البيهقي 1 ص 226، تيسير الوصول 3 ص 97.
  3. صحيح البخاري 1 ص 129، صحيح مسلم، مسند أحمد 4 ص 434، سنن النسائي 1 ص 171، سنن البيهقي 1 ص 219، تيسير الوصول 3 ص 98.
  4. سنن البيهقي 1 ص 217 و 216.
  5. سنن البيهقي 1 ص 220 و 217.
  6. تاريخ الخطيب البغدادي 8 ص 377.
  7. سنن البيهقي 1 ص 216.
  8. راجع معاجم اللغة.
  9. يعني ليس بحدث بالنسبة إلي المرأة.