القصيدة 04











القصيدة 04



نم العذار بعارضيه وسلسلا
وتضمنت تلک المراشف سلسلا


قمر أباح دمي الحرام محللا
إذ مر يخطر في قباه محللا


رش ء تردي بالجمال فلم يدع
لاخي الصبابة في هواه تجملا


کتب الجمال علي صحيفة خده
بيراع معناه البهيج ومثلا


فبدا بنوني حاجبيه معرقا
من فوق صادي مقلتيه وأقفلا


ثم استمد فمد أسفل صدغه
ألفا ألفت به العذاب الاطولا


فاعجب له إذ هم ينقط نقطة
من فوق حاجبه فجاءت أسفلا


فتحققت في حاء حمرة خده
خالا فعم هواه قلبي المبتلي


ولقد أري قمرالسماء إذا بدا
في عقرب المريخ حل مؤيلا


وإذا بدا قمري وقارن عقربي
صدغيه حل به السعود فأکملا


أنابين طرته وسحر جفونه
رهن المنية إذ عليه توکلا


دبت لتحرس نور وجنة خده
عيني فقابلت العيون الغزلا


جاءت لتلقف سحرها فتلقفت
منا القلوب وسحرها لن يبطلا


فاعجب لمشترکين في دم عاشق
حرم المني ومحرم ما حللا


جاءت وحين سعت لقلبي أو سعت
لعا وتلک نضت لقتلي منصلا


قابلته شاکي السلاح قد امتطي
في غرة الاضحي أغر محجلا


مترديا خضر الملابس إذ لها
بالؤلؤ الرطب المنضد مجتلي


فنظرت بدرا فوق غصن مائس
خضر تعاوده الحيا فتکللا


وکأن صلت جبينه في شعره
کلئالي صفت علي بند الکلا

[صفحه 384]

صبح علي الجوزاء لاح لناظر
متبلج فأزاح ليلا أليلا


حتي إذا قصد الرمية وانثني
بسهامة خاطبته متمثلا


: لک ما ينوب عن السلاح بمثلها
يامن أصاب من المحب؟؟


يکفيک طرفک نابلا والقد
خطارا وحاجبک المعرق عيطلا


عاتبته فشکوت مجمل صده
لفظا أتي لطفا فکان مفصلا


وأبان تبيان الوسيلة مدمعي
فاعجب لذي نطق تحمل مهملا


فتضرجت وجناته. مستعذبا
عتبي ويعذب للمعاتب ما حلا


وافتر عن ورد وأصبح عن ضحي
من لي بلثم المجتني والمجتلي؟


من لي بغصن نقا تبدي فوقه
قمر تغشي جنح ليل فانجلي؟


حلو الشمائل لا يزيد علي الرضا
إلا علي قساوة وتدللا


نجلت به الصيد الملوک فأصبحت
شرفا له هام المجرة منزلا


فالحکم منسوب إلي آبائه
عدلا وبي في حکمه لن يعدلا


أدنو فيصدف معرضا متدللا
عني فاخضع طائعا متذللا


أبکي فيبسم ضاحکا ويقول لي:
لاغرو إن شاهدت وجهي مقبلا


أنا روضة والروض يبسم نوره
بشرا إذا دمع السحاب تهللا


وکذاک لا عجب خضوعک طالما
اسد العرين تقاد في أسر الطلا[1] .


قسما بفآء فتور جيم جفونه
لاخالفن علي هواه العذلا


ولاوقفن علي الهوي نفسا علت
فغلت ويرخص في المحبة ما غلا


ولاحسنن وإن أساء وألين طو
عا إن قسا وأزيد حبا إن قلا


لانلت مما أرتجيه مآربي
إن کان قلبي من محبته سلا


إن کنت أهواه لفاحشة فلا
بوءت في دار المقامة منزلا


ياحبذا متحاببين تواصلا
دهرا وما اعتلقا بفحش أذيلا


لاشيئ أجمل من عفاف زانه
ورع ومن لبس العفاف تجملا


طبعت سرائرنا علي التقوي ومن
طبعت سريرته علي التقوي علا

[صفحه 385]

أهواه لا لخيانة حاشي لمن
أنهي الکتاب تلاوة أن يجهلا


لي فيه مزدجر بما أخلصته
في المصطفي وأخيه من عقد الولا


فهما لعمرک علة الاشياء في
العلل الحقيقة إن عرفت الامثلا


ألاولان الآخران الباطنان
الظاهران الشاکران لذي العلا


ألزاهدان العابدان الراکعان
الساجدان الشاهدان علي الملا


خلقا وما خلق الوجود کلاهما
نوران من نور العلي تفصلا


في علمه المخزون مجتمعان لن
يتفرقا أبدا ولن يتحولا


فاسأل عن النور الذي تجدنه
في النور مسطورا وسائل من تلا


واسأل عن الکلمات لما انها
حقا تلقي آدم فتقبلا


ثم اجتباه فأودعا في صلبه
شرفا له وتکرما وتبجلا


وتقلبا في الساجدين وأودعا
في أطهر الارحام ثم تنقلا


حتي استقر النور نورا واحدا
في شيبة الحمد بن هاشم يجتلي


قسما لحکم إرتضاه فکان ذا
نعم الوصي وذاک أشرف مرسلا


فعلي نفس محمد ووصيه
وأمينه وسواه مأمون فلا


وشقيق نبعته وخير من اقتفي
منهاجه وبه اقتدي وله تلا


مولي به قبل المهيمن آدما
لما دعا وبه توسل أولا


وبه استقر الفلک في طوفانه
لما دعا نوح به وتوسلا


وبه خبت نار الخليل وأصبحت
بردا وقد أذکت حريقا مشعلا


وبه دعا يعقوب حين أصابه
من فقد يوسف ما شجاه وأثقلا


وبه دعا الصديق يوسف إذ هوي
في جبه وأقام أسفل أسفلا


وبه أماط الله ضر نبيه
أيوب وهو المستکين المبتلا


وبه دعا عيسي فأحيي ميتا
من قبره وأهال عنه الجندلا[2] .


وبه دعا موسي فأوضحت العصا
طرقا ولجة بحرها طام ملا


وبه دعا داود حين غشاهم
جالوت مقتحما يقود الجحفلا

[صفحه 386]

ألقاه دامغة فأردي شلوه
ملقي وولي جمعه متجفلا


وبه دعا لما عليه تسورا
الخصمان محراب الصلاة وادخلا


فقضي علي إحديهما بالظلم في
حکم النعاج وکان حکما فيصلا


فتجاوز الرحمن عنه تکرما
وبه ألان له الحديد وسهلا


وبه سليمان دعا فتسخرت
ريح الرخاء لاجله ولها علا


وله استقر الملک حين دعا به
عمر الحياة فعاش فيه مخولا


وبه توسل آصف لما دعا
بسرير بلقيس فجاء معجلا


ألعالم العلم الرضي المرتضي
نور الهدي سيف العلاء أخ العلا


من عنده علم الکتاب وحکمه
وله تأول متقنا ومحصلا


وإذا علت شرفا ومجدا هاشم
کان الوصي بها المعم المخولا


لا جده تيم بن مرة لا ولا
أبواه من نسل النفيل تنقلا


ومکسر الاصنام لم يسجد لها
متعفرا فوق الثري متذللا


لکن له سجدت مخافة بأسه
لما علي کتف النبي علا


علي تلک الفضيلة لم يفز شرفا بها
إلا الخليل أبوه في عصر خلا


إذ کسر الاصنام حين خلا بها
سرا وولي خائفا مستعجلا


فتميز الفعلين بينهما وقس
تجد الوصي بها الشجاع الافضلا


وانظر تري أزکي البرية مولدا
في الفعل متبعا أباه الاولا


وهو القؤل وقوله الصدق الذي[3] .
لا ريب فيه لمن وعي وتأملا


: والله لو أن الوسادة ثنيت
لي في الذي حظر العلي وحللا


لحکمت في قوم الکليم بمقتضي
توراتهم حکما بليغا فيصلا


وحکمت في قوم المسيح بمقتضي
إنجيلهم وأقمت منه الاميلا


وحکمت بين المسلمين بمقتضي
فرقانهم حکما بليغا فيصلا


حتي تقر الکتب ناطقة لقد
صدق الامين «علي» فيما عللا


فاستخبروني عن قرون قد خلت
من قبل آدم في زمان قد خلا

[صفحه 387]

فلقد أحطت بعلمها الماضي وما
منها تأخر آتيا مستقبلا


وانظر إلي نهج البلاغة هل تري
لاولي البلاغة منه أبلغ مقولا؟


حکم تأخرت الاواخر دونها
خرسا وأفحمت البليغ المقولا


خسأت ذووالآراء عنه فلن تري
من فوقه إلا الکتاب المنزلا


وله القضايا والحکومات التي
وضحت لديه فحل منها المشکلا


وبيوم بعث الطائر المشوي إذ
وافي النبي فکان أطيب مأکلا


إذ قال أحمد: آتني بأحب من
تهوي ومن أهواه يا رب العلي


هذا روي أنس بن مالک لم يکن
ما قد رواه مصحفا ومبدلا


وشهادة الخصم الالد فضيلة
للخصم فاتبع الطريق الاسهلا


وکسد أبواب الصحابة غيره
لمميز عرف الهدي متوصلا


إذ قال قائلهم: نبيکم غوي
في زوج إبنته ويعذر إن غلا


تالله ما أوحي إليه وإنما
شرفا حباه علي الانام وفضلا


حتي هوي النجم المبين مکذبا
من کان في حق النبي تقولا


أبداره حتي الصباح أقام؟ أم
في دار حيدرة هوي وتنزلا؟


هذي المناقب ما أحاط بمثلها
أحد سواه فترتضيه مفضلا


ياليت شعري ما فضيلة مدع
حکم الخلافة ما تقدم أولا؟


أبعزله عند الصلاة مؤخرا؟
ولو ارتضاه نبيه لن يعزلا


أم رده في يوم بعث براءة
من بعد قطع مسافة متعجلا؟


إن کان أوحي الله جل جلاله
لنبيه وحيا أتاه منزلا


أن لا يؤديها سواک فترتضي
رجلا کريما منک خيرا مفضلا


أفهل مضي قصدا بها متوجها
إلا علي؟ يا خليلي اسألا


أم يوم خيبر إذ براية أحمد
ولي لعمرک خائفا متوجلا؟


ومضي بها الثاني فآب يجرها
حذر المنية هاربا ومهرولا


هلا سألتهما وقد نکصا بها
متخاذلين إلي النبي وأقبلا


من کان أوردها الحتوف سوي أبي
حسن وقام بها المقام المهولا؟

[صفحه 388]

وأباد مرحبهم ومد يمينه
قلع الرتاج وحصن خيبر زلزلا


يا علة الاشياء والسبب الذي
معني دقيق صفاته لن يعقلا


إلا لمن کشف الغطاء له ومن
شق الحجاب مجردا وتوصلا


يکفيک فخرا أن دين محمد
لولا کمالک نقصه لن يکملا


وفرايض الصلوات لولا انها
قرنت بذکرک فرضها لن يقبلا


يا من إذا عدت مناقب غيره
رجحت مناقبه وکان الافضلا


إني لاعذر حاسديک علي الذي
أولاک ربک ذوالجلال وفضلا


إن يحسدوک علي علاک فإنما
متسافل الدرجات يحسد من علا


إحياؤک الموتي ونطقک مخبرا
بالغائبات عذرت فيک لمن غلا


وبردک الشمس المنيرة بعدما
أفلت وقد شهدت برجعتها الملا


ونفوذ أمرک في الفرات وقد طما
مدا فأصبح ماؤه مستسفلا


وبليلة نحو المداين قاصدا
فيها لسلمان بعثت مغسلا


وقضية الثعبان حين أتاک في
ايضاح کشف قضية لن تعقلا


فحللت مشکلها فآب لعلمه
فرحا وقد فصلت فيها المجملا


والليث يوم أتاک حين دعوت في
عسر المخاض لعرسه فتسهلا


وعلوت من فوق البساط مخاطبا
أهل الرقيم فخاطبوک معجلا


أمخاطب الاذياب في فلواتها
ومکلم الاموات في رمس البلي


ياليت في الاحياء شخصک حاضر
وحسين مطروح بعرصة کربلا


عريان يکسوه الصعيد ملابسا
أفديه مسلوب اللباس مسربلا


متوسدا حر الصخور معفرا
بدمائه ترب الجبين مرملا


ظمآن مجروح الجوارح لم يجد
مما سوي دمه المبدد منهلا


ولصدره تطأ الخيول وطالما
بسريره جبريل کان موکلا


عقرت أما علمت لاي معظم
وطأت وصدر غادرته مفصلا؟


ولثغره يعلو القضيب وطالما
شرفا له کان النبي مقبلا


وبنوه في أسر الطغاة صوارخ
مولهاء معولة تجاوب معولا

[صفحه 389]

ونساؤه من حوله يندبنه
بأبي النساء النادبات الثکلا


يندبن أکرم سيد من سادة
هجروا القصور وآنسوا وحش الفلا


بأبي بدورا في المدينة طلعا
أمست بأرض الغاضرية افلا


آساد حرب لا يمس عفاتها
ضر الطوي ونزيلها لن يخذلا


من تلق منهم تلق غيثا مسبلا
کرما وإن قابلت ليثا مشبلا


نزحت بهم عن عقرهم أيدي العدا
بأبي الفريق الظاعن المترحلا


ساروا حثيثا والمنايا حولهم
تسري فلن يجدون عنها معزلا


ضاقت بهم أوطانهم فتبينوا
شاطي الفرات عن المواطن موئلا


ظفرت بهم أيدي البغاة فلم أخل
وأبيک تقتنص البغاث الاجدلا


منعوهم ماء الفرات ودونه
بسيوفهم دمهم يراق محللا


هجرت روسهم الجسوم فواصلت
زرق الاسنة والوشيج الذبلا


يبکي أسيرهم لفقد قتيلهم
أسفا وکل في الحقيقة مبتلي


هذا يميل علي اليمين معفرا
بدم الوريد وذا يساق مغللا


ومن العجائب أن تقاد اسودها
أسرا وتفترس الکلاب الاشبلا


لهفي لزين العابدين يقاد في
ثقل الحديد مقيدا ومکبلا


متقلقلا في قيده متثقلا
متوجعا لمصابه متوجلا


أفدي الاسير وليت خدي موطنا
کانت له بين المحامل محملا


أقسمت بالرحمن حلفة صادق
لولا الفراعنة الطواغيت الاولي


مابات قلب محمد في سبطه
قلقا ولا قلب الوصي مقلقلا


خانوا مواثيق النبي وأججوا
نيران حرب حرها لن يصطلي


يا صاحب الاعراف يعرض کل
مخلوق عليه محققا أو مبطلا


يا صاحب الحوض المباح لحزبه
حل ويمنعه العصاة الضللا


يا خير من لبي وطاف ومن سعي
ودعا وصلي راکعا وتنفلا


ظفرت يدي منکم بقسم وافر
سبحان من وهب العطاء وأجزلا[4] .

[صفحه 390]

شغلت بنو الدنيا بمدح ملوکهم
وأنا الذي بسواکم لن اشغلا


وترددوا لوفادة لکنهم
ردوا وقد کسبوا علي القيل القلا


ومنحتکم مدحي فرحب خزانتي
بنفايس الحسنات مفعمة ملا


وأنا الغني بکم ولا فقر ومن
ملک الغنا لسواکم لن يسألا


مولاي دونک من «علي» مدحة
عربية الالفاظ صادقة الولا


ليس النضار نظيرها لکنها
در تکامل نظمه فتفصلا


فاستجلها مني عروسا غادة
بکرا لغيرک حسنها لن يجتلي


فصداقها منک القبول فکن لها
يابن المکارم سامعا متقبلا


وعليکم مني التحية مادعا
داعي الفلاح إلي الصلاة مهللا


صلي عليک الله ما سح الحيا
وتبسمت لبکائه ثغر الکلا


صفحه 384، 385، 386، 387، 388، 389، 390.








  1. الطلا: ولد الظبي.
  2. وفي نسخة: في الغابرين وشق عنه الجندلا.
  3. راجع ص 194 من هذا الجزء.
  4. وفي نسخة: سبحان من قسم العطاء الاجزلا.