القصيدة 02











القصيدة 02



أبرق تراءي عن يمين ثغورها[1] .
أم ابتسمت عن لؤلؤ من ثغورها؟[2] .


ومرت بليل في بليل[3] عراصها
بنا نسمة أم نفحة من عبيرها؟


وطلعة بدر أم تراءت عن اللوي
لعينيک ليلي من خلال ستورها؟


نعم هذه ليلي وهاتيک دارها
بسقط اللوي يغشاک لئلاء نورها[4] .


سلام علي الدار التي طالما غدت
جلاءا لعيني درة من درورها[5] .

[صفحه 374]

وما عطفت بالصب ميلا إلي الصبا
بها شغفا إلا بدور بدورها


قضيت بها عصر الشباب بريئة
من الريب ذاتي مع ذوات خدورها


أتم جمالا من جميل وسوددا
وأکثر کسبا للعلي من کثيرها


وبت بريئا من دنو دناءة
اعاتب من محظورها وخطيرها


لعلمي بأني في المعاد مناقش
حسابا علي قطميرها ونقيرها


وما کنت من يسخو بنفس نفيسه
فأرخس بذلا سعرها بسعيرها


وأجمل ما يعزي إلي المجد عزوة
غدا مسفرا بالبشر وجه بشيرها


أعذر لمبيض العذار إذا صبا؟
وأکبر مقتا صبوة من کبيرها


کفي بنذير الشيب نهيا لذي النهي
وتبصرة فيها هدي لبصيرها


وما شبت إلا من وقوع شوائب
لاصغرها يبيض رأس صغيرها


ولو لا مصاب السبط بالطف ما بدا
بليل عذاري السبط وخط قتيرها


رمته بحرب آل حرب وأقبلت
إليه نفورا في عداد نفورها


تقود إليه القود في کل جحفل
إلي غارة معتدة من مغيرها


وما عدلت في الحکم بل عدلت به
وقايع صفين وليل هريرها


وعاضدها في غيها شر امة
علي الکفر لم تسعد برأي مشيرها


خلاف سطور في طروس تطلعت
طلايع غدر في خلال سطورها


فحين أتاها واثق القلب أصبحت
نواظرها مزورة غب زورها


فما أوسعت في الدين خرقا ولا سعت
إلي جورها إلا لترک اجورها


بنفسي إذ وافي عصاة عصابة
غرار الضبا مشحوذة من غرورها


قؤولا لانصار لديه واسرة
لذي العرش سر مودع في صدورها


اعيذکم أن تطعموا الموت فاذهبوا
بمغفرة مرضية من غفورها


فاجمل في رد الندا کل ذي ند
ينافس عن نفس بما في ضميرها


أعن فرق نبغي الفراق وتصطلي
وحيدا بلا عون شرار شرورها؟


وما العذر في اليوم العصيب لعصبة
وقد خفرت يوما ذمام خفيرها؟


وهل سکنت روح إلي روح جنة
وقد خالفت في الدين أمر أميرها؟

[صفحه 375]

أبي الله إلا أن تراق دماؤنا
ونصبح نهبا في أکف نسورها


وثابوا إلي کسب الثواب کأنهم
اسود الشري في کرها وزئيرها


تهش إلي الاقدام علما بأنها
تحل محل القدس عند مصيرها


قضت فقضت من جنة الخلد سؤلها
وسادت علي أحبارها بحبورها


وهان عليها الصعب حين تأملت
إلي قاصرات الطرف بين قصورها


وما أنس لا أنسي (الحسين) مجاهدا
بنفس خلت من خلها وعشيرها


يصول إذا زرق النصول تأوهت
لنزع قني أعجمت من صريرها[6] .


تري الخيل في أقدامها منه ما تري
محاذرة إن أمها من هصورها


فتصرف عن بأس مخافة بأسه
کما جفلت کدر القطا من صقورها


يفلق هاماة الکماة حسامه
له بدلا من جفنها وجفيرها[7] .


فلا فرقة إلا وأوسع سيفه
بها فرقا أو فرقة من نفورها


اجدک هل سمر العواسل تجتني
لکم عسلا مستعذبا من مريرها؟


أم استنکرت انس الحياة نفاسة
نفوسکم فاستبدلت انس حورها؟


بنفسي مجروح الجوارح آيسا
من النصر خلوا ظهره من ظهيرها


بنفسي محزوز الوريد معفرا
علي ظمأ من فوق حر صخورها


يتوق إلي ماء الفرات. ودونه
حدود شفار أحدقت بشفيرها


قضي ظاميا والماء يلمع طاميا
وغودر مقتولا دوين غديرها


هلال دجا أمسي بحد غروبها
غروبا علي قيعانها ووعورها


فيالک مقتولا علت بهجة العلي
به ظلمة من بعد ضوء سفورها


وقارن قرن الشمس کسف ولم تعد
نظارتها حزنا لفقد نظيرها


وأعلنت الاملاک نوحا وأعولت
له الجن في غيطانها وحفيرها


وکادت تمور الارض من فرط حسرة
علي السبط لولا رحمة من مميرها

[صفحه 376]

ومرت عليهم زعزع لتذيقهم
مرير عذاب مهلک بمريرها


أسفت وقد آبوا نجيا ولم ترح
لهم دابر مقطوعة بدبورها


وأعجب إذ شالت کريم کريمها
لتکبيرها في قتلها لکبيرها


فيالک عينا لا تجف دموعها
ونارا يذيب القلب حر زفيرها


علي مثل هذا الرزؤ يستحسن البکا
وتقلع منا أنفس عن سرورها


أيقتل خير الخلق اما ووالدا
وأکرم خلق الله وابن نذيرها؟


ويمنع من ماء الفرات وتغتدي
وحوش الفلا ريانة من نميرها؟


اجل (حسينا) أن يمثل شخصه
بمثلة قتل کان غير جديرها


يدير علي رأس السنان برأسه
سنان ألاشلت يمين مديرها


ويؤتي بزين العابدين مکبلا
أسيرا ألا روحي الفدا لاسيرها


يقاد ذليلا في القيود ممثلا
لاکفر خلق الله وابن کفورها


ويمسي يزيد رافلا في حريره
ويمسي حسين عاريا في حرورها


ودار بني صخر بن حرب أنيسة
بنشد أغانيها وسکب خمورها


تظل علي صوت البغايا بغاتها
بها زمر تلهو بلحن زمورها


ودار علي والبتول وأحمد
وشبرها مولي الوري وشبيرها


معالمها تبکي علي علمائها
وزائرها يبکي لفقد مزورها


منازل وحي أقفرت فصدورها
بوحشتها تبکي لفقد صدورها


تظل صياما أهلها ففطورها
التلاوة والتسبيح فضل سحورها


إذا جن ليل زان فيه صلاتهم
صلات فلا يحصي عداد يسيرها


وطول علي طول الصلاة ومن غدا
مقيما علي تقصيره في قصيرها


قفا نسأل الدار التي درس البلي
معالمها من بعد درس زبورها


متي أفلت عنها شموس نهارها
وأظلم ظلما افقها من بدورها؟


بدور بأرض الطف طاف بها الردي
فأهبطها من جوها في قبورها


کواسر عقبان عليها تعاقبت
بغاث بغات إذ نأت عن وکورها[8] .

[صفحه 377]

قضت عطشا والماء طام فلم تجد
لها منهلا إلا دماء نحورها


عراة عراها وحشة فأذاقها
وقد رميت بالهجر حر هجيرها


ينوح عليها الوحش من طول وحشة
وتندبها الاصداء[9] عند بکورها


سيسأل تيم عنهم وعديها
أوائلها ما أکدت لاخيرها


ويسأل عن ظلم الوصي وآله
مشير غواة القوم من مستشيرها


وما جر يوم الطف جور امية
علي السبط إلا جرأة ابن أجيرها


تقمصها ظلما فأعقب ظلمه
تعقب ظلم في قلوب حميرها


فيا يوم عاشواء حسبک إنک
المشوم وإن طال المدي من دهورها


لانت وإن عظمت أعظم فجعة
وأشهر عندي بدعة من شهورها


فما محن الدنيا وإن جل خطبها
تشاکل من بلواک عشر عشيرها


بني الوحي هل من بعد خبرة ذي العلي
بمدحکم من مدحة لخبيرها


کفي ما أتي في هل أتي من مديحکم
وأعرافها للعارفين وطورها


إذا رمت أن أجلو جمال جميلکم
وهل حصر ينهي صفات حصورها


تضيق بکم ذرعا بحور عروضها
ويحسدکم شحا عريض بحورها


منحتکم شکرا وليس بضايع
بضائع مدح منحة من شکورها


أقيلوا عثاري يوم لافيه عثرة
تقال إذا لم تشفعوا لعثورها


فلي سيئات بت من خوف نشرها
علي وجل أخشي عقاب نشورها


فما مالک يوم المعاد بمالکي
إذا کنتم لي جنة من سعيرها


وإني لمشتاق إلي نور بهجة
سنافجرها يجلو ظلام فجورها


ظهور أخي عدل له الشمس آية
من الغرب تبدو معجزا في ظهورها


متي يجمع الله الشتات وتجبر
القلوب التي لا جابر لکسيرها؟


متي يظهر المهدي من آل هاشم
علي سيرة لم يبق غير يسيرها؟


متي تقدم الرايات من أرض مکة
ويضحکني بشرا قدوم بشيرها؟

[صفحه 378]

وتنظر عيني بهجة علوية
ويسعد يوما ناظري من نضيرها


وتهبط أملاک السماء کتائبا
لنصرته عن قدرة من قديرها


وفتيان صدق من لوي بن غالب
تسير المنايا رهبة لمسيرها


تخالهم فوق الخيول أهلة
ظهرن من الافلاک أعلا ظهورها


هنالک تعلو همة طال همها
لادراک ثار سالف من مثيرها


وإن حان حيني قبل ذاک ولم يکن
لنفس (علي) نصرة من نصيرها


قضي صابرا حتي انقضاء مراده
وليس يضيع الله أجر صبورها


صفحه 374، 375، 376، 377، 378.








  1. الثغر: الحد بين المتعاديين وکل فرجة في جبل اوواد.
  2. الثغر مقدم الاسنان.
  3. البليل والبليلة: الريح الباردة مع ندي.
  4. السقط: ناحية الخباء. اللوي: ما التوي وانعطف من الرمل او مسترقة ج الواء، وواد من اودية بني سليم. ويوم اللوي وقعة کانت فيه لبني ثعلبة علي بني يربوع. وقد اکثرت الشعراء من ذکره وخلطت بين هذا وذاک وعز الفصل بينهما.
  5. وفي بعض النسخ: ذرة من ذرورها.
  6. وفي بعض النسخ:


    يصول اذا زرق النصول تأودت
    لقرع قسي أعجمت عن صريرها.

  7. الکماة جمع الکمي کغني: الشجاع أو لابس السلاح. الجفير:جعبة من جلود لا خشب فيها أو من خشب لا جلود فيها.
  8. الکواسر جمع الکاسرة يقال: عقاب کاسر: منقض يکسر جناحيه يريد الوقوع، أو يکسر ما يصيده کسرا. عقبان جمع العقاب: طائر قوي المخاطب. بغاث طائرا غير بطئ الطيران.
  9. الاصداء جمع الصدي: أي الموتي يقال: هم اليوم أعداء وهم غدا اصداء. والصدي نوع من اليوم کما مر ص 365.