عود إلي ما يتبع شعر شمس الدين المالكي











عود إلي ما يتبع شعر شمس الدين المالکي



3- ومما ذکره شاعرنا المالکي في شعره من مناقب أميرالمؤمنين عليه السلام حديث الولاية وهو حديث الغدير موضوع کتابنا هذا.

4- حديث المنزلة: أنت مني بمنزلة هارون من موسي إلا أنه لا نبي بعدي، أشار إليه بقوله:


وإنک مني خاليا من نبوة
کهارون من موسي وحسبک فاحمد


وقد أسلفنا الکلام حول هذا الحديث وأنه الصحيح الثبت بنص من أئمة الحديث وحفاظه في الجزء الثالث ص 198، قال ابن عبدالبر في الاستيعاب: رواه جماعة من الصحابة، وهو من أثبت الآثار وأصحها رواه سعد بن أبي وقاص، وطرق حديث سعد فيه کثيرة جدا قد ذکرها إبن أبي خيثمة وغيره، ورواه ابن عباس، وأبوسعيد الخدري، وام سلمة، وأسماء بنت عميس، وجابر بن عبدالله، وجماعة يطول ذکرهم. اه.

5- حديث سبق أميرالمؤمنين عليه السلام إلي الاسلام أوعز إليه بقوله:


وکان من الصبيان أول سابق
إلي الدين لم يسبع بطائع مرشد


وقد فصلنا القول فيه في الجزء الثالث ص 243 -219.

6- حديث تکنية رسول الله صلي الله عليه واله وسلم أميرالمؤمنين عليه السلام بأبي تراب قال فيه:


وجاء رسول الله مرتضيا له
وکان عن الزهراء بالمتشرد


فمسح عنه الترب إذ مس جلده
وقد قام منها آلفا للتفرد


وقال له قول التلطف: قم أبا
تراب کلام المخلص المتودد


هذا التکني إنما کان في غزوة العشيرة الواقعة في جمادي الاولي أو الثانية أو فيهما من السنة الثانية الهجرية حين وجد رسول الله صلي الله عليه واله وسلم عليا أميرالمؤمنين وعمارا

[صفحه 334]

نائمين في دقعاء[1] من التراب فايقظهما وحرک عليا فقال: قم يا أبا تراب ألا اخبرک بأشقي الناس رجلين: احمير[2] ثمود عاقر الناقة، والذي يضربک علي هذه (يعني قرنه) فيخضب هذه منها (يعني لحيته). وهذا الحديث صحيح السند مما استدرک به الحاکم أبوعبدالله النيسابوري و صححه الهيثمي، أخرجه إمام الحنابلة في مسنده 264 و 263: 4، والحاکم في المستدرک ج 140: 3، والطبري في تاريخه 261: 2، وابن هشام في السيرة النبوية 263: 2، وابن کثير في تاريخه 247: 3،. الهيثمي في المجمع 9 ص 136 وقال: رواه أحمد و الطبراني والبزار ورجال الجميع موثقون، والسيوطي في الجامع الکبير کما في ترتيبه 6 ص 399 نقلا عن ابن عساکر وابن النجار، والعيني في عمدة القاري 7 ص 630.

ويجده القارئ من المتسالم عليه في طبقات ابن سعد ص 509، وعيون الاثر لابن سيد الناس ج 1 ص 226، والامتاع للمقريزي ص 55، والسيرة الحلبية 2 ص 142، وتاريخ الخميس 2 ص 364، وغيرها.

وأخرج الطبراني في الاوسط والکبير باسناده عن أبي الطفيل قال: جاء النبي و علي رضي الله عنه نائم في التراب فقال: إن أحق أسمائک أبوتراب، أنت أبوتراب.وذکره الهيثمي في مجمع الزوائد 9 ص 100 فقال: رجاله ثقات.

وأخرج البزار وأحمد وغيرهما عن عمار بن ياسر إن النبي صلي الله عليه وسلم کني عليا رضي الله عنه بأبي تراب، فکانت من أحب کناه إليه. وذکره الهيثمي في مجمع الزوائد 9 ص 100 فقال: رجال أحمد ثقات.

وأخرج الطبراني في الکبير والاوسط باسناده عن ابن عباس قال: لما آخي النبي صلي الله عليه وسلم بين أصحابه من المهاجرين والانصار فلم يواخ بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبين أحد منهم، خرج علي مغضبا حتي أتي جدولا فتوسد ذراعة فسفت عليه الريح فطلبه النبي صلي الله عليه وسلم حتي وجده فوکزه برجله فقال له: قم فما صلحت أن تکون إلا أبا تراب أغضبت علي حين آخيت بين المهاجرين والانصار ولم اؤاخ بينک وبين

[صفحه 335]

أحد منهم؟ أما ترضي أن تکون مني بمنزلة هارون من موسي؟ إلا أنه ليس بعدي نبي، ألا من أحبک حف بالامن والايمان، ومن أبغضک أماته الله ميتة جاهلية وحوسب بعمله في الاسلام.

مجمع الزوائد 9 ص 11، مناقب الخوارزمي 22، ألفصول المهمة لابن الصباغ ص 22.

وأخرج أبويعلي في مسنده بإسناده عن علي عليه السلام قال: طلبني رسول الله صلي الله عليه وسلم فوجد في جدول نائما فقال: ما اليوم الناس يسمونک أبا تراب، فرآني کأني وجدت في نفسي من ذلک، فقال: قم والله لارضينک أنت وأخي وأبو ولدي، تقاتل عن سنتي، وتبرء عن ذمتي، من مات في عهدي فهو کبر الله. ومن مات في عهدک فقد قضي نحبه، ومن مات يحبک بعد موتک ختم الله له بالامن والايمان ما طلعت شمس أو غربت، ومن مات يبغضک مات ميتة جاهلية وحوسب بما عمل في الاسلام.

ذکره السيوطي في الجامع الکبير کما في ترتيبه 6 ص 404 وقال: قال البوصيري رواته ثقات.

وأخرج إبن عساکر بإسناده عن سماک بن حرب قال: قلت لجابر بن عبدالله:

إن هؤلاء القوم يدعونني إلي شتم علي بن أبي طالب. قال: وما عسيت أن تشتمه به؟ قال: اکنيه بأبي تراب. قال: فوالله ما کانت لعلي کنية أحب إليه من أبي تراب، إن النبي صلي الله عليه وسلم آخي بين الناس ولم يواخ بينه وبين أحد فخرج مغضبا حتي أتي کثيبا من رمل فنام عليه فأتاه النبي فقال: قم يا أبا تراب، أغضبت أن آخيت بين الناس ولم اؤاخ بينک وبين أحد؟ قال: نعم. قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أنت أخي وأنا أخوک. کفاية الطالب ص 82.

وهناک صحيحة أخرجها مسلم والبخاري في موضعين من صحيحة:1- في باب مناقب أميرالمؤمنين. 2- کتاب الصلاة في باب نوم الرجل في المسجد. وأخرجها الطبري في تاريخه 2 ص 363 عن عبدالعزيز بن أبي حازم عن أبيه قال: قلت لسهل بن سعد: إن بعض امراء المدينة يريد أن يبعث إليک تسب عليا فوق المنبر. قال: أقول ماذا؟ قال: تقول: لعن الله أبا تراب، قال: والله ما سماه بذلک إلا رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: قلت: وکيف ذاک يا أبا العباس؟ قال: دخل علي علي فاطمة ثم خرج من عندها فاضطجع

[صفحه 336]

في فئ المسجد، قال: ثم دخل رسول الله صلي الله عليه وسلم علي فاطمة فقال لها: أين ابن عمک؟ فقالت: هو ذاک مضطجع في المسجد. قال: فجاءه رسول الله صلي الله عليه وسلم فوجده قد سقط رداؤه علي ظهره وخلص التراب إلي ظهره فجعل يمسح التراب عن ظهره ويقول: إجلس أبا تراب. فوالله ما سماه به إلا رسول الله صلي الله عليه وسلم، ووالله ماکان له إسم أحب إليه منه.

وفي لفظ البيهقي في السنن الکبري 2 ص 446: استعمل علي المدينة رجل من آل مروان فدعا سهل بن سعد فأمره أن يشتم عليا رضي الله عنه قال: فأبي سهل فقال له: أما إذا أبيت فقل: لعن الله أبا تراب. فقال سهل: ماکان لعلي رضي الله عنه إسم أحب إليه من أبي تراب، وإن کان ليفرح إذا دعي بها. فقال له: أخبرنا عن قصته لم سمي أبا تراب؟ ألحديث.

لا تعارض بين هذا الصحيح وبين مامر من الاحاديث الصحيحة الدالة علي تکني أمير المؤمنين بأبي تراب يوم العشيرة أو يوم التآخي، وليس في کل منها ومن هذا إلا عد موقف من المواقف التي سماه رسول الله صلي الله عليه واله وسلم بأبي تراب، ولعل سهل بن سعد ماکان يعلم من تلکم المواقف إلا ما حدث به، فلا وازع هناک عن ثبوت الجميع، ومن زعم التعارض بين هذا وتلک[3] واختلق بزعمه ما يتأتي به الجمع فقد کشف عن خداج رأيه.

نعم عند الحفاظ في متن حديث سهل اضطراب ينبأ عن تصرف الاهواء فيه، وفي بعض ألفاظه إيهام المباغضة بين أميرالمؤمنين وابنة عمه الطاهرة الصديقة فاطمة کما أوعز إليها شاعرنا المالکي المترجم بقوله:

وکان عن الزهراء بالمتشرد

وهما سلام الله عليهما بعيدان عن ذلک بما منحهما الله تعالي من العصمة بنص الکتاب الکريم.

وروي ابن اسحاق[4] عن بعض أهل العلم أنه حدثه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم إنما سمي عليا أبا تراب إنه کان إذا عتب علي فاطمة في شيئ لم يکلمها، ولم يقل لها شيئا

[صفحه 337]

تکرهه إلا أنه يأخذ ترابا فيضعه علي رأسه، قال: فکان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا رأي عليه التراب عرف أنه عاتب علي فاطمة فيقول: مالک يا أبا تراب؟

قال الاميني: إن هي إلا نفثات قوم حناق لفظتها رمية القول علي عواهنه تلويثا لقداسة أميرالمؤمنين، وتشويها لعشرته الحميدة مع حليلته المطهرة، وفيها حط الصديق الاکبر والصديقة الکبري عن مکانتهما الراقية في مکارم الاخلاق، وقد أثمر اليوم ما بذرته أمس يد الاحن والشحناء من تلکم المفتعلات حتي سود مؤلف اليوم صحائف تاريخه[5] بقوله: وکان علي يحرد بعد کل منافرة ويذهب لينام في المسجد، وکان حموه يربته علي کتفيه ويعظه ويوفق بينه وبين فاطمة إلي حين، ومما حدث أن رأي النبي ابنته في بيته ذات مرة وهي تبکي من لکم علي لها. اه.

وقال الحاکم أبوعبدالله النيسابوري: کان بنو امية تنقص عليا عليه السلام بهذا الاسم الذي سماه رسول الله صلي الله عليه وسلم ويلعنوه علي المنبر بعد الخطبة مدة ولايتهم وکانوا يستهزؤن به وإنما استهزؤا الذي سماه به وقد قال الله تعالي: قل أبالله وآياته ورسوله کنتم تستهزؤن لاتعتذوا قد کفرتم بعد ايمانکم. الآية.

وقال سبط ابن الجوزي في التذکرة ص 4: والذي ذکره الحاکم صحيح فإنهم ماکانوا يتحاشون من ذلک بدليل ماروي مسلم عن سعد بن أبي وقاص: أنه دخل علي معاوية بن أبي سفيان فقال: ما منعک أن تسب أبا تراب؟ ألحديث[6] .


صفحه 334، 335، 336، 337.








  1. الدقعاء التراب اللين.
  2. احيمر لقب قدار بن سالف عاقر ناقة صلاح. «الرياض النضرة».
  3. راجع شرح المواهب اللدنية للزرقاني 1 ص 395.
  4. ذکره ابن هشام في السيرة النبوية 2 ص 237، والعيني في عمدته 7 ص 630.
  5. راجع الجزء الثالث 17 من کتابنا هذا.
  6. راجع تمام الحديث في الجزء الثالث من کتابنا هذا ص 200.