الخليفة والقراءات











الخليفة والقراءات



عن محمد بن کعب القرظي مر عمر بن الخطاب برجل يقرأ هذه الآية «والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعواهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه»[1] فأخذ عمر بيده فقال: من أقرأک هذا؟ فقال: ابي بن کعب. فقال: لا تفارقني حتي

[صفحه 303]

أذهب بک إليه فلما جاءه قال عمر: أنت أقرأت هذا هذه الآية هکذا؟ قال: نعم. قال: لاسمعتها من رسول الله صلي الله عليه واله وسلم؟ قال: نعم، قال: لقد کنت أري أنا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا.

وأخرج الحاکم وأبوالشيخ عن أبي سلمة ومحمد التيمي قالا مر عمر بن الخطاب برجل يقرأ: والذين اتبعوهم باحسان. بالواو، فقال: من أقرأک هذه؟ فقال: ابي. فأخذ به إليه فقال: يا أبا المنذر أخبرني هذا إنک أقرأته هکذا. فقال: ابي: صدق وقد تلقنتها کذلک من في رسول الله صلي الله عليه وسلم. فقال عمر: أنت تلقنتها کذلک من رسول الله صلي الله عليه وسلم؟ فقال: نعم. فأعاد عليه فقال في الثالثة وهو غضبان: نعم والله لقد أنزلها الله علي جبريل عليه السلام وأنزلها جبريل علي قلب محمد صلي الله عليه وسلم ولم يستأمر فيها الخطاب ولا ابنه. فخرج عمر رافعا يديه وهو يقول: ألله أکبر، ألله أکبر.

وفي لفظ من طريق عمر بن عامر الانصاري: فقال ابي: والله أقرأنيها رسول الله صلي الله عليه وسلم وأنت تبيع الخيط. فقال عمر: نعم إذن فنعم، إذن نتابع ابيا.

وفي لفظ: قرأ عمر: والانصار (رفعا) اللذين باسقاط الواو نعتا للانصار، حتي قاله زيد بن ثابت: إنه بالواو فسأل عمر ابي بن کعب فصدق زيدا فرجع إليه عمر وقال: ما کنا نري إلا أنا رفعنا رفعة لا ينالها معنا أحد

وفي لفظ: فقال عمر: فنعم إذن نتابع ابيا. وفي لفظ الطبري: إذا نتابع ابيا.

وفي لفظ: أن عمر سمع رجلا يقرأه بالواو فقال: من أقرأک؟ قال: ابي. فدعاه فقال: أقرأنيه رسول الله صلي الله عليه وسلم وإنک لتبيع القرظ بالبقيع. قال:صدقت وإن شئت قلت: شهدنا وغبتم، ونصرنا وخذلتم، وآوينا وطردتم، ثم قال عمر:لقد کنت أرانا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا.

راجع تفسير الطبري 1 ص 7، مستدرک الحاکم 3 ص 305، تفسير القرطبي 8 ص 238، تفسير ابن کثير 2 ص 383، تفسير الزمخشري 2 ص 46، ألدر المنثور 3 ص 269، کنز العمال 1 ص 287، ذکر لفظ أبي الشيخ ثم حکاه عن جمع من الحفاظ، وذکر تصحيح الحاکم إياه، وفي ص 285 نقله عن أبي عبيد في فضائله وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه، تفسير الشوکاني 2 ص 379، روح المعاني طبع المنيرية 1 ص 8.

[صفحه 304]

2- أخرج أحمد في مسنده عن إبن عباس قال: جاء رجل إلي عمر فقال: أکلتنا الضبع. قال مسعر: يعني السنة قال: فسأله عمر ممن أنت؟ فما زال ينسبه حتي عرفه فإذا هو موسي فقال عمر: لو أن لا مرئ واديا أو واديين لابتغي إليهما ثالثا. فقال إبن عباس: ولا يملا جوف إبن آدم إلا التراب ثم يتوب الله علي من تاب. فقال عمر لابن عباس: ممن سمعت هذا؟ قال: من ابي. قال: فإذا کان بالغداة فاغد علي قال: فرجع إلي. ام الفضل فذکر ذلک لها فقالت: ومالک وللکلام عند عمر؟ وخشي إبن عباس أن يکون ابي نسي فقالت امه: إن ابيا عسي أن لا يکون نسي- فغدا إلي عمر ومعه الدرة فانطلقنا إلي ابي فخرج ابي عليهما وقد توضأ فقال: إنه أصابني مذي فغسلت ذکري أو فرجي- مسعرشک- فقال عمر: أو يجزئ ذلک؟ قال: نعم. قال سمعته من رسول الله صلي الله عليه وسلم؟ قال: نعم. قال: وسأله عما قال ابن عباس فصدقه.

وفي المسند عن ابن عباس قال: جاء رجل إلي عمر يسأله فجعل ينظر إلي رأسه مرة وإلي رجليه اخري هل يري عليه من البؤس شيئا ثم قال له عمر: کم مالک؟ قال: أربعون من الابل. قال ابن عباس: فقلت: صدق الله ورسوله: لوکان لابن آدم واديان من ذهب لابتغي الثالث ولا يملا جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله علي من تاب. فقال عمر: ما هذا؟ فقلت: هکذا أقرأنيها ابي. قال: فمر بنا إليه قال: فجاء إلي ابي فقال: ما يقول هذا؟ قال ابي: هکذا أقرأنيها رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: أفأثبتها؟ فأثبتها.

وفي المحکي عن أحمد: قال «عمر»: إذا أثبتها في المصحف؟ قال: نعم.

وأخرج ابن الضريس عن ابن عباس قال: قلت: يا أميرالمؤمنين إن ابيا يزعم انک ترکت من آيات الله آية لم تکتبها قال: والله لاسألن ابيا فإن أنکر لتکذبن فلما صلي صلاة الغداة غدا علي ابي. فأذن له وطرح له وسادة وقال: يزعم هذا أنک تزعم أني ترکت آية من کتاب الله لم أکتبها فقال: إني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: لو أن لابن آدم واديين من مال لابتغي إليهما واديا ثالثا ولا يملا جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله علي من تاب فقال عمر: أفأکتبها؟ قال: لا أنهاک. قال: فکأن ابيا شک أقول من رسول الله صلي الله عليه وسلم أو قرآن منزل؟.

راجع مسند أحمد 5 ص 117، کنز العمال 1 ص 279 نقلا عن أحمد، وسعيد بن

[صفحه 305]

منصور، وأبي عوانة، ألدر المنثور 6 ص 378.

3- عن أبي إدريس الخولاني قال: کان ابي يقرأ: إذ جعل الذين کفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية[2] ولو حميتم کما حموا لفسد المسجد الحرام فأنزل الله سکينته علي رسوله. فبلغ ذلک عمر فاشتد فبعث إليه فدخل عليه فدعا ناسا من أصحابه فيهم زيد ابن ثابت فقال: من يقرأ منکم سورة الفتح؟ فقرأ زيد علي قرائتنا اليوم فغلظ له عمر فقال ابي، أأتکلم؟ قال: تکلم. فقال: لقد علمت أني کنت أدخل علي النبي صلي الله عليه وسلم ويقرئني وأنت بالباب، فإن أحببت أن أقرئ الناس علي ما أقرأني أقرأت وإلا لم أقرأ حرفا ما حييت؟ قال: بل اقرأ الناس.

وفي لفظ: فقال ابي: والله يا عمر إنک لتعلم أني کنت أحضر وتغيبون، وادعي وتحجبون، ويصنع بي، والله لئن أحببت لالزمن بيتي فلا أحدث أحدا بشئ؟

راجع تفسير إبن کثير 4 ص 194، ألدر المنثور 6 ص 79 حکاه عن النسائي والحاکم وذکر تصحيح الحاکم له، کنز العمال 1 ص 285 نقلا عن النسائي وابن أبي داود في المصاحف والحاکم. ثم قال: وروي إبن خزيمة بعضه.

4- عن ابن مجلز قال: إن ابي بن کعب قرأ: من الذين استحق عليهم الاوليان[3] .

فقال عمر: کذبت. قال: أنت أکذب. فقال رجل: تکذب أميرالمؤمنين؟ قال: أنا أشد تعظيما لحق أميرالمؤمنين منک، ولکن کذبته في تصديق کتاب الله، ولم اصدق أميرالمؤمنين في تکذيب کتاب الله. فقال عمر: صدق.

أخرجه ابن جرير الطبري وعبد بن حميد وابن عدي کما في الدر المنثور 2 ص 344، وکنز العمال 1 ص 285.

5- عن خرشة بن الحر قال: رأي معي عمر بن الخطاب لوحا مکتوبة فيه: إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلي ذکر الله[4] فقال: من أملي عليک هذا؟ قلت: ابي بن کعب. قال: إن ابيا أقرأنا للمنسوخ قرأها فامضوا إلي ذکرالله.

عن عبدالله بن عمر قال: ما سمعت عمر يقرؤها قط إلا فامضوا إلي ذکر الله.

[صفحه 306]

عن إبراهيم قال: قيل لعمر: إن ابيا يقرأ: فاسعوا إلي ذکر الله. قال عمر: ابي أعلمنا بالمنسوخ کان يقرأها فامضوا إلي ذکرالله.

أخرجه أبوعبيد في فضائله، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن الانباري في المصاحف، وعبدالرزاق، والشافعي، والفرباني، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في السنن کما في الدر المنثور 6 ص 219، وکنز العمال 1 ص 285.

6- عن بجالة قال: مر عمر بن الخطاب بغلام وهو يقرأ في المصحف: ألنبي أولي بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه امهاتهم[5] وهو أب لهم. فقال: يا غلام حکها. قال: هذا مصحف ابي فذهب إليه فسأله فقال له ابي: إنه کان يلهيني القرآن ويلهيک الصفق بالاسواق. وأغلظ لعمر.

أخرجه سعيد بن منصور، والحاکم، والبيهقي في السنن 7: 69، والقرطبي في تفسيره 14 ص 126، وحکي عن الاولين في کنز العمال 1 ص 279.

7- قرأ ابي بن کعب: ولا تقربوا الزنا إنه کان فاحشة ومقتا وساء سبيلا إلا من تاب[6] فإن الله کان غفورا رحيما. فذکر لعمر فأتاه فسأله عنها قال: أخذتها من في رسول الله صلي الله عليه وسلم وليس لک عمل إلا الصفق بالبيع.

أخرجه إبن مردويه وعبدالرزاق کما في کنز العمال 1 ص 278.

8- عن المسور بن مخرمة قال: قال عمر بن الخطاب لعبد الرحمن بن عوف: ألم تجد فيما انزل علينا: أن جاهدوا کما جاهدتم أول مرة؟ فإنا لم نجدها. قال: اسقط فيما اسقط من القرآن.

أخرجه أبوعبيد کما في الاتقان 2 ص 42، وکنز العمال 1 ص 278.

9- عن ابن عباس وعدي بن عدي عن عمر إنه قال: إنا کنا نقرأ فيما نقرأ من کتاب الله: أن لا ترغبوا عن آبائکم فإنه کفر بکم. أو: أن کفرا بکم أن ترغبوا عن آبائکم. ثم قال لزيد بن ثابت: أکذلک؟ قال: نعم.

[صفحه 307]

أخرجه البخاري في صحيحه 10 ص 43. وأبوعبيد کما في الاتقان 2 ص 42،

10- أخرج مالک والشافعي عن سعيد بن المسيب عن عمر في خطبة له قال: إياکم أن تهلکوا عن آية الرجم يقول قائل: لا نجد حدين في کتاب الله فقد رجم رسول الله صلي الله عليه وسلم ورجمنا والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس زاد عمر في کتاب الله تعالي لکتبتها: ألشيخ والشيخة فارجموهما البتة. فإنا قد قرأنا ها.

وفي لفظ أحمد عن عبدالرحمن بن عوف: لولا أن يقول قائلون أو يتکلم متکلمون أن عمر رضي الله عنه زاد في کتاب الله ما ليس منه لاثبتها کما نزلت.

وفي لفظ البخاري عن إبن عباس: إن الله بعث محمدا صلي الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الکتاب فکان مما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها، رجم رسول الله صلي الله عليه وسلم ورجمنا بعده فأخشي أن طال بالناس زمان أن يقول قائل: والله ما نجد آية الرجم في کتاب الله فيضلوا بترک فضيلة أنزلها الله، والرجم في کتاب الله حق علي من زني إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو کان الحبل أو کان الاعتراف.

وفي لفظ إبن ماجة عن ابن عباس: لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتي يقول قائل:ما أجد الرجم في کتاب الله فيضلوا بترک فريضة من فرائض الله. ألا وإن الرجم حق إذا أحصن الرجل وقامت البينة أو کان حمل أو اعتراف وقد قرأتها: ألشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة. رجم رسول الله صلي الله عليه وسلم ورجمنا بعده.

وفي لفظ أبي داود: وأيم الله لولا أن يقول الناس زاد عمر في کتاب الله لکتبتها.

وفي لفظ البيهقي: ولولا أني أکره أن أزيد في کتاب الله لکتبته في المصحف، فإني أخاف أن يأتي أقوام فلا يجدونه فلا يؤمنون به.

راجع مسند أحمد 1 ص 50 و 29، اختلاف الحديث للشافعي المطبوع هامش کتاب الام له 7 ص 251، موطأ مالک 2 ص 168، صحيح البخاري 10 ص 43، صحيح مسلم 2 ص 33، صحيح الترمذي 1 ص 229، سنن الدارمي 2 ص 179، سنن ابن ماجة 2 ص 115، سنن أبي داود 2 ص 230، مسند الطيالسي ص 6، سنن البيهقي 8 ص 213 -211، أحکام القرآن للجصاص 3 ص 317.

قال الاميني: کل هذه تکشف عن انحسار علم الخليفة عن ترتيل القرآن الکريم

[صفحه 308]

وإن هؤلاء المذکورين أعلم منه به، وإنما ألهاه عنه الصفق بالاسواق، أو بيع الخيط أو القرظة، ولم يکن له عمل إلا الصفق بالبيع.

ما بال الخليفة- وهو القدوة والاسوة في الکتاب والسنة- يتبع آراء الناس في کتاب الله؟ ويمحو ويثبت في المصحف بقول اناس آخرين؟ ولم يفرق بين الکتاب و السنة؟ ويعير سمعه إلي هذا وذلک؟ ويقبل من هذا قوله: أثبتها. ويصدق لآخر رأيه في إسقاط شئ من القرآن، ويري آيا محرفة من الکتاب تمنعه عن ادخالها فيه خشية قول القائلين وتکلم المتکلمين، وهذا هو التحريف الذي يعزونه إلي الشيعة، ويشنون به عليهم الغارات، والشيعة عن بکرة أبيهم براء من تلکم الخزاية، فقد أصفق المحققون منهم علي نفي ذلک نفيا باتا کما أسلفناه في الجزء الثالث ص 101.

وشتان بين من هذا شأنه وبين من قال فيه التابعي العظيم أبوعبدالرحمن السلمي القارئ المجع علي ثقته وجلالته: ما رأيت ابن انثي أقرأ لکتاب الله تعالي من علي. وقال ايضا: ما رأيت أقرأ من علي عرض القرآن علي النبي صلي الله عليه وسلم وهو من الذين حفظوه أجمع بلا شک عندنا.[7] وقد مر بعض أحاديث علمه عليه السلام بالکتاب ص 193.


صفحه 303، 304، 305، 306، 307، 308.








  1. سورة التوبة آية 100.
  2. سورة الفتح آية 26.
  3. سورة المائدة آية 107.
  4. سورة المائدة آية 9.
  5. سورة الاحزاب آية 6.
  6. سورة النساء آية 22.
  7. طبقات القراء 1 ص 546، مفتاح السعادة 1 ص 351.