الخليفة أول من أعال الفرائض











الخليفة أول من أعال الفرائض



عن ابن عباس قال: أول من أعال الفرائض عمر بن الخطاب لما التوت عليه الفرائض. ودافع بعضها بعضا قال: والله ما أدري أيکم قدم لله ولا أيکم أخر وکان امرءا ورعا فقال: ما أجد شيئا هو أوسع لي من أن اقسم المال عليکم بالحصص وادخل علي کل ذي حق ما ادخل عليه من عول الفريضة.

وعن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود قال: دخلت أنا وزفر بن أوس بن الحدثان علي ابن عباس بعد ما ذهب بصره فتذاکرنا فرائض الميراث فقال: ترون الذي أحصي رمل

[صفحه 270]

عالج عددا لم يحص في مال نصفا ونصفا وثلثا إذا ذهب نصف ونصف فأين موضع الثلث؟ فقال له زفر: يا ابن عباس من أول من أعال الفرائض؟ قال: عمر بن الخطاب رضي الله عنه. قال: ولم؟ قال: لما تدافعت عليه ورکب بعضها بعضا قال: والله ما أدري کيف أصنع بکم؟ والله ما أدري أيکم قدم الله ولا أيکم أخر. قال: وما أجد في هذا المال شيئا أحسن من أن اقسمه عليکم بالحصص. ثم قال إبن عباس: وأيم الله لو قدم من قدم الله، وأخر من أخر الله ما عالت فريضة. فقال له زفر: وأيهم قدم وأيهم أخر؟ فقال: کل فريضة لا تزول إلا إلي فريضة فتلک التي قدم الله وتلک فريضة الزوج له النصف فإن زال فإلي الربع لا ينقص منه، والمرأة لها الربع فإن زالت عنه صارت إلي الثمن لا تنقص منه، والاخوات لهن الثلثان والواحدة لها النصف، فإن دخل عليهن البنات کان لهن ما بقي فهؤلاء الذين أخر الله، فلو أعطي من قدم الله فريضته کاملة ثم قسم ما يبقي بين من أخر الله بالحصص ما عالت فريضة. فقال له زفر: فما منعک أن تشير بهذا الرأي علي عمر؟ فقال هبته والله.[1] .

وفي أوائل السيوطي وتاريخه ص 93، ومحاضرة السکتواري ص 152: إن عمر أول من قال بالعول في الفرائض.

قال الاميني: ما عساني أن أقول بعد قول الخليفة: والله ما أدري کيف أصنع بکم، والله ما أدري أيکم قدم الله ولا أيکم أخر؟ أو بعد قول إبن عباس: وأيم الله لو قدم من قدم الله وأخر من أخر الله ما عالت فريضة؟

کيف لک يتزحزح الرجل عن القضاء في الفرائض والحال هذه ويحکم بالرأي؟ وهو القائل في خطبة له: ألا إن أصحاب الرأي أعداء السنن أعيتهم الاحاديث أن يحفظوها فأفتوا برأيهم فضلوا وأضلوا، ألا وإنا نقتدي ولا نبتدي، ونتبع ولا نبتدع، ما نضل ما تمسکنا بالاثر.[2] أهکذا الاقتداء والاتباع، أم هذه هي الابتداء والابتداع؟

وکيف يسوغ لمثل الخليفة أن يجهل الفرائض وهو القائل: ليس جهل أبغض إلي

[صفحه 271]

الله ولا أعم ضرا من جهل إمام وخرقه؟[3] .

وکيف يشغل منصة القضاء قبل أن يتفقه في دين الله وهو القائل: تفقهوا قبل أن تسودوا؟[4] .


صفحه 270، 271.








  1. أحکام القرآن للجصاص 2 ص 109، مستدرک الحاکم 4 ص 340 وصححه، ألسنن الکبري 6 ص 253، کنز العمال 6 ص 7.
  2. سيرة عمر لابن الجوزي ص 107.
  3. سيرة عمر لابن الجوزي ص 161 و 102و 100.
  4. صحيح البخاري باب الاغتباط في العلم 1 ص 38.