صورة اخري











صورة اخري



أخرج ابن سعد عن سالم أبي النضر رضي الله عنه قال: لما کثر المسلمون في عهد عمر رضي الله عنه ضاق بهم المسجد فاشتري عمر ماحول المسجد من الدور إلا دور العباس بن عبدالمطلب وحجر امهات المؤمنين فقال عمر رضي الله عنه للعباس: يا أبا الفضل. إن مسجد المسلمين قد ضاق بهم وقد ابتعت ما حوله من المنازل فوسع به علي المسلمين

[صفحه 263]

في مسجدهم إلا دارک وحجر امهات المؤمنين، فأما حجرات امهات المؤمنين فلا سبيل إليها. واما دارک فبعنيها بما شئت من بيت مال المسلمين أوسع بها في مسجدهم. فقال العباس رضي الله عنه: ماکنت لافعل. فقال عمر رضي الله عنه: إختر مني إحدي ثلاث: إما أن تبيعنيها بما شئت من مال المسلمين. وإما أن أحطک حيث من المدينة و ابنيها لک من بيت مال المسلمين. وإما أن تصدق بها علي المسلمين فيوسع بها في مسجدهم فقال: لا، ولا واحدة منها. فقال عمر رضي الله عنه: اجعل بيني وبينک من شئت فقال ابي بن کعب رضي الله عنه فانطلقا إلي ابي فقصا عليه القصة فقال ابي رضي الله عنه: إن شثتما حدثتکما بحديث سمعته من رسول الله صلي الله عليه وسلم؟ فقالا: حدثنا فقال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: إن الله أوحي إلي داود: ابن لي بيتا اذکر فيه فخط له هذه الخطة خطة بيت المقدس فإذا بربعها زاوية بيت رجل من بني إسرائيل فسأل داود أن يبيعه إياه فأبي فحدث داود نفسه أن يأخذه منه فأوحي الله إليه:أن ياداود أمرتک أن تبني لي بيتا اذکر فيه فأردت أن تدخل في بيتي الغصب وليس من شأني الغصب وإن عقوبک أن لا تبنيه. قال: يارب فمن ولدي؟ قال: من ولدک. قال: فأخذ عمر رضي الله عنه بمجامع ثياب ابي بن کعب وقال: جئتک بشئ فجئت بما هو أشد منه لتخرجن مما قلت فجاء يقوده حتي أدخله المسجد فأوقفة علي حلقة من أصحاب رسول الله فيهم أبوذر رضي الله عنه فقال ابي رضي الله عنه: إني نشدت الله رجلا سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم يذکر حديث بيت المقدس حيث أمر الله تعالي داود أن يبنيه إلا ذکره فقال أبوذر: أنا سمعت من رسول الله صلي الله عليه وسلم وقال آخر: أنا سمعته من رسول الله صلي الله عليه وسلم فأرسل ابيا فأقبل ابي علي عمر رضي الله عنه فقال: يا عمر أتتهمني علي حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم؟ فقال عمر: يا أبا المنذر لا والله ما اتهمتک عليه ولکني کرهت أن يکون الحديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ظاهرا. الحديث.

صورة ثالثة: أخرج الحاکم باسناده عن عمر بن الخطاب إنه قال للعباس بن عبدالمطلب رضي الله عنهما: إني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: نزد في السمجد، ودارک قريبة من المسجد فاعطناها نزدها في المسجد وأقطع لک أوسع منها. قال: لا أفعل. قال: إذا أغلبک عليها

[صفحه 264]

قال ليس ذاک لک فاجعل بيني وبينک من يقضي بالحق. قال: ومن هو؟ قال: حذيفة بن اليمان. قال: فجاءوا إلي حذيفة فقصوا عليه فقال حذيفة: عندي في هذا خبر. قال: وما ذاک؟ قال: إن داود النبي صلوات الله عليه أراد أن يزيد في بيت المقدس وقد کان بيت قريب من المسجد ليتيم فطلب إليه فأبي فأراد داود أن يأخذها منه فأوحي الله عزوجل إليه أن نزه البيوت عن الظلم لبيتي. قال: فترکه فقال له العباس: فبقي شئ؟ قال: لا. قال: فدخل المسجد فإذا ميزاب للعباس شارع في مسجد رسول الله صلي الله عليه واله وسلم ليسيل ماء المطر منه في مسجد رسول الله صلي الله عليه واله وسلم فقال عمر بيده فقلع الميزاب فقال: هذا الميزاب لا يسيل في مسجد رسول الله صلي الله عليه واله وسلم. فقال له العباس: والذي بعث محمدا بالحق إنه هو الذي وضع الميزاب في هذا المکان ونزعته أنت يا عمر فقال عمر: ضع رجليک علي عنقي لترده إلي ما کان هذا. ففعل ذلک العباس. ثم قال العباس: قد أعطيتک الدار. تزيدها في مسجد رسول الله صلي الله عليه واله وسلم فزادها عمر في المسجد ثم قطع للعباس دارا أوسع منها بالزوراء.

فقال الحاکم: وقد وجدت له شاهدا من حديث أهل الشام... عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أراد أن يزيد في مسجد رسول الله صلي الله عليه واله وسلم وقعت منازعة علي دار العباس بن عبد المطلب. الحديث.

صورة رابعة: عن عبدالله بن أبي بکر قال: کان للعباس بيت في قبلة المسجد وکثر الناس وضاق المسجد، فقال عمر للعباس: إنک في سعة فاعطني بيتک هذا أوسع به في المسجد فأبي العباس ذلک عليه فقال عمر: إني اثمنک وارضيک. قال: لا أفعل لقد رکب رسول الله صلي الله عليه وسلم علي عاتقي وأصلح ميزابه بيده فلا أفعل قال عمر: لآخذنه منک. فقال أحدهما لصاحبه: فاجعل بيني وبينک حکما فجعلا بينهما ابي بن کعب فأتياه فاستأذنا علي الباب فحبسهما ساعة ثم أذن لهما وقال: إنما حبستکما إني کنت کما کانت الجارية تغسل رأسي فقص عليه عمر قصته ثم قص العباس قصته فقال: إن عندي علما مما اختلفتما فيه ولاقضين بينکما بما سمعت من رسول الله صلي الله عليه وسلم سمعته يقول: إن داود لما أراد أن يبني بيت المقدس وکان بيت ليتيمين من بني إسرائيل في قبلة المسجد فأراد منهما البيع

[صفحه 265]

فأبيا عليه فقال: لآخذنه فأوحي الله عزوجل إلي داود: إن أغني البيوت عن المظلمة بيتي وقد حرمت عليک بنيان بيت المقدس. قال: فسليمان؟ فأعطاه سليمان فقال عمر لابي: ومن لي بأن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال هذا؟ فقال ابي لعمر: أتظن إني أکذب علي رسول الله صلي الله عليه وسلم لتخرجن من بيتي. فخرج إلي الانصار فقال: أيکم سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: کذا وکذا فقال هذا: أنا. وقال هذا: أنا. حتي قال ذلک رجال فلما علم ذلک عمر قال:أما والله لو لم يکن غيرک لاجزت قولک ولکني أردت أن أستثبت.

صورة خامسة: أخرج البيهقي بإسناده عن أبي هريرة قال: لما أراد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يزيد في مسجد رسول الله صلي الله عليه وسلم وقعت زيادته علي دار العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه فأراد عمر رضي الله عنه أن يدخلها في مسجد رسول الله صلي الله عليه وسلم ويعوضه منها فأبي وقال: فطيعة رسول الله صلي الله عليه وسلم واختلفا فجعلا بينهما ابي بن کعب رضي الله عنهم فأتياه في منزله وکان يسمي سيد المسلمين فأمر لهما بوسادة فالقيت لهما فجلسا عليها بين يديه فذکر عمر ما أراد وذکر العباس قطيعة رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال ابي: إن الله عزوجل أمر عبده ونبيه داود عليه السلام أن يبني له بيتا قال: أي رب وأين هذا البيت؟ قال: حيث تري الملک شاهرا سيفه فرآه علي صخرة وإذا ما هناک يومئذ إلا دار الغلام من بني إسرائيل فأتاه داود فقال: إني قد امرت أن أبني هذا المکان بيتا لله عزوجل فقال له الفتي: ألله أمرک أن تأخذها مني بغير رضاي؟ قال: لا. فأوحي الله إلي داود عليه السلام إني قد جعلت في يدک خزائن الارض فأرضه فأتاه داود فقال: إني قد امرت برضاک فلک بها قنطار من ذهب. قال: قد قبلت يا داود وهي خير أم القنطار؟ قال: بل هي خير. قال: فأرضني، قال: فلک بها ثلاث قناطير. قال: فلم يزل يشدد علي داود حتي رضي منه بتسع قناطير. قال العباس: أللهم لا آخذ لها ثوابا ويقد تصدقت بها علي جماعة المسلمين. فقبلها عمر رضي الله عنه منه فأدخلها في مسجد رسول الله صلي الله عليه وسلم.

صورة سادسة: عن إبن عباس قال: کانت للعباس دار إلي جنب المسجد في المدينة فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: بعنيها أوهبها لي حتي ادخلها في المسجد فأبي فقال: إجعل بيني

[صفحه 266]

وبينک رجلا من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم فجعلا بينهما ابي بن کعب فقضي للعباس علي عمر فقال عمر: ما أحد من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم أجرأ علي منک. فقال ابي بن کعب أو أنصح لک مني ثم قال: يا أميرالمؤمنين أما بلغک حديث داود أن الله عزوجل أمره ببناء بيت المقدس فأدخل فيه بيت امرأة بغير إذنها فلما بلغ حجز الرجال منعه الله بناءه قال داود: أي رب إن منعتني بناءه فاجعله في خلفي؟ فقال العباس: أليس قد قضيت لي بها وصارت لي؟ قال: بلي. قال: فإني اشهدک إني قد جعلتها لله.

وقال البلاذري: لما استخلف عثمان بن عفان ابتاع منازل وسع المسجد بها، وأخذ منازل أقوام ووضع لهم الاثمان فضجوا به عند البيت فقال: إنما جرأکم علي حلمي عنکم وليني لکم لقد فعل بکم عمر مثل هذا فأقررتم ورضيتم ثم أمر بهم إلي الحبس حتي کلمه فيهم عبدالله بن خالد بن اسيد فخلي سبيلهم.

وقال الطبري وغيره: في سنة 17 من الهجرة اعتمر عمر بن الخطاب وبني المسجد الحرام ووسع فيه وأقام بمکة عشرين ليلة وهدم علي أقوام من جيران المسجد أبوا أن يبيعوا ووضع أثمان دورهم في بيت المال حتي أخذوها بعد.

تاريخ الطبري 4 ص 206، فتوح البلدان للبلاذري ص 53، سنن البيهقي 6 ص 168، مستدرک الحاکم، ألکامل لابن الاثير 2 ص 227، تذکرة الحفاظ للذهبي 1 ص 7، تاريخ ابن شحنة الحنفي هامش الکامل 7 ص 176، ألدر المنثور 4 ص 159، وفاء الوفاء للسمهودي 1 ص 349 -341.

قال الاميني: ألاخذ بمجاميع هذه الروايات يعطينا درسا بأن الخليفة لم يکن عالما بالحکم عند توسيعه المسجدين حتي أنبأه به ابي بن کعب ووافق ابيا في روايته أبوذر والرجل الآخر، لکنه عمل عند توسيعه المسجد الحرام بخلاف المأثور عن رسول الله صلي الله عليه واله وسلم من حيث لا يعلم، وأعجب من هذا صنيعة عثمان وهي بعد ظهور تلک السنة النبوية والعلم بها.


صفحه 263، 264، 265، 266.