جهل الخليفة بالغسل من الجنابة











جهل الخليفة بالغسل من الجنابة



عن رفاعة بن رافع قال: بينا أنا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذ دخل عليه رجل فقال: يا أميرالمؤمنين هذا زيد بن ثابت يفتي الناس في المسجد برأيه في الغسل من الجنابة- في الذي يجامع ولا ينزل- فقال عمر: علي به. فجاء زيد فلما رآه عمر قال: أي عدو نفسه قد بلغت انک تفتي الناس برأيک فقال: يا أميرالمؤمنين بالله ما فعلت لکني سمعت من أعمامي حديثا فحدثت به من أبي أيوب ومن ابي بن کعب ومن رفاعة بن رافع فأقبل عمر علي رفاعة بن رافع فقال: وقد کنتم تفعلون ذلک إذا أصاب أحدکم من المرأة فأکسل لم يغتسل؟ فقال: قد کنا نفعل ذلک علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم فلم يأتنا فيه تحريم ولم يکن من رسول الله صلي الله عليه وسلم فيه نهي. قال: رسول الله صلي الله عليه وسلم يعلم ذلک؟ قال: لا أدري. فأمر عمر بجمع المهاجرين والانصار فجمعوا له فشاورهم فأشار الناس أن لا غسل في ذلک إلا ما کان من معاذ وعلي رضي الله عنهما فإنهما قالا: إذا جاوز الختان فقد وجب الغسل. فقال عمر رضي الله عنه: هذا وأنتم أصحاب بد وقد اختلفتم فمن بعدکم أشد اختلافا. قال فقال علي رضي الله عنه: يا أميرالمؤمنين إنه ليس أحد أعلم بهذا ممن سأل رسول الله صلي الله عليه وسلم من أزواجه فأرسل إلي حفصة فقالت: لا علم لي بهذا فأرسل إلي عائشة فقالت: إذا جاوز الختان فقد وجب الغسل، فقال عمر رضي الله عنه: لا أسمع برجل فعل ذلک إلا أوجعته ضربا. وفي لفظ: لا يبلغني ان أحدا فعله ولا يغتسل إلا أنهکته عقوبة.

[صفحه 262]

أخرجه أحمد إمام الحنابلة في مسنده 5 ص 15، وإبن أبي شيبة في مصنفه وأبو جعفر الطحاوي في معاني الآثار، وحکاه عن الاخير العيني في عمدة القاري 2 ص 72، وذکره القاضي أبوالمجالس في- المعتصر من المختصر من مشکل الآثار- 1 ص 51، و أخرجه الهيثمي من طريق أحمد والطبراني في الکبير وقال: رجال أحمد کلهم ثقات. راجع مجمع الزوائد 1 ص 266، والاجابة للزرکشي ص 84.

هذه الرواية تنم عن عدم معرفة أولئک الصحابة الذين شاورهم الخليفة بالحکم- وفي مقدمهم هو نفسه- ما خلا أميرالمؤمنين ومعاذ وعائشة، وشتان بين عدم معرفة الخليفة بمثل هذا الحکم الذي يلزم المکلف عرفانه قبل کثير من الواجبات، وبين عدم معرفة غيره لان به القدرة والاسرة في الاحکام دون غيره.


صفحه 262.