راي الخليفة فيمن قال: إني مؤمن











راي الخليفة فيمن قال: إني مؤمن



عن مسند عمر رضي الله عنه عن سعيد بن يسار قال: بلغ عمر بن الخطاب أن رجلا بالشام يزعم أنه مؤمن فکتب إلي أميره: أن ابعثه إلي. فلما قدم قال: أنت الذي تزعم أنک مؤمن؟ قال: نعم يا أميرالمؤمنين. قال: ويحک ومم ذاک؟ قال: اولم تکونوا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم أصنافا: مشرک، ومنافق، ومؤمن؟ فمن أيهم کنت؟ فمد عمر يده إليه معرفة لما قال حتي أخذ بيده[1] .

وعن قتادة قال عمر بن الخطاب: من قال إني عالم. فهو جاهل، ومن قال: إني مؤمن. فهو کافر. کنز العمال 1 ص 103.

قال الاميني: أنا لا أدري ما هذا المشکلة التي من جرائها جلب الرجل من الشام

[صفحه 241]

وحوله آلاف من المؤمنين يقولون بمقالته، وهو يحسب أنه أميرهم ولم يسألهم عما سأل الشامي عنه؟ ثم کيف انحلت تلک المشکلة بأبسط جواب؟ أو لم يکن الخليفة يعلم ذلک من أن الانسان إذا لم يکن مشرکا أو منافقا فهو مؤمن لا محالة؟ أم أنه حسب أن المؤمن الواثق بايمانه لا يجوز له أن يقول: أنا مؤمن. لان ذلک القول کفر کما في حديث قتادة؟ وذلک تعبدا بقول عمر. لکن الله سبحانه مدح أقواما في الذکر بأن قالوا آمنا مثل قوله تعالي: قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله[2] وقوله: ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول[3] وقوله: ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للايمان أن آمنوا بربکم فآمنا[4] وقوله: يقولون آمنا واشهد بأننا مسلمون[5] وقوله: يقولون ربنا آمنا[6] وقوله: قالوا آمنا برب العالمين[7] والراسخون في العلم يقولون آمنا به کل من عند ربنا. ومنهم من قال: بلي. إذا خوطب بقول العلي العظيم: أولم تؤمن[8] ومنهم من قال: سبحانک تبت إليک وأنا أول المؤمنين[9] .

ومن جلية الواضحات عدم الفرق بين قول القائل: آمنا بکذا أو نحن مؤمنون أو أنا مؤمن بکذا إذا وثق من نفسه بايمان، ومن فرق بينها فهو مجازف لا محالة. ولعل الخليفة کان ناظرا إلي حراجة الموقف في الايمان، وعزة خلوصة من خفيات صفات الشرک والنفاق حتي کان يسأل حذيفة عن نفسه، قال الغزالي في إحياء العلوم 1 ص 129: ألاخبار والآثار تعرفک خطر الامر بسبب دقائق النفاق والشرک الخفي وأنه لا يؤمن منه، حتي کان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسأل حذيفة عن نفسه وأنه هل ذکر في المنافقين؟ وهل هو منهم وهل عدة رسول الله صلي الله عليه واله وسلم فيهم؟[10] .

م- وکان حذيفة صاحب السر المکنون في تمييز المنافقين، ولذلک کان عمر لا يصلي

[صفحه 242]

علي ميت حتي يصلي عليه حذيفة يخشي أن يکون من المنافقين. کذا قاله إبن العماد الحنبلي في شذرات الذهب 1 ص 44.


صفحه 241، 242.








  1. اخرجه البيهقي في شعب الايمان، وابن أبي شيبة في الايمان کما في کنز العمال 1 ص 103.
  2. سورة آل عمران آية 52.
  3. سورة آل عمران آية 53.
  4. سورة آل عمران آية 193.
  5. سورة المائدة آية 111.
  6. سورة المائدة آية 83.
  7. سورة الاعراف آية 121.
  8. سورة البقرة آية 260.
  9. راجع الاعراف آية 143.
  10. وذکره الباقلافي في التمهيد ص 196، وابن ابي جمرة في بهجة النفوس 4 ص 48.