اقرأ واضحك أو ابك











اقرأ واضحک أو ابک



ذکر القوشچي المتوفي 879 في شرح التجريد في مبحث الامامة أن عمر قال وهو علي المنبر: أيها الناس ثلاث کن علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم وأنا أنهي عنهن و احرمهن واعاقب عليهن: متعة النساء. ومتعة الحج. وحي علي خير العمل. ثم اعتذر عنه بقوله: إن ذلک ليس مما يوجب قدحا فيه فإن مخالفة المجتهد لغيره في المسائل الاجتهادية ليس ببدع. اه.

ما کنا نقدر أن ضليعا في العلم يقابل النبي الاعظم صلي الله عليه واله وسلم بواحد من امته ويجعل کلا منهما مجتهدا، وما ينطقه الرسول الامين هو عين ما ثبت في اللوح المحفوظ وإن هو إلا وحي يوحي علمه شديد القوي، فأين هو عن الاجتهاد برد الفرع إلي الاصل، واستعمال الظنون في طريق الاستنباط؟ وإن السائغ من المخالفة الاجتهادية هو ما إذا قابل المجتهد مجتهدا مثله لا من اجتهد تجاه النص المبين، وارتأي أمام تصريحات الشريعة من قول الشارع وعمله.

ثم أي مستوي يقل سيد أولي الالباب وهذا الرجل في عرض واحد فهما و إدراکا حتي يقابل بين رأييهما؟ وأي قيمة لآراء العالمين جميعا إذا خالفت ما جاء به المشرع الاقدس؟ لکني أعذر القوشچي لالتزامه بدحض کل ماجاء به نصير الدين الطوسي لئلا يعزي إليه العجز والتواني في الحجاج، فلا بد أن يأتي بکل ما دب ودرج سواء کان حجة له أو وبالا عليه.

[صفحه 239]

م- وقال إبن القيم في زاد المعاد 1 ص 444: فإن قيل: فما تصنعون بما رواه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبدالله قال: کنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الايام علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم وأبي بکر حتي نهي عنها عمر في شأن عمرو بن حريث وفيما ثبت عن عمر انه قال: متعتان کانتا علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم أنا أنهي عنهما: متعة النساء ومتعة الحج؟ قيل: ألناس في هذا طائفتان: طائفة تقول: إن عمر هو الذي حرمها ونهي عنها وقد أمر رسول الله صلي الله عليه وسلم باتباع ما سنه الخلفاء الراشدون[1] ولم تر هذه الطائفة تصحيح حديث سبرة بن معبد في تحريم المتعة عام الفتح[2] فانه من رواية عبدالملک بن الربيع ابن سبرة عن أبيه عن جده وقد تکلم فيه ابن معين ولم ير البخاري إخراج حديثه في صحيحه مع شدة الحاجة إليه، وکونه أصلا من اصول الاسلام، ولو صح عنده لم يصبر عن إخراجه والاحتجاج به، قالوا: ولو صح حديث سبرة لم يخف علي ابن مسعود حتي يروي انهم فعلوها ويحتج بالآية. وأيضا ولو صح لم يقل عمر انها کانت علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم وأنا أنهي عنها واعاقب عليها، بل کان يقول: انه صلي الله عليه وسلم حرمها ونهي عنها. قالوا: ولو صح لم تفعل علي عهد الصديق وهو عهد خلافة النبوة حقا. والطائفة الثانية رأت صحة حديث سبرة ولو لم يصح فقد صح حديث علي رضي الله عنه: ان رسول الله صلي الله عليه وسلم حرم متعة النساء فوجب حمل حديث جابر علي أن الذي أخبر عنها بفعلها لم يبلغه التحريم، ولم يکن قد اشتهر حتي کان زمن عمر رضي الله عنه فلما وقع فيها النزاع ظهر تحريمها واشتهر وبهذا تأتلف الاحاديث الواردة فيها وبالله التوفيق.

قال الاميني: أني يتأتي الجمع بين أحاديث الباب المتضاربة من شتي النواحي بصحيحة مزعومة؟ ومتي تصح؟ وکيف يتم عزوها المختلق إلي أميرالمؤمنين عليه السلام وبين يدي الامة قوله الصحيح الثابت: لولا أن عمر نهي عن المتعة مازني إلا شقي[3] وقد صح عنه عليه السلام مذهبه إلي تحليل المتعة، کما ان أبناء بيته الرفيع ذهبوا إلي إباحتها سلفا وخلفا، ومن المتسالم عليه قول ابن عباس: لولا نهي عمر لما احتاج إلي الزنا إلا شفا[4] .

[صفحه 240]

ومن الذي أخبر الامة عن نهي النبي صلي الله عليه واله وسلم عن المتعة غير علي عليه السلام حتي ظهر في زمن عمر واشتهر؟ ومهما کان الحظر عنه صلي الله عليه واله وسلم مشهورا، وأول من جاء به وباح بالنهي عنها يقول: متعتان کانتا علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم وأنا أنهي عنهما واعاقب.

وقال: متعتان کانتا علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم وعلي عهد أبي بکر وأنا أنهي عنهما.

وقال: إن الله ورسوله قد أحلا لکم متعتين وإني محرمهما عليکم.

وقال: ثلاث کن علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم أنا محرمهن: متعة الحج ومتعة النساء

فهل جابهه صحابي بالرد عليه في دعواه حلية المتعة في العهدين؟ أو في نسبة تحريمها إلي نفسه؟ وهل کان إجماع الصحابة علي حلية المتعة عهد أبي بکر خلاف دين الله وسنة نبيه؟ نعم الغريق يتشبث بکل حشيش.

لا تقولوا لما تصف ألسنتکم الکذب هذا حلال وهذا حرام، لتفتروا علي الله الکذب إن الذين يفترون علي الله الکذب لا يفلحون.[5] .


صفحه 239، 240.








  1. يأتي الکلام حول هذا الحديث وهذه السنة في هذا الجزء.
  2. تحريم المتعة عام الفتح قول ابن عيينة وطائفة کما في زاد المعاد 1 ص 442.
  3. راجع ما مر صفحة 207 و 206 من هذا الجزء.
  4. مر حديثه في صفحة 206.
  5. سورة النحل آية 16.