راي الخليفة في العجم











راي الخليفة في العجم



روي مالک- إمام المالکية- عن الثقة عنده أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: أبي عمر بن الخطاب أن يورث أحدا من الاعاجم إلا أحدا ولد في العرب.

قال مالک: وإن جاءت امرأة حامل من أرض العدو فوضعته في أرض العرب فهو ولدها يرثها إن ماتت، وترثه إن مات، ميراثها في کتاب الله. (ألموطأ 2 ص 12)

قال الاميني. هذا حکم حدت إليه العصبية المحضة، وإن التوارث بين المسلمين عامة عربا کانوا أو أعاجم أينما ولدوا وحيثما قطنوا من ضروريات دين الاسلام،وعليه نصوص الکتاب والسنة، فعمومات الکتاب لم تخصص، وليس من شروط التوارث الولادة في أرض العرب ولا العروبة من شروط الاسلام، وهذه العصبية إلي أمثالها في موارد لاتحصي هي التي تفکک عري الاجتماع، وتشتت شمل المسلمين، وإنما المسلمون کأسنان المشط لا تفاضل بينهم إلا بالتقوي، والله سبحان يقول:إنما المؤمنون اخوة. ويقول: إن أکرمکم عند الله أتقاکم. ويقول: ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته ءأعجمي وعربي. وهذا هتاف النبي الاعظم صلي الله عليه واله وسلم من خطبة له يوم الحج الاکبر في ذلک المحتشد الرحيب بقوله:

أيها الناس إنما المؤمنون إخوة، ولا يحل لامرئ مال أخيه إلا عن طيب نفس منه،ألاهل بلغت؟ أللهم اشهد؟ فلا ترجعن بعدي کفارا يضرب بعضکم رقاب بعض، فإني قد ترکت فيکم ما إن أخذتم به لم تضلوا بعده: کتاب الله، ألا هل بلغت؟ أللهم اشهد.

أيها الناس إن ربکم واحد، وإن أباکم واحد، کلکم لآدم، وآدم من تراب، أکرمکم عند الله أتقاکم، وليس لعربي علي عجمي فضل إلا بالتقوي ألا هل بلغت؟ أللهم

[صفحه 188]

اشهد قالوا: نعم. قال: فليبلغ الشاهد الغائب[1] .

وفي لفظ أحمد: ألا لافضل لعربي علي عجمي، ولا لعجمي علي عربي، ولا أسود علي أحمر، ولا أحمر علي أسود إلا بالتقوي[2] قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.

وفي لفظ الطبراني في الکبير:

يا أيها الناس؟ إنا خلقناکم من ذکر وأنثي وجعلناکم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أکرمکم عند الله أتقاکم. فليس لعربي علي عجمي فضل، ولا لعجمي علي عربي فضل، ولا لاسود علي أحمر فضل، ولا لاحمر علي أسود فضل إلا بالتقوي. ألحديث.

(مجمع الزوائد 3 ص 272)

وفي لفظ ابن القيم: لافضل لعربي علي عجمي، ولا لعجمي علي عربي، ولا لابيض علي أسود، ولا لاسود علي أبيض إلا بالتقوي، ألناس من آدم وآدم من تراب. زاد المعاد 2 ص 226.

وقال صلي الله عليه واله وسلم في صحيحة أخرجها البيهقي: ليس لاحد علي أحد فضل إلا بالدين أو عمل صالح. (ألجامع الصغير للسيوطي وصححه)

ولو فرضنا مفاضلة بالعنصريات فتلک في غير الاحکام والنواميس المطردة وما أحوج المسلين من أول يومهم إلي التآخي والتساند تجاه سيل الالحاد الاتي، لکن کثيرا منهم يتأثرون بتسويلات أجنبية من حيث لا يشعرون، فأهواء مردية، تحدوهم إلي التشعب، وآراء فاسدة تفت في عضد الجامعة، ونزعات طائفية، ونعرات قومية، وعوامل داخلية، وعواطف حزبية تلهينا عن سد الثغور.

أضف إلي ذلک کله نزعات شعوبية، وتبجحات بالعروبة فحسب، فهذه کلها تفضي إلي شق العصا، وتفريق الکلمة، ونصب عين الکل تعليمات النبي الاقدس، و تقديره الشخصيات المحلات بالفضائل من مختلف العناصر بمثل قوله: سلمان منا أهل البيت.[3] وقوله: لو کان العلم بالثريا لتناوله ناس من أبناء فارس[4] إلي الکثير

[صفحه 189]

الطيب من أمثاله

فعلي المسلم أن لايتخذ تلکم الآراء الشاذة خطة لنفسه، ولا يصفح عن قول النبي الامين: ليس منا من دعا إلي عصبية، وليس منا من قاتل علي عصبية، وليس منا من مات علي عصبية[5] .

م- وقوله صلي الله عليه واله وسلم: من قاتل تحت راية عمية يغضب للعصبية أو يدعو إلي عصبية أو ينصر عصبية فقتل فقتلة جاهلية. سنن البيهقي 8 ص 156.


صفحه 188، 189.








  1. البيان والتبيين 2 ص 25، العقد الفريد 2 ص 85، تاريخ اليعقوبي 2 ص 91.
  2. مجمع الزوايد 3 ص 266.
  3. مستدرک الحاکم 3 ص 598، شرح مختصر صحيح البخاري لابي محمد الازدي 2: 46.
  4. مسند أحمد 2 ص 422 و 420، وأخرجه ابن قانع باسناده بلفظ. لو کان الدين متعلقا بالثريا لتناوله قوم من أبناء فارس. الاصابة 3 ص 459.
  5. سنن أبي داود 2 ص 332.