اجتهاد الخليفة في الصلاة بعد العصر











اجتهاد الخليفة في الصلاة بعد العصر



1- عن تميم الداري قال: إنه رکع رکعتين بعد نهي عمر بن الخطاب عن الصلاة

[صفحه 184]

بعد العصر فأتاه عمر فضربه بالدرة، فأشار إليه تميم أن اجلس وهو في صلاته فجلس عمرثم فرغ تميم من صلاته فقال تميم لعمر: لم ضربتني؟ قال: لانک رکعت هاتين الرکعتين وقد نهيت عنهما، قال: إني صليتهما مع من هو خير منک رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال عمر: إنه ليس بي أنتم أيها الرهط ولکني أخاف أن يأتي بعدکم قوم يصلون ما بين العصر إلي المغرب حتي يمروا بالساعة التي نهي رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يصلوا فيها کما وصلوا ما بين الظهر والعصر.

وعن وبرة قال: رأي عمر تميما الداري يصلي بعد العصر فضربه بالدرة فقال تميم:لم يا عمر تضربني علي صلاة صليتها مع رسول الله صلي الله عليه وسلم؟ فقال عمر: يا تميم ليس کل الناس يعلم ما تعلم.

وعن عروة بن الزبير قال: خرج عمر علي الناس فضربهم علي السجدتين بعد العصر حتي مر بتميم الداري فقال: لا أدعهما صليتهما مع من هو خير منک رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال عمر: إن الناس لو کانوا کهيئتک لم ابال. صححه الهيثمي في المجمع وقال: رجال الطبراني رجال الصحيح.

3- عن السائب بن يزيد: إنه رأي عمر بن الخطاب يضرب المنکدر في الصلاة بعد العصر. وعن الاسود: إن عمر کان يضرب علي الرکعتين بعد العصر.

4- عن زيد بن خالد الجهني قال: إنه رآه عمر بن الخطاب وهو خليفة يرکع بعد العصر رکعتين فمشي إليه فضربه بالدرة وهو يصلي کما هو فلما انصرف قال زيد: إضرب يا أميرالمؤمنين فوالله لا أدعهما أبدا بعد أن رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم يصليهما فجلس إليه عمر وقال: يا زيد بن خالد لولا إني أخشي أن يتخذها الناس سلما إلي الصلاة حتي الليل لم أضرب فيهما. قال الهيثمي في المجمع إسناده حسن.

5- عن طاوس إن أبا ايوب الانصاري کان يصلي قبل خلافة عمر رکعتين بعد العصر فلما استخلف عمر ترکها فلما توفي رکعهما فقيل له: ما هذا؟ فقال: إن عمر کان يضرب عليهما.

6- أخرج مسلم عن المختار بن فلفل قال: سألت أنس بن مالک عن التطوع بعد

[صفحه 185]

العصر؟ فقال: کان عمر يضرب الايدي علي صلاة بعد العصر، وکنا نصلي علي عهد النبي صلي الله عليه وسلم رکعتين بعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب فقلت له: أکان صلي الله عليه وسلم صلاهما؟ قال: کان يرانا نصليهما فلم يأمرنا ولم ينهنا.

7- أخرج أبوالعباس السراج في مسنده عن المقدام بن شريح عن أبيه قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلي الله عليه وسلم کيف کان يصلي الظهر؟ قالت: کان يصلي بالهجير ثم يصلي بعدها رکعتين، ثم يصلي العصر ثم يصلي بعدها رکعتين. قلت: قد کان عمر يضرب عليهما وينهي عنهما. فقالت: قد کان يصليهما وقد أعلم أن رسول الله صلي الله عليه وسلم کان يصليهما ولکن قومک أهل اليمن قوم طغام يصلون الظهر ثم يصلون ما بين الظهر والعصر، ويصلون العصرثم يصلون ما بين العصر والمغرب، وقد أحسن[1] .

قال الاميني: عجبا من فقه الخليفة حيث يردع بالدرة عن صلاة ثبت من السنة أن رسول الله صللي الله عليه واله وسلم صلاها وما ترکها بعد العصر قط کما ورد في الصحاح وأخبرت به عائشة[2] وقالت: والذي ذهب به ما ترکهما حتي لقي الله، وما لقي الله تعالي حتي ثقل عن الصلاة، وکان يصلي کثيرا من صلاته قاعدا تعني رکعتين بعد العصر. وقالت: ما ترک النبي السجدتين بعد العصر عندي قط. وقالت: لم يکن رسول الله صلي الله عليه وسلم يدعهما سرا ولاعلانية، وقالت: ما کان النبي صلي الله عليه وسلم يأتيني في يوم بعد العصر إلا صلي رکعتين. وفي لفظ البيهقي: قال أيمن: إن عمر کان ينهي عنهما ويضرب عليهما. فقالت: صدقت ولکن کان النبي صلي الله عليه وسلم يصليهما

م- وفي تعليق «الاجابة» للزرکشي ص 91 نقلا عن أبي منصور البغدادي في استدراکه من طريق أبي سعيد الخدري قال: کان عمر يضرب عليها رؤس الرجال «يعني الصلاة بعد الفجر حتي مطلع الشمس وبعد العصر حتي مغرب الشمس» فرأي أبوسعيد إبن

[صفحه 186]

الزبير يصليها. قال: فنهيته فأخذ بيدي فذهبنا إلي عائشة رضي الله عنها فقال لها: ياام المؤمنين إن هذا ينهاني.. فقالت: رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم يصليها

واقتفت أثره صلي الله عليه وآله فيها الصحابة والتابعون طيلة حياته وبعدها، وممن روي عنه الرخصة في التطوع بعد العصر ألامام أميرالمؤمنين علي عليه السلام. ألزبير. إبن الزبير. تميم الداري. ألنعمان بن بشير. أبوأيوب الانصاري. عائشة ام المؤمنين. ألاسود بن يزيد. عمروبن ميمون. عبدالله بن مسعود وأصحابه. بلال. أبوالدرداء. إبن عباس. مسروق. شريح. عبدالله بن أبي الهذيل. أبوبردة. عبدالرحمن بن الاسود. عبدالرحمن ابن البيلماني. الاحنف بن قيس[3] وکانوا علي هذا حتي تقيض صاحب الدرة وليس عنده مايتعلل به علي النهي عنها والزجر عليها سوي خيفة أن يأتي قوم فيواصلوا بين العصر والمغرب بالصلاة. ألامن مسائل إياه عن علة کراهته ذلک الوصال وليس له من الشريعة أي وازع عنه؟ وهب إنه ارتأي کراهة ذلک الوصال فما باله ينهي عن الرکعتين وليستا ما لئتين للفراغ بين الوقتين- ألعصر والمغرب- ؟ وعلي فرضه کان الواجب أن ينهي عن الصلاة في أول وقت المغرب غير الفريضة التي رأي کراهتها هو، ولکن أي قيمة لرأيه وقد صلوها علي العهد النبوي بمرأي من صاحب الرسالة ومشهد فلم ينههم عنها[4] .

ثم الذي خافه عمر من أن يأتي قوم يصلون بين الوقتين بالصلاة هل عزب علمه عن رسول الله صلي الله عليه واله وسلم فشرع لهم تينک الرکعتين بعد العصر؟ أو أنه علم ذلک ولم يکترث له؟ أم کانت بصيرة الخليفة في الامور أقوي من بصيرة النبي الاعظم؟ لاها الله لاذلک ولا هذا، لکن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم علم ذلک کله ولم ير بأسا بماخافه عمر.

وبماذا استحق اولئک الاخيار من الصحابة الضرب بالدرة والفضيحة بملا من الاشهاد نصب عيني النبي الاقدس قرب مشهده الطاهر؟ والذين يأتون بما کرهه اقوام من رجال المستقبل لم يرتکبوه بعد، أو أنه لم تنعقد نطفهم حتي تلک الساعة وهو يعترف بأنهم ليسوا من اولئک، ولعل الخليفة کان يري جواز القصاص قبل جناية

[صفحه 187]

غير المقتص منه. هلم واعجب

وکأن الخليفة في آرائه هذه الخاصة به کان ذاهلا عن قوله هو: احذروا هذا الرأي علي الدين فإنما کان الرأي من رسول الله مصيبا لان الله کان يريه، وإنما هو ههنا تکلف وظن، وإن الظن لا يغني من الحق شيئا[5] .


صفحه 184، 185، 186، 187.








  1. صحيح مسلم 1 ص 310، مسند أحمد 4 ص 115 و 102، موطأ مالک 1 ص 90، الاجابة للزرکشي ص 92 و 91، مجمع الزوائد 2 ص 222، تيسير الوصول 2 ص 295، فتح الباري 2 ص 51 وج 3 ص 82، کنزالعمال 4 ص 226 و 225، شرح المواهب 8 ص 23، شرح الموطأ للزرقاني 1 ص 398.
  2. صحيح البخاري، صحيح مسلم 1 ص 310 و 309، سنن أبي داود 1 ص 201، سنن الدارمي 1 ص 334، سنن البيهقي 2 ص 458، تيسير الوصول 2 ص 295، فتح الباري 2 ص 51.
  3. طرح التثريب في شرح التقريب للحافظ العراقي 2 ص 186.
  4. کما في صحيح مسلم 1 ص 31، ومسند أبي داود 270 وغيرهما.
  5. أخرجه أبوعمر في العلم 2 ص 134، وابن ابي حاتم کما في الدر المنثور 6 ص 127.